«إيجار» خطوة إضافية لتنظيم سوق العقار في السعودية

توقعات بانحسار القضايا العقارية وضخ مزيد من الاستثمارات في القطاع

الأنظمة الجديدة التي تعتزم وزارة الإسكان السعودية اعتمادها ستحفز المطورين العقاريين على الاستثمار بالقطاع (تصوير: خالد الخميس)
الأنظمة الجديدة التي تعتزم وزارة الإسكان السعودية اعتمادها ستحفز المطورين العقاريين على الاستثمار بالقطاع (تصوير: خالد الخميس)
TT

«إيجار» خطوة إضافية لتنظيم سوق العقار في السعودية

الأنظمة الجديدة التي تعتزم وزارة الإسكان السعودية اعتمادها ستحفز المطورين العقاريين على الاستثمار بالقطاع (تصوير: خالد الخميس)
الأنظمة الجديدة التي تعتزم وزارة الإسكان السعودية اعتمادها ستحفز المطورين العقاريين على الاستثمار بالقطاع (تصوير: خالد الخميس)

شدد خبراء عقاريون على أهمية برنامج «إيجار»، الذي سيبدأ تطبيقه قريبًا بشكل رسمي، والذي يوفر إمكانات معلوماتية وتوثيقية كبيرة من خلال منصته الإلكترونية، في ضبط أسعار إيجارات العقارات، والحد من التلاعب، وحفظ حقوق المؤجر والمستأجر والوسيط العقاري، مشيرين إلى أن البرنامج سيضغط على المؤشر العقاري نحو الانخفاض.
وأكدوا أن الأنظمة الجديدة التي تعتزم وزارة الإسكان السعودية اعتمادها، مثل عقد التأجير الموحد، ستحفز المطورين العقاريين على الاستثمار بالقطاع، وتوفير وحدات سكنية بجودة عالية وأسعار مناسبة، مما يخفض أسعار الإيجار، في خطوة إضافية نحو تصحيح أوضاع السوق التي تشهد تدهورًا بسبب ارتفاع الأسعار، كما سيقطع الطريق على المستأجرين المتلاعبين في دفع الإيجار، أو التأخير لفترات طويلة، ويعيد ترتيب العلاقة بين المالك والمستأجر.
ولفت المستثمر العقاري محمد السعيدان إلى أن السوق السعودية بحاجة ماسة إلى مثل هذه القرارات لتنظيم أدائها الذي طالما عانى من العشوائية، وقال إن «إيجار» سيعيد تهذيب القطاع من جديد، خصوصًا أن حجم السوق كبير ومترامي الأطراف، ويفتقر إلى هيكلة واضحة في نظامه الأساسي الذي يسير حاليًا بتخبط وعشوائية لا يتناسبان مع حجم السوق الكبيرة الذي يفترض أن يكون مرتبًا ومتناسقًا، لافتا إلى أن إقرار «إيجار» خطوة متأخرة كان من الواجب تطبيقها منذ سنوات طويلة.
وأضاف السعيدان أن من الميزات التي ستنعكس بشكل مباشر فور تطبيق القرار انخفاض أسعار التأجير بدرجة كبيرة، نظرًا لأن السوق ستكون مكشوفة للجميع، والأسعار ستكون محددة، وسيضمن البرنامج العدالة للجميع، حيث سيحمي جميع الأطراف، وسيمنحها حقوقها، ويمنع الضرر، متوقعًا أن ينعكس ذلك على خفض ملحوظ في أسعار العقار، وتحفيز المطورين لضخ كميات إضافية من الوحدات، نظرًا لزوال التخوف من ذهاب الحقوق، ودخول الجميع تحت مظلة النظام.
وأشارت وزارة الإسكان إلى أنها أقرت العقد الجديد للإيجار بطريقة تضمن حقوق الأطراف كافة، وذلك بعد أن توصلت إلى وجود عقود إيجار عدة فيها إجحاف كبير، خصوصًا فيما يتعلق بحقوق المستأجر، مما يعكس حرص الوزارة على تقليل المخاطرة في قطاع التأجير السكني، وضمان حقوق جميع أطراف العملية التأجيرية، وسيزيد الاستثمار بهذا القطاع الذي يشهد عزوفًا عنه لضعف التنظيمات التي تضمن تحصيل الحقوق.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير العقاري ياسر المريشد أن «إيجار» الذي يعتمد على قاعدة بيانات هائلة، لن ينعكس أثره على انخفاض الأسعار فحسب، بل إنه سيكون موفرًا للجهد والوقت عند الرغبة في الحصول على منزل بقصد الإيجار.
