غضب في الأنبار بعد اقتطاع معبرين تابعين لها مع السعودية وإلحاقهما بالنجف

نائب برلماني عن المحافظة لـ «الشرق الأوسط» : ميليشيات طائفية تريد عزل أهلنا عن أشقائهم في المملكة

قوات حكومية تدعمها ميليشيا شيعية خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» شرق الرمادي أول من أمس (أ.ب)
قوات حكومية تدعمها ميليشيا شيعية خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» شرق الرمادي أول من أمس (أ.ب)
TT

غضب في الأنبار بعد اقتطاع معبرين تابعين لها مع السعودية وإلحاقهما بالنجف

قوات حكومية تدعمها ميليشيا شيعية خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» شرق الرمادي أول من أمس (أ.ب)
قوات حكومية تدعمها ميليشيا شيعية خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» شرق الرمادي أول من أمس (أ.ب)

استنكرت قوى سياسية وأعضاء في البرلمان العراقي ومجلس محافظة الأنبار اقتطاع معبرين للعراق مع المملكة العربية السعودية، تابعين إداريا للمحافظة، وإلحاقهما بمحافظة النجف، معتبرين ذلك مساسا بالحدود الإدارية للأنبار.
وقال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، النائب عن محافظة الأنبار حامد المطلك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك محاولات خبيثة يفتعلها البعض بين فترة وأخرى من أجل إذكاء الفرقة والنزاعات الطائفية التي تتسبب في زعزعة الأمن في البلاد، ومن تلك المحاولات عمليات ضم أراض، بل سرقتها، لحساب محافظات أخرى، أو عمليات تغيير ديموغرافي تقوم بها بعض الميليشيات الطائفية لتهجير المكون السني من مناطق سكناه، كما حدث في محافظات ديالى وصلاح الدين، فلا غرابة في أن تقوم بعض الجهات بمحاولات ضم المراكز الحدودية للعراق مع جيرانه، خصوصًا المراكز القريبة من المحافظات الجنوبية، بداعي خلق الأزمات والفتن مع دول الجوار».
وأضاف المطلك: «سنقف جميعًا ضد هذا الاعتداء الذي نعتبره خرقا للدستور، وعلى الجميع أن يقف ندًا لكل من يحاول أن يعبث بأمن العراق وأهله. إننا الآن بحاجة إلى مصالحة وطنية حقيقية، تلم الشمل العراقي من أجل محاربة الإرهاب الذي احتل مساحات واسعة من بلدنا، لا أن نقف متفرجين أمام الأيادي السوداء التي سرقت أموال الشعب، وقتلت الأبرياء، واليوم تقوم بسرقة الأرض، وخلق الصراعات والفتن بين أبناء الشعب الواحد من جهة، وبين العراق وأشقائه من جهة أخرى».
بدوره، رفض مجلس محافظة الأنبار وحكومتها المحلية قرار قيادة حرس الحدود العراقي ضم معبري عرعر والنخيب إلى قيادة حرس الحدود بالمنطقة الخامسة في النجف، وقال الناطق الرسمي بلسان مجلس محافظة الأنبار عيد عمّاش، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن أرض الأنبار خط أحمر، ومحاولات سرقة الأرض وضمها إلى محافظات النجف وكربلاء جريمة لا نقبل بها على الإطلاق. اليوم، نحن نتصدى لتنظيم داعش الإرهابي، وقدمنا الدماء من أجل تطهير أرض الأنبار من دنس المجرمين، فكيف لنا أن نرضى بمحاولات سرقة أرض الأنبار بداعي ضم المراكز الحدودية لمحافظة النجف، وهل محافظات النجف أو كربلاء بحاجة إلى زيادة مساحة أراضيها لكي تقضم من أرض الأنبار».
وأضاف عمّاش: «إن الحدود الإدارية لمحافظة الأنبار مثبتة منذ تأسيس الدولة العراقية في مطلع القرن الماضي، وهناك محاولات سابقة من قبل محافظات كربلاء والنجف لضم أراض وبلدات تابعة إداريا لمحافظة الأنبار، ومنها ناحية النخيب، مما ولد غضبا شعبيا عارما في الأنبار، حيث وقفت الحكومة المحلية ومجلس الأنبار وشيوخ العشائر والنخب الثقافية والعلمية، ومعهم أبناء الأنبار، أمام محاولات الاعتداء على الحدود الإدارية للمحافظة. واليوم، تتجدد المطامع من خلال القرارات الارتجالية غير القانونية من أجل ضم المراكز الحدودية إلى المحافظات الجنوبية».
وأشار عمّاش إلى أن «مجلس محافظة الأنبار سيلجأ إلى القضاء في حال عدم إصدار قرار من قبل الحكومة المركزية بمنع الاعتداءات على الحدود الإدارية لمحافظة الأنبار، وسوف نبين للقضاء الحدود المرسومة والموثقة في خرائط الدولة العراقية منذ تأسيسها إلى الآن».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار النائب أحمد السلماني أن محاولات ضم المناطق الحدودية للعراق مع المملكة العربية السعودية، التابعة إداريا لمحافظة الأنبار، تأتي ضمن عزل أبناء الأنبار وعشائرها عن إخوانهم العرب في المملكة والبلدان العربية المجاورة. وقال السلماني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن ميليشيات تابعة للحشد الشعبي طالما حاولت مرارًا وتكرارًا جعل المناطق الحدودية للأنبار مع المملكة العربية السعودية، ومنها ناحية النخيب، ممنوعة على أهالي الأنبار، في محاولات منها لقطع خطوط التواصل مع أشقائنا العرب، خاصة مع المملكة العربية السعودية التي مدت وتمد يد العون لإخوانهم في العراق، التي كان آخرها المبادرة الطيبة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإرسال المساعدات الغذائية والإغاثية لنازحي الأنبار».
وأضاف السلماني: «لقد نفذت الميليشيات الطائفية جرائم متعددة بحق أبناء الأنبار، وبالأخص سكان مناطق النخيب والرحالية، وغيرها من المناطق القريبة من الحدود مع المملكة العربية السعودية، وكان أكبر تلك الجرائم عملية خطف أكثر من 1600 شخص من أهالي مدن الأنبار، كانوا قاصدين النزوح إلى مدن العراق مرورًا بناحية النخيب التي تنتشر فيها فصائل تابعة لميلشيات الحشد الشعبي. وعند وصولهم إلى معبر الرزازة، تم اقتيادهم إلى جهة مجهولة، ولم يعرف مصيرهم إلى الآن، رغم أننا قدمنا منذ عدة أشهر كل أسماء المختطفين والجهات التي اختطفتهم إلى رئيس الوزراء، ولكن الأخير لم يحرك ساكنًا».
وطالب رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت بإرجاع المركزين الحدوديين للعراق مع المملكة العربية السعودية لإدارة محافظة الأنبار، من خلال عودة اللواء الخامس وقاطعه التابع إلى قيادة حرس الحدود بالمنطقة الثانية في الأنبار لأن موقعه ضمن الحدود الإدارية للمحافظة.
وميدانيًا، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، عن مواصلة القوات الأمنية تطهير الأحياء السكنية والمنازل، والتأكد من خلوّها من مسلحي تنظيم داعش في المناطق المحررة في جزيرة الخالدية، فيما تباشر قيادة شرطة محافظة الأنبار وضع خطة لمسك المناطق المحررة في الجزيرة. وقال المحلاوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية التابعة لقوات الجيش العراقي، وفوج المهمات الخاصة التابع إلى قيادة الشرطة المحلية في محافظة الأنبار، تواصل عمليات تفتيش وتطهير المنازل في المناطق المحررة في جزيرة الخالدية التي تم تحريرها بالكامل من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وتحديدًا في مناطق كرطان والبوعبيد والبوبالي»، مضيفا: «تم قتل أعداد كبيرة من عناصر (داعش) خلال عمليات تحرير جزيرة الخالدية»، لافتا إلى أن «أغلب عناصر التنظيم المتبقين في جزيرة الخالدية يرتدون أحزمة ناسفة، ويجري البحث عنهم، والقضاء عليهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.