المرزوقي يشرف على الذكرى الـ14 لوفاة الحبيب بورقيبة

رئيس جمعية الفكر البورقيبي لـ {الشرق الأوسط}: «المجاهد الأكبر» يمثل اليوم مظلة لكل التونسيين

تونسيون يقفون بجانب صورة ضخمة للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير بمناسبة الذكرى الـ 11 لرحيله (أ.ف.ب)
تونسيون يقفون بجانب صورة ضخمة للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير بمناسبة الذكرى الـ 11 لرحيله (أ.ف.ب)
TT

المرزوقي يشرف على الذكرى الـ14 لوفاة الحبيب بورقيبة

تونسيون يقفون بجانب صورة ضخمة للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير بمناسبة الذكرى الـ 11 لرحيله (أ.ف.ب)
تونسيون يقفون بجانب صورة ضخمة للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في مدينة المنستير بمناسبة الذكرى الـ 11 لرحيله (أ.ف.ب)

تحيي مدينة المنستير مسقط رأس الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي الأسبق الذكرى 14 لوفاته في السادس من أبريل (نيسان) سنة 2000، في ظل جدل متواصل حول مدى نجاح الزعيم التونسي الأسبق في تطبيق منهج التحديث الاجتماعي الذي اعتمده من خلال دعم التعليم وتمكين المرأة من الحرية والمساواة مع الرجل.
ووفق مصادر سياسية مطلعة، يتحول الرئيس التونسي المنصف المرزوقي اليوم (الأحد) إلى المنستير مسقط رأس «المجاهد الأكبر»، كما يطلق عليه كثير من التونسيين، للأشراف على هذه الذكرى التي انطلقت برامجها منذ أول من أمس الجمعة.
وبشأن هذه الاحتفالات وعودة الروح إلى صورة بورقيبة، قال محمد بريك الحمروني رئيس جمعية الفكر البورقيبي لـ«الشرق الأوسط» إن بورقيبة يمثل اليوم مظلة لكل التونسيين فقد كان طوال حكمه لتونس يجمع في تركيبة الحكومة كل الأطراف السياسية. وأضاف موضحا «نحن لا نحتفل اليوم بشخص بورقيبة بقدر ما نوجه اهتمامنا إلى فكره ونمط العيش المجتمعي الذي كان يريده للتونسيين».
وتابع الحمروني «إن حضور المرزوقي بيننا يؤكد تجاوز الخلاف التاريخي بين بورقيبة وصالح بن يوسف الذي تمسك بالاستقلال التام عن فرنسا»، في إشارة إلى مغادرة والد المرزوقي تونس في اتجاه المغرب نتيجة دعمه لأفكار بن يوسف المعارض الأساسي لبورقيبة.
وبخصوص الاحتفالات، قال الحمروني في تصريحه إن حزب المبادرة الذي يقوده كمال مرجان (آخر وزير خارجية في عهد بن علي) هو المنظم لموكب شعبي في مدينة المنستير. وأشار إلى توجيه الدعوة إلى الكثير من القيادات السياسية ورؤساء الجمعيات لحضور موكب الاحتفال.
وحول الشكوك الموجهة إلى بورقيبة بتزعم المنهج التغريبي وإقصاء خصومه السياسيين من الحكم، أشار الحمروني إلى تغير مواقف الكثير من معارضي بورقيبة. وقال إن الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة عبر عن تغيير رأيه واعترف في ذكرى الاستقلال يوم 20 مارس (آذار) المنقضي بجميل بورقيبة على تونس.
كما أن الطيب البكوش الأمين العام الحالي لحركة نداء تونس وحمة الهمامي رئيس حزب العمال طورا مواقفهما تجاه فكر بورقيبة وأصبحا يتحدثان عن قواسم مشتركة لكل التونسيين لا يجدانها في غير المنهج التحديثي الذي اعتمده الزعيم السياسي السابق.
وعادة ما يقع طرح أسئلة عميقة حول مدى انتشار ظاهرة التشدد الديني وتنامي التيارات الإرهابية المتطرفة بعد أكثر من 58 سنة من استقلال تونس وقيادة بورقيبة لمشروع التحديث الاجتماعي. ويشير البعض من المتابعين لهذه الظاهرة إلى فشل المنهج الإصلاحي البورقيبي في احتواء الظاهرة الدينية.
وحافظت طريقة الاحتفاء بذكرى وفاة الزعيم بورقيبة (طيلة 10 سنوات منذ 2000 إلى غاية سنة 2010)، على جوانب شكلية ورسمية بالأساس غايتها تلميع صورة نظام بن علي، ولا تشارك في فعالياتها غير قلة قليلة من الشعب التونسي بخاصة من أهالي مدينة المنستير مسقط رأس الزعيم.
ولكن الصورة تغيرت منذ ثورة 14 يناير (كانون الثاني) 2011 بعد الإطاحة بنظام بن علي، إذ دأب المجتمع المدني بالمنستير وللسنة الرابعة على التوالي على تنظيم برامج خاصة بهذه الذكرى.
وفي هذا الشأن، تنظم جمعية الأوفياء بالتعاون مع الجمعية الوطنية للفكر البورقيبي من 4 إلى 6 أبريل الجاري بساحة روضة آل بورقيبة معرضا وثائقيا حول مسيرة الزعيم بورقيبة.
وتنظم جمعية الوفاء لتراث الزعيم بورقيبة في نفس اليوم مظاهرة فكرية حول «حياة بورقيبة». كما ينظم معهد الدراسات البورقيبية بمقر بلدية المنستير ندوة بعنوان «الدستور وفرنسا» يجري خلالها تقديم كتب ومذكرات ووثائق يعود البعض منها إلى سنة 1937.
وتعتمد الكثير من الأحزاب السياسية التونسية التي تأسست بعد الثورة، على مبادئ الحركة الإصلاحية التي قادها بورقيبة بعد سنة 1956، ومن بينها حركة نداء تونس التي أسسها ويقودها الباجي قائد السبسي والحركة الدستورية التي يتزعمها حامد القروي رئيس الحكومة الأسبق في نظام بن علي والكثير من الأحزاب الدستورية الأخرى.
ويلاقي المنهج التحديثي الذي قاده بورقيبة انتقادات عدة من التيارات الإسلامية، ولا يبدي الكثير منها حماسا للاحتفال بذكرى وفاته ويحمله شق من تلك التيارات المسؤولية عن تغييب المنهج الديني ودعم التيارات التغريبية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.