وقال المريشد: «سيستطيع المواطن من خلال المشروع التنقل بين عشرات المنازل، ومشاهدة العروض وهو في مكان واحد، مما يعني أن المشروع سيكون ذا طابع سهل يمكِّن عملاءه من قضاء حاجاتهم بأكبر قدر من الخيارات وبعروض مختلفة»، متوقعا أن ينال المشروع إعجاب المواطنين الذين سيختصرون الوقت عند الرغبة في استئجار منزل مناسب.
وحول دور «إيجار» في إيقاف التلاعب بالأسعار، أكد المريشد أنه سيكون حجر عثرة في وجه من وصفهم بالمتلاعبين بالأسعار، وتابع: «من الصعب أن ترفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء»، لافتًا إلى أنه سيقلص بشكل كبير من عمليات المزايدة في أسعار المساكن، وسيكون دافعًا إلى التخوف من رفع الأسعار خشية فقد العملاء، واتجاههم نحو عارضين آخرين، كما أن مشروع العقد الموحد سيقطع الطريق على من يعملون في الخفاء، أو يمارسون الغش والتدليس، وستكون جميع الخطوات واضحة تحت قانون يطبق على الجميع، ويكفل حقوقهم.
ويعمل برنامج «إيجار» على توثيق وضبط العلاقة بين المالك والمستأجر من خلال توثيق عقد الإيجار، ويمكنه ربط المكاتب العقارية في المملكة بشبكة تقنية خاصة توضح معلومات المستأجرين، وتاريخهم الائتماني، من حيث سداد الإيجارات والتعثر وموعد السداد، سواء كان شهريًا أو نصف سنوي أو سنويًا، إلى جانب ست خدمات أخرى، ويوفر البرنامج من خلال منصته الإلكترونية عقدًا موحدًا موثقًا يتم الاتفاق عليه بين المؤجر والمستأجر، لتسهيل إبرام وتوثيق العقد، ويمكن تحديث صياغته بما يحقق للعقد الإلكتروني النموذجي ميزة التنفيذ القضائي.
وذكر المستثمر العقاري بندر التويم أن القانون سيحد من التحايل في دفع الإيجار، وهو الأمر الذي يؤرق مالكي الوحدات السكنية الذين يعانون بشكل كبير من هذه المشكلة، إذ لم يكن لها مرجعية واضحة للتعاطي معها، لافتًا إلى أن القرار سيقضي على المتنقلين بين المنازل دون دفع الإيجار، وتوقع أن تشهد المحاكم انحسارًا في البلاغات المتعلقة بقضايا المستأجرين.
وعن تأثير القرار على أسعار العقار، أكد التويم أن مشكلة انفلات الأسعار تكمن في عدم تحديد الحكومة سقفًا معينًا لأسعار العقار، مما دفع بعض تجار العقار إلى الطمع في الحصول على فوائد غير واقعية، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب تدخلاً حكوميًا من أجل تحديد سقف أعلى وأدنى للأسعار، يكون ملزمًا للجميع، ويكفل للتجار الربح وللمستأجرين الحقوق، وهو ما تم بشكل غير مباشر عبر نظام «إيجار».
وكان مجلس الوزراء السعودي قد ألزم أخيرا الوسطاء العقاريين المرخص لهم بتسجيل جميع عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية إلكترونيًا، ومن يخالف ذلك تطبق عليه العقوبات الواردة في لائحة تنظيم المكاتب العقارية، وستكوّن لجنة أو أكثر في كل منطقة أو محافظة - بحسب الحال - بقرار من وزير الإسكان، مهمتها التعامل مع الحالات التي يكون فيها المستأجر سعوديًا غير قادر على سداد الأجرة، أو إخلاء العين، إما بسبب سجنه أو مرضه أو وفاته أو ضعف قدرته المادية، كما ستعد الوزارة وتنفذ برنامجًا لضمان دعم المواطنين غير القادرين على دفع أجرة المسكن، يُموّل من ما يخصص له في ميزانية الدولة، ومن الإعانات والهبات، والأوقاف التي تخصص لذلك.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».