خطاب نصر الله التصعيدي يبدد الآمال باقتراب موعد انتخاب رئيس للبنان

«الوطني الحر» يطرح علامة استفهام حول التوقيت بعدما كان متفائلاً بإمكانية الاتفاق على عون

لبنانيون يتظاهرون في شوارع بيروت ضد الحكومة أمس (إ.ب.أ)
لبنانيون يتظاهرون في شوارع بيروت ضد الحكومة أمس (إ.ب.أ)
TT

خطاب نصر الله التصعيدي يبدد الآمال باقتراب موعد انتخاب رئيس للبنان

لبنانيون يتظاهرون في شوارع بيروت ضد الحكومة أمس (إ.ب.أ)
لبنانيون يتظاهرون في شوارع بيروت ضد الحكومة أمس (إ.ب.أ)

كان خطاب أمين عام ما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله التصعيدي كفيلاً بتبديد الآمال التي كانت معقودة في لبنان حول إمكانية حدوث خرق ما في جدار ملف رئاسة الجمهورية العالق منذ أكثر من سنتين، في «جلسات الحوار» المزمع عقدها أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس القادمة. ولقد بدا واضحا أن التفاؤل الذي كان يشاع في الأيام الماضية، ولا سيما من قبل «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) و«تيار المستقبل» ليس في مكانه، وهو ما تشير إليه مصادر نيابية بقولها لـ«الشرق الأوسط» إن كلام نصر الله وردّ رئيس «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عليه، كشفا مدى الخلاف بين الطرفين وصعوبة التوصل إلى اتفاق بينهما في الوقت الحالي، لا سيما في الانتخابات الرئاسية.
وعلامة الاستفهام التي وضعها الأفرقاء اللبنانيون حول توقيت تصعيد الحزب، وتحديدا قبل أيام من موعد الحوار، طرحها أيضا حليفه «التيار الوطني الحر» الذي كان يتحضر لانتخاب النائب ميشال عون رئيسا، حسبما يؤكد القيادي والوزير السابق ماريو عون، لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «قد يكون مضمون كلام نصر الله ليس جديدا، إنما التوقيت من شأنه طبعا أن يخفف من التفاؤل الذي كنا نعيشه في الأسابيع الماضية، بحيث كنا قاب قوسين من انتخاب عون رئيسا بانتظار انتهاء الحوار داخل (تيار المستقبل) بهذا الشأن». ولفت المسؤول العوني إلى أن وزير الداخلية نهاد المشنوق كان قد عبّر عن هذه الأجواء بقوله: «إن هناك انتخابات رئاسية قريبة». وأمل ماريو عون أن تكون جلسات الحوار مناسبة لعودة الآمال إلى إمكانية انتخاب رئيس، انطلاقا من أن الاستمرار بالفراغ من شأنه تفاقم المشكلات في لبنان.
من ناحية أخرى، انطلاقا من هذه المستجدات، اعتبرت مصادر «القوات اللبنانية» «أن كلام نصر الله الأخير خفّف منسوب التفاؤل بإمكانية انتخاب رئيس إلى أدنى مستوياته، حتى لا نقول بدّده». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «نصر الله يقطع أي أمل بوصول عون إلى الرئاسة، أولاً لأنه يقول إنه يدعم عون للرئاسة ولا يقوم بأي خطوة لتنفيذ وعوده بهذا الشأن في وقت لا يزال فرنجية، حليف الحزب أيضا، متمسكا بترشيحه، وثانيا من خلال خطاب نصر الله التصعيدي المتطرف بوجه السعودية التي تعتبر من أفضل أصدقاء لبنان».
من جهته، توقّع النائب في «كتلة المستقبل» سمير الجسر، أن يؤثّر خطاب نصر الله التصعيدي سلبًا على جلسات الحوار الأسبوع المقبل، وقال لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه: «بدلاً من أن يدخل الأفرقاء إلى الحوار متفائلين سيدخلون بأجواء متوترة». ورأى الجسر أن الآمال ومنسوب التفاؤل الذي ظهر في الأيام الماضية بإمكانية انتخاب عون رئيسا كان تسرعًا في غير مكانه، مضيفا: «التوافق على عون أو أي شخص آخر لا يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها، حتى الآن لم تحصل أي تغيرات من شأنها أن تدل على إمكانية التوافق على انتخابه، ونحن في المستقبل لا نزال متمسكين برئيس تيار المردة سليمان فرنجية كمرشح للرئاسة، وهو بدوره لم يتراجع عن ترشيحه».
وفي حين لا يعقد الجسر آمالاً كبيرة لجهة التوصل إلى نتائج إيجابية في جلسات الحوار، التي من المتوقع أن تبحث فيما يعرف باقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري، بـ«السلة المتكاملة» التي تتضمن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وقانون الانتخابات النيابية، جدّد تأكيده على تمسك المستقبل بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية وعدم تجاوز الدستور. وأضاف الجسر: «ربط المسائل ببعضها يؤدي إلى تعقيدها أكثر، وهو ما يجعلنا نبدي تخوفنا من نسف (الطائف) الذي وإن كانت المواقف المعلنة تؤكد حرصها المحافظة عليه، إنما الخطوات العملية تظهر عكس ذلك».
وفي الإطار نفسه، وتعليقا على كلام نصر الله، اعتبر النائب مروان حمادة، في حديث إذاعي أن «لهجة نصر الله يجب أن تمنع الحزب من المشاركة في طاولة حوار يبحث فيها مصير لبنان بسبل سلمية، وليس بالتشبيح والبلطجة على كل ما يمثل مؤسسات في لبنان، بعدما تخطى كل الخطوط الحمراء». واعتبر حمادة أنه «لولا ارتباط عون إلى هذه الدرجة في التفاهم مع الحزب لكانت كثير من العقبات أزيلت، فنحن تخطينا صداقة رئيس النظام السوري بشار الأسد لسليمان فرنجية».
وكان نصر الله، الذي طالما يؤكد دعمه لعون، قد شن هجوما أول من أمس، على المملكة العربية السعودية، وهو الأمر الذي لاقى ردا من الحريري، قائلاً: «هناك أشخاص يتقنون قلب الحقائق ويرمون سواهم بما يغرقون فيه من ممارسات وحروب ونزاعات أهلية ومذهبية». واعتبر الحريري أن «مواصلة التحامل على المملكة من بعض المواقع، علامة سوداء في تاريخ وحاضر الباحثين عن أي وسيلة لتعميم ثقافة الفتنة والحروب في العالم العربي». وأضاف: «من يسمح لحزبه ومسلحيه أن يكونوا أداة إيرانية لصناعة الفتن في المجتمعات العربية، لن يحصل على براءة ذمة مهما أبدع في التزوير السياسي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».