التنافس والإبداع يدفعان «الأبنية الأسطوانية» إلى سوق العقار الروسية

ما بين مرحب بالنزعة العمرانية الخلاقة ومعارض لـ«كسر الزوايا»

المباني الأسطوانية بدأت في الانتشار داخل العاصمة الروسية - يبقى توزيع المساحات الداخلية أمرًا صعبًا في الشقق الداخلية
المباني الأسطوانية بدأت في الانتشار داخل العاصمة الروسية - يبقى توزيع المساحات الداخلية أمرًا صعبًا في الشقق الداخلية
TT

التنافس والإبداع يدفعان «الأبنية الأسطوانية» إلى سوق العقار الروسية

المباني الأسطوانية بدأت في الانتشار داخل العاصمة الروسية - يبقى توزيع المساحات الداخلية أمرًا صعبًا في الشقق الداخلية
المباني الأسطوانية بدأت في الانتشار داخل العاصمة الروسية - يبقى توزيع المساحات الداخلية أمرًا صعبًا في الشقق الداخلية

تعرض بعض الشركات العقارية المتخصصة في تشييد الأبنية السكنية أفكارا مبتكرة في تصاميم المباني والشقق في روسيا، سعيًا منها للتميز في السوق وجذب أكبر عدد من الراغبين باقتناء شقة سكنية، في ظل تنافس يتصاعد بين الشركات العاملة في هذا المجال.
وفي سياق هذه الرؤية الهندسية العصرية «التنافسية»، دأبت بعض الشركات على تشييد أبنية طابقية أسطوانية بشكلها الخارجي، بينما تكون بعض أو كل جدران الشقق عبارة عن مقاطع دائرية الشكل. وإذ يرى أصحاب هذه «النزعة الهندسية» أن الشقق الدائرية والأبنية الأسطوانية تعكس تطورًا في نظرة الإنسان إلى المسكن والفراغ الذي يمضي فيه كثير من الوقت، ويرون أن اعتمادهم هذا الأسلوب سيساهم حتى في تغيير النمط التقليدي لتفكير الإنسان وحسه الذوقي المكاني، فإن غالبية الخبراء في مجال بناء العقارات السكنية يؤكدون أن اعتماد «الخطوط المستقيمة والزوايا القائمة» في تصميم الأبنية السكنية، يبقى أكثر راحة وأقل تكلفة.
وفي دعمهم لتوجههم باعتماد الخطوط الدائرية و«كسر الزوايا القائمة» في تصميم الشقق السكنية، يقول مهندسون يتبعون ذلك الأسلوب، إن بناء غرفة استقبال نصف دائرية أو دائرية من شأنه أن يجعل منها غرفة متعددة الاستخدامات، ويمكنها أن تتضمن في آن واحد غرفة الطعام وصالة سينما منزلية، تولد لدى الجالس فيها شعورا بالتحرر من القيود «الجدارية»، هذا فضلا عن الشعور بانفتاح المساحة السكنية على الفضاء الرحب، حيث يتلقى المرء ذات المساحة عندما تكون ضمن جدران دائرية وكأنها أكثر اتساعا مما هي عليه لو كانت محاطة بجدران مستقيمة و«زوايا قائمة». وأخيرا يقول هؤلاء في الدفاع عن «النزعة الأسطوانية في تصميم الأبنية السكنية» إن أسلوبهم يطرح في سوق العقارات الروسية شكلا جديدا غير مألوف ويكسر التقاليد القديمة في البناء، ويلبي أذواق الباحثين عن التميز واقتناء ما هو غير تقليدي.
وتجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرًا من الأبنية الأسطوانية ظهر في الآونة الأخيرة في روسيا، وبصورة خاصة في المدن الكبرى التي تتميز بدرجة عالية من النشاط الاقتصادي - المالي، ذلك أن أسعار الشقق في تلك الأبنية تكون عادة أكبر من سعر الشقة العادية التقليدية، ومن هذه النقطة ينطلق معارضو «النزعة الأسطوانية في بناء الشقق السكنية» في رفضهم لهذا التوجه، وتقول إيرينا غرينينا، كبيرة المصممين في مؤسسة «تشيرداك» إن «من يشتري شقة دائرية يجب أن يستعد لإنفاق مبلغ مالي إضافي كبير على الكساء والموبيليا وغيرها، ذلك أن الشقق الدائرية تملي شروطها المتناسبة مع شكلها الهندسي»، موضحة أنه لن يكون من السهل تصميم الشكل الداخلي وتوزيع الأثاث في شقق كتلك، ذلك أن معظم قطع الأثاث مثل السرير والكنبة والطاولات وغيره تكون ضمن خطوط مستقيمة، أي مستطيلة أو مربعة الشكل.
أما بشأن العلاقة بين الشكل الهندسي للشقة وكيفية تقبل العقل البشري لها، فتؤكد مارينا كالينينا، كبيرة المهندسين في مؤسسة «تقنيات التصميم» أن «العقل البشري لا يستطيع تقبل المساحات الدائرية على أنها مساحات مريحة».
كما أن الشقق الدائرية تنعكس على حياة الأسرة، وفق ما ترى أليونا تاليانينا المصممة في مؤسسة «تقنية التصميم»، وتضيف أن «الشقق الدائرية تناسب الأشخاص غير التقليديين، الذين لا يمانعون التضحية بالراحة مقابل تفرد التصميم والديكور الداخلي، الذي تشترطه الشقق الدائرية». وتضيف أن «الحل الأكثر راحة في شقق كتلك هو أن تكون غرفة الاستقبال والطعام في وسط الشقة، ومن حولها الغرف الأخرى، التي ستتحول إلى مجرد عنصر مكمل لجمالية مشهد الغرفة الرئيسية»، لذلك تنصح المصممة الروسية العائلات الكبيرة بعدم اختيار شقق دائرية، وترى أنها تناسب العائلات الصغيرة والتي لا تخطط لزيادة في عدد أفرادها خلال عشر سنوات، وتختم بالقول إن «الشقق الدائرية تناسب الشخصيات الجريئة الخلاقة المستعدة للتخلي عن الحلول والتصاميم التقليدية».
وجهات النظر السابقة لا تعني أن التوجه نحو إدخال أفكار مبتكرة خلاقة على النمط التقليدي لتصميم وتشييد المباني السكنية سيتوقف، ومع أن الأفضلية في اختيار المسكن ستبقى لـ«الخطوط المستقيمة والزوايا القائمة»، فإن الأبنية الأسطوانية أو أي شكل هندسي آخر غير تقليدي تبقى أقرب إلى العمل الإبداعي الذي يرضي بعض الأذواق إن كان في أوساط الباحثين عن مسكن جديد مميز وكذلك بين المهندسين والمصممين، الذين يتعطشون للإبداع، ومنهم غالينا كريلوفا، العاملة في التصميم الداخلي، التي تهوى العمل مع الشقق الدائرية، وترى فيها «مساحة تحفز على الإبداع، وتحديًا في مجال التصميم يتطلب إظهار درجات عالية من الخيال والفنتازيا، لأنه على المصمم في هذه الحال أن يجعل من المعقد وغير الصحيح فضاء منطقيا ومريحًا».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».