أثار ظهور المتشدد المصري «أبو الفرج المصري» إلى جوار أبو محمد الجولاني زعيم «جبهة النصرة» في سوريا، وهو يعلن عدم ارتباطه مع تنظيم «القاعدة»، حالة من الجدل بين الأراديكاليين.
وبينما قال الدكتور أسامة رشدي، خبير الحركات المتطرفة لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن ظهور «أبو الفرج المصري» مع الجولاني «لم يكن مفاجئا؛ بل كان معروفا منذ أشهر، فهو دخل سوريا من تركيا، وكان يتحرك بشكل علني»، أكد خبير في شؤون الحركات المتطرفة، أن مساندة «أبو الفرج المصري» تكسب زعيم «جبهة النصرة» شرعية القيادة، وتؤكد على قوة الموقف الشرعي لقرار فك الارتباط مع «القاعدة».
في حين يتوقع خبراء الراديكاليون أن «يحدث قرار الجولاني بانفصال (النصرة) عن (القاعدة) انشقاقات كثيرة داخل الجبهة، وسوف يدفع الشباب إلى التفكير في الانضمام لجماعات وتنظيمات أخرى».
وأثار ظهور «أبو الفرج المصري» الذي سبق اتهامه وسجنه في قضية اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات، بجوار زعيم «جبهة النصرة»، وهو يعلن عدم ارتباطه مع تنظيم «القاعدة» حالة من الجدل، حول العلاقة التي جمعت «أبو الفرج» المقرب من أيمن الظواهري زعيم «القاعدة» و«جبهة النصرة».
وكان الجولاني قد أعلن فك الارتباط مع «القاعدة» في تسجيل مصور بثه أول من أمس، وظهر بجواره شخصان، هما «أبو الفرج المصري» على يمينه، و«أبو عبد الله الشامي» على يساره، وهو أحد أعضاء مجلس شورى «جبهة النصرة» ويعد أبرز الشرعيين فيها وعضو اللجنة الشرعية.
ويقول ياسر الشرقاوي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية في مصر لـ«الشرق الأوسط»، إن ظهور «أبو الفرج المصري» مع الجولاني يهدف إلى التأكيد على قوة الموقف الشرعي لقرار فك الارتباط مع «القاعدة»، ويمنح الجولاني شرعية قيادة الجبهة خلال الفترة المقبلة، حتى مع تغيير اسم الجبهة.
لكن الدكتور أسامة رشدي، قال إن «ظهور الجولاني للإعلان عن الانفصال عن (القاعدة) يضرب مصداقية (جبهة النصرة)؛ لأنها ستجعل كثيرًا من الشباب المنضوين تحت رايته يفكرون في الانشقاق من الجبهة والبحث عن تنظيمات أخرى».
بينما قال الدكتور هاني السباعي، مدير مركز المقريزي بلندن، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، إن «أبو الفرج» تم الإفراج عنه ضمن عفو رئاسي من المجلس العسكري الذي كان يحكم مصر عقب ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» عام 2011، مضيفا أنه «فقيه شرعي، ويعد أبرز الشرعيين في (جبهة النصرة) وعضو اللجنة الشرعية».
من جهتها، أكدت مصادر مصرية، أن «أبو الفرج المصري» هو اسم الشهرة، واسمه الحقيقي أحمد سلامة مبروك، وكان معتقلا في السجون المصرية، وخرج عقب ثورة يناير لينتقل إلى سوريا وينضم لصفوف «جبهة النصرة»، وظهر للعلن للمرة الأولى في إصدار أطلقته الجبهة باسم «ورثة المجد».
وسجن «أبو الفرج المصري» 7 سنوات عقب اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981، وأُطلق سراحه أواخر الثمانينات. وسافر من مصر إلى أفغانستان عام 1989، وبعدها ذهب إلى اليمن في التسعينات.
