«الشرعية» تتقدم في نهم.. والميليشيات تشن حملة اعتقالات بـ «الطوق»

طائرات التحالف تدك مواقع الانقلابيين في أرحب ومطار صنعاء.. وتلقي منشورات لسكان العاصمة

مقاتلو الشرعية في تعز لدى عودتهم من تحرير أطراف المحافظة الغربية (أ.ف.ب)
مقاتلو الشرعية في تعز لدى عودتهم من تحرير أطراف المحافظة الغربية (أ.ف.ب)
TT

«الشرعية» تتقدم في نهم.. والميليشيات تشن حملة اعتقالات بـ «الطوق»

مقاتلو الشرعية في تعز لدى عودتهم من تحرير أطراف المحافظة الغربية (أ.ف.ب)
مقاتلو الشرعية في تعز لدى عودتهم من تحرير أطراف المحافظة الغربية (أ.ف.ب)

واصلت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، أمس، تقدمها في جبهة مديرية نهم في محافظة صنعاء، حيث استكملت تحرير «التبة الحمراء» والتباب المجاورة لها، كجبل قرن نهم الاستراتيجي، في حين انتقلت المعارك إلى منطقة بني بارق، إلى جانب تقدم آخر في محيط منطقة محلي، وبحسب مصادر ميدانية، فإن وصول المعارك إلى هذه المنطقة: «يعني اقتراب تحرير أول تحصينات نقيل بن غيلان الذي يعتبر ثاني أقوى حصن في مديرية نهم بعد نقيل فرصة نهم»، الذي تسيطر عليه قوات الشرعية. ويشير القادة الميدانيون إلى أن الأهمية الاستراتيجية لنقيل بن غيلان، تكمن في كونه «يهيمن على مشارف ثلاث مديريات هي أرحب وبني حشيش وبني الحارث»، والأخيرة هي إحدى مديريات أمانة العاصمة.
في غضون ذلك، واصل طيران التحالف، أمس، دك مواقع ومعسكرات الانقلابيين في العاصمة صنعاء، حيث قصف الطيران معسكرات الصباحة، في المدخل الغربي للعاصمة، ومعسكرات ومخازن السلاح في جبال عيبان والنهدين وعطان، في اتجاهات مختلفة من المدينة. وكانت صنعاء عاشت، أول من أمس، ليلة صعبة، مع كثافة الغارات الجوية التي استهدفت مطار صنعاء الدولي ومعسكر الصمع التابع للحرس الجمهوري الموالي للمخلوع علي عبد الله صالح في مديرية أرحب، كما استهدف الطيران عددا من الطرق التي تربط صنعاء بمحافظتي المحويت والحديدة، إلى جانب غارات استهدفت الطريق الرابط بين مران وحيدان، بمحافظة صعدة، المعقل الرئيسي لزعيم المتمردين الحوثيين. وقال سكان في العاصمة لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم عاشوا ليلة صعبة على وقع الانفجارات الضخمة والكبيرة التي دوت في أرجاء المدينة». وأكد شهود عيان أن مخازن صواريخ الكاتيوشا ومخازن الذخائر، ظلت لساعات طويلة وهي تشهد انفجارات وارتفاعا لألسنة اللهب.
إلى ذلك، رحب مواطنون باستهداف الثكنات العسكرية المرابطة في مطار صنعاء الدولي، وطالبوا بعدم فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الجوية مجددا، وأشاروا إلى أن الميليشيات استفادت، الفترة الماضية، بشكل كبير من بقاء المطار يعمل، من خلال تهريب الأموال إلى الخارج وإدخال تقنيات حديثة مع الركاب.
في سياق متصل، ألقت طائرات التحالف منشورات على سكان صنعاء، طالبتهم فيها بالابتعاد عن المواقع العسكرية ومواقع الميليشيات الحوثية المعرضة للقصف، وحذرت المنشورات المواطنين من استخدامهم من قبل الانقلابيين دروعا بشرية، خصوصا في ظل وجود كثير من المعسكرات بالقرب من المناطق السكنية، إضافة إلى استحداث ثكنات مسلحة وسط الأحياء وفي المباني المدنية، كالمدارس والمستشفيات وغيرها، بحسب ما بينته الأشهر الماضية. وقد جاء إلقاء هذه المنشورات بعد أيام على دعوة قوات الجيش الوطني للمواطنين في صنعاء للابتعاد عن مواقع الانقلابيين وعدم السماح لهم بإقامة ثكنات عسكرية في المناطق المأهولة بالسكان.
من ناحية ثانية، نفذت ميليشيات الحوثيين، خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، عمليات اعتقالات واختطافات في أوساط أبناء القبائل والمناطق المحيطة بصنعاء، وذكرت مصادر قبلية في أرحب لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات اقتحمت عددا من القرى واقتادت كثيرا من المشايخ والشباب إلى معتقلاتها، الذين تعتقد أو تشك الميليشيات في أنهم موالون للشرعية أو الذين يرفضون إرسال مزيد من أبنائهم إلى جبهات القتال، بعد أن قتل الآلاف من أبناء القبائل، خصوصا من الأطفال والشباب، في الحرب التي أشعلها الانقلابيون. وقد جاءت الاعتقالات بالتزامن مع التقدم الذي تحرزه قوات الشرعية، بشكل مضطرد، في جبهات القتال، وفي ظل اتهامات أطلقها المخلوع واتهم فيها بعض الوجاهات القبلية في مديرية نهم والمناطق المجاورة ببيع الجبال إلى الشرعية بمبالغ مالية، وهو الاتهام الذي فسره المراقبون على أنه اعتراف واضح وصريح بالهزائم التي تتلقاها ميليشيات الانقلابيين في مديرية نهم.
في الأثناء، كشفت مصادر محلية في محافظتي ذمار وصنعاء، عن أن الميليشيات الانقلابية للحوثي وصالح، استقدمت، أمس، تعزيزات عسكرية وبشرية كبيرة من ذمار باتجاه العاصمة صنعاء، واعتبر عبد الكريم ثعيل، عضو المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، أن «الهزائم التي تتكبدها ميليشيات الانقلاب في جبهة صنعاء، في مديرية نهم تحديدا، والتقدم الكبير والاستراتيجي لقوات الجيش والمقاومة وانضمامات أبناء قبائل الطوق، جعلت المخلوع يعترف بالهزيمة على أنها خيانات، كما وصفها»، مؤكدا أن تلك الهزائم «جعلته يعلن الطوارئ فيما تبقى من ميليشياته ويستدعي عددا كبيرا من عناصر قواته المتمركزة في محافظة ذمار لتعزيز جبهة نهم التي قصمت ظهره واستنزفته، بشكل كبير جدا، حيث يقدر عدد قواته وميليشيات الحوثي التي لقت حتفها هناك بما يفوق 1500 مقاتل، ناهيك عن العتاد والمواقع الاستراتيجية جغرافيا». وكشف ثعيل عن أن مشايخ قبائل وأعضاء في مجلس النواب (البرلمان)، قاموا باتصالات، الأيام القليلة الماضية، مع قيادة المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء وتم التنسيق لانضمامهم، مؤكدا أن «الأيام المقبلة ستشهد ما لا يتخيله الانقلابيون في صنعاء - الطوق».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.