ارتفاع أسعار المنازل البريطانية في يوليو.. والغموض ما زال مسيطرًا

توقعات ترجح استمرار الاضطراب لنهاية العام.. ونمو عدد «سكان العائمات» في لندن

عدم اليقين الاقتصادي المترتب على قرار انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي من الممكن أن يقلص من الطلب خلال الأشهر المقبلة في السوق العقارية (رويترز)
عدم اليقين الاقتصادي المترتب على قرار انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي من الممكن أن يقلص من الطلب خلال الأشهر المقبلة في السوق العقارية (رويترز)
TT

ارتفاع أسعار المنازل البريطانية في يوليو.. والغموض ما زال مسيطرًا

عدم اليقين الاقتصادي المترتب على قرار انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي من الممكن أن يقلص من الطلب خلال الأشهر المقبلة في السوق العقارية (رويترز)
عدم اليقين الاقتصادي المترتب على قرار انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي من الممكن أن يقلص من الطلب خلال الأشهر المقبلة في السوق العقارية (رويترز)

رغم ارتفاع أسعار المنازل البريطانية بوتيرة معقولة خلال الشهر الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ إعلان نتائج الاستفتاء على انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي في نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، إلا أن الغموض ما زال هو المسيطر على القطاع العقاري بشكل عام.
وأكدت مؤشرات «نيشين وايد بيلدينغ سوسيتي»، وهي أكبر جمعية بريطانية للعاملين في مجال البناء، وتتبع مؤسسة «نيشين وايد» المالية، أن أسعار المنازل في بريطانيا ارتفعت بأكبر وتيرة في 4 أشهر، إلا أنها حذرت من أن البيانات قد لا تعكس نتائج الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي، حيث إن «عدم اليقين المترتب على قرار الانفصال من الممكن أن يقلص من الطلب في السوق العقارية».
وأوضح تقرير لـ«نيشين وايد» صدر قبل أيام، أن السوق العقارية ربما تحتاج إلى شهور طويلة قبل استجلاء الحقائق والوصول إلى نقطة ثبات. مشيرا إلى أن أسعار المنازل في بريطانيا ارتفعت بنسبة 5.2 في المائة في شهر يوليو (تموز) الماضي على أساس سنوي، مقابل زيادة بلغت 5.1 في المائة في يونيو السابق. فيما كان ارتفاع الأسعار بنسبة 0.5 في المائة على أساس شهري في يوليو، مقابل 0.2 في المائة في يونيو.
وأشار التقرير إلى أن ذلك الارتفاع يعني أن متوسط سعر المنزل في المكلة المتحدة صار يقدر بنحو 205 آلاف جنيه إسترليني (ما يعادل نحو 271 ألف دولار).
ويعتمد المؤشر البريطاني على قياس مدى التغير في أسعار بيع المنازل ذات الرهون العقارية، ويعد هذا المؤشر من المؤشرات المهمة لأنه يؤثر بشكل أساسي على العملة المحلية، كما أنه يعكس اتجاهات أسعار المنازل في مختلف جهات المملكة المتحدة.
ويعود أهمية تقرير «نشن وايد» الأخير، إلى أنه الأول من نوعه منذ إعلان نتائج الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وبصورة عامة، تتوقع أغلب أوساط الاستثمار أن يستمر تراجع القطاع العقاري البريطاني تأثرا بصدمة الاستفتاء لمدة ربما لا تقل عن ستة أشهر منذ إجراء الاستفتاء، أي نهاية العام الحالي.
لكن روبرت غاردنر، كبير اقتصاديي «نيشين وايد»، أكد أن التأثير المباشر للاستفتاء لا يمكن قياسه بصورة كاملة من نتائج شهر يوليو فقط، مشيرا إلى وجود فترة قصيرة تفصل ما بين «قرار الشراء» والحصول على قرض عقاري في المملكة المتحدة، وهو ما لا يسمح بتبين الأثر الكامل.
وتعمل «نيشين وايد» في المعاملات المصرفية كافة التي تتصل بقطاع العقارات، متضمنة قروض الرهن العقاري، وهو ما بنت عليه جانبا كبيرا من إحصاءاتها. وتابع غاردنر في تعليق له نشرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أنه «في المدى القريب، فإن زيادة عدم اليقين الاقتصادي ربما تقود إلى ضعف الطلب على المنازل في بريطانيا. والمؤشرات الحالية تتماشى مع ذلك، فثقة المستثمرين في القطاع العقاري تراجعت بحدة عقب نتائج الاستفتاء، خاصة فيما يتعلق بالصفقات الكبرى». مرجحا أن «تفاعل سوق العمل وعودته للصعود سيحدد بشكل كبير اتجاه الطلب على المنازل خلال الأرباع السنوية القليلة المقبلة».
وأظهرت نتائج مسحية متعددة منذ الاستفتاء تراجع ثقة المستهلك بشكل عام في المملكة المتحدة، مع تأثر كبير لتلك الثقة في القطاع العقاري، ما يرجح تعويق صعود الطلب على المنازل خلال الفترة المقبلة. على عكس ما كان سائدا خلال الأعوام الأخيرة، من حيث الطلب المتزايد، مدعوما بشكل كبير بالنمو المتصاعد في بريطانيا، وزيادة معدلات التشغيل أو ثباتها على أسوأ الفروض، إضافة إلى انخفاض معدلات فوائد القروض، ما تسبب في رواج عقاري على مدى سنوات.
وفي سياق ذي صلة، أوردت المواقع الإخبارية العالمية تقريرا مطلع الأسبوع الحالي، يشير إلى أن غلاء السكن في لندن يدفع مزيدا من قاطنيها من متوسطي الدخل إلى اللجوء إلى بدائل، ومنها المنازل العائمة التي تشهد زيادة في أعدادها مؤخرا، نظرا لغلاء السكن.
وبحسب موقع «شلتر» Shelter الخيري، فإن عدد العقارات في العاصمة البريطانية التي يمكن أن يشتريها أصحاب الدخل المتوسط لا يتجاوز 43 عقارا. موضحا أنه مع استمرار موجة الغلاء في لندن أصبحت الحياة على سطح المياه بديلا اقتصاديا لأصحاب الدخل المحدود في المدينة، الذين يرسون مراكبهم على شبكة قنوات المدينة المائية الممتدة على طول 160 كيلومترا، أو على نهر التيمز الممتد على مسافة 67 كيلومترا.
ويشير التقرير إلى أن تكلفة «منزل عائم» قد لا تتجاوز مستوى 26.5 ألف دولار، لكن مع استبدال كثيرين لشققهم العادية واتجاههم للسكن في السفن، يواجه سكان تلك المراكب مصاعب جديدة.
ووفقا للهيئة المسؤولة عن إدارة الأنهار والقنوات في إنجلترا وويلز، فإن أعداد المراكب في لندن ارتفع بنسبة 57 في المائة منذ العام 2012.
ويشير المتحدث باسم الإدارة، جو كوغنز، إلى أن لندن تعتبر من المواقع التي تكثر فيها القوارب، لكن «المشكلة تكمن بعدم قدرة كثير من الأشخاص على تحريك مراكبهم بشكل كاف وإبقائها في المكان ذاته، ما يؤدي إلى الازدحام».
وتعطي الإدارة نوعين من الرخص لأصحاب المراكب، إما رخصة «موقف دائم»، والتي تبلغ تكلفتها 1320 دولارا على الأقل في المواقع المشهورة، أو رخصة «طواف دائم»، والتي تبلغ التكلفة ذاتها، لكنها تلزم أصحاب المراكب بتغيير موقعها مرة واحدة كل 14 يوما.
ويؤدي هذا التضخم في أعداد المراكب إلى زيادة الضغط على الممرات المائية، في مناطق مثل «ليتل فينيس» الراقية في منطقة غربي لندن.
ومن جهة أخرى، تتعلق أيضا بالعقارات، قالت مجموعة «ديلي ميل آند جنرال ترست»، المالكة لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية الأسبوع الماضي، إن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي أثار حالة من الضبابية في أسواق الإعلانات والعقارات.
وكانت الصحيفة من بين المنصات الإعلامية التي تبنت خط الانفصال وحثت البريطانيين على التصويت لصالح الخروج قبل الاستفتاء. وقالت المجموعة إن الإيرادات الإجمالية للإعلانات في وحدة «دي إم جي ميديا» انخفضت أربعة في المائة خلال الأشهر الثلاثة، حتى 30 يونيو (حزيران)، في الوقت الذي هبطت فيه إيرادات الإعلانات المطبوعة عشرة في المائة، لكن زيادة إيرادات الإعلانات الرقمية بنسبة 12 في المائة بددت جزءا من أثر ذلك الانخفاض. وخلال الثلاثة أسابيع منذ 26 يونيو، سجلت سوق الإعلانات تحسنا طفيفا، حيث تراجع نمو الإعلانات المطبوعة ثمانية في المائة، في حين حققت الإعلانات الرقمية نموا بلغ 19 في المائة.
وقالت المجموعة إن «نتيجة استفتاء الانفصال البريطاني خلقت بعض الضبابية، لا سيما فيما يتعلق بأسواق العقارات والإعلانات البريطانية.. لكن (ديلي ميل آند جنرال ترست) تواصل الاستفادة من كونها محفظة متنوعة تعمل في كثير من القطاعات».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».