تحيي مدينة المنستير مسقط رأس الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي الأسبق الذكرى 14 لوفاته في السادس من أبريل (نيسان) سنة 2000، في ظل جدل متواصل حول مدى نجاح الزعيم التونسي الأسبق في تطبيق منهج التحديث الاجتماعي الذي اعتمده من خلال دعم التعليم وتمكين المرأة من الحرية والمساواة مع الرجل.
ووفق مصادر سياسية مطلعة، يتحول الرئيس التونسي المنصف المرزوقي اليوم (الأحد) إلى المنستير مسقط رأس «المجاهد الأكبر»، كما يطلق عليه كثير من التونسيين، للأشراف على هذه الذكرى التي انطلقت برامجها منذ أول من أمس الجمعة.
وبشأن هذه الاحتفالات وعودة الروح إلى صورة بورقيبة، قال محمد بريك الحمروني رئيس جمعية الفكر البورقيبي لـ«الشرق الأوسط» إن بورقيبة يمثل اليوم مظلة لكل التونسيين فقد كان طوال حكمه لتونس يجمع في تركيبة الحكومة كل الأطراف السياسية. وأضاف موضحا «نحن لا نحتفل اليوم بشخص بورقيبة بقدر ما نوجه اهتمامنا إلى فكره ونمط العيش المجتمعي الذي كان يريده للتونسيين».
وتابع الحمروني «إن حضور المرزوقي بيننا يؤكد تجاوز الخلاف التاريخي بين بورقيبة وصالح بن يوسف الذي تمسك بالاستقلال التام عن فرنسا»، في إشارة إلى مغادرة والد المرزوقي تونس في اتجاه المغرب نتيجة دعمه لأفكار بن يوسف المعارض الأساسي لبورقيبة.
وبخصوص الاحتفالات، قال الحمروني في تصريحه إن حزب المبادرة الذي يقوده كمال مرجان (آخر وزير خارجية في عهد بن علي) هو المنظم لموكب شعبي في مدينة المنستير. وأشار إلى توجيه الدعوة إلى الكثير من القيادات السياسية ورؤساء الجمعيات لحضور موكب الاحتفال.
وحول الشكوك الموجهة إلى بورقيبة بتزعم المنهج التغريبي وإقصاء خصومه السياسيين من الحكم، أشار الحمروني إلى تغير مواقف الكثير من معارضي بورقيبة. وقال إن الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة عبر عن تغيير رأيه واعترف في ذكرى الاستقلال يوم 20 مارس (آذار) المنقضي بجميل بورقيبة على تونس.
كما أن الطيب البكوش الأمين العام الحالي لحركة نداء تونس وحمة الهمامي رئيس حزب العمال طورا مواقفهما تجاه فكر بورقيبة وأصبحا يتحدثان عن قواسم مشتركة لكل التونسيين لا يجدانها في غير المنهج التحديثي الذي اعتمده الزعيم السياسي السابق.
وعادة ما يقع طرح أسئلة عميقة حول مدى انتشار ظاهرة التشدد الديني وتنامي التيارات الإرهابية المتطرفة بعد أكثر من 58 سنة من استقلال تونس وقيادة بورقيبة لمشروع التحديث الاجتماعي. ويشير البعض من المتابعين لهذه الظاهرة إلى فشل المنهج الإصلاحي البورقيبي في احتواء الظاهرة الدينية.
وحافظت طريقة الاحتفاء بذكرى وفاة الزعيم بورقيبة (طيلة 10 سنوات منذ 2000 إلى غاية سنة 2010)، على جوانب شكلية ورسمية بالأساس غايتها تلميع صورة نظام بن علي، ولا تشارك في فعالياتها غير قلة قليلة من الشعب التونسي بخاصة من أهالي مدينة المنستير مسقط رأس الزعيم.
ولكن الصورة تغيرت منذ ثورة 14 يناير (كانون الثاني) 2011 بعد الإطاحة بنظام بن علي، إذ دأب المجتمع المدني بالمنستير وللسنة الرابعة على التوالي على تنظيم برامج خاصة بهذه الذكرى.
وفي هذا الشأن، تنظم جمعية الأوفياء بالتعاون مع الجمعية الوطنية للفكر البورقيبي من 4 إلى 6 أبريل الجاري بساحة روضة آل بورقيبة معرضا وثائقيا حول مسيرة الزعيم بورقيبة.
وتنظم جمعية الوفاء لتراث الزعيم بورقيبة في نفس اليوم مظاهرة فكرية حول «حياة بورقيبة». كما ينظم معهد الدراسات البورقيبية بمقر بلدية المنستير ندوة بعنوان «الدستور وفرنسا» يجري خلالها تقديم كتب ومذكرات ووثائق يعود البعض منها إلى سنة 1937.
وتعتمد الكثير من الأحزاب السياسية التونسية التي تأسست بعد الثورة، على مبادئ الحركة الإصلاحية التي قادها بورقيبة بعد سنة 1956، ومن بينها حركة نداء تونس التي أسسها ويقودها الباجي قائد السبسي والحركة الدستورية التي يتزعمها حامد القروي رئيس الحكومة الأسبق في نظام بن علي والكثير من الأحزاب الدستورية الأخرى.
ويلاقي المنهج التحديثي الذي قاده بورقيبة انتقادات عدة من التيارات الإسلامية، ولا يبدي الكثير منها حماسا للاحتفال بذكرى وفاته ويحمله شق من تلك التيارات المسؤولية عن تغييب المنهج الديني ودعم التيارات التغريبية.
المرزوقي يشرف على الذكرى الـ14 لوفاة الحبيب بورقيبة
رئيس جمعية الفكر البورقيبي لـ {الشرق الأوسط}: «المجاهد الأكبر» يمثل اليوم مظلة لكل التونسيين
المرزوقي يشرف على الذكرى الـ14 لوفاة الحبيب بورقيبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة