تضاربت الأنباء حول هوية ضحايا التفجير الانتحاري الذي استهدف مخيمًا غير رسمي للنازحين السوريين في منطقة أطمة الحدودية مع تركيا، مساء أول من أمس، إذ قالت مصادر المعارضة و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه استهدف نقطة تبديل لمقاتلين معارضين يتبعون تنظيم «فيلق الشام»، فيما قال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إنه استهدف مدنيين، وأسفر عن مقتل أكثر من 40 قتيلاً، ويحمل بصمات تنظيم داعش.
وأعلن تنظيم داعش، أمس، مسؤوليته عن تفجير انتحاري استهدف حافلة في سوريا قرب معبر أطمة الحدودي مع تركيا مساء أمس، وقال التنظيم في بيان على الإنترنت، إن التفجير قتل 50 مقاتلا من جماعتي فيلق الشام ونور الدين الزنكي. وأضاف البيان الذي نقلته (رويترز) أن المقاتلين كانوا في طريقهم لقتال تنظيم داعش في شمال محافظة حلب.
وأظهرت صور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بقايا محترقة للحافلة ومسعفين يعالجون الجرحى.
وقال المرصد إنه تلقى تقارير تفيد بمقتل جنديين تركيين في الهجوم. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من مسؤولين أتراك.
من جهته، قال محافظ هطاي جنوب تركيا أرجان توباجا، إن 4 قتلى و4 مصابين في تفجير أطمة الانتحاري الذي وقع على الجانب السوري من الحدود مع تركيا، نقلوا إلى مستشفيات المحافظة. وأضاف أنه تم نقل الجزء الأكبر من القتلى والجرحى إلى المستشفيات الموجودة على الجانب السوري.
ورجح توباجا أن يكون التفجير الذي وقع على الجانب السوري من الحدود التركية نفذه شخص يحمل حقيبة بداخلها متفجرات، وإلى احتمال أن يكون جميع القتلى والجرحى جراء التفجير من أفراد المعارضة السورية الموجودين في مخيم أطمة. وتعد محافظة إدلب حيث يقع مخيم أطمة معقلا كبيرا للمعارضة السورية المدعومة من تركيا.
ووقع الانفجار بالتزامن مع تجدد الاشتباكات في مدينة حلب، وتكثيف النظام قصفه لمدينة حلب وريفها الغربي، مما أدى إلى موجة نزوح جديدة باتجاه الأراضي التركية، وإحراز قوات المعارضة وحلفائها في «جيش الفتح»، تقدمًا على محوري معمل الإسمنت وجمعية الزهراء.
وقال الائتلاف المعارض: «إن التفجير يؤكد صلة هؤلاء المجرمين بالنظام وحلفائه وتبادل الأدوار بينهم في قتل السوريين بشتى الطرق والوسائل».
وقال قيادي عسكري معارض لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم «استهدف نقطة تبديل لمقاتلين من تنظيم (فيلق الشام)»، مؤكدًا أن الانتحاري «تسلل بين المقاتلين الذين يحاولون الصعود إلى حافلة خضراء يستخدمها (فيلق الشام) لنقل مقاتليه إلى جبهات القتال، وحافلة أخرى تنزل الركاب الذين عادوا من نقاط الحراسة في مدينة حلب». وقال: «إن الانتحاري كان يرتدي حزاما ناسفا بزنة 4 كيلوغرامات من مادة (سي فور) شديدة الانفجار، ما أسفر عن سقوط 32 عسكريا من (فيلق الشام)، وآخرين من عمال الإغاثة والمدنيين الموجودين في المكان».
وينقسم مقاتلو «فيلق الشام» الذي يقاتل حاليًا في حلب إلى ثلاثة فئات، الأولى هي فئة «الانغماسيين» الموكلين مهام الاقتحامات، والثانية فئة «المؤازرين» الذي يؤازرون المقتحمين، والفئة الثالثة هي فئة «الرباط» أي حراس النقاط العسكرية التي يستلمها التنظيم. واستهدف التفجير، بحسب المصدر، مقاتلين من الفئة الثالثة الذين «عادوا لزيارة عائلاتهم في مخيم أطمة، وآخرين كانوا يستعدون للتوجه إلى جبهات القتال في حلب بعد زيارة عائلاتهم»، مشيرًا إلى أن التنظيم «يخصص حافلات معروفة باسم (حافلات خضراء) لنقل مقاتليه إلى نقاط الحراسة في حلب، تتنقل من المخيم إلى حلب عبر إدلب والريف الغربي لحلب داخل الأرضي السورية وليس عبر الأراضي التركية كما أشيع».
وأكد القيادي في «الجيش السوري الحر» أبو أحمد العاصمي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «تزامنا مشبوها بين تراجع النظام وعمليات (داعش) الإرهابية، سواء في التفجير أم في قصف جبهة القرى المحيطة بمدينة الراعي الحدودية مع تركيا، والتحرك على جبهة مارع».
في هذا الوقت، تضاربت الأنباء حول انسحاب قوات المعارضة من معمل الإسمنت وكتل الأبنية التي سيطرت عليها مساء الأحد - الاثنين في حلب، إثر هجوم شنته على المنطقة. وفيما قال «مكتب أخبار سوريا» إن عناصر «جيش الفتح» المعارض، انسحبوا فجر أمس، من النقاط التي سيطروا عليها ليل أمس في معمل الإسمنت جنوب حلب، بعد أن تقدموا إليها إثر اشتباكات مع القوات النظامية والميليشيات الأجنبية المساندة لها استمرت أكثر من تسع ساعات، تزامنا مع شن الطيران الحربي الروسي والنظامي أكثر من مائة غارة على المنطقة، نفى القيادي في «أحرار الشام» محمد الشامي الانسحاب، مؤكدا أن «عناصر (الفتح) لا يزالون في نقاطهم رغم القصف الشديد».
وقال الشامي لـ«الشرق الأوسط»: «إن قوات (جيش الفتح) و(جيش السنة) شنت هجومين متزامنين على محوري معمل الإسمنت وجمعية الزهراء في حلب»، مشيرًا إلى تحقيق تقدم على المحور الأول، فيما «تمت السيطرة على ثماني كتل أبنية في محيط جمعية الزهراء بعد تقدم قوات الحزب التركستاني التي أحرزت تقدما ملحوظا في المنطقة». وقال: «إن المعركة سارت في اتجاه معركة وهمية لإشغال قوات النظام على أحد المحاور لغرض اقتحام جمعية الزهراء»، مشددًا على أن «التقدم تم تحقيقه».
وكان «مكتب أخبار سوريا» المعارض أفاد بانسحاب الفصائل من معمل الإسمنت «بسبب القصف العنيف من الطيران الروسي وراجمات الصواريخ النظامية على النقاط التي سيطرت عليها المعارضة بالمعمل، إضافة إلى عدم تمكن الأخيرة من السيطرة على أعلى مبنيين في المعمل المطلين على جميع مداخله».
ويتمتع معمل الإسمنت بموقع استراتيجي، إذ يطل على طريق الراموسة الذي سيطرت عليه فصائل المعارضة وتمكنت عبره من فك الحصار عن الأحياء الخاضعة لسيطرتها شرقي حلب، كما يطل على محطة تحلية المياه ومعمل الإسكان العسكري الخاضعين لسيطرة النظام.
ومع تصاعد موجة القصف الجوي النظامي والروسي على المناطق المحيطة بالاشتباكات، ومناطق الإمداد في محافظة إدلب، استمر تدفق العائلات من مناطق مختلفة في محافظتي حلب وإدلب، باتجاه قرى ريف إدلب الغربي القريبة من الحدود التركية، هربا من القصف الجوي المكثف الذي يطال المحافظتين بعد فك فصائل المعارضة الحصار عن الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرتها بمدينة حلب.
وأوضح محمد عبد القادر، نازح من حلب، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن معظم الأهالي تركوا منازلهم بعد فك الحصار عن أحيائهم وفتح الطريق، وفروا إلى ريف إدلب آملاً بالعبور إلى الأراضي التركية، مشيرا إلى أن عشرات القتلى والجرحى من المدنيين يسقطون بشكل يومي مع استمرار الغارات الروسية والنظامية، ومؤكدا أن أكثر من خمس طائرات تحلق اليوم في وقت واحد في أجواء حلب وإدلب.
«داعش» يتبنى تفجير مخيم أطمة على الحدود التركية.. و50 قتيلاً من المعارضة
موجة نزوح جديدة من إدلب وحلب إثر تصاعد القصف الجوي
«داعش» يتبنى تفجير مخيم أطمة على الحدود التركية.. و50 قتيلاً من المعارضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة