أعلن «سندرلاند» تعيين مارتن باين رئيسا تنفيذيا جديدا للنادي، مساء اليوم الأخير للموسم المنقضي بنهاية كأس الاتحاد الإنجليزي. وبالنظر إلى أن ذلك كان مساء يوم سبت هيمنت عليه الأنباء حول تعيين جوزيه مورينهو مدربا لمانشستر يونايتد، خلفا للويس فان غال، فقد بدا وكأن القائمين على «سندرلاند» لديهم شيئا ليخفوه.
وإذا كان هذا التوقيت معني تماما برغبة في عدم النبش في ذكريات المديرة السابقه، مارغريت بايرن، التي استقالت في أبريل (نيسان) الماضي (في أعقاب قضية حبس المهاجم آدم جونسون بتهمة اغتصاب قاصر، وهي التي كانت تسانده وتؤمن ببراءته، على اعتبار انه كان دائما ما يكذب الاتهامات)، فقد تبنى باين توجها بعيدا عن الأضواء.
لم يدل باين بأي تصريح علني في أعقاب تعيينه، في الأول من يوليو (تموز). وخلال هذه الفترة، واجه دراما غير متوقعة، فبدلا من انتقال هادئ من الحياة في مكابي تل أبيب، سرعان ما وجد نفسه بلا حيلة في منع المدير الفني سام ألاردايس من الانتقال لتدريب إنجلترا.
كما أنه لم يكن يتخيل أن يقضي جزءا من أول شهر في عمله الجديد في شد وجذب مع الاتحاد الإنجليزي حول قيمة التعويض عن رحيل ألاردايس، قبل أن يتوسط في اتفاق بين الأميركي إليس شورت، مالك سندرلاند، والاتحاد الإنجليزي، بالحصول على تعويض بقيمة 3 ملايين جنيه إسترليني، بزيادة 1 مليون جنيه عن الرقم الذي كان الاتحاد يأمل بدفعه.
كما دفعه رحيل ألاردايس للبحث عن المدرب السابع لـ«سندرلاند» في 5 سنوات، والمساعدة في تحديد هوية المدير الفني الجديد، وتأمين التعاقد معه سريعا، وهو ابن آخر من أبناء مدينته غلاسكو، مدرب إيفرتون ومانشستر يونايتد وريال سوسيداد السابق، ديفيد مويز، الذي وافق على الفور. ومع هذا، فحتى قبل نداء الاتحاد الإنجليزي لألاردايس، كانت المشكلات قد بدأت في الظهور في منطقة ويرسايد، معقل «سندرلاند». فلم تتوقف الأمور عند حد شكوى ألاردايس من أن صبره «يوشك على النفاد بشدة» بسبب عدم حسم أي من الصفقات الأربع التي حددها، لكن رايان ساشز، سكرتير النادي، استقال فجأة من دون أن يقدم أي تفسير لوسائل الإعلام.
وإذا كان رحيل سكرتير النادي ليس بالأمر الكارثي، فإن إخفاق النادي في حسم الصفقات يمثل مصدر قلق حقيقي، خصوصا أن ألاردايس كان واضحا بأنه من دون تدعيم صفوف الفريق، فإنه قد يواجه صراعا آخر على الهبوط. وما زاد الأمر سوءا هو أنه وعلى مسافة 35 ميلا، وفي نادي ميدلزبره الصاعد حديثا للممتاز، تمكن آيتور كاراناكا من التعاقد مع 11 لاعبا جديدا يشكلون فريقا كاملا.
لكن شورت، مالك النادي الأميركي، الذي سبق أن أثار استياء المدرب السابق ديك أدفوكات، في نفس هذا الوقت من الصيف الماضي، لم يذعن لكل هذا، ولعله يأمل بأن يتمكن باين من تكرار قصة نجاحه في مكابي تل أبيب. فخلال عامين قضاهما صاحب الـ48 عاما، أشرف على واحدة من أكثر الفترات نجاحا في تاريخ النادي، فيما ساعد كذلك الأندية الكبرى في إسرائيل على التفاوض على صفقة بث تلفزيوني ذات عائدات مالية غير مسبوقة. ولقد واجه باين، المتخرج من جامعة غلاسكو، الذي أضاف إلى سيرته العمل كعارض أزياء، قبل أن يختصر دراساته العليا، ويهاجر لفترة قصيرة إلى أفريقيا، واجه فترة أكثر اضطرابا عندما عمل سابقا في اسكوتلندا رئيسا تنفيذيا في فريق رينجرز.
ويتذكر باين قائلا: «غادرت لبدء حياة جديدة في جنوب أفريقيا، قبل أن أكمل دراساتي العليا. لكنني أصبت بالملاريا، وعدت إلى اسكوتلندا للعلاج والتعافي.. وعندما تعافيت تماما من جديد، حاولت دخول عالم النشر عبر إنتاج مجلة تسويقية، لكن المشروع واجه صعوبات مالية. بعد ذلك، أصبحت مدير حسابات مع شركة كانت تعمل على رعاية تشمل فريق رينجرز».
وقام باين بعمل رائع، وهو ما جعل رينجرز يعرض عليه منصبا في قسم الداعية في إبروكس. وخلال صعوده إلى منصب الرئيس التنفيذي، اكتسب شهرة بسبب قدرته على إبرام صفقات قوية، لكنه يقول مازحا إن ضغوط كرة القدم في غلاسكو تفسر الصلع المبكر الذي أصابه.
وقد ازدادت الضغوط بشدة عندما باع ديفيد موراي فريق رينجرز إلى كريغ وايت، مالك النصيب الأكبر من أسهم النادي في 2011. كان باين قد أثار مخاوف جدية من الاستحواذ على النادي، وسعى للحيلولة دون البيع. وفي وقت لاحق، قام وايت بتعليق عمله، ورحل قبل أن يلجأ للقضاء للحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت به، زاعما حدوث مخالفة للعقد في أعقاب عملية الاستحواذ – وتنازل عن الدعوى القضائية في 2012.
وبعد 3 سنوات من العمل بعيدا عن كرة القدم، استقطبه ميتش غولدهار، المالك الكندي لمكابي تل أبيب. وخلال عامين من العمل في إسرائيل، استبدل خلالها بذلاته البريطانية الرسمية بزي عادي، شهدت مسيرته انتعاشة كاملة. فقد نجح مكابي في تأمين ثلاثية محلية في 2015، والتأهل لدوري الأبطال الأوروبي، بينما نال باين إشادة بسبب النمو القوي في النشاط التجاري للنادي.
ومع تعرض سندرلاند لسلسلة من الخسائر المخيفة في السنوات الأخيرة، يسعى شورت إلى تحقيق طفرة مماثلة في ويرسايد. ويأمل مالك النادي في كسر دورة صراعات الهبوط السنوية والديون الكبيرة.
وسيعتمد جزء من عملية الإصلاح على مشاركة باين في تحسين التواصل مع المشجعين ووسائل الإعلام، وهو مجال كان فيه بروين – الذي نادرا ما أجرى مقابلات أو أدلى بأحاديث علنية – مخيبا للآمال بشدة.
وتبدو أيام العلاقة الطيبة بين رئيس النادي السابق نيال كوين والمشجعين ذكرى بعيدة في وقت يشعر فيه كثير من المشجعين بعدم ارتباط متزايد مع النادي.
والأمر المشجع أن شعار باين في مكابي كان «إشراك» المشجعين من خلال «التفاعل» بين النادي والمجتمع المحلي. وكان باين موضوعا لمزاعم لا أساس لها من الصحة، على صلة بعمله في رينجرز، نشرتها صحيفة فرنسية في 2006، وادعت فيها أن باين استغل مبلغ 150 ألف جنيه إسترليني أودعها وكيل أعمال صربي في حسابه البنكي في موناكو، لشراء منزل بقيمة 300 ألف جنيه بالقرب من كان لقضاء عطلاته. ووصف المحامون الاتهامات بأنها «فارغة»، ودافع ديفيد موراي عن باين باستماتة. بعد ذلك، أوضح مالك رينجرز آنذاك أن الأموال التي وصلت حساب باين من الوكيل رانكو ستوجيتش كانت في واقع الأمر تتعلق بشراء عقار من مدافع مانشستر سيتي السابق لوران تشارفيت. وقال موراي عن باين: «لم يحدث أن تصرف بشكل غير قانوني أو غير ملائم في أي وقت».
وفي الوقت نفسه، تبنى باين موقفا قويا في المعركة ضد الطائفية في منطقة غلاسكو، واتخذ الخطوة الجريئة المتمثلة في انتقاد مشجعي رينجرز في حالات معينة. وسيكون هذا المزيج من الدبلوماسية والإخلاص القاتل أحيانا مطلوبا في ناد حاصرته الصراعات السياسية الداخلية في عهد السيدة بايرن.
مارتن باين.. هل هو الرجل الذي يستطيع إنقاذ «سندرلاند» من أزماته؟
عارض الأزياء الذي صار رئيسًا تنفيذيًا لم يستطع الوقوف أمام رحيل ألاردايس.. ولم يجر أي صفقة في سوق الانتقالات حتى الآن
مارتن باين.. هل هو الرجل الذي يستطيع إنقاذ «سندرلاند» من أزماته؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة