سلطات مطار بغداد تمنع مشمولين بتحقيقات الفساد من الهرب

برلماني: طهران عرضت على نواب ممنوعين من السفر نقلهم برًا إلى إيران

هاربون من بلدة الحويجة الخاضعة لسيطرة «داعش» بعد وصولهم إلى محافظة كركوك أمس (أ.ف.ب)
هاربون من بلدة الحويجة الخاضعة لسيطرة «داعش» بعد وصولهم إلى محافظة كركوك أمس (أ.ف.ب)
TT

سلطات مطار بغداد تمنع مشمولين بتحقيقات الفساد من الهرب

هاربون من بلدة الحويجة الخاضعة لسيطرة «داعش» بعد وصولهم إلى محافظة كركوك أمس (أ.ف.ب)
هاربون من بلدة الحويجة الخاضعة لسيطرة «داعش» بعد وصولهم إلى محافظة كركوك أمس (أ.ف.ب)

دخلت إيران على خط الأزمة البرلمانية التي تفجرت، بعد أن كشف وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي عن ملفات فساد خطيرة في جلسة استجوابه الخميس الماضي. وكشف عضو في البرلمان أن «موظفًا بارزًا في السفارة الإيرانية ببغداد اتصل بعدد من النواب، الذين اتهمهم العبيدي بملفات فساد ومنعوا من السفر من قبل القضاء العراقي، حتى يتم الانتهاء من التحقيق معهم من قبل هيئة النزاهة، وعرض عليهم تسفيرهم إلى إيران برًا بواسطة سيارات دبلوماسية تابعة للسفارة الإيرانية»، مشيرًا إلى أن «طهران غالبًا ما تتصيد في مياه الأزمات العراقية العكرة».
وأضاف البرلماني العراقي، الذي فضل عدم نشر اسمه وهو من غير المشمولين بملفات الفساد وغير ممنوع من السفر، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «كشف برلماني مشمول بإجراءات منع السفر لي عن اتصال وسيط عراقي كان يعيش في إيران ويعمل مستشارًا في السفارة الإيرانية ببغداد به، وعرض عليه تسفيره إلى إيران بواسطة سيارة دبلوماسية تابعة للسفارة الإيرانية، بعدها اتصل به موظف في السفارة الإيرانية أكد له ذات العرض». وأضاف: «أنا نصحت زميلي البرلماني بعدم قبول العرض، كونه يشكل فضيحة أخلاقية ووطنية تسيء إليه ولعائلته». وأضاف: «هناك بعض المشمولين بإجراءات الفساد قد يفكرون بالفعل بترك العراق عن طريق الحدود العراقية - الإيرانية، وبمساعدة السفارة الإيرانية في بغداد».
من جهته، كشف مصدر أمني في مطار بغداد الدولي لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض المشمولين بقرار منع السفر حاولوا بالفعل ترك العراق جوًا، قبل الإعلان عن قرار منع سفرهم في وسائل الإعلام، لكن هذه القرارات كانت قد وصلتنا، كما تم تبليغ جميع المعابر الحدودية بأسماء المشمولين بمنع السفر، وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، والنائبتان عالية نصيف وحنان الفتلاوي والنائب محمد الكربولي». وقال ع. عبد العزيز، وهو ضابط جوازات في المطار، إن «نائبة مشمولة بإجراءات منع السفر حاولت السفر إلى بيروت لمرافقة ابنها لغرض العلاج، وكانت بحوزتها مبالغ كبيرة من الأموال، وقد تم منعها، مما أدى إلى أن تتشاجر مع المسؤولين الأمنيين في المطار، لكننا أصررنا على تنفيذ إجراءات منع السفر»، مضيفًا أن «النائبة قالت بصريح العبارة: إذا أردت السفر وترك العراق، فهناك ألف طريقة وألف باب».
وكانت معلومات تم تداولها في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قد ذكرت أن النائبة عالية نصيف التي استجوبت وزير الدفاع العبيدي بداية الشهر الحالي، قد حاولت السفر لمرافقة ابنها إلى بيروت لأغراض العلاج، وقد تم منعها من السفر.
وأشار الضابط العراقي إلى أن «برلمانيًا سابقًا حاول السفر بواسطة طائرة خاصة استأجرها من الأردن قبيل الإعلان عن منعه من السفر والإعلان إعلاميًا عن هذا المنع، لكن الإجراءات طبقت بحقه وبقيت الطائرة الخاصة في انتظاره أكثر من ساعتين، قبل أن تعود إلى أدراجها، بينما عاد النائب السابق إلى بيته في بغداد».
من جهة أخرى، قالت موظفة في أحد المصارف الأهلية العراقية إن «حسابات المشمولين بالتحقيقات في ملفات الفساد قد تم تجميدها مؤقتًا»، مشيرة إلى أن «أمرًا صادرًا عن البنك المركزي العراقي قضى بتجميد حسابات المشمولين بالتحقيق مؤقتًا والسماح لهم بسحب مبالغ بسيطة».
وأضافت الموظفة العاملة في مصرف بغداد الأهلي «أن مثل هذه الشخصيات لا يعتمدون على حساباتهم في المصارف، بل يحتفظون بأموالهم نقدًا بالعملة الصعبة غالبًا في بيوتهم، وأغلبهم لهم حساباتهم في مصارف الأردن ولبنان ودبي».
النائب محمد الكربولي، من تحالف القوى العراقية بزعامة أسامة النجيفي، والمشمول بالتحقيق بملفات الفساد التي تحدث عنها وزير الدفاع العراقي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أقمت دعوى قضائية ضد العبيدي الذي اتهمني بالفساد، وسوف تظهر التحقيقات براءتي». ونفى الكربولي أن يكون قد حاول مغادرة العراق، وقال: «لماذا أترك العراق وأنا عضو برلمان، ثم إنني متأكد من براءتي، وهذه التحقيقات جاءت لصالحي ولتبرئة اسمي وذمتي من هذه الادعاءات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.