جبل طارق.. عقارات بعبق الإمبراطورية البريطانية

السوق ظلت صامدة في آخر 14 عامًا عدا عثرة 2008

فيلا تطل على البحر في جبل طارق مكونة من 4 غرف نوم و3 دورات مياه معروضة للبيع
فيلا تطل على البحر في جبل طارق مكونة من 4 غرف نوم و3 دورات مياه معروضة للبيع
TT

جبل طارق.. عقارات بعبق الإمبراطورية البريطانية

فيلا تطل على البحر في جبل طارق مكونة من 4 غرف نوم و3 دورات مياه معروضة للبيع
فيلا تطل على البحر في جبل طارق مكونة من 4 غرف نوم و3 دورات مياه معروضة للبيع

هنا في مضيق جبل طارق، وهي واحدة من المستعمرات البريطانية الخارجية، التي تقع عند الطرف الجنوبي لشبه جزيرة أيبريا، تنتشر المنازل في هذه البقة الساحرة التي تقع في طرف القارة الأوروبية وتطل على مرمى البصر على القارة الأفريقية، بينما يحدها شرقا مدخل البحر المتوسط، وإلى الغرب المحيط الأطلسي.
أحد الفيلات المعروضة للبيع هنا عبارة عن عقار كان في السابق مؤلفا من طابق واحد جرى بناؤه على الطراز المعماري المميز للحقبة الإمبريالية البريطانية منذ أكثر من 200 عام ماضية، لكن جرت توسعته بصورة كبيرة على مدار العقدين الماضيين لتصل مساحتها الآن إلى 2.153 قدم مربع، وترتفع حاليا إلى طابقين.
ويضم المنزل، المعروض للبيع مقابل 4.62 مليون دولار أميركي (نحو 3.5 مليون جنيه إسترليني)، مكون من أربع غرف نوم وثلاث دورات مياه، ويطل على البحر. وقد بني المنزل بقرميد مطلي باللون الأبيض، ومزود بسقف خشبي. وتبلغ مساحة الأرض المقام عليها المنزل قرابة ثلث فدان، وتحيطه حدائق مليئة بأشجار نادرة تحيطها مناطق برية تعج بحيوانات فريدة مثل الثعالب الحمراء والمكاك البربري، حسبما أوضحت سامي أرمسترونغ، الوكيلة العقارية، التي تعمل مديرة لشركة «سافيلز غيبرالتار».
وأضافت أرمسترونغ أن «المنزل أعيد بناؤه بمواد حديثة، لكن روحه تبقى معبرة عن حقبة تاريخية ماضية، نظرًا لأن جهود إعادة البناء حرصت على الإبقاء على طابعه الأصلي المميز».
يفتح الباب الأمامي للمنزل على ردهة دخول تتميز بأرضية رخامية تقليدية من اللونين الأبيض والأسود في شكل مربعات. إلى اليسار، يوجد مكتب صغير، وتؤدي ردهة الدخول إلى سلالم، وفيما وراءها توجد ثلاث غرف كبيرة للنوم، وحمامان وغرفة معيشة. بوجه عام، يتميز المنزل بأرضيات خشبية من البلوط الصناعي، كما يتميز المنزل بنوافذ خشبية تقليدية وأرضيات فرنسية، وتفتح غرفة المعيشة على شرفة فسيحة تطل على ناحية الغرب. يذكر أن الأثاث غير متضمن في سعر المنزل، لكن يمكن التفاوض بشأنه.
وتؤدي السلالم المصنوعة من خشب البلوط إلى الطابق الثاني، الذي يضم المطبخ المتميز بأرفف واسعة رخامية ومساحة فسيحة للعب وغرفة لتناول الطعام تضم مدفأة تعمل بالحطب.
وتفتح غرفة المعيشة على شرفة واسعة مغطاة تطل على الغرب أيضًا، ويمكن من خلالها رؤية المناظر الطبيعية بجبل طارق. أما غرفة النوم الرئيسية فتتضمن حماما خاصا بها، وغرفة ملابس وتطل على البحر.
من ناحية أخرى، تفتح أبواب المطبخ الملتوية على مساحة خارجية مخصصة للجلوس وأخرى مخصصة لتناول الطعام، تغطيها سقيفة خشبية، مع وجود مطبخ صغير وغرفة للاستحمام بالجوار. وبالقرب من المساحة الخارجية المخصصة لتناول الطعام يوجد مسبح تبلغ مساحته قرابة 540 قدم مربع، جرى بناؤه خلال السنوات الخمس الماضية، علاوة على مسقط للمياه وأضواء «ليد». ويحيط بالمسبح جدران من الحجر الرملي، وفي مقدمته أعمدة من الحجر الرملي أيضًا.
ويوجد بالمنزل مرآب يتسع لسيارتين، بجانب مساحتين لانتظار السيارات مخصصتين للمنزل بالشارع.
ويعتبر المنزل جزءًا من مساحة تضم خمسة منازل بمنطقة «أبر روك» ملحقة بمنتجع جبل طارق للحياة الطبيعية (غيبرالتار نيتشر ريزورت)، وهو عبارة عن محمية تقع على مساحة 672 فدان تقريبًا، ما يعادل نحو 40 في المائة من إجمالي مساحة الأرض بجبل طارق البالغة ما يقرب من 2.6 ميل مربع. وتقع المحمية الطبيعية على ارتفاع نحو 1.400 قدم عن سطح البحر، وتطل على أوروبا وساحل أفريقيا، وكذلك البحر المتوسط من ناحية والمحيط الأطلسي من ناحية أخرى. تتضمن المحمية مزارات طبيعية متميزة من حياة برية ونباتات نادرة على مستوى العالم، حسبما أوضحت أرمسترونغ.
ويقع المنزل على بعد نحو خمسة دقائق بالسيارة عن مراكز التسوق والمطاعم، ونحو 15 دقيقة عن الشواطئ المخصصة للسباحة. أما مطار جبل طارق الدولي، والواقع على الحدود مع إسبانيا، فيقع على بعد نحو 10 دقائق.

نظرة عامة على السوق العقارية
ظلت السوق العقارية السكنية في جبل طارقة محتفظة بقوتها على مدار السنوات الـ14 الماضية، فيما عدا أثناء فترة الأزمة المالية العالمية عام 2008. عندما ظلت أسعار المنازل ثابتة، وذلك حسبما شرح مايك نيكولز، المدير الإداري لدى شركة «تشستيرتونز»، التي يوجد مقرها بجبل طارق.
واستطرد موضحًا أنه «لا تتوافر إحصاءات رسمية بخصوص الأسعار بجبل طارق، لكن سجلاتنا تشير إلى حدوث زيادة تتراوح بين 2 في المائة و6 في المائة على مدار كل من الأعوام الـ14 الماضية، فيما عدا 2008».
من ناحيتها، أعربت كريستينا سزيكيلي، مالكة شركة «كريستينا سزيكيليز سوزبيز إنترناشونال ريالتي»، التي يوجد مقرها في ماربيلا الإسبانية المجاورة، لكن لها مكتب في جبل طارق، عن اعتقادها بأن الاستفتاء العام البريطاني الأخير للانسحاب من الاتحاد الأوروبي جاء بمثابة صوت ناقوس خطر لفترة وجيزة على صعيد المستعمرات البريطانية الخارجية.
وأضافت: «على مدار يومين أو ثلاثة، كان هناك شعور بالصدمة، وأصابت الحيرة الناس ولم يعد بإمكانهم معرفة ما الذي سيحدث، لكن سرعان ما أخذوا بزمام الأمور في أيديهم. ومنذ ذلك الحين، لم تطرأ تغييرات حقيقية؛ لذا عاود الناس إدارة شؤون حياتهم على النحو المعتاد».
باعتبارها قاعدة بحرية بريطانية، قصرت منطقة جبل طارق في وقت مضى السكن بها على أفراد البحرية، لكن خلال ثمانينيات القرن الماضي، بدأت الحكومة البريطانية في السماح ببيع وحدات سكنية بالمنطقة. وذكر وكلاء عقاريون أنه منذ ذلك الحين، جرى تخصيص عدد محدود من الوحدات السكنية المعروضة للبيع إلى أبناء المنطقة أو الأجانب الذين عاشوا في جبل طارق لمدة ثلاث سنوات على الأقل.
الملاحظ أن غالبية العقارات السكنية قائمة على أراضي مملوكة للحكومة، وعادة ما يجري تأجيرها لمدة 149 عامًا.
وما تزال هناك نحو 125 عامًا متبقية في فترة إيجار الأرض التي يقوم عليها هذا المنزل في أبر روك، وأشارت أرمسترونغ إلى أن جميع عقود تأجير الأرض تقريبًا تجري إعادة تجديدها.
بالنسبة إلى هذا العقار على وجه التحديد، فإنه متاح أمام أي مشترٍ محتمل بسعر 17.500 جنيه للمتر المربع، أو نحو 2.148 دولار للقدم المربع، نظرًا للمساحة الواسعة التي يحتلها في جبل طارق وقربه من محمية طبيعية، حسبما شرحت أرمسترونغ.
أما نيكولز، فأوضح أن الاحتمال الأكبر أن تدفع غالبية المشترين الأجانب في جبل طارق ما بين 4.000 و6.500 جنيه مقابل المتر المربع، أو نحو ما بين 491 و798 دولار للقدم المربع، في عقار ما، وإن كان هناك عدد من المشترين المهتمين بالمساكن الفاخرة على استعداد لدفع مبلغ أعلى.
وأوضحت سزيكيلي أن سعر الفيلا الجديدة عادة ما يبلغ قرابة 15.000 جنيه للمتر المربع، أو ما يعادل قرابة 1.841 دولار للقدم المربع.

من يشتري في جبل طارق
يبلغ إجمالي عدد سكان جبل طارق نحو 32.000 نسمة، وعادة ما تجتذب المنطقة المشترين الأثرياء من دول أجنبية لما تتميز به من حوافز ضريبية كثيرة. بوجه عام، لا توجد ضريبة على الدخل السلبي، مثل الفوائد والحصص، وكذلك لا توجد ضريبة على أرباح رأس المال، ولا ضريبة ثروة أو إرث، كما لا توجد ضريبة مبيعات.
وأوضح نيكولز أنه في أعقاب الاستفتاء البريطاني، سارعت منطقة جبل طارق لتمرير حوافز ضريبية جديدة موجهة إلى الشركات، تحصل بمقتضاها الشركات التي تتأسس داخل جبل طارق فيما بين الأول من يوليو (تموز) 2016 و30 يونيو (حزيران) 2017، وتتمكن من خلق خمسة وظائف على الأقل على إعفاء من ضرائب الشركات لمدة ثلاثة سنوات عن أول 500.000 جنيه، أو نحو 660.000 دولار من الأرباح السنوية.
وتنتمي الغالبية العظمى من المشترين المتدفقين على جبل طارق لشراء منازل إلى بريطانيا، بجانب أثرياء من دول أخرى كثيرة، مثل ألمانيا، وفرنسا، وأستراليا، والهند، والمغرب، وهولندا، ورومانيا، والدول الاسكندنافية.

* خدمة «نيويورك تايمز»



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».