أرسلت وزارة العدل التركية كتابًا ثانيًا إلى الولايات المتحدة لمطالبتها بتسليم الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء محالة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف يوليو الماضي.
وقال وزير العدل التركي، بكير بوزداغ، في مؤتمر صحافي بمقر البرلمان في أنقرة أمس الثلاثاء، إن علاقات الصداقة بين تركيا والولايات المتحدة تستوجب إعادة غولن إلى تركيا.
وشدد بكير بوزداغ على ضرورة أن يمثل غولن أمام القضاء ويحاكم بشكل عادل، مشيرًا إلى أنهم شرحوا في الكتاب الثاني أسباب طلب تسليمه بشكل سريع لتركيا، منها وجود ادعاءات وإفادات خطيرة متعلقة بتورطه بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
وأضاف بوزداغ: «كتبنا أن لدينا معلومات استخباراتية تفيد بإمكانية هروبه (غولن) إلى بلد ثالث، لذلك يجب اعتقاله بشكل عاجل».
وأكد الوزير التركي أنهم سيطلبون إعادة غولن خلال المحادثات التي سيجرونها أثناء زيارتهم القادمة إلى الولايات المتحدة، لم يحدد توقيتها، قائلاً: «أتمنى أن تتصرف الولايات المتحدة بمقتضيات دولة الديمقراطية والقانون، وتعيد غولن إلى تركيا».
وكان وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، لفت في تصريح لقناة «خبر تورك» التلفزيونية التركية 25 الشهر الماضي إلى أن تركيا سلّمت الولايات المتحدة طلبًا لاعتقال «فتح الله غولن»، على خلفية أربع دعاوى، مشيرًا إلى وجود اتفاقية بين البلدين لإعادة المجرمين والمطلوبين، وأن وزارة العدل أرسلت الطلب في 22 يوليو (تموز) إلى السلطات الأميركية.
في السياق ذاته، وسعت تركيا مطالباتها الدولية بإغلاق مؤسسات حركة الخدمة (ما تسميه الحكومة بالكيان الموازي) خارج تركيا وطلب تشاويش أوغلو من نظيره الباكستاني خلال مباحثاتهما أمس في إسلام أباد إغلاق مدارس غولن في باكستان، قائلا إنهم دعموا في السابق جماعة فتح الله غولن، ولم يعرفوا أن لها رغبات مختلفة وسرية.
وأضاف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الباكستاني سرتاج عزيز، عقب اجتماع ثنائي وعلى مستوى الوفود بمبنى وزارة الخارجية في العاصمة إسلام آباد، أن «جماعة غولن يجب أن تجتث من جذورها، ليس سرًا أن هذه (المنظمة) لديها مؤسسات أو وجود في باكستان وفي دول أخرى، أنا واثق من أن الإجراءات المطلوبة ستتخذ. يتعين أن نتوخى الحذر مع مثل هذه المنظمات والمخاطر والتهديدات التي تشكلها على أمن واستقرار كل بلد توجد فيه».
ووعدت باكستان على لسان وزير خارجيتها بأنها ستحقق للتوصل إلى حقيقة شبكة مدارس تتهمها أنقرة بأنها على صلة بغولن.
لكن سرتاج عزيز، مسؤول السياسة الخارجية في باكستان، لم يصل إلى حد الموافقة على طلب إغلاق شبكة مدارس وكليات «تركباك» الدولية، التي يتعلم فيها عشرة آلاف تلميذ وتنفي أية صلة لها بغولن.
وجاء طلب تركيا في إطار حملة دولية يشنها الرئيس رجب طيب إردوغان على مصالح فتح الله غولن وحركته الإسلامية.
ويتهم إردوغان والسلطات التركية غولن وأتباعه بتدبير محاولة الانقلاب الشهر الماضي التي قتل فيها أكثر من 230 شخصًا.
ومنذ محاولة الانقلاب ألقي القبض على ألوف الأشخاص أو أوقفوا عن العمل أو جرى استجوابهم وتوعدت الحكومة بتطهير الجيش والشرطة والقضاء من العناصر التي تقول إنها مؤيدة لغولن.
ومارست تركيا ضغوطًا على دول أخرى توجد فيها مؤسسات يدعمها غولن الذي تدير حركته أو رجال أعمال مقربون منه نحو ألفي مؤسسة تعليمية في نحو 160 دولة.
ولدى مؤسسة «تركباك» التي تعمل في باكستان منذ 21 عامًا أكثر من 24 مركزًا تعليميًا. وتنفي المؤسسة أنها جزء من حركة غولن.
وكانت الخارجية الباكستانية، أعلنت في 25 يوليو الماضي، أن إسلام أباد مستعدة للتعاون الكامل مع الحكومة التركية، بما يخص إغلاق الكثير من المؤسسات التعليمية، المملوكة لـ«فتح الله غولن».
ولا تزال تركيا تعيش أجواء توتر مع قيرغيزستان للسبب نفسه، ووصف الرئيس القيرغيزي ألماز بيك أتامباييف ما قاله وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو حول إمكانية قيام أعضاء حركة الخدمة المقيمين على أراضي قيرغيزستان بانقلاب للإطاحة بالنظام الحاكم، بأنه «ادعاءات سخيفة ولا معنى لها».
وردًا على أسئلة عدد من الصحافيين المحليين والأجانب قال الرئيس القيرغيزي «إن الادعاءات التي قالها السيد مولود تشاويش أوغلو، وزير الخارجية التركية، بأن أفراد حركة الخدمة قد يقومون بانقلاب عسكري ضد النظام الحاكم في قيرغيزستان (سخيفة ولا معنى لها)، وأن السيد تشاويش أوغلو إذا كان ذكيًا إلى هذا الحد فلماذا لم يتمكنوا من منع الانقلاب الذي حدث في بلادهم؟! نحن، بالطبع، سنأخذ نصائح الجانب التركي بعين الاعتبار، وسندقق في المعلومات في هذا الصدد، لكن لا نقبل بتخويف الدول الأخرى لدولتنا، ولا نحتاج إلى تعليمات من الخارج حول شؤوننا الداخلية».
وعلى جانب آخر أكد أتامباييف عمق علاقات بلاده مع تركيا، مشيرًا إلى أن تركيا لطالما ساندت قيرغيزستان في أصعب الأوقات وقدمت لها المساعدات، ولكن هذا لا يعطيها الحق في أن تفرض شروطها على بلد آخر.
وأضاف أتامباييف: «نحن بلد مستقل، ولنا سيادة في الأعمال التي نقوم بها، فنحن من نقرر لأنفسنا، وأعتقد أنه يجب أن تساعد الدول جيرانها دون إملاء أية شروط مسبقة، ويجب ألا يظنوا أننا سنصدق كل ما سيقولونه، وإلا فإن هذه المساعدات لا تلزمنا. يمكنهم أن يسحبوا مساعداتهم، مشددًا على أن بلاده لا تقبل أبدًا تعليمات من بلد آخر لأنه يقدم لنا مساعدات».
في السياق ذاته، قالت وكالة أنباء الأناضول التركية إن حملة «إعادة فتح الله غولن» من الولايات المتحدة اجتذبت 78 ألف توقيع، خلال فترة قصيرة من انطلاقها على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض الأميركي.
وأطلق بعض الأميركيين من أصول تركية في الولايات المتحدة، في 17 يوليو الماضي، حملة على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض، دعوا فيها إلى توقيع وثيقة إلكترونية، تطالب بإعادة غولن إلى تركيا. وتهدف الحملة، التي تحمل عنوان «أريد أن تتخلى حكومتنا (واشنطن) عن كونها ملاذا آمنا لفتح الله غولن، وتسلمه إلى تركيا»، إلى الوصول لـ100 ألف توقيع خلال أسبوعين.
ووجهت الحملة في وثيقتها، دعوتها للمواطنين حول العالم «نرجو مساعدتكم في إقناع رئيسنا ورئيس حكومتنا، للتعاون مع حلفائنا من الشعب التركي»، مؤكدة ضرورة «تسليم غولن الذي تشير كل الحقائق إلى قيام مجموعة صغيرة من العسكر الموالين له بمحاولة الانقلاب على الحكومة التركية المنتخبة بطرق ديمقراطية»، بحسب ما جاء في الوثيقة.
تركيا ترسل كتابًا ثانيًا إلى واشنطن لتسليم غولن
توسيع نطاق ملاحقة مؤسساته إلى باكستان
تركيا ترسل كتابًا ثانيًا إلى واشنطن لتسليم غولن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة