المعارضة السورية تحصّن مواقعها المحررة حديثًا في مدينة حلب.. وتحبط هجومًا جديدًا للنظام

أمّنت معبر الراموسة بسواتر ترابية وأدخلت مساعدات إنسانية إلى المناطق الشرقية

المعارضة السورية تحصّن مواقعها المحررة حديثًا في مدينة حلب.. وتحبط هجومًا جديدًا للنظام
TT

المعارضة السورية تحصّن مواقعها المحررة حديثًا في مدينة حلب.. وتحبط هجومًا جديدًا للنظام

المعارضة السورية تحصّن مواقعها المحررة حديثًا في مدينة حلب.. وتحبط هجومًا جديدًا للنظام

تمكن مقاتلو فصائل المعارضة المسلّحة من إدخال شاحنات تحمل مواد غذائية ومحروقات وخضراوات إلى الأحياء التي تسيطر عليها شرقي مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، في حين أحبطت الفصائل هجومًا لقوات النظام على جبهة الراموسة، وأسرت ضابطًا وقتلت سبعة عناصر آخرين. في الوقت نفسه، تحدثت معلومات عن سحب النظام قطعات قتالية من منطقة القلمون في شمال غربي محافظة ريف دمشق، ونقلها إلى جبهة حلب.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أعلن أمس، أن «مساعدات إنسانية أُدخلت إلى أحياء حلب الشرقية، عن طريق معبر منطقة الراموسة الواصل إلى هذه الأحياء، بعد قيام الفصائل برفع سواتر ترابية حول الممر؛ لمنع استهدافها من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها». وأشار إلى أن «الأحياء الغربية التي تسيطر عليها قوات النظام في مدينة حلب، لا تزال تشهد منذ السادس من شهر أغسطس (آب) الحالي، ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية لنحو ضعف ما كانت عليه في الأيام الأولى من الشهر، على الرغم من دخول عشرات الشاحنات التي تحمل الخضراوات والمواد الغذائية والمحروقات بشكل شبه يومي». وعزا «المرصد» السبب إلى سلوك طريق خناصر - الكاستيلو – حندرات والملاح - الشيخ نجار وصولاً إلى مدينة حلب، بعد قطع الفصائل المعارضة لطريق الراموسة الرئيسي الذي يصل مناطق سيطرة قوات النظام في مدينة حلب ببقية المناطق السورية.
من جهة ثانية، أوضح الناشط الميداني عاهد السيد، أن «المساعدات دخلت بواسطة منظمة «راف» القطرية، ومنظمة (آي إتش إتش) التركية، عبر معبر الراموسة الذي فتحه الثوار قبل أسبوع». وأكد السيد لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه المساعدات «أدخلت بعد رفع السواتر الترابية كي لا تبقى الطرق مكشوفة على قوات النظام»، ولفت إلى أن «القافلة التي نقلت مواد غذائية وطبية وخضراوات ومحروقات أفرغت حمولتها في أحياء حلب الشرقية المحررة». إلى ذلك، نقلت وكالة «د ب أ» الألمانية عن فصيل سوري معارض يسمّى «كتائب أبو عمارة» أمس السبت، أن «الثوار أسروا ضابطًا برتبة ملازم أول وقتلوا سبعة عناصر لقوات النظام على جبهة الراموسة، وذلك أثناء إحباطهم محاولة اقتحام نفذتها قوات الأسد باتجاه نقاط السادكوب على جبهة الراموسة».
في هذا الوقت، أوضح مصدر عسكري في المعارضة السورية، أن النظام «كثّف قصفه على مناطق هنانو وشامكو، وهو لا يزال مصرًّا على استخدام سياسة الأرض المحروقة». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الثوار يعززون الآن تحصيناتهم في منطقة الكليات والراموسة ومباني الـ1070 التي سيطر عليها في المعارك الأخيرة، لصد أي هجوم للنظام ومنعه من استعادة هذه المواقع مجددًا». وأضاف: «إن معركة حلب لن تتوقف عند فكّ الحصار، بل ستتواصل حتى تحرير كامل المدينة»، مستطردًا بالقول: «إنها معركة عسكرية وسياسية في آن، فعندما يتوعّد الثوار بتحرير كامل المدينة، فإن جزءًا من التحرير ربما يكون على طاولة المفاوضات». وكشف عن معلومات تفيد بأن «النظام بدأ يسحب جزءًا من قواته من منطقة القلمون في ريف دمشق الغربي، لنقلهم إلى جبهة حلب».
إلى ذلك، قال: «مكتب أخبار سوريا» المعارض، إن «20 مدنيًا قتلوا وأصيب 15 آخرون، فجر السبت، إثر غارة بالصواريخ الفراغية شنها الطيران الروسي على حي الفردوس الخاضع لسيطرة المعارضة وسط مدينة حلب، كما أدى القصف إلى انهيار مبنى سكني بشكل كامل». وأوضح أن فرق الإسعاف «عجزت عن إسعاف الحالات الخطرة ونقلها إلى المشافي التركية، بسبب رصد القوات النظامية المتمركزة في معمل الإسمنت، للطرق التي تسلكها سيارات الإسعاف، ما يزيد من احتمالية ارتفاع عدد القتلى، وفي ظل عدم توافر أجهزة وكوادر في المشافي الميدانية بحلب يمكنها التعامل مع حالاتهم». وقتل أيضا فجر أمس (السبت)، تسعة مدنيين وأصيب آخرون، جراء استهداف الطيران الحربي الروسي بست غارات منطقة شامكوا الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف محافظة حلب الغربي، طالت إحداها مزرعة يقطنها نازحون من ريف حلب الجنوبي، كما أسفر القصف أيضا عن أضرار مادية. ومواكبة للتطورات التي تشهدها مناطق الشمال السوري، زار رئيس الحكومة السورية المؤقتة جواد أبو حطب ريف محافظة إدلب، حيث التقى أعضاء المجلس المحلي، إضافة إلى أفراد الطواقم الطبية والدفاع المدني في مدينة سراقب التي تتعرض لقصف متواصل من روسيا أدى إلى سقوط عشرات الضحايا وتهجير نصف سكانها. وتفقد أبو حطب المرافق التي تعرّضت للقصف، واطلع على حاجات المدينة، وناقش سير عمل الحكومة السورية في المناطق المحررة، وأكد على «دور المجالس المحلية والمؤسسات العاملة فيها». كما أشار إلى «أهمية دعم الحكومة لهذه المجالس». وأفاد ناشطون بأن سراقب تعرضت في غضون الأيام الثلاثة الأخيرة إلى قرابة 81 غارة جوية استهدفت السوق التجارية والنقطة الطبية في المدينة، إضافة إلى بنك الدم، وأدى القصف إلى تدمير ثلاث سيارات إسعاف وسيارة تابعة للدفاع المدني في المدينة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.