قال علي بن فليس، رئيس الحكومة الجزائرية سابقا ورأس معارضي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة: إن المراجعة الدستورية التي جرت في السابع من فبراير (شباط) الماضي «أفرزت تضييقا على الحريات والحقوق، وتشويها للتعددية السياسية، وتطويرا لمردودية التدليس السياسي والتزوير الانتخابي».
وذكر بن فليس خلال اجتماع لكوادر الحزب الذي يرأسه «طلائع الحريات»، أمس بالعاصمة، أن «التعديل الدستوري الذي قدمه النظام السياسي القائم على أنه قفزة عملاقة نحو دمقرطة المنظومة السياسية الوطنية، لم يكن في نهاية الأمر سوى حلقة جديدة في حملة تشويه الديمقراطية»، في إشارة إلى قانون الانتخابات الذي صادق عليه البرلمان منذ 15 يوما، والذي يشترط على الأحزاب الحصول على 4 في المائة في آخر انتخابات برلمانية، حتى يمكنها المشاركة في الانتخابات المرتقبة في مايو (أيار) 2017، وبما أن «طلائع الحريات» حزب ناشئ، فإنه يرجح بأنه لن يفي بهذا الشرط.
وأفاد بن فليس بأن هذا القانون «وعوض أن يمنح نفسا جديدا ويعطي دفعا قويا للتعددية السياسية، جاء لتوطيد دعائم الهيمنة السياسية لزبائن نظام سياسي، يعلق عليهم كل أمله في إعادة استنساخ نفسه وبقائه ودوامه»، ويقصد بـ«الزبائن» حزبي السلطة «جبهة التحرير الوطني»، صاحب الأغلبية في البرلمان، و«التجمع الوطني الديمقراطي» وهو القوة السياسية الثانية في البلاد. وبفضلهما تم تمرير القانون الذي يثير سخط المعارضة.
أما القانون الثاني الذي خلف جدلا أيضا، فهو القانون المتعلق باستحداث «هيئة عليا لمراقبة الانتخابات»، والذي يتيح حسب بن فليس: «سيطرة حصرية للجهاز السياسي والإداري على تسيير المسارات الانتخابية، كما جاء ليضيف بؤرا أخرى لبؤر الغش السياسي والتزوير الانتخابي القائمة»، حسب تعبيره.
واقترحت أحزاب المعارضة خلال مشاورات تعديل الدستور، التي جرت برئاسة الجمهورية في صيف 2014: «لجنة لمراقبة الانتخابات» مستقلة تماما عن الحكومة، يكون أعضاؤها شخصيات مشهود لها بنظافة اليد لا تختارهم الحكومة. غير أن «الهيئة» التي أطلقها الرئيس تختلف تماما عن مطلب المعارضة. وأضاف بن فليس بشأن الموضوع نفسه، إنه «بالتمعن في القانون العضوي حول النظام الانتخابي والقانون العضوي حول مراقبة الانتخابات، نجد أنهما يمثلان ماكينة حرب حقيقية ضد المعارضة الوطنية، التي يفرض عليها النظام السياسي القائم منافسة غير نزيهة وغير شريفة؛ منافسة هو من يسطر شروطها ويضع قواعدها، ويحدد نتائجها مسبقا بالمثابرة على اللجوء، وبكيفية مشينة للتدليس السياسي والتزوير الانتخابي».
يشار إلى أن بن فليس كان من أكثر الشخصيات ولاء لبوتفليقة، حيث كان مدير حملته الانتخابية في 1999، ثم مديرا للديوان بالرئاسة، فأمينا عاما بها في عهد بوتفليقة الذي عينه رئيسا للحكومة عام 2001. وعندما اقتربت انتخابات 2004 افترق الرجلان بعد أن أبدى بن فليس رغبة في الترشح للرئاسة، وخلال تلك الانتخابات انقسمت السلطة بين مؤيد لبن فليس، وداعم لبوتفليقة الذي حصل في النهاية على ولاية رابعة، فانسحب بن فليس من المشهد السياسي لمدة 10 سنوات، وعاد في 2014 ليترشح من جديد، لكن فاز عليه بوتفليقة مجددا.
ولاحظ رئيس «الطلائع» أثناء لقائه بأطر الحزب أن «النظام مصمم على مواصلة معالجة الملفات الوطنية الكبرى في ضبابية تامة، كما حدث مؤخرا بالنسبة للإعفاء الضريبي المقنع والقرض السندي، واليوم فيما يسمى بنموذج النمو الجديد»، في إشارة إلى مشروع أطلقه رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، يتعلق بـ«نموذج اقتصادي جديد» بديل لاقتصاد المحروقات.
وقال بن فليس، إنه «يأسف لتغييب الرأي العام الوطني، الذي لا يتوفر على أي معلومات حول هذا الملف ذي البعد الوطني، والذي اختصره النظام السياسي القائم في مجرد قائمة لوصفات مبتذلة، وأمنيات فضفاضة بعيدة كل البعد عن الوضعية الاجتماعية والاقتصادية الآنية، المتميزة بخطورة استثنائية».
وأضاف بن فليس موضحا أن «أي نموذج للنمو يبقى من دون معنى في إطار منظومة اقتصادية لم تطهر مسبقا من جل اختلالاتها الهيكلية. فضلا عن أن مخازن النمو المتوفرة في البلد ستبقى غير قابلة للاستغلال الناجع، ما دامت المنظومة الاقتصادية بأكملها لم تعرف تحولات جذرية في طبيعتها وسيرها وتسييرها».
الجزائر: بن فليس ينتقد تشويه التعددية السياسية بسبب قانون الانتخابات الجديد
القوانين التي جاءت بها مراجعة الدستور تثير حفيظة المعارضة
الجزائر: بن فليس ينتقد تشويه التعددية السياسية بسبب قانون الانتخابات الجديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة