المنازل القديمة تضغط سلبًا على أداء المؤشر العقاري السعودي

عقاريون: أسعارها مرتفعة وعائدها الاستثماري غير مجدٍ

المنازل القديمة تضغط سلبًا على أداء المؤشر العقاري السعودي
TT

المنازل القديمة تضغط سلبًا على أداء المؤشر العقاري السعودي

المنازل القديمة تضغط سلبًا على أداء المؤشر العقاري السعودي

تزداد العقارات القديمة المعروضة للبيع يومًا بعد آخر في السعودية، لكنها في الوقت ذاته تتصدر قائمة العقارات الأقل طلبًا، لأسباب كثيرة وفقًا لعقاريين، أبرزها أن العائد الاستثماري لها غير مجدٍ، وتصاميمها لم تعد مناسبة للحياة العصرية، كما أن القروض العقارية لا تغطي هذا النوع من العقارات التي ترتفع أسعارها نتيجة مساحاتها الكبيرة، وهو ما جعل المنازل القديمة تشكل عائقًا إضافيًا أمام حركة المؤشر العام للسوق العقاري.
وأشار خالد الباز، الذي يمتلك شركة «نحو البناء للأعمال العقارية»، إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء التي تصب بشكل مباشر في تكاليف عمليات الترميم، أثر سلبًا على حركة بيع المنازل العتيقة، إذ أصبح من المكلف جدًا إعادة ترميم المنازل خصوصًا أن معظمها ذات مساحات كبيرة وتحتاج إلى مئات آلاف من الريالات لإعادتها إلى حالتها الأصلية، وهو ما جعل منها خيارًا «غير مرغوب» بالنسبة للمشترين الذين يرون أن تكلفة استبدالها بجديدة باتت شبه متقاربة؛ وهو ما يرجح كفة الجديدة على حساب القديمة.
وحول المميزات التي قد تجذب بعض المشترين للمنازل القديمة، ذكر الباز أن المنازل القديمة رغم مرور سنوات طويلة عليها؛ إلا أن الجميع يتفق بأن بنيتها التحتية وتشطيباتها أفضل بكثير عن الأبنية الجديدة التجارية، لافتًا إلى أن للقديمة شريحة لا تزال تفضلها حتى الآن، رغم أنها قليلة وتناقص، إلا أن ذلك لا يلغيها باعتبارها فرعًا عقاريًا يمثل خيارًا مطروحًا وله أرضية جيدة بالنسبة لخيارات التملك.
ويشهد القطاع العقاري السعودي أداء منخفضًا، صاحبه انخفاض محدود في قيمته، نتيجة الضغوطات الحكومية على القطاع بعد فرض نظام رسوم الأراضي البيضاء، ودخول وزارة الإسكان كمنافس في تلبية الطلب على المنازل، إضافة إلى العزوف عن الشراء نتيجة ارتفاع الأسعار إلى مستويات عالية لا تستطيع شريحة كبيرة من الراغبين في التملك مجاراتها.
وذكر تركي القيضي، الذي يدير عددًا من الاستثمارات العقارية، أن السوق تسجل انخفاضا كبيرًا في حركة بيع المنازل القديمة التي أصبحت غير مرغوبة إلى حد كبير، لأن النظام القديم في البناء غير مناسب للحياة الجديدة، إذ أن المتطلبات الحالية للمساكن تختلف عما كان دارجًا خلال العقود الماضية، وأصبح أسلوب الحياة فيها قديمًا إلى حد كبير، موضحًا أن نقص الإقبال عليها أثّر سلبًا على أسعارها، إلا أنها لم تصل إلى الحد «المغري» الذي يحفز المستهلك على شرائها، لافتًا إلى أن المنازل القديمة باتت تشكل عائقًا لحركة المؤشر العقاري.
وتطرق القيضي إلى دراسة أجرتها مجموعته العقارية، واتضح منها إن ما يزيد على 70 في المائة من الراغبين في تملك المساكن يبتاعونها عن طريق التمويل والسداد بالآجل، والجهات التمويلية تشترط ألا يزيد عمر المبنى على عقد واحد أو مدة لا تبتعد كثيرًا عنها، وهو الأمر الأكثر تأثيرًا على قلة الطلب على المباني القديمة، لافتًا إلى أن كثرة المشاكل التي تعتري البنايات القديمة في مجال التملك ونقل الملكية من الأمور الإضافية التي أسهمت في ضعف الحركة وتباطؤ نقل الملكية والإفراغ نظرًا لارتباط نسبة كبيرة منها بورثة أو بعدد من الشركاء.
ويشار إلى أن تبني معظم جهات تمويل العقار - وعلى رأسها البنوك - سياسة التركيز على المنازل الجديدة والابتعاد عن القديمة عبر اشتراط مدة معينة لعمر العقار تتراوح ما بين عقد إلى عقدين، أسهم بشكل رئيس في تجمد حركة العقارات القديمة التي أصبحت مقتصرة على من يمتلك قيمة المنزل نقدًا، وهو خيار لا يجد شعبية كبيرة، خصوصًا أن معظم الراغبين في التملك يتجهون إلى شراء المنازل الجديدة.. وهو الأمر الذي أسهم في كساد القديمة التي أصبحت تشكل عبئًا على الحركة العقارية بشكل عام وجعلها تتذيل خيارات الراغبين في تملك منزل العمر.
وأكد علي التميمي، الرئيس التنفيذي لشركة جبره العقارية القابضة، أن الطلب على العقار المحلي منخفض إلى حد كبير، لارتفاع الأسعار بشكل عام، لافتًا إلى أن سعر العقارات القديمة مقارب للجديد، مدعومًا بكبر مساحة البيوت القديمة التي تزيد معظمها عن 800 متر.
ولفت التميمي إلى أن حركة العقارات القديمة لا تزال موجودة قليلاً بالنسبة للراغبين في السكن والتملك، وضعيفة جدًا بالنسبة للمتجهين لقطاع الاستثمار الذين يبتعدون تمامًا عن الاستفادة منه استثماريا نظرًا لقلة جذبها وارتفاع تكاليف الترميم، وأن خيار تملك المنازل الحديثة يفوق بمراحل القديمة التي أصبحت حركتها لا توازي شيئا يذكر بالنسبة إلى الجديدة، وهو الأمر الذي دفع بقيمة القديمة إلى تحقيق مستويات جيدة من الانخفاض لامست 15 في المائة، مقارنة بقيمتها الإجمالية خلال السنوات الخمس الماضية، خصوصا بعد تفعيل وانتشار القرض العقاري الذي أصبح المتحكم في حركة القطاع العقاري بفروعه كافة.
وشهدت أسعار سوق العقارات السعودية ارتفاعات كبيرة خلال الفترة الماضية، باعتبارها الخيار الاستثماري الأكثر رواجًا، ولم يسبق لها منذ نشأتها أن حققت انخفاضا ملحوظًا، لذلك تجد أن المواطنين يعمدون إلى التنوع في خيارات التملك، في خطوة منهم للبحث عن الخيار المناسب لاقتناء مسكن العمر، بحسب الإمكانات المتاحة وهو ما لا توفره المنازل القديمة خصوصًا خلال الفترة الحالية.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».