لبنان: عمليات عسكرية مكثفة في جرود عرسال.. ومعلومات عن مقتل مساعد زعيم «النصرة»

رئيس البلدية لـ«الشرق الأوسط»: الجيش اللبناني عاد لتكتيك «عمليات الدهم السريعة»

لبنان: عمليات عسكرية مكثفة في جرود عرسال.. ومعلومات عن مقتل مساعد زعيم «النصرة»
TT

لبنان: عمليات عسكرية مكثفة في جرود عرسال.. ومعلومات عن مقتل مساعد زعيم «النصرة»

لبنان: عمليات عسكرية مكثفة في جرود عرسال.. ومعلومات عن مقتل مساعد زعيم «النصرة»

كثَّف الجيش اللبناني في الأيام القليلة الماضية من عملياته العسكرية التي تستهدف تجمعات «جبهة النصرة» (فتح الشام) و«داعش» في المنطقة الجردية الحدودية مع سوريا، معتمدا بشكل أساسي على القصف المدفعي والمروحيات العسكرية، ما أدى إلى تدمير عدد كبير من مواقع هذه المجموعات ومقتل أعداد غير محددة من عناصرها.
وأفيد يوم أمس عن أن إحدى هذه الغارات التي نفذها الجيش، أدَّت إلى مقتل مساعد زعيم «جبهة النصرة» في منطقة القلمون أبو مالك التلي. وفيما لم تؤكد أو تنفِ مصادر أمنية المعلومة، أوضحت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش استهدف مركزا للنصرة في جرود عرسال، «لكن لا يمكن تحديد عدد وهوية المصابين».
وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن جرود بلدتي عرسال ورأس بعلبك شهدتا يوم أمس قصفا مدفعيا متقطعا من قبل الجيش اللبناني استهدف نقاط وتحركات المسلحين، لافتة في الوقت عينه إلى توقيف مخابرات الجيش عشرة سوريين دخلوا الأراضي اللبنانية خلسة خلال توجههم إلى بلدة عرسال، بعد أن مكثوا في بلدة غزة في البقاع الغربي لأيام عدة. وأشارت الوكالة إلى أنه تم العثور في حوزة البعض منهم على بطاقات صحية وتلقيح تحمل شعار تنظيم داعش من منطقة الرقة.
ويركز الجيش اللبناني مهامه العسكرية منذ فترة على «العمل الاستباقي»، فيكثف عمليات الدهم بحثا عن مطلوبين، لكنه انتقل في الآونة الأخيرة إلى العمليات الهجومية على المواقع المتقدمة للمسلحين في المناطق الجردية الحدودية. وفي هذا الإطار، قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن شحنة الأسلحة الأخيرة التي تلقاها الجيش اللبناني من الولايات المتحدة الأميركية من شأنها أن تعطي زخما لهذه العمليات؛ نظرا لكمية الأسلحة المقدّمة ونوعيتها. وإذ وصفت الشحنة ككل بـ«الممتازة»، أشارت إلى أنّها محتوياتها ستُستخدم وبشكل أساسي على الجبهة الشرقية نظرا للاهتمام الكبير الذي توليه واشنطن وعواصم غربية أخرى لتلك الجبهة وللوضع الأمني في لبنان ككل، لسببين رئيسيين، الأول لضمان بقعة مستقرة تستقبل مئات آلاف اللاجئين السوريين ما يمنع انتقالهم إلى دول أوروبا، والثاني لاقتناعها بأن سقوط لبنان بيد «داعش» سيقرب التنظيم المتطرف أكثر من أي وقت مضى من دولهم.
وسلّمت واشنطن مطلع الأسبوع الحالي الجيش اللبناني شحنة عسكرية كبيرة ضمّت آليات مدرعة ومدافع وصواريخ وذخيرة بقيمة 50 مليون دولار، وقالت السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد إن هذه المعدات «من شأنها أن تساعد الجيش على خوض المعركة ضد المتطرفين والدفاع عن حدود الوطن»، لافتة إلى أن بعضها «ستساعد جنود لبنانيين في التحرك بأمان ضمن نطاق مسؤوليتهم، وبعضها سيسمح بنقل المعركة إلى أرض العدو، ما يساعد على الانتقال إلى الهجوم».
وتشهد بلدة عرسال الحدودية التي تشكل أكبر تجمع للاجئين السوريين في لبنان بحيث تستضيف أكثر من 120 ألفًا منذ العام 2011. هدوء هش بعد تراجع عدد العمليات الأمنية داخلها، لكنَّ رسائل التهديد بتصفية عدد من الفعاليات لم تتوقف. وهو ما أكّده رئيس البلدية الحالي باسل الحجيري لـ«الشرق الأوسط» المهدد بدوره من جهات مجهولة، ما يستدعي اتخاذه إجراءات معينة بتنقله وبمكان إقامته، لافتا إلى أنه لا يزال يتلقى رسائل تهديد وتخوين: «لكنه يمكن وصف الوضع العام في عرسال بالمقبول، مع العلم أننا لا يمكن أن نحسم بما يخططون بالخفاء».
وأوضح الحجيري أن عناصر الجيش اللبناني عادوا لتكتيك «عمليات الدهم السريعة، بعدما وجدوا على مدى فترة بشكل متواصل داخل البلدة»، نافيا أن تكون العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية قد شملت داخل عرسال، متحدثا عن قصف مدفعي بعيد في المناطق الجردية الحدودية.
ولم تتوصل القيادات اللبنانية المعنية حتى الساعة لصياغة حل للأزمة الأمنية التي ترزح تحتها عرسال، خاصة أن غياب مراكز الجيش وقوى الأمن الداخلي وعدم وجود عناصرهما بشكل دائم في البلدة - بعيد العمليات الأمنية التي تعرضوا لها إن كان في صيف العام 2014 حين تم اختطاف أعداد منهم، أو في الفترة التي تلتها حين كانت تتعرض دورياتهم لعبوات ناسفة أدت إلى مقتل وجرح العشرات - فاقم من عمليات الاغتيال من دون التمكن من ملاحقة وتوقيف المسؤولين عنها لتواريهم في عشرات المخيمات المنتشرة في البلدة ومحيطها.
ولا تقتصر التحديات التي يواجهها أهل عرسال كما ضيوفهم من اللاجئين على المستوى الأمني، بل تشمل وبشكل أساسي الوضع الإنساني. ولهذه الغاية أفيد يوم أمس عن تشكيل «لجنة صوت اللاجئين في عرسال»، التي ستُعنى بحسب بيان تم توزيعه بتلبية حاجات اللاجئين والتخفيف من معاناتهم. وتضم اللجنة 5 أعضاء من منطقة القلمون و5 من مدينة حمص وريفها كون الغالبية العظمى من النازحين في عرسال من هاتين المنطقتين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.