عودة التوتر إلى القدس بسبب الاستيطان وخطط التهويد الإسرائيلية

مستوطنون يطالبون بمعاقبة المؤذنين بسبب صوت الأذان المرتفع

عودة التوتر إلى القدس بسبب الاستيطان وخطط التهويد الإسرائيلية
TT

عودة التوتر إلى القدس بسبب الاستيطان وخطط التهويد الإسرائيلية

عودة التوتر إلى القدس بسبب الاستيطان وخطط التهويد الإسرائيلية

عادت أجواء التوتر إلى مدينة القدس الشرقية المحتلة في أعقاب النشاطات التي يعد لها المستوطنون اليهود بمناسبة «ذكرى خراب الهيكل»، وإعلانهم نية إقامة الصلاة في باحات المسجد الأقصى، والتي ترافقت مع عدد من الأحداث الأخرى، أبرزها إعلان خطة استيطان تهويدي جديدة «خطة أمنية» لمضاعفة عدد أفراد الشرطة، ومطالبة المستوطنين بمعاقبة مؤذني المساجد بحجة أن صوتهم مرتفع ومزعج.
وناشدت شخصيات دينية ووطنية في القدس وسائر المناطق الفلسطينية الفلسطينيين، بالتوجه بكثافة إلى المسجد الأقصى المبارك، في ظل دعوات الجماعات المتطرفة إلى تنفيذ اقتحام جماعي لباحاته غدا الأحد، الذي يصادف بالتقويم العبري «ذكرى خراب الهيكل الثاني». ونددت هذه الشخصيات بما اعتبرته «تصعيدا خطيرا في وتيرة اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين على المسجد الأقصى»، محذرة من مغبّة الانتهاكات الإسرائيلية «التي من شأنها أن تؤدي إلى حرب دينية»، كما حذرت من محاولة سلطات الاحتلال بسط سيطرتها وفرض واقع جديد في المسجد الأقصى، يتم من خلاله سحب سيطرة الأردن والأوقاف وصلاحياتهم في المسجد.
وقال الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، إن الوضع يحتم شد الرحال إلى المسجد الأقصى «لحمايته من المقتحمين الذين يدنسونه وينتهكون حرمته»، لافتًا النظر إلى أن هذه الدعوات تتكرر في مناسباتهم الدينية من أجل تكثيف الاقتحامات للأقصى ومحاولات فرض أمر واقع جديد.
وما يثير غضب الفلسطينيين بشكل خاص، إضافة إلى المحاولات المتكررة للمستوطنين اقتحام الأقصى، الخطة التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية أول من أمس، الهادفة إلى إدخال أكثر من ألف شرطي جديد إلى القدس العربية بدعوى تعزيز الأمن، ووضع خطة لسحب منهاج التعليم الفلسطيني من مدارس المدينة، واستبداله بمنهاج التعليم الإسرائيلي، وتهديد المؤذنين في المساجد بدفع غرامات باهظة إذا لم يخفضوا صوت الأذان، ومحاولات سلب صلاحيات دائرة الأوقاف في إدارتها للمسجد الأقصى المبارك، وإحكام سيطرة الاحتلال على الأبواب الخارجية للمسجد الأقصى، ومنع إدخال مواد الترميم والصيانة للأقصى والمرافق، وتنفيذ حملة اعتقالات في صفوف حراس المسجد العاملين لدى دائرة الأوقاف، وآخرهم المهندس المشرف على إعمار المسجد الأقصى، وكافة العاملين في لجنة الإعمار الذين يقومون بأعمال الترميم في قبة الصخرة.
وحمل الشيخ عبد العظيم سلهب، رئيس مجلس الأوقاف، الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية نتائج هذه الممارسات بقوله إن «اقتحامات المتطرفين المدعومين من الحكومة اليمينية المتطرفة تستهدف المسلمين في عقيدتهم، وأغلى مقدساتهم مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام وقبلة المسلمين الأولى. وما تهدد به الجماعات المتطرفة من اقتحامات، ستشعل فتيل حرب دينية لا تحمد عقباها. وإسرائيل تتحمل نتيجة ذلك لأنها تقوم بإيذاء مشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم، فالمسجد الأقصى عقيدة مليار وسبعمائة مليون مسلم»، مؤكدا أنه لدى أبناء القدس والأراضي المحتلة وعي تام بواجبهم تجاه المسجد الأقصى، وأنهم أثبتوا للقاصي والداني أنهم أمناء على المسجد الأقصى، مشيرا إلى أن «الفلسطينيين يقفون صفا واحدا في وجه الهجمة، ولن يتركوا المسجد فريسة سهلة للمتطرفين اليهود الذين يستهدفون وجودنا في القدس ومسجدنا، الذي هو أغلى مقدساتنا وجزء من عقيدتنا».
من جهته، قال الشيخ محمد العارف، رئيس الهيئة العليا لنصرة القدس والأقصى، إن المسجد الأقصى المبارك يتعرض إلى حملة مسعورة واعتداءات يومية، وهذا يحدث في ظل حماية أعداد كبيرة من جنود الاحتلال الإسرائيلي. وقد بتنا نسمع اليوم دعوات بصوت عال لمنظمات كثيرة تدعو لتنفيذ اقتحامات جماعية وبأعداد كبيرة للصلاة في باحات الأقصى.
ودعا الشيخ محمد العارف المسؤولين في المملكة الأردنية، وغيرها من الدول العربية والإسلامية إلى إسماع كلمتهم ضد الممارسات الإسرائيلية بقوله إن «المسجد الأقصى خط أحمر وعصب حساس لا يجوز لإسرائيل العبث فيه، إذ لا حق لليهود في المسجد الأقصى، وهذا ما أقرته اليونيسكو وكل المؤسسات الدولية».
من جهة ثانية، كشف النقاب في تل أبيب أمس، عن مخطط إسرائيلي كان قد أعد حال احتلال القدس سنة 1967، يهدف إلى هدم بيوت الحي الإسلامي، بهدف توسيع ساحة حائط البراق، (يسميه اليهود «حائط المبكى»)، نظرا لأن امتداد الحائط شكل جدرانا لهذه البيوت.
وبحسب تحقيق نشرته صحيفة «هآرتس» العبرية أمس فإن الحديث عن مخطط بدأ التفكير به بعد محاولة ترميم منزل في عام 1972، وتبين أن أحد جدرانه هو جزء مما يعتبر «حائط المبكى الصغير». وبحسب التحقيق فإن هذا الاكتشاف أدى إلى كشف أجزاء أخرى من «حائط المبكى» كانت مختفية داخل الحي الإسلامي، وهو ما أثار مجددا الحديث عن مخطط كان معروفا لعدد قليل من المسؤولين الإسرائيليين، والذي كان يهدف إلى إقامة ساحة أو ساحات أخرى لحائط المبكى، وذلك من خلال هدم منازل قريبة منه في الحي الإسلامي.
ويشير التحقيق إلى أن طول حائط البراق يصل إلى 488 مترا، منها 350 مترا مختفية في داخل الحي الإسلامي، وهناك عشرات المنازل التي تستند إلى الحائط الذي يشكل جدرانا في هذه المنازل. كما جاء في التحقيق أن هناك ساحة أخرى أطلق عليها اسم «ساحة حائط المبكى الصغير» في داخل الحي الإسلامي، التي يصل طولها إلى 16.5 متر، وأن المنظمات اليهودية فشلت في وضع اليد عليها وتحويلها إلى مكان صلاة معلن عنها رسميا.
والمعروف أن إسرائيل، وبعد ثلاثة أيام فقط من احتلال القدس، وبضغط من رئيس الحكومة الأسبق ديفيد بن غوريون، ورئيس بلدية الاحتلال في حينه تيدي كوليك، وقائد المنطقة شلومو لاهاط، هدمت 108 منازل للفلسطينيين في حي المغاربة، الأمر الذي أدى إلى نشوء ساحة البراق. ويشير التحقيق أيضا إلى أن أصواتا بدأت ترتفع بعد الحرب، تطالب بتنفيذ المزيد من أعمال الهدم وعلى نطاق واسع، بذريعة الكشف عن أجزاء أخرى من «حائط المبكى». وقد تم إعداد خريطة في وزارة الأديان وضعت فيها علامات على منازل سيتم هدمها. إلا أن النقاش ظل يدور سرا في الدوائر الحكومية الإسرائيلية، ولم يحسم.
ويضيف التحقيق أنه في نهاية المطاف تم وضع خط حدودي بين الحي اليهودي وحائط المبكى وبين الحي الإسلامي وحائط المبكى الصغير.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».