فيما يجهد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لتوفير الشروط الضرورية من أجل الدعوة لجولة جديدة من المحادثات السورية - السورية في جنيف، نهاية الشهر الحالي، نبهت فرنسا إلى أن تحقيق أمر كهذا لن يكون ممكنا إذا ما استمر مستوى العنف على حاله، خصوصا في مدينة حلب «المقبلة على كارثة إنسانية». وأمس، قرع وزير الخارجية جان مارك أيرولت ناقوس الإنذار، معربا عن «قلقه» من أن محادثات جنيف «لا يمكن أن تستأنف ما دامت المآسي الإنسانية متلاحقة وبالأخص في مدينة حلب».
وجاء تحذير أيرولت بعد أقل من 48 ساعة من لقائه نظيره الأميركي جون كيري، ظهر السبت الماضي، في باريس، فيما ينتظر أن يكشف الجانبان الروسي والأميركي بحر هذا الأسبوع عن «تفاصيل» الخطة المشتركة التي توصل إليها كيري مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوميي 14 و15 يوليو (تموز) الماضي، التي كشفت «الشرق الأوسط» عن تفاصيلها في عددها الصادر بتاريخ 28 يوليو تحت عنوان: «طبخة كيري - لافروف».
وينم كلام مصادر فرنسية رسمية معنية بالملف السوري تحدثت إليها «الشرق الأوسط» عن شعور بـ«عدم الارتياح» للغموض الذي ما زال يلف التفاهمات الروسية - الأميركية ولخطط واشنطن على المدى الطويل. وفي تصريحاته لإذاعة «فرانس أنفو» أمس، خلال وجوده في كينيا، حث أيرولت موسكو التي «تملك وسائل الضغط على النظام السوري»، وواشنطن أيضا، باعتبارهما يرأسان «مجموعة الدعم لسوريا» على «تحمل مسؤولياتهما» في حلب من أجل «تلافي الكارثة الإنسانية» التي ستنسف المسار السياسي المعلق في الوقت الحاضر.
وتأخذ باريس على الراعيين الدوليين فشلهما في فرض احترام الاستحقاقات المنصوص عليها في تفاهم فيينا وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وأولها وقف الأعمال العدائية والتزام روزنامة محددة للحل السياسي؛ لذا فإن المصادر الفرنسية تنظر بكثير من الشك إلى ما تعمل عليه واشنطن وموسكو ولمدى احترام مضامينه ميدانيا؛ «لأن الحرب في سوريا علمتنا كم يتعين علينا الحذر من اتفاقات تبقى حبرا على ورق وغرضها كسب الوقت أو التغطية على العجز»؛ لذا فإن أيرولت لم يتردد في التوجه مباشرة إلى كيري ولافروف «اللذين التقى بهما تباعا في باريس في الأيام الماضية»، لدعوتهما من أجل العمل «جديا» لإعادة مسار السلام إلى سكة جنيف. لكنَّ أمرا كهذا «لن يكون ممكنا تحت بساط القنابل فوق حلب». وفي أي حال، يرى أيرولت أن البحث في إمكانية العودة إلى جنيف «لا يجب أن يعني إغلاق الأعين عن المأساة الجارية في حلب». ووفق المصادر الفرنسية فإن رسالة فرنسا للطرفين الأميركي والروسي هي أن حلب «لا يمكن أن تكون سلعة للابتزار».
هذا الكلام سمعه الوزير كيري في باريس، كما تسلم مباشرة الرسالة التي تم نشر مضمونها يوم الأحد، التي أرسلت كذلك إلى الوزير لافروف. وقد حاول شرح تصور بلاده لمستقبل الوضع في سوريا ولما تنوي الإدارة الأميركية القيام به في الفترة المتبقية للرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض.
وقال كيري لنظيره الفرنسي إن فريقا من الخبراء الأميركيين موجود في موسكو للتفاوض مع وفد مماثل روسي، وأن إحدى النقاط الرئيسية التي يسعى الطرف الأميركي إلى الحصول عليها من جانب روسيا، هو «تعهدها بالحصول على هدنة شاملة لمدة تتراوح ما بين خمسة وسبعة أيام»، مضيفا أن المفاوضات وصلت إلى «مرحلتها النهائية»، وبالتالي سيكون من الممكن الإعلان عن شيء ما في الأيام القليلة المقبلة. ووفق الوعد الروسي، فإن موسكو «تأخذ على عاتقها» احترام النظام لهدنة من هذا النوع.
بيد أن هذه الشروحات لم تقنع الجانب الفرنسي الذي ذكر أن الأول من أغسطس (آب) قد حل، دون حكومة انتقالية ولا تقدم ولا احترام لوقف الأعمال العدائية، رغم أن واشنطن وموسكو هما الضامنتان لها. وكان الرد الأميركي أن منافع وقف النار لا يمكن أن تلحظ ما دام لم يتم الاتفاق عليه نهائيا ولم يبدأ العمل به.
من هنا، كررت باريس أولوياتها الثلاث في سوريا، وهي الضرورة الملحة للعودة إلى وقف الأعمال العدائية، وتوفير الضمانات لإيصال المساعدات الإنسانية من غير عوائق إلى المناطق كافة، وخصوصا تلك الخاضعة للحصار، ما من شأنه تخفيف معاناة السوريين وتهيئة المناخ للعودة إلى محادثات السلام.
إضافة للعمل بقوة أكبر ضد التنظيمات الإرهابية وفق لائحة الأمم المتحدة، ولكن من غير أن يستخدم هذا العمل حجة لضرب الفصائل المعتدلة والقضاء على كل معارضة تقف بوجه النظام.
وأكدت باريس على دعوة أعضاء مجموعة الدعم لسوريا للضغط بكل قواها من أجل قيام مرحلة انتقالية وفق الالتزامات السابقة المنصوص عليها في بيان جنيف والقرارات الدولية وتفاهم فيينا، وبحسب باريس، فإن عملية الانتقال السياسية هي وحدها الكفيلة بإخراج سوريا من أزمتها ومحاربة التنظيمات الإرهابية بشكل فعال.
مصادر فرنسية: اتفاق أميركي ـ روسي قريب لهدنة ما بين 5 ـ7 أيام في حلب
باريس غير مرتاحة وأكدت في لقاء كيري أنها لا تريد أن تتحول المدينة إلى «سلعة للابتزاز»

مصادر فرنسية: اتفاق أميركي ـ روسي قريب لهدنة ما بين 5 ـ7 أيام في حلب

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة