التحقيق يكشف هوية الإرهابي الثاني في مذبحة كنيسة سان إتيان

الرئيس الفرنسي يعلن بدء تشكيل الحرس الوطني.. وباريس تستعجل إرسال حاملة الطائرات لتكثيف مشاركتها في الحرب على «داعش»

صلوات وتأبين شارك فيها فرنسيون من مختلف الأديان في منطقة روان على روح جاك هامل كاهن كنيسة سان أتيان دو روفريه الذي ذبحته «داعش» أول من أمس (رويترز)
صلوات وتأبين شارك فيها فرنسيون من مختلف الأديان في منطقة روان على روح جاك هامل كاهن كنيسة سان أتيان دو روفريه الذي ذبحته «داعش» أول من أمس (رويترز)
TT

التحقيق يكشف هوية الإرهابي الثاني في مذبحة كنيسة سان إتيان

صلوات وتأبين شارك فيها فرنسيون من مختلف الأديان في منطقة روان على روح جاك هامل كاهن كنيسة سان أتيان دو روفريه الذي ذبحته «داعش» أول من أمس (رويترز)
صلوات وتأبين شارك فيها فرنسيون من مختلف الأديان