شدد خبراء عقاريون على أهمية برنامج «إيجار»، الذي سيبدأ تطبيقه قريبًا بشكل رسمي، والذي يوفر إمكانات معلوماتية وتوثيقية كبيرة من خلال منصته الإلكترونية، في ضبط أسعار إيجارات العقارات، والحد من التلاعب، وحفظ حقوق المؤجر والمستأجر والوسيط العقاري، مشيرين إلى أن البرنامج سيضغط على المؤشر العقاري نحو الانخفاض.
وأكدوا أن الأنظمة الجديدة التي تعتزم وزارة الإسكان السعودية اعتمادها، مثل عقد التأجير الموحد، ستحفز المطورين العقاريين على الاستثمار بالقطاع، وتوفير وحدات سكنية بجودة عالية وأسعار مناسبة، مما يخفض أسعار الإيجار، في خطوة إضافية نحو تصحيح أوضاع السوق التي تشهد تدهورًا بسبب ارتفاع الأسعار، كما سيقطع الطريق على المستأجرين المتلاعبين في دفع الإيجار، أو التأخير لفترات طويلة، ويعيد ترتيب العلاقة بين المالك والمستأجر.
ولفت المستثمر العقاري محمد السعيدان إلى أن السوق السعودية بحاجة ماسة إلى مثل هذه القرارات لتنظيم أدائها الذي طالما عانى من العشوائية، وقال إن «إيجار» سيعيد تهذيب القطاع من جديد، خصوصًا أن حجم السوق كبير ومترامي الأطراف، ويفتقر إلى هيكلة واضحة في نظامه الأساسي الذي يسير حاليًا بتخبط وعشوائية لا يتناسبان مع حجم السوق الكبيرة الذي يفترض أن يكون مرتبًا ومتناسقًا، لافتا إلى أن إقرار «إيجار» خطوة متأخرة كان من الواجب تطبيقها منذ سنوات طويلة.
وأضاف السعيدان أن من الميزات التي ستنعكس بشكل مباشر فور تطبيق القرار انخفاض أسعار التأجير بدرجة كبيرة، نظرًا لأن السوق ستكون مكشوفة للجميع، والأسعار ستكون محددة، وسيضمن البرنامج العدالة للجميع، حيث سيحمي جميع الأطراف، وسيمنحها حقوقها، ويمنع الضرر، متوقعًا أن ينعكس ذلك على خفض ملحوظ في أسعار العقار، وتحفيز المطورين لضخ كميات إضافية من الوحدات، نظرًا لزوال التخوف من ذهاب الحقوق، ودخول الجميع تحت مظلة النظام.
وأشارت وزارة الإسكان إلى أنها أقرت العقد الجديد للإيجار بطريقة تضمن حقوق الأطراف كافة، وذلك بعد أن توصلت إلى وجود عقود إيجار عدة فيها إجحاف كبير، خصوصًا فيما يتعلق بحقوق المستأجر، مما يعكس حرص الوزارة على تقليل المخاطرة في قطاع التأجير السكني، وضمان حقوق جميع أطراف العملية التأجيرية، وسيزيد الاستثمار بهذا القطاع الذي يشهد عزوفًا عنه لضعف التنظيمات التي تضمن تحصيل الحقوق.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير العقاري ياسر المريشد أن «إيجار» الذي يعتمد على قاعدة بيانات هائلة، لن ينعكس أثره على انخفاض الأسعار فحسب، بل إنه سيكون موفرًا للجهد والوقت عند الرغبة في الحصول على منزل بقصد الإيجار.
وقال المريشد: «سيستطيع المواطن من خلال المشروع التنقل بين عشرات المنازل، ومشاهدة العروض وهو في مكان واحد، مما يعني أن المشروع سيكون ذا طابع سهل يمكِّن عملاءه من قضاء حاجاتهم بأكبر قدر من الخيارات وبعروض مختلفة»، متوقعا أن ينال المشروع إعجاب المواطنين الذين سيختصرون الوقت عند الرغبة في استئجار منزل مناسب.
وحول دور «إيجار» في إيقاف التلاعب بالأسعار، أكد المريشد أنه سيكون حجر عثرة في وجه من وصفهم بالمتلاعبين بالأسعار، وتابع: «من الصعب أن ترفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء»، لافتًا إلى أنه سيقلص بشكل كبير من عمليات المزايدة في أسعار المساكن، وسيكون دافعًا إلى التخوف من رفع الأسعار خشية فقد العملاء، واتجاههم نحو عارضين آخرين، كما أن مشروع العقد الموحد سيقطع الطريق على من يعملون في الخفاء، أو يمارسون الغش والتدليس، وستكون جميع الخطوات واضحة تحت قانون يطبق على الجميع، ويكفل حقوقهم.
ويعمل برنامج «إيجار» على توثيق وضبط العلاقة بين المالك والمستأجر من خلال توثيق عقد الإيجار، ويمكنه ربط المكاتب العقارية في المملكة بشبكة تقنية خاصة توضح معلومات المستأجرين، وتاريخهم الائتماني، من حيث سداد الإيجارات والتعثر وموعد السداد، سواء كان شهريًا أو نصف سنوي أو سنويًا، إلى جانب ست خدمات أخرى، ويوفر البرنامج من خلال منصته الإلكترونية عقدًا موحدًا موثقًا يتم الاتفاق عليه بين المؤجر والمستأجر، لتسهيل إبرام وتوثيق العقد، ويمكن تحديث صياغته بما يحقق للعقد الإلكتروني النموذجي ميزة التنفيذ القضائي.
وذكر المستثمر العقاري بندر التويم أن القانون سيحد من التحايل في دفع الإيجار، وهو الأمر الذي يؤرق مالكي الوحدات السكنية الذين يعانون بشكل كبير من هذه المشكلة، إذ لم يكن لها مرجعية واضحة للتعاطي معها، لافتًا إلى أن القرار سيقضي على المتنقلين بين المنازل دون دفع الإيجار، وتوقع أن تشهد المحاكم انحسارًا في البلاغات المتعلقة بقضايا المستأجرين.
وعن تأثير القرار على أسعار العقار، أكد التويم أن مشكلة انفلات الأسعار تكمن في عدم تحديد الحكومة سقفًا معينًا لأسعار العقار، مما دفع بعض تجار العقار إلى الطمع في الحصول على فوائد غير واقعية، مشيرًا إلى أن الأمر يتطلب تدخلاً حكوميًا من أجل تحديد سقف أعلى وأدنى للأسعار، يكون ملزمًا للجميع، ويكفل للتجار الربح وللمستأجرين الحقوق، وهو ما تم بشكل غير مباشر عبر نظام «إيجار».
وكان مجلس الوزراء السعودي قد ألزم أخيرا الوسطاء العقاريين المرخص لهم بتسجيل جميع عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية إلكترونيًا، ومن يخالف ذلك تطبق عليه العقوبات الواردة في لائحة تنظيم المكاتب العقارية، وستكوّن لجنة أو أكثر في كل منطقة أو محافظة - بحسب الحال - بقرار من وزير الإسكان، مهمتها التعامل مع الحالات التي يكون فيها المستأجر سعوديًا غير قادر على سداد الأجرة، أو إخلاء العين، إما بسبب سجنه أو مرضه أو وفاته أو ضعف قدرته المادية، كما ستعد الوزارة وتنفذ برنامجًا لضمان دعم المواطنين غير القادرين على دفع أجرة المسكن، يُموّل من ما يخصص له في ميزانية الدولة، ومن الإعانات والهبات، والأوقاف التي تخصص لذلك.
«إيجار» خطوة إضافية لتنظيم سوق العقار في السعودية
توقعات بانحسار القضايا العقارية وضخ مزيد من الاستثمارات في القطاع
«إيجار» خطوة إضافية لتنظيم سوق العقار في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة