حققت فصائل المعارضة السورية مزيدًا من التقدم في معركة فكّ الحصار عن المناطق الشرقية لمدينة حلب، وتمكنت أمس من السيطرة على مواقع استراتيجية للنظام السوري والميليشيات الموالية له جنوب وغرب المدينة.
وكشف مصدر في الجيش الحر، أن «مناطق سيطرة النظام هي التي باتت محاصرة، وفقدت طرق الإمداد مع المحافظات الأخرى، باستثناء معبر الكاستيلو»، مؤكدًا أن «فكّ الحصار عن المناطق الشرقية مسألة ساعات، وأن الثوار اجتازوا نصف الطريق نحو تحرير المدينة بالكامل». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن «فصائل مقاتلة ضمن تحالف (جيش الفتح) سيطرت على كلية التسليح، وعلى الجزء الأكبر من كلية المدفعية في جنوب غربي مدينة حلب»، مشيرًا إلى أن «المعارك مستمرة في الأجزاء القليلة المتبقية من كلية المدفعية والكلية الفنية الجوية إلى الشمال منها».
ومع التقدم السريع وتضييق الخناق على مواقع النظام وحلفائه، أكد مصدر في الجيش السوري الحرّ لـ«الشرق الأوسط»، أن «إعلان فك حصار حلب لن يتأخر، وقد يحصل بين ساعة وأخرى». وقال إن «الهدف الأول هو فكّ الحصار عن المناطق الشرقية، أما الهدف الثاني فهو تحرير كامل حلب». وأشار إلى أنه «بمجرّد السيطرة على عقدة الراموسة يتجه الثوار نحو منطقة العامرية التي يسيطر عليها النظام وخلفها منطقة الشيخ سعيد، لكن بمجرد سقوط الراموسة، سينسحبون (قوات النظام) إلى منطقة صلاح الدين».
ويقود معركة حلب التي وصفت بـ«المصيرية»، تحالف «جيش الفتح» وعلى رأسه حركة «أحرار الشام» وجبهة «فتح الشام» (جبهة النصرة سابقًا). وبعد تثبيت مواقعها في الكليات العسكرية، يفترض أن تواصل الفصائل تقدمها شرقًا باتجاه حي الراموسة المحاذي، والذي من شأن السيطرة عليه أن يمكنها من فتح طريق إمداد نحو الأحياء التي تسيطر عليها في شرق وجنوب شرقي حلب من جهة، وقطع طريق الإمداد إلى الأحياء الغربية بالكامل.
وبدا مقاتلو المعارضة أكثر تفاؤلاً بحتمية حسم المعركة لمصلحتهم، حيث أعلن المصدر في الجيش الحرّ، أن «الثوار اجتازوا 90 في المائة من خطة فكّ الحصار عن المناطق الشرقية، وأكثر من نصف الطريق نحو تحرير حلب بالكامل». وقال: «إذا سقطت الأكاديمية العسكرية المطلّة على مجمع مباني الـ1070 التي تسمّى بـ(المباني الروسية) التي تتحصّن فيها قوات النظام وقيادة الميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية، وتعمل ضمن غرفة العمليات الإيرانية، فهذا يعني عمليًا سقوط مناطق سيطرة النظام بكاملها».
من جهته، أوضح الناشط المعارض في حلب عبد القادر علّاف، أن «جيش الفتح بدأ صباح اليوم (أمس) هجوما واسعًا للسيطرة على الكلّية الجوية، التي تطلّ على عقدة الراموسة، وتبعد عنها مائتي متر فقط». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «مجرّد السيطرة على الكلية الجوية، معناها أنّه تمّ فكّ الحصار عن حلب الشرقية».
ويبدو أن تحرير الراموسة بات هدفًا إلزاميًا للعبور منها إلى مناطق أخرى، حيث أعلن علاف أن «القسم الذي تمت السيطرة عليه من منطقة الراموسة، لم يدخله (جيش الفتح)، إنما دخلته القوات المحاصرة في شرق حلب». وقال: «الأحداث متسارعة جدًا، وهناك انهيار معنوي وعسكري لدى جيش النظام والميليشيات التابعة له»، مشيرًا إلى أن «مناطق سيطرة النظام باتت محاصرة، لكنها لا تزال مفتوحة على طريق الكاستيلو، وصولاً إلى عفرين والزهراء وماير، لكن بوابة حلب الجنوبية والغربية فأغلقت على النظام تمامًا».
وفرضت قوات «فتح حلب» حصارًا على أحياء حلب الغربية بعد سيطرتها على طريق دمشق حلب في منطقة الراموسة جنوب المدنية. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن قائد عسكري في قوات «فتح حلب» قوله إن «قواتنا أصبحت تسيطر على حي الراموسة وقطعت طريق حلب دمشق، وبذلك تكون الأحياء الغربية من مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة النظام محاصرة بالكامل». وأضاف أن «قوات فتح حلب شنت هجومًا عنيفًا فجر اليوم (أمس) عبر 5 سيارات مفخخة، وانهارت كل دفاعات قوات النظام والحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له، وتمكنت قوات الفتح من السيطرة على كلية التسليح بالكامل بعد قصف مدفعي عنيف».
واضطرت قوات نظام الأسد إلى استقدام مزيد من التعزيزات عسكرية الضخمة إلى جبهات ريف حلب الجنوبي الغربي أمس، بعد تمكن فصائل المعارضة المسلحة من فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية وقطع طريق، حلب ـ دمشق، والسيطرة على عدد من المواقع الاستراتيجية، فيما واصل الطيران الحربي الروسي غاراته الجوية على مواقع المعارضة في بلدات جنوب غربي حلب. وأشارت المصادر إلى أن أكثر من مائتي غارة شنتها طائرات حربية سورية وروسية، وأن المعارك تجري عند باب الكلية الشرقية بعد وصول آلاف المقاتلين وأن سقوط كلية المدفعية أصبح مسألة وقت حيث تتعرض لهجوم من جهتين. ولفتت المصادر إلى أنه تم رصد بدء قوات الأسد الانسحاب من الكلية، وأن المئات من القتلى والجرحى سقطوا في صفوف الجانبين، وذلك عبر التقاط إشارات الاتصال اللاسلكي بين مقاتلي الأسد. وبهذا تدخل معركة حرب مرحلتها الرابعة مع اقتراب فك الحصار الكامل عن مناطق سيطرة المعارضة وفرض الحصار على مناطق سيطرة النظام. وتدمير الخطوط الدفاعية لقوات الأسد والميلشيات الداعمة لها.
وكان جيش الفتح قد تمكن يوم الجمعة الماضي من بسط سيطرته على كلية المدفعية والتسليح، بعد استهداف تجمعات قوات النظام بالعربات المفخخة وأطلقوا على العملية وعلى كلية المدفعية اسم إبراهيم اليوسف.
ويأتي تقدم مقاتلي «جيش الفتح» رغم الغارات الجوية الروسية التي طالت مواقع المعارضة في تلال الجمعيات والمشيرفة والقراصي ومحيط كلية المدفعية، موقعة عددًا من الإصابات بصفوف مقاتلي المعارضة الذين تابعوا هجومهم رغم كل هذا القصف الجوي. وأشار القائد العسكري في حديثه للوكالة الألمانية، إلى أن «أكثر من مائتي غارة شنتها طائرات حربية سورية وروسية، وأن المعارك تجري عند باب الكلية الشرقية بعد وصول آلاف المقاتلين»، مؤكدًا أن «سقوط كلية المدفعية بالكامل أصبح مسألة وقت، وهي تتعرض للهجوم من جهتين». وتابع: «رصدنا عبر أجهزة اللاسلكي بدء قوات النظام بالانسحاب من الكلية، وأن المئات من القتلى والجرحى سقطوا في صفوف الجانبين». وقال: «إذا نفذت الخطة المرسومة للمعركة، سوف تستطيع قواتنا كسر الحصار عن أحياء حلب المحررة، بل سوف تحاصر الأحياء التي يسيطر عليها النظام وسوف نحرر كل أحياء حلب».
وشن مقاتلو «جيش الفتح» بعد ظهر الجمعة الماضي أعنف الهجمات، ضمن المرحلة الثالثة لكسر الحصار عن حلب، حيث بدأ الهجوم نحو تجمعات قوات النظام المتمركزة في كلية المدفعية وكلية التسليح، وهما من أكبر قلاع النظام العسكرية بالشمال السوري. واستهلّ «جيش الفتح» هجومه باستهداف مدخل كلية المدفعية بعربة مفخخة يقودها مقاتل من جبهة «فتح الشام»، ما تسبب بوقوع خسائر بشرية كبيرة بصفوف قوات النظام، تخللها دخول عشرات الانغماسيين من «جيش الفتح» داخل كلية المدفعية.
وتشهد مدينة حلب منذ صيف عام 2012 معارك مستمرة وتبادلا للقصف بين قسميها الشرقي، حيث يعيش نحو 250 ألف شخص، والغربي الذي يسكن فيه نحو مليون شخص. وباتت الأحياء الشرقية محاصرة بالكامل منذ 17 يوليو (تموز). وأعرب سكان الأحياء الشرقية عن فرحتهم بعد سماعهم الأنباء الآتية من الجبهات. وقال مصطفى بريمو (26 عاما) من سكان حي بستان القصر لوكالة الصحافة الفرنسية: «المساجد تقوم بالتكبير». ويضيف «أنا سعيد بهذا التقدم وسوف أقوم بذبح خروف وتوزيع لحمه على الفقراء في حال فتح الطريق». واختصر رامي عبد الرحمن بدوره التطورات في منطقة حلب بالقول: «من يفوز بهذه المعركة سيفوز بحلب»، مضيفا «إنها معركة تحديد مصير».
فصائل المعارضة السورية تجتاز نصف الطريق نحو تحرير حلب
مصدر في الجيش الحر أكد السيطرة على أجزاء في الراموسة ومحاصرة مناطق النظام
فصائل المعارضة السورية تجتاز نصف الطريق نحو تحرير حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة