ليبيا: القوات الحكومية تتمكن من السيطرة على حي وسط سرت

بريطانيا وأميركا تدخلان على خط صراع النفط

عنصران من الجيش الليبي في سرت خلال المعارك مع تنظيم داعش في سرت أمس ({غيتي})
عنصران من الجيش الليبي في سرت خلال المعارك مع تنظيم داعش في سرت أمس ({غيتي})
TT

ليبيا: القوات الحكومية تتمكن من السيطرة على حي وسط سرت

عنصران من الجيش الليبي في سرت خلال المعارك مع تنظيم داعش في سرت أمس ({غيتي})
عنصران من الجيش الليبي في سرت خلال المعارك مع تنظيم داعش في سرت أمس ({غيتي})

في تطور لافت للانتباه، أعلن مساء أمس المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص»، التي تشنها قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، أن هذه القوات سيطرت أمس على حي الدولار وتمكنت من تحرير قصور الضيافة وسط سرت من قبضة تنظيم داعش المتطرف.
وقال المركز في بيان مقتضب إن هذا التقدم تم بعد استهداف القوات الحكومية قناصة الدواعش ومفخخاتهم.
من جانبه، أعلن الجيش الوطني في شرق ليبيا أن قواته التي تخوض معارك شبه يومية ضد الجماعات المتطرفة في مدينة بنغازي، منحت أكثر من فرصة لخروج العائلات المحاصرة في مناطق القتال، لكن المتطرفين رفضوا.
وفي هذا السياق، قال العقيد أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الليبي، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أعطينا أكثر من فرصة، ولكن الدواعش رفضوا خروج العائلات وكبار السن»، مشيرا إلى أنهم رفضوا أيضا الخروج نحو الجيش، وتابع موضحا أنهم «في المقابل يطالبون بالخروج في جرافات باتجاه مصراتة»، وذلك ردا على تصريحات رئيس بعثة الأمم المتحدة مارتن كوبلر، التي طالب فيها الأطراف المتحاربة في بنغازي بتوفير ممر آمن لخروج المدنيين.
وقال كوبلر إنه حث جميع الأطراف في ‏بنغازي على الاتفاق على «توفير ممر آمن للعائلات الراغبة في الخروج.. فهذه حالة إنسانية ملحة».
إلى ذلك، قال جوناثان واينر، المبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا، إن وضع حقول إنتاج النفط الليبي سيكون في خطر إذا ما اشتد القتال بين المتناحرين من أجل السيطرة عليه. واعتبر واينر على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن الأطراف الليبية في حاجة إلى الحوار، وتجنب ما قد يهدد قطاع النفط والاقتصاد الليبي الهش بالفعل.
وجاءت تصريحات المبعوث الأميركي في وقت أكد فيه السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت على رغبة بلاده في تقديم المشورة الفنية والتقنية للسلطات الليبية في مجال النفط والغاز، مما يساهم في الرفع من مستوى الإنتاج والنهوض بالاقتصاد الوطني.
واجتمع بيتر مع مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، حيث تناول اللقاء، بحسب بيان للمؤسسة، بحث سبل التعاون المشترك بين البلدين في مجال النفط والغاز، ودور الشركات البريطانية في تطوير هذه الصناعة.
وقال البيان إن صنع الله أشار إلى المشكلات والصعوبات التي تواجه قطاع النفط والغاز في الوقت الراهن، مؤكدًا أن المؤسسة تبذل جهودًا لأجل إعادة الإنتاج إلى سابق عهده.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد أعربت في بيان أصدرته أول من أمس عن قلقها إزاء الأنباء الواردة حول صراع محتمل بين الجيش الوطني الليبي وحرس المنشآت النفطية بميناء الزويتينة النفطي، ودعت كلا الطرفين لتجنب مزيد من الدمار في البنية التحتية الضرورية للبلاد.
وقال مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة: «نطلب من كلا الجانبين عدم التعدي على المنشآت والمرافق في ميناء الزويتينة.. فهي ومخزون النفط الخام ملك للشعب الليبي، وتُستخدم من أجل إعادة بناء اقتصاد البلد»، معتبرا أن استئناف تصدير النفط من ميناء الزويتينة مستقبلا سيعود بالفائدة على جميع الليبيين، وتابع موضحا: «يتحمل الطرفان أمام الشعب الليبي مسؤولية المحافظة على البنية التحتية هناك. ويجب عدم الدخول في أي معركة تكون نتيجتها دمار تلك المنشآت والبنى التحتية.. لذلك أدعو كلا الطرفين للامتناع عن القيام بأعمال من شأنها الإضرار بالبنية التحتية للميناء، بما في ذلك استخدام المنشآت النفطية دروعا للاحتماء بها، أو تفخيخ المنشآت النفطية بالألغام والمتفجرات».
وبعدما طالب الجانبين بمنح المؤسسة ممرا آمنا الآن، قبل البدء في أي عمليات، بهدف نقل مخزون النفط في الميناء إلى موقع آمن، قال صنع الله: «إن أقصى ما نتمناه هو تفادي حدوث الصراع، وذلك للإبقاء على حياة الناس، ولتجنب وقوع ضرر طويل الأمد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.