قوى المعارضة السودانية إلى أديس أبابا لتوقيع خريطة الطريق الأفريقية

خطاب للبشير في افتتاح الجمعية العمومية للحوار الوطني اليوم

الرئيس السوداني عمر البشير يحيي أنصاره لدى وصوله إلى الخرطوم بعد مشاركته في منتدى أديس أبابا (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير يحيي أنصاره لدى وصوله إلى الخرطوم بعد مشاركته في منتدى أديس أبابا (أ.ف.ب)
TT

قوى المعارضة السودانية إلى أديس أبابا لتوقيع خريطة الطريق الأفريقية

الرئيس السوداني عمر البشير يحيي أنصاره لدى وصوله إلى الخرطوم بعد مشاركته في منتدى أديس أبابا (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير يحيي أنصاره لدى وصوله إلى الخرطوم بعد مشاركته في منتدى أديس أبابا (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة السودانية عن اكتمال الاستعدادات لعقد الجمعية العمومية للحوار الوطني، والتي يشارك فيها حسب مصادر رسمية أكثر من 250 رئيس حزب وعضوًا وموفقًا، وتسلم خلال الاجتماع، الذي يخاطبه الرئيس عمر البشير، التوصيات المقدمة من الآلية التنسيقية العليا للرئاسة. فيما يتوجه وفد من أحزاب وقوى «نداء السودان» المعارضة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لتوقيع خريطة الطريق للحوار، المقدمة من آلية الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى.
وقالت الآلية التنسيقية العليا للحوار الوطني السوداني، المعروفة اصطلاحًا بلجنة (7+7)، إن ترتيبات عقد الجمعية العمومية اكتملت، وتوقعت مشاركة أكثر من 250 من رؤساء الأحزاب والموفقين والأعضاء، وأوضحت أن الرئيس عمر البشير سيقدم خطابًا إضافيًا للاجتماع بالخرطوم مساء اليوم، دون أن تكشف عن فحواه.
ويجري حواران بين حكومة الخرطوم ومعارضيها، أحدهما في الداخل، وهو الذي أعلنه الرئيس البشير بنفسه قبل أكثر من عام، وتواصلت أعمال لجانه ليُعلن عن تقديم خلاصاته لاجتماع الجمعية العمومية المقرر اليوم، تمهيدًا لعقد المؤتمر العام المنوط به إجازة ما تم التوصل إليه من مقترحات وتوصيات.
ويدور حوار آخر بين قوى المعارضة، الرافضة للحوار الوطني الداخلي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ويتوقع أن تقدم خلاله أحزاب وقوى تجمع «نداء السودان» الممثلة بحزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، والحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال، وحركة العدل والمساواة الدارفورية، وحركة التحرير والعدالة الدارفورية جناح مني أركو مناوي، والتي تقاتل الحكومة السودانية في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، على توقيع خريطة الطريق المقدمة من الوساطة الأفريقية، والممهدة لاجتماع تحضيري، يتم تحديده بعد توقيع الخريطة.
وتسعى الخرطوم لدمج الحوارين في مسار واحد، وهو ما ترفضه قوى «نداء السودان» حتى الآن، وتعتبر حوار الخرطوم بين الحزب الحاكم وحلفائه وشركائه في الحكم، أو مع أحزاب وشخصيات لا تملك وزنًا سياسيًا.
ولتشارك في حوار الداخل، تشترط هذه القوى اتخاذ إجراءات لبناء الثقة، تتمثل في وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، وإتاحة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين والسجناء، وهو ما تعتبره الخرطوم موضوعات للحوار.
وقال مساعد الرئيس إبراهيم محمود، في تصريحات، إن حكومته متمسكة بالحوار الوطني، وبإشراك القوى السياسية كافة، باعتباره الوصفة الأمثل للوصول للتبادل السلمي للسلطة، والتوصل لوثيقة يتراضى عليها الجميع تحدد كيفية حكم البلاد.
ورحب محمود بإعلان قوى «نداء السودان» رغبتها في توقيع خريطة الطريق الأفريقية، التي تقدم بها الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي مارس (آذار) الماضي، ووقعتها حكومته الوساطة الأفريقية، لكن رفضتها المعارضة وقتها، وقال إنها تفتح الطريق لعقد الاجتماع التحضيري، الذي يتوقع أن يبحث كيفية مشاركة الحركات المسلحة وقوى «نداء السودان» في الحوار الوطني.
ومارست قوى دولية وإقليمية ضغوطًا قوية على طرفي الصراع السوداني، وأفلحت جولات مبعوث الرئيس الأميركي لدولتي السودان وجنوب السودان، السفير دونالد بوث في إقناع المعارضة بتوقيع خريطة الطريق التي رفضتها مسبقًا، بعد أن قدمت له الحكومة السودانية تأكيدات بالتزامها بما يتمخض عن اللقاء التحضيري المزمع بينها وبين معارضيها.
ويتوجه وفدان حكوميان، أحدهما برئاسة مساعد الرئيس إبراهيم محمود، والثاني برئاسة مسؤول ملف دارفور أمين حسن عمر، إلى أديس أبابا في 9 وحتى 11 من الشهر الجاري، للقاء الحركة الشعبية – شمال، وحركات دارفور، لبحث وقف إطلاق النار الدائم بالمنطقتين والترتيبات الأمنية.
من جهة أخرى، يتوجه وفد من قوى «نداء السودان» إلى أديس أبابا، الاثنين المقبل، للقاء الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، التي تتولى الوساطة بين الحكومة السودانية والمعارضة المسلحة والمدنية، لبحث توقيع خريطة الطريق المقدمة من رئيس الآلية ثابو مبيكي والتي وقعها مع الحكومة السودانية.
وقالت الأمينة العامة لحزب الأمة القومي، سارة نقد الله، في تصريح، إن وفد قوى «نداء السودان» سيستعرض مع مبيكي ترتيبات تحقيق تحفظاتهم على خريطة الطريق، وتعريف اللقاء التحضيري الذي يهيئ لـ«حوار شفاف وشامل وحقيقي، يشارك فيه الجميع من دون هيمنة أحد أو عزل أحد، والالتزام بتنفيذ مخرجاته».
وأعلنت نقد الله عزم الحزب على توسيع المشاركة في الاجتماع الذي يفترض أن يقتصر على الأربعة أحزاب، بالعمل على مرافقة أكبر عدد من الشخصيات الوطنية، بمن فيهم من هم خارج مجموعة «نداء السودان»، وأضافت موضحة: «ندعو الله أن يوفق أبناء الوطن للأخذ بيده إلى بر الأمان عبر إحدى الحسنيين: الحل السلمي السياسي المتفاوض عليه، أو الانتفاضة الشعبية محددة البوصلة».
يشار إلى أن حزبي «الشيوعي السوداني» و«البعث العربي الاشتراكي»، ومجموعة أخرى من الأحزاب المنضوية تحت تحالف معارضة الداخل، المعروف بـ«تحالف قوى الإجماع الوطني»، تعتبر حواري الداخل والخارج محاولة لـ«الهبوط الناعم»، وإتاحة لفرصة جديدة لنظام حكم الرئيس عمر البشير لاكتساب مزيد من الزمن، وتصر على «إسقاطه بانتفاضة شعبية، وتفكيك نظام حكم الإسلاميين، وإقامة نظام حكم ديمقراطي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.