ارتفع مطلب «عودة عقوبة الإعدام» كمطلب وحيد لمئات الآلاف من الأتراك الذين شاركوا مساء أول من أمس في تجمع «الديمقراطية والشهداء» في ميدان يني كابي في إسطنبول. وبدا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مقتنعًا بضرورة عودة عقوبة الإعدام، لتكون هي جزاء المتورطين في محاولة الانقلاب الفاشلة، التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي، مطالبًا الأحزاب بأن تستجيب لإرادة الشعب إذا أراد تطبيق عقوبة الإعدام. وقال إردوغان في كلمة أمام الحشد الضخم من الأتراك الذين تجمعوا بدعوة منه، للتنديد بمحاولة الانقلاب الفاشلة: «إذا أراد الشعب عقوبة الإعدام فعلى الأحزاب أن تنصاع لإرادته».
وأضاف قائلاً: «على ما يبدو، ليست هناك عقوبة إعدام في أوروبا، لكنهم يطبقونها في الولايات المتحدة واليابان والصين. غالبية البلدان تطبقها». وواصل إردوغان: «جميع رؤساء أحزابنا السياسية موجودون هنا الآن، وهم بالفعل على علم بطلبكم، إن شعبنا حر له سيادته وبناء على مطالباتكم بإعادة عقوبة الإعدام، فإن البرلمان التركي هو المرجع الذي سيبت في هذا الأمر، وبعد إقرار المجلس هذا، فإن الخطوات المتخذة معلومة وواضحة. وأقول مقدما إنني أوافق على مثل هذا القرار الذي سيصدره البرلمان».
وانضمت أحزاب المعارضة إلى التظاهرة، باستثناء حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، الذي لم توجه إليه الدعوة، لاتهامه بالارتباط بمنظمة حزب العمال الكردستاني المصنفة في تركيا منظمة إرهابية.
وأعلن إردوغان استمرار نوبات «حراسة الديمقراطية» في ميادين تركيا، ليكون آخرها مساء الغد (الأربعاء).
وبعد خطابه، أعلن إردوغان في كلمة مقتضبة، أنهم وضعوا فاصلةً على سطر تظاهرات «حراسة الديمقراطية»، وأنهم سيضعون نقطة ختامها مساء الأربعاء.
وأيد زعيما حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، والحركة القومية دولت بهشلي، في كلمتيهما أمام المتظاهرين حملة التطهير التي يقودها إردوغان ضد أتباع الداعية فتح الله غولن، الذي يتهمه بتدبير المحاولة الانقلابية.
ورفع بعض المشاركين في تجمع يني كابي صورًا لغولن على هيكل يرتدي عباءة سوداء كالخميني، عليها اسمه وجريمته، وهي «خائن» وعقوبته «الإعدام».
وكان دولت بهشلي، زعيم حزب الحركة القومية هو أول من اعتلى المنصة لإلقاء كلمته التي خاطب فيها المتظاهرين قائلاً: «لقد سرتم في وجه الرصاص كما لو أنكم تسيرون وسط حديقة ورود، وإن تجمعكم هنا اليوم يمثل إرادة الأمة».
وقال كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري: «سوف نعيش كأشقاء وشقيقات، وطالب بمراعاة العدالة وضمان استقلالية القضاء وحرية الصحافة والتعبير».
وكان بعض أنصار «العدالة والتنمية» رفعوا صيحات استنكار لدى وصول كيليتشدار أوغلو، بسبب تردده في حضور التجمع في يني كابي.
كما تحدث رئيس هيئة أركان الجيش التركي خلوصي أكار، عن محاولة الانقلاب الفاشلة، واصفًا إياها بالخيانة الكبيرة التي استهدفت الشعب والوطن.
وأوضح أكار أنّ «مجموعة من عصابة غير قانونية قامت بالتغلغل داخل بنية القوات المسلحة التركية، ولطّخت تاريخ الجيش المجيد وجعلت البلاد تشهد هذا العار (المحاولة الانقلابية)»، في إشارة إلى جماعة فتح الله غولن.
وأشار إلى أن القوات المسلحة التركية بكامل أركانها تخضع لإمرة الشعب، وأنّ المؤسسة العسكرية تتبنّى مبدأ أساسيًا واحدًا، وهو «السيادة المطلقة للشعب»، لافتًا في هذا السياق إلى أن عناصر القوات المسلحة الذين يحبون وطنهم وشعبهم وعلمهم بريئون من «منظمة غولن».
وقاطع المشاركون في التظاهرة رئيس الأركان أثناء كلمته أكثر من مرة، موجهين له التحية، ورد عليهم بالتحية العسكرية، وهتفوا مطالبين بالإعدام لـ«الخونة».
وحوّل بعض الأتراك المشاركين في تجمع «الديمقراطية والشهداء» المناسبة إلى نزهة، حيث احتشادهم في ميدان «يني كابي»، على ضفاف بحر مرمرة، مصطحبين عائلاتهم وأقربائهم وأصحابهم.
وافترش الآلاف الحدائق الموجودة حول الميدان الفسيح والحدائق الجانبية، كأنهم يتنزهون، كما جرت عادتهم في أيام الإجازات والعطلات، حيث الأحد عطلة رسمية، مصطحبين معهم طعامهم وشرابهم، ومختلف أفراد العائلة كبيرًا وصغيرًا. وأعربت عائلة «أوزجان» عن «فرحتها الكبيرة بهذه التظاهرة، لأنها جاءت بعد أن تجاوزت البلاد امتحانًا صعبًا، وتمكنت من التغلب على القوى التي حاولت النيل منها».
واعتبر رب العائلة أحمد أوزجان أنهم «وجدوا في التظاهرة مناسبة غالية للمشاركة بها، فحضر الكبير والصغير، وأحضروا معهم بعض الطعام والشراب والحلوى، لأنهم يحتفلون بعيد الوطن».
من جهتها قالت فيليز دميرهان إحدى المشاركات في التظاهرة، إن «المناسبة لا يجب أن ينظر لها على أنها فقط تجمع وطني، بل هي عرس وعيد وطني حقيقي، لأنه يجمع جميع مكونات الشعب، من اليمين واليسار، ومن كل الفئات العمرية، والتوجهات الآيديولوجية».
وقد شاركت مجموعة كبيرة من النجوم والفنانين في التجمع، حيث قامت 5 سفن بحرية بنقلهم من بيشكتاش إلى يني كابي.
وكان السؤال الذي أثار فضول الكثيرين هو: كم كان عدد المشاركين في التجمع الأكبر في تاريخ الجمهورية التركية؟
وأعطت وكالة أنباء الأناضول الرسمية مؤشرات حول الأعداد، وأعلنت أن نحو 5 ملايين شخص شاركوا في «تجمع الديمقراطية والشهداء». ونقلت الوكالة عن مصادر أمنية، أن طائرات الهليكوبتر التابعة للشرطة قامت بقياس إجمالي المشاركين في تجمع الديمقراطية والشهداء بتحليل إجمالي عدد الأشخاص بالمتر المربع. وتبين أن عدد المشاركين في ساحة يني كابي بلغ 5 ملايين شخص. وعلى صعيد آخر، ذكرت بعض المصادر أن العدد وصل إلى أكثر من مليونين، في حين ذكرت الصحف الأميركية تعليقًا على هذه التقديرات أن عدد المشاركين بلغ أكثر من مليون شخص. وكانت البلديات في مختلف أنحاء إسطنبول خصصت شاحنات وسفنًا بحرية لنقل المواطنين إلى يني كابي، كما توافد على الميدان، المواطنون من مختلف المحافظات. في الوقت نفسه، اعتقلت قوات الأمن في حوالي الساعة الرابعة فجر أمس (الاثنين) رجل الأعمال الشهير أحمد كوتشوك باي، داخل مدينة إسطنبول، وتم اقتياده إلى مديرية أمن إزمير غرب البلاد.
واعتقل كوتشوك باي، رئيس مجموعة شركات «كوتشوك باي»، بدعوى تمويل حركة الخدمة، التي تسميها الحكومة الآن «منظمة فتح الله غولن» أو «الكيان الموازي». يُذكر أن كوتشوك باي دعم تجمع الشهداء والديمقراطية الذي أقيم أول من أمس في يني كابي، بإعلان تأييده لإردوغان وحكومته في كثير من الصحف قبيل انعقاد التجمع. في سياق موازٍ، ذكرت صحيفة «جمهوريت» التركية أن الحكومة التركية أبرمت في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو الماضي اتفاقًا مع شركة علاقات عامة يهودية أميركية، تدعى «APCO»، من أجل العمل على إغلاق مدارس حركة الخدمة داخل الولايات المتحدة.
يذكر أن شركة أمستردام وشركاه، وهي مكتب محاماة إنجليزي يهودي، يمتلكه روبرت أمستردام، ويعمل لصالح حكومة العدالة والتنمية، يتولى منذ عام المعركة القضائية لصالح حكومة أنقرة ضد فتح الله غولن وحركة الخدمة (الكيان الموازي)، داخل الولايات المتحدة الأميركية.
وذكرت صحيفة «جمهوريت» أن مهام الشركة لا تقتصر على إعادة فتح الله غولن إلى تركيا فقط، بل العمل أيضًا على إغلاق مدارسه، التي توجد بأعداد كبيرة داخل أميركا.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن المشكلة في هذه المسألة بالنسبة للحكومة التركية، أن هذه المدارس تأسست وفقًا للقوانين الأميركية، وأنها تشكّل مؤسسات قانونية اكتسبت صفة «المدرسة الوقفية»، مشيرة إلى أن النظام الأميركي يتسامح مع جميع المؤسسات الدينية لتباشر أعمالها وفق القوانين الأميركية.
عودة الإعدام.. المطلب الوحيد للأتراك في مليونية «الديمقراطية»
تمديد تجمعات «حراسة الديمقراطية» إلى الغد
عودة الإعدام.. المطلب الوحيد للأتراك في مليونية «الديمقراطية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة