أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إقالة سيرغي إيفانوف من منصب رئيس الديوان الرئاسي، وتعيين أنطون فاينو، نائب إيفانوف سابقًا، رئيسا للديوان.
ونقلت شاشات التلفزة الروسية تسجيلا لاجتماع بوتين مع كل من إيفانوف وفاينو، أعلن فيه قرار الإقالة، مؤكدًا أنه جاء بناء على طلب من إيفانوف ذاته، الذي كان قد أوصى بوتين لحظة تعيينه رئيسا للديوان الرئاسي بألا يبقيه في هذا المنصب أكثر من أربع سنوات، وقد زادت خدمة إيفانوف في الكرملين ثمانية أشهر عن السنوات الأربع. ومن الكرملين سينتقل إيفانوف لممارسه مهمة حكومية جديدة أوكلها بوتين له، وهي «الممثل الرئاسي الخاص لشؤون نشاط حماية الطبيعة والبيئة والنقل».
ويعرف عن إيفانوف، أنه من الشخصيات المقربة للرئيس بوتين، عمل معه سنوات طويلة، وكلاهما سليل مؤسسة الاستخبارات السوفياتية العريقة. كما أنه من الشخصيات التي تتمتع بنفوذ سياسي واسع، أسس له حين التحق للدراسة في المدرسة العليا للجنة أمن الدولة في الاتحاد السوفياتي، أي «كي جي بي»، وذلك بعد أن أنهى تحصيله العلمي في كلية اللغات في جامعة ليننغراد بتخصص مترجم روسي - إنجليزي. ويشهد له محاوروه بإتقانه اللغة الإنجليزية بطلاقة. علاقته مع الرئيس الحالي فلاديمير بوتين بدأت منذ عام 1976 حين جمعهما القدر في القسم ذاته من جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي ذائع الصيت، والمعروف بنفوذه في عالم الاستخبارات. واصل إيفانوف عمله في ذلك الجهاز حتى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. وفي عام 1999 تولى مهام رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، وهي المؤسسة التي تجمع الرئيس مع وزراء السلطة وتتخذ القرارات الاستراتيجية. بعد ذلك عيّنه بوتين عام 2001 وزيرا للدفاع، وكان أول وزير دفاع «مدني» أي من خارج مؤسسة وزارة الدفاع، وفي عام 2007 شغل منصب نائب رئيس الحكومة الروسية، إلى أن تم تعيينه نهاية عام 2011 رئيسا للديوان الرئاسي.
أما أنطون فاينو، الرئيس الجديد للديوان الرئاسي الروسي، فقد ولد في العاصمة الإستونية عام 1972، تخرج في معهد موسكو للعلاقات الدولية التابع للخارجية الروسية، وهو يتقن اللغتين الإنجليزية واليابانية. فاتحة مسيرته السياسية كانت العمل في السفارة الروسية في اليابان منذ عام 1996 وحتى عام 2001؛ لينتقل بعد ذلك للعمل في منصب السكرتير الثالث في دائرة آسيا في وزارة الخارجية الروسية، وبعد عام انتقل للعمل في الكرملين في قسم المراسم، وحتى عام 2004 شغل مختلف المهام في ذلك القسم، إلى أن تم تعيينه عام 2007 نائبا لمدير قسم البروتوكول، بعد عام أصبح مديرا لقسم البروتوكول لدى رئيس الحكومة الروسية، ومنذ مايو (أيار) عام 2012 شغل منصب نائب رئيس الديوان الرئاسي، إلى أن تم تعيينه رئيسا للديوان يوم أمس.
الإقالة المفاجئة لشخصية بحجم إيفانوف، يصنفه البعض ضمن «الصقور» في الإدارة الرئاسية، ويصفه آخرون بأنه سياسي محنك وشخصية فولاذية يتمتع في الوقت ذاته بقدرة على جذب اهتمام محاوريه، إقالة شخصية بهذا المستوى وبتاريخ حافل على مدار سنوات من العمل في أهم مؤسسات الدولة، أثارت الكثير من التساؤلات، ومع أن إيفانوف نفسه أكد أن الإقالة جاءت بناء على رغبته، إلا أن البعض شكك بذلك. ونقلت صحيفة «غازيتا رو» عن دبلوماسي أجنبي قوله إن «إيفانوف كان يُنظر إليه في الواقع بصفته خلفا محتملا لبوتين». وتلقي الصحيفة الضوء على جانب من شخصية إيفانوف، وتشير في هذا السياق إلى أنه كان على علاقة طيبة بإدارة الرئيس جورج بوش الابن، وربطته زمالة طيبة مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس.
ولم يستبعد جزء كبير من وسائل الإعلام الروسية أن تكون إقالة إيفانوف جاءت حقيقة بناء على رغبة منه، وينوهون في هذا الشأن إلى أن «الرجل الفولاذي في الكرملين» ما زال يعيش ألم فقدانه ابنه البكر ألكسندر الذي توفي عام 2014 غرقا، بينما كان يمضي الإجازة مع أسرته في دبي، وربما رأى أنه في حاجة إلى بعض الراحة. في غضون ذلك، ربط بعض المحللين الروس إقالة إيفانوف بسلسلة التعيينات الأخيرة التي أجراها بوتين، وركز فيها على استبدال المسؤولين كبار السن بمسؤولين شباب، وذهب آخرون إلى ربط الإقالة بالاستعدادات للانتخابات البرلمانية الشهر المقبل، والرئاسية بعد أقل من عامين.
أيا كانت أسباب قرار بوتين بتغيير رئيس ديوان الكرملين، فإن خروج إيفانوف من مسرح السياسة، وإن كان حدثا مثيرا للاهتمام، إلا أنه لا يعني قلق الكرملين إزاء سياسة خلف إيفانوف، أي أنطون فاينو، الذي «تربى» في عالم السياسة تحت إشراف بوتين إلى حد ما؛ إذ كان مديرا لبروتوكول رئيس الحكومة بينما كان بوتين على رأس الحكومة، ومع عودة بوتين إلى الرئاسة انتقل فاينو للعمل في الإدارة الرئاسية، وهذا يدل على ثقة خاصة من جانب بوتين بالرئيس الجديد للديوان الرئاسي، الذي أتى أساسا من المؤسسة الدبلوماسية وليس الأمنية –الاستخباراتية، كما هي حال نشأة إيفانوف في عالم السياسة.
بوتين يقيل حليفه «الصقر» إيفانوف من رئاسة ديوان الكرملين
قال إنها جاءت تلبية لرغبته.. والبعض وضعها في سياق الاستعدادات الانتخابية
بوتين يقيل حليفه «الصقر» إيفانوف من رئاسة ديوان الكرملين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة