لبنان: وساطات لإنهاء ملف أنصار الأسير في «عين الحلوة»

تطويق محاولات تمدد «داعش».. والشيخ خطاب يطمئن المواطنين

لبنان: وساطات لإنهاء ملف أنصار الأسير في «عين الحلوة»
TT

لبنان: وساطات لإنهاء ملف أنصار الأسير في «عين الحلوة»

لبنان: وساطات لإنهاء ملف أنصار الأسير في «عين الحلوة»

واصل ما تبقى من أنصار الشيخ المتشدد أحمد الأسير، الموجودين في حي التعمير في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، تسليم أنفسهم للجيش اللبناني، في إطار وساطة يقودها نواب وفعاليات مدينة صيدا لوضع حد لملف «أحداث عبرا»، بإشارة للمواجهات التي تمت في عام 2013 بين الجيش وأنصار الأسير وأدّت لمقتل 18 عسكريا وجرح مائة آخرين.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن عنصرين ينتميان لجماعة الأسير، سلما نفسيهما إلى مخابرات الجيش عند حاجز التعمير - مدخل عين الحلوة، يوم أمس، بعد سلسلة عمليات مماثلة نفذها عناصر آخرون وأبرزهم شقيق الفنان المعتزل فضل شاكر، محمد عبد الرحمن شمندور الذي أُعلن عن إخلاء سبيله يوم أمس إلى جانب المدعو محمود القاروط، ليبقى ملف شاكر، الذي يعيش في منطقة التعمير عين الحلوة، الأكثر تعقيدا باعتبار أنّه يرفض حتى الساعة تسليم نفسه.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن «وساطات نيابية تنشط على خط ملف الأسير لوضع حد له، وهو ما يمكن تبيانه من عمليات تسليم العناصر أنفسهم بعد تلقيهم تطمينات بأنّهم سيخضعون لمحاكمات سريعة وعادلة». وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الحراك الإيجابي الذي يشهده المخيم ثمرة لقاءات واجتماعات مكثفة بين فعاليات صيدا وقادة الأجهزة الأمنية.. لكن التعويل يبقى حاليا على الخواتيم المتمثلة بتحديد مصير فضل شاكر».
وتشدد الفعاليات الفلسطينية داخل «عين الحلوة» على وجوب الفصل بين ملف أنصار الأسير وملف باقي المطلوبين للسلطات اللبنانية بتهم إرهاب أو انتماء لتنظيمات متطرفة، حتى ولو كان الملفان تحركا بالتوازي في الفترة الأخيرة.
وفي هذا السياق، قال رئيس «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب لـ«الشرق الأوسط» إن «اللقاءات مستمرة مع الجيش اللبناني وباقي الأجهزة الأمنية بهدف إراحة الأجواء داخل المخيم من خلال حثّ أكبر عدد ممكن من المطلوبين بملفات غير معقدة على تسليم أنفسهم»، واصفا الوضع الحالي في «عين الحلوة بالمريح للجوار اللبناني أكثر منه لنا في الداخل». وأضاف: «فليرتح اللبنانيون وليطمأنوا».
وتأتي تطمينات خطاب بعد تقاطع المعلومات في الأشهر الماضية عن مخططات إرهابية يتم الإعداد لها داخل المخيم، وعن اتساع القاعدة المتعاطفة مع تنظيم داعش، خاصة بعد عودة عدد من العناصر الذين جندهم التنظيم في الرقة إلى «عين الحلوة» الذي يستضيف نحو 120 ألف لاجئ فلسطيني بينهم من أوى إليه في السنوات الـ5 الماضية بعدما هرب من سوريا.
ونجحت الفصائل الفلسطينية التي تلقت أكثر من تحذير من لبنان من عمليات يتم الإعداد لها من داخل المخيم، باستيعاب التطورات المتسارعة، فإلى جانب الاستنفار الأمني الذي نفذته، نجحت بإقناع عدد من المطلوبين بتسليم أنفسهم أو باستدراجهم ليتم إلقاء القبض عليهم. وهو ما حصل يوم أمس، بحيث أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن شعبة معلومات الأمن العام في الجنوب، تمكنت من توقيف فلسطيني متهم بالعمل لصالح الجماعات الإرهابية في داخل «عين الحلوة»، بعد استدراجه إلى خارج المخيم.
وكان محمد توفيق طه، نجل قائد كتائب عبد الله عزام توفيق طه، سلم نفسه أيضا إلى مخابرات الجيش في الجنوب قبل نحو 10 أيام، وكذلك فعل الفلسطيني محمود درويش، المتهم بارتباطه بتنظيم «جند الشام» المتشدد وبالمشاركة بالقتال ضد الجيش.
وبحسب المعلومات، فبعد إعلان المدعو هلال هلال، أحد عناصر «عصبة الأنصار» السابقين الذي ذهب إلى سوريا وشارك بالعمليات القتالية وعاد قبل فترة أكثر تشددا وتطرفا، عدم ارتباطه بتنظيم داعش، تتركز الشبهات حاليا وبشكل أساسي حول أحد أبرز المطلوبين داخل المخيم ويُدعى عماد ياسين ويعيش في حي الطوارئ، وهو المؤسس الروحي لتنظيم «عصبة الأنصار» وبايع «داعش» أخيرا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.