وعمل «أبو الفرج» مع أيمن الظواهري، كما قاما بزيارة للسودان، مثل كثير من أعضاء تنظيم «الجهاد المصري»، وظل يعمل مع الظواهري، حتى استطاع هو والظواهري وجهادي آخر عبور الحدود الروسية، وكانوا متوجهين إلى منطقة داغستان، واختطف عملاء «سي آي إيه» أبو الفرج المصري عام 1999، وعضوا آخر بالجهاد المصري خارج مطعم في عاصمة أذربيجان باكو، وبعد ذلك تم نقله إلى القاهرة، وتمت محاكمته وأُدين بتهم تتعلق بالإرهاب، حتى أفرج عنه عقب ثورة يناير.
وقال الدكتور هاني السباعي، إنه تم الإفراج عن «أبو الفرج المصري» في عفو من المجلس العسكري الحاكم وقتها في مصر، وكان في نفس العفو محمد الظواهري شقيق زعيم تنظيم «القاعدة»، والقيادي الجهادي مرجان مصطفى سالم، صاحب فتوى هدم الأهرامات التي أطلقها في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، والذي كان محبوسا في سجن العقرب شديد الحراسة بمنطقة سجون طرة (جنوب القاهرة)، والدكتور السيد إمام عبد العزيز مُنظر «جماعة الجهاد» والذي أطلق وثيقته «ترشيد الجهاد في مصر والعالم»، وكانوا جميعا قد صدرت بحقهم أحكام عسكرية في قضية «العائدين من ألبانيا»، القضية رقم 8 لسنة 1998، بالسجن المؤبد، وهي القضية نفسها الصادر فيها حكم بالإعدام ضد أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة.
وأكد مصدر أمني في مصر لـ«الشرق الأوسط»، أن «مرجان مصطفى توفي في أغسطس (آب) الماضي داخل محبسه إثر هبوط مفاجئ في الدورة الدموية»، لافتا إلى أن «مرجان ألقي القبض عليه مرة ثانية عقب عزل مرسي في أعقاب فض الاعتصام المسلح في ميدان (رابعة العدوية) بتهمة تشكيل تنظيم إرهابي مع نبيل المغربي، الذي توفي منذ أشهر قليلة، ومحمد الظواهري القيادي الجهادي، وتم وضعهم في سجن العقرب».
من جانبه، قال الدكتور السباعي إن «أبو الفرج المصري» هو فقيه شرعي في «جبهة النصرة»، وهو حاليا أحد القياديين البارزين في مجلس شورى جماعة النصرة السورية، والتقى صديقه الحميم ورفيق دربه الظواهري في أفغانستان، وبدأ معه العمل في «جماعة الجهاد المصرية»، كما قاما بزيارة للسودان، مؤكدا أن «أبو الفرج المصري» رجل هادئ خرج من مصر إلى تركيا ثم إلى سوريا.
ويشار إلى أن «أبو الفرج المصري» واسمه الحقيقي أحمد سلامة مبروك، ولد في ديسمبر (كانون الأول) عام 1956، في إحدى قرى مركز العياط بمحافظة الجيزة القريبة من القاهرة.
وتقول المصادر المصرية نفسها، إنه «نشأ في أسرة متدينة، وأظهر تفوقا خلال مراحل دراسته، وتخرج في كلية الزراعة بجامعة القاهرة، وتوطدت علاقته بإمام مجاهدي مصر الشيخ محمد عبد السلام فرج، وكان يذهب إليه في بيته لحضور دروس العلم والتي كانت تدور حول قضايا (الحاكمية والجهاد)».
مضيفة أن «أبو الفرج المصري» تم تجنيده بسلاح المخابرات الحربية في عام 1979، وبعد أشهر قليلة تم استبعاده وإنهاء خدمته العسكرية «لنشاطه الإسلامي».
وأوضحت المصادر المصرية، أن «أبو الفرج» أعاد تنظيم جماعة الجهاد، هو ومحمد عبد السلام فرج، ومصطفى يسري، وكان أميرهم مصطفى يسري، وبعد فترة اكتشف الشيخ مصطفى يسري أن هناك مرشدًا اخترق الجماعة في الإسكندرية فقرر حل الجماعة، وأكمل «أبو الفرج» ومحمد عبد السلام فرج، وبدآ في التوحيد بين أفراد الجماعة في مصر.
وتابعت المصادر بقولها: «اعتقل (أبو الفرج) بعد اغتيال السادات عام 1981، وحكم عليه بالسجن مدة 7 سنوات في (قضية الجهاد الكبرى)، واعتزل بعدها رفاقه أثناء خلافهم على قضية الإمارة، وحاول مع أيمن الظواهري جاهدين الإصلاح بينهم؛ لكن دون جدوى، فانشغل (أبو الفرج) بالعبادة في سجنه، كما أتم الدراسة بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية مع رفيق دربه الرائد عصام القمري».
في السياق ذاته، حذر الخبراء من انشقاقات محتملة داخل «جبهة النصرة» عقب انفصالها عن «القاعدة»، وقال الدكتور أسامة رشدي، إن «القرار من شأنه أن يحدث انشقاقات كبيرة خلال الفترة المقبلة»، لافتا إلى أن «الجولاني كان مع (داعش) ثم انشق عن التنظيم، وكان مع (القاعدة) ثم انشق عنها».
وظهر «أبو الفرج» في فيديو مصور لجبهة النصرة السورية في وقت سابق، وحمل الفيديو اسم «ورثة المجد» وشن وقتها هجوما كاسحا على الديمقراطية، ووصفها بأنها شكل جديد من أشكال الاستعمار. وزعم «أبو فرج المصري» أن ما أسماه «الجهاد» في سوريا هو الحل الوحيد بعد فشل الطرق السلمية.
المصدر الأمني في مصر أكد أن «تحريات أجهزة الأمن المصرية أكدت أن عقب خروج أحمد سلامة مبروك الشهير بـ(أبو فرج المصري) من قبل المجلس العسكري، تواصل مع عدد من (المتطرفين) ودمج مجموعات من تنظيم التوحيد والجهاد، وكتائب الفرقان، وتنظيم الرايات السوداء، من أجل تشكيل جماعة (أنصار بيت المقدس) التي تنشط في سيناء منذ عزل مرسي، التي كانت تتبع تنظيم (القاعدة) قبل حدوث انشقاق بها وتحول عدد من عناصر التنظيم إلى تبعية تنظيم داعش الإرهابي».
ويرى مراقبون أن «أنصار بيت المقدس سابقا» التي أعلنت مبايعتها لـ«داعش» وأطلقت على عناصرها «داعش مصر» نشأت عام 2005 بزعم إقامة دين الله في الأرض ب(الجهاد) في سبيل الله.
وتصنف الولايات المتحدة «جبهة النصرة» منظمة «إرهابية»، وقد تم استهدافها بغارات جوية من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن مرات عدة، كما بررت موسكو قصفها مواقع عدة في سوريا بأنه جاء استهدافا لكل من تنظيم داعش و«جبهة النصرة».
وقد أعلن البيت الأبيض أن تقييمه لجبهة النصرة لم يتغير، وأنه لا تزال لديه مخاوف متزايدة من قدرتها المتنامية على شن عمليات خارجية قد تهدد الولايات المتحدة وأوروبا، كما أكدت الخارجية الأميركية أن «جبهة النصرة لا تزال هدفا للطائرات الأميركية والروسية في سوريا». ويقول الدكتور رشدي، إن «جبهة النصرة» الآن في وضع صعب للغاية، والجميع يعتبرها جبهة إرهابية، ومعظم الضربات توجه لهم منذ أشهر.
الراديكاليون منشقون بعد الظهور المفاجئ لـ«أبو الفرج المصري» إلى جوار الجولاني
خبير في شؤون الحركات المتطرفة: مساندته تكسب زعيم «النصرة» شرعية القيادة
الراديكاليون منشقون بعد الظهور المفاجئ لـ«أبو الفرج المصري» إلى جوار الجولاني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة