لأول مرة في تاريخ تغطية المؤتمرات الانتخابية للحزبين الجمهوري والديمقراطي، ظهرت «روبوتات صحافية»، تجمع الأخبار، وتكتبها، وتحررها. وتنشرها. حدث ذلك في مؤتمر الحزب الجمهوري في كليفلاند (ولاية أوهايو)، وفي مؤتمر الحزب الديمقراطي في فلادلفيا (ولاية بنسلفانيا).
في المؤتمرين، تعاونت صحف، مثل «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز»، مع شركات إنترنت، مثل شركة «تويتر» التي تستعمل برنامج «بيرسكوب»، الذي يطبق حسب برنامج «دوبل روبوتيكز». ومثل شركة «فيسبوك» التي تستعمل برنامج «باظفيد»، الذي يمكن إدماجه مع تطبيق «ماسينجر».
حتى قبل المؤتمرين، بدأت وكالة «أسوشييتد برس» استعمال روبوتات لكتابة الأخبار الرياضية. في الأسبوع الماضي، قال تقرير أصدره معهد بوينتر للصحافة، في سانت بيترزبيرغ (ولاية فلوريدا) إن الهدف هو «تعديل النصوص المكتوبة لتناسب معايير الكتابة الصحافية، وذلك لأن العمل الصحافي يحتاج إلى السرعة، وإلى الدقة، وإلى معلومات صادقة». اخترع هذه التكنولوجيا السويدي، سفيركير جوهانسون، الذي يظل، مع الشركة التي يتعاون معها، يرفضان كشف تفاصيلها. تقدر هذه التكنولوجيا على قراءة خبر، ثم إعادة صياغته، اعتمادا على قرابة ثلاثة ملايين نص في موقع «ويكيبيديا».
ولأن هذه النصوص تميل نحو الحياد، يصير الخبر النهائي أكثر حيادا من كونه أثر عليه صحافي بوجهة نظره الخاصة (قصد أو لم يقصد).
بالإضافة إلى الخبر، تقدر هذه التكنولوجيا على كتابة تقارير طويلة (ما يساوي 20 أو 30 صفحة)، وذلك بالاعتماد على مجموعة أخبار، ومجموعة خلفيات. سواء سياسية، أو عسكرية، أو اقتصادية، أو اجتماعية. هذا هو «ناريتيف ساينس» (علم السردية) الذي يقدر على ربط شيء بشيء اعتمادا على التشابه الحرفي، والتسلسل التاريخي، والتقسيمات العلمية.
ويحدث ذلك خلال ثوان قليلة. ولم لا؟ وموقع «غوغل» يقدر على العثور على ملايين الصفحات خلال أقل من ثانية؟
بالإضافة إلى روبوتات كتابة الأخبار والتقارير، توجد روبوتات جمع الأخبار. مثل «بوت باظفيد» التي تتعاون مع برنامج «ماسينجر» في موقع «فيسبوك».
في مؤتمر الحزب الجمهوري، كان هناك أكثر من عشرة آلاف «ميني روبوت» (روبوت صغير). تحمل في الجيب، وتوزع على صحافيين، وسياسيين، وخبراء، ومشتركين في المؤتمر. وكان الهدف هو أن كل واحد من هؤلاء يصير «مخبرا إلكترونيا»: يلتقط الصور والفيديوهات ويكتب التعليقات ويرسلها إلى رئاسة «باظفيد». لكن، مثل أي تكنولوجيا جديدة، تظهر معوقات من وقت لآخر:
مثلا، شكا متابعون لمؤتمر الحزب الجمهوري من أن «بوت سي إن إن» (اسم روبوت تلفزيون «سي إن إن») لم يقدر على فهم طلباتهم.
ومثلا، اشتكى صحافيون في صحيفة «واشنطن بوست» من أنهم قدموا طلبات إلى «بوت بوست»، ووصلت إليهم أجوبة طلبات لم يطلبوها.
حسب تقرير معهد «بوينتر»، لم تدخل الروبوتات مجال العمل الصحافي فقط، بل دخلت مجالات أخرى. قال التقرير: «وكأن الصحافيين لم يعودوا يخافون من شيء. ها هي الصواعق تقع عليهم، صاعقة بعد صاعقة. انهيار سوق الصحف الورقية، والأزمة الاقتصادية التي قللت فرص العمل، وتكنولوجيا الصحف اللإلكترونية».
وأضاف التقرير: «لكن، ظل الصحافيون يتميزون بقدرتين مهمتين، الأولى: جمع الأخبار. والثانية: كتابة الأخبار. حتى ظهرت روبوتات تجمع الأخبار، وروبوتات تكتبها».
في الحقيقة، إذا خاف الصحافيون من روبوتات تجمع الأخبار وتكبتها، فقد توجد فوائد كثيرة في روبوتات مجالات أخرى. حسب التقرير، صنف علماء التكنولوجيا أكثر من ألفي مجال في مجالات الحياة اليومية، ووجدوا أن الروبوتات تقدر على أن تحل محل الناس في 800 مجال. من بين هذه: إعداد الطعام، نظافة المكان، نقل الأشياء الخفيفة، بيع وشراء الحاجات اليومية، إلخ... أغلبية هذه المجالات بدنية أكثر منها ابتكارية (تقدر روبوتات في مطعم في الصين على تقديم قائمة الطعام للزبائن، وتسجيل طلباتهم، وتقديم الطعام لهم، وتقديم كشف الحساب، ودفعه ببطاقات ائتمانية. ولا تنسى أن ترحب بهم في البداية، ثم تودعهم في النهاية).
حسب تقرير «بوينتر»، تقدم الروبوتات أكثر الخدمات فائدة في مجال الطب. ويتوقع قريبا أن تجرى ثلاثون في المائة من العمليات الجراحية في الولايات المتحدة عن طريق جراحين يجلسون أمام كومبيوترات تحرك أذرعا إلكترونية داخل بطن المريض (لحالات مثل: الفتق، والبدانة، واستئصال الرحم، وإزالة البروستاتا).
وخلص التقرير إلى أن «غزو الكومبيوتر لا مفر منه. فقط على الصحافيين ألا يحسوا بأنهم هم فقط المستهدفون».
من المفارقات أن استعمال «الروبوت الصحافي» في مؤتمري الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، صادف عودة مسلسل «مستر روبوت» إلى قناة «يو إس إيه». هذا مسلسل عن قدرة الروبوت على أن يفعل أشياء كثيرة، بعضها غير قانوني، لكن بهدف إصلاحي. مثل: قرصنة مواقع البنوك، وإلغاء الديون عن الفقراء.
روبوتات غطت مؤتمري الحزبين الجمهوري والديمقراطي
إنسان آلي مهنته صحافي
روبوتات غطت مؤتمري الحزبين الجمهوري والديمقراطي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة