غادر معظم قادة أوروبا السياسيين إلى أمكانهم المفضلة لقضاء العطلة الصيفية مع عائلاتهم. رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي اختارت سويسرا ملاذا لها لتمارس مع زوجها فيليب رياضة المشي في الجبال. الصحف البريطانية ربطت عطلتها في سويسرا بموضوع «البريكسيت»، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واستنتجت أن اختيار ماي لم يكن بمحض الصدفة، لأن سويسرا تتمتع بعلاقة خاصة مع الاتحاد دون أن تكون عضوا في الاتحاد، وهذا ما تطمح إليه بريطانيا في المستقبل القريب، بعد قرار خروجها من الاتحاد في استفتاء 23 يونيو (حزيران) الماضي.
ومع نهاية هذا الشهر، آب اللهاب، كما يوصف من شدة حرارته، تعود ماي وغيرها من قادة أوروبا إلى أماكن عملهم، وتبدأ المفاوضات حول القرار التاريخي لبريطانيا الذي ما زال يسبب إرباكا للعالم، ولا أحد يعرف مدى خطورة تداعياته الاقتصادية والسياسية بعد. لكن أيلول سيكون ساخنا سياسيا بالنسبة لبريطانيا وأوروبا، بعد عودة الحكومات من العطلة الصيفية والبدء في التعامل مع ملف الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن يلتقي 27 من زعماء الاتحاد الأوروبي الـ28 جميعا، باستثناء ماي، في براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا في 16 سبتمبر (أيلول) لمناقشة تبعات القرار بالإضافة إلى مستقبل التكتل.
لكن سيلتقي رئيس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك، بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وزعماء آخرين قبل انعقاد قمة في سبتمبر لبحث آثار خروج بريطانيا.
وسوف يعقد توسك عشاء عمل مع ميركل في 18 أغسطس (آب)، حسبما ذكر مكتبه. وتتضمن الاجتماعات الأخرى، التي لم يتم الكشف عن تفاصيلها، زعماء لوكسمبورغ وآيرلندا ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا والسويد ومالطا وإسبانيا.
وقال رئيس الاتحاد الأوروبي عبر موقع «تويتر»، أول من أمس الخميس، إنه يخطط من أجل «التشاور مع جميع زعماء (الاتحاد الأوروبي) حول إصلاحات مستقبلية محتملة» قبل قمة براتيسلافا. وأصر زعماء الاتحاد الأوروبي ومسؤولوه على عدم دخول مفاوضات الخروج مع بريطانيا حتى تبلغ لندن عن اعتزامها الخروج رسميا، لتنطلق عملية انفصال تستغرق عامين على الأقل.
وأشارت ماي، التي شغلت منصب رئيسة وزراء بريطانيا في أعقاب التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واستقالة ديفيد كاميرون، إلى أنها لن تفعل ما يسمى المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي حتى حلول العام المقبل، رغم مطالبات بروكسل لها بتعجيل هذا الشأن. ومن المتوقع أن تركز المفاوضات مع لندن في الأعوام المقبلة على القضية الشائكة المتمثلة في علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي بمجرد خروجها منه.
خلال مناقشاتها مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، قالت رئيس وزراء بريطانيا تيريزا ماي، إنها لن تطبق قبل نهاية السنة، المادة 50 من معاهدة لشبونة، التي تحدد إجراءات الخروج من الاتحاد التي من المتوقع أن تستمر سنتين.
ويعتقد البعض أن الحياة السياسية البريطانية اتسمت منذ استفتاء 23 يونيو بعاصفة من الاستقالات، وانصرفت الإدارة إلى التحضير للمهمة الكبيرة المتمثلة بتنظيم عملية الخروج بأقل التكاليف. التخلص من 43 عاما من التشريعات والقوانين الأوروبية، وإبرام تحالفات جديدة، بمعزل عن التكتل الذي يضم 28 بلدا، أكبر التحديات للوزارات البريطانية المختلفة منذ الحرب العالمية الثانية.
ويتعين على موظفي مختلف الوزارات إعداد خيارات تتعلق بالعلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي والاتفاقات التجارية الجديدة المحتملة.
وستطرح اقتراحات حول وضع المواطنين الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة، والبريطانيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي، وكذلك مختلف الفرضيات للاحتفاظ أم لا بإمكانية الوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة.
وتطرح أيضا مسألة جميع المستفيدين البريطانيين من البرامج الأوروبية ولا سيما الزراعية منها والبحوث.
ستعمل ثلاث وزارات على رسم مستقبل المملكة المتحدة خارج الاتحاد الأوروبي. وهي وزارة الخارجية برئاسة بوريس جونسون، والوزارة المنوط بها الخروج من الاتحاد الأوروبي، والمسماة أيضا وزارة البريكسيت برئاسة ديفيد ديفيس، ووزارة التجارة الدولية التي يتولاها ليام فوكس. وقام هؤلاء الوزراء الثلاثة بحملة للخروج من الاتحاد الأوروبي.
وستشرف تيريزا ماي، التي أيدت البقاء في الاتحاد الأوروبي، على أعمالهم من خلال ترؤس مجموعة وزارية يقتصر عملها على البريكسيت. وأبلغت جميع وزراء حكومتها بأنهم يتحملون مسؤولية «تنفيذ البريكسيت».
ستشرف الوزارة الجديدة المكلفة بالخروج من الاتحاد الأوروبي على الاستعدادات لهذا الغرض وتقدم المساعدة لرئيسة الوزراء في المفاوضات. وستكلف أيضا مهمة إقامة علاقات جديدة مع البلدان الأوروبية، على أن تلتقي أيضا كبار الفاعلين، سواء أكانوا حكومات إقليمية في اسكوتلندا أو ويلز أو آيرلندا الشمالية، أم مؤسسات أو مسؤولين نقابيين.
وقد عين أوليفييه روبينز، الموظف الكبير الذي عمل في وزارتي المال والداخلية، ليتولى تحت إشراف ديفيد ديفيس، قيادة الوزارة التي تضم 40 شخصا ومقرها في 9 داونينغ ستريت المجاور لتيريزا ماي. وستضم بالإجمال مائتي شخص بعضهم من وزارة الخارجية وآخرون من الموظفين البريطانيين في بروكسل.
وستحدد وزارة التجارة الدولية الجديدة التي يرأسها ليام فوكس سياسة تجارية جديدة خارج الاتحاد الأوروبي. وقد بدأت محادثات غير رسمية مع كندا وأستراليا، حتى لو أن المملكة المتحدة لا تستطيع توقيع أي اتفاق، ما لم تخرج رسميا من الاتحاد الأوروبي، وهذا ما سيحصل مطلع 2019. وفق الهدف الذي حدده مسؤولون بريطانيون. وإذا قررت البلاد التخلي عن السوق الأوروبية الموحدة، يتعين على لندن التفاوض حول اتفاق للتبادل الحر مع الكتلة الأوروبية ومع البلدان خارج الاتحاد الأوروبي. وتنوي الحكومة تأمين 300 اختصاصي في الشؤون التجارية قبل نهاية السنة، كما صرحت سابقا.
ويعمل في الوقت الراهن أكثر من ألف بريطاني في المفوضية الأوروبية، وسيستدعى بعضهم بالتأكيد إلى لندن. لكن الحكومة قد تستعين أيضا بالقطاع الخاص. وحتى الآن، يعمل مكتب ماكينزي الاستشاري لحساب وزارة البريكسيت.
{الأوروبي} يحضر لمناقشات تبعات خروج بريطانيا قبل القمة المقبلة
«آب لهّاب».. لكن أيلول سيكون ساخنًا سياسيًا بالنسبة لأوروبا
{الأوروبي} يحضر لمناقشات تبعات خروج بريطانيا قبل القمة المقبلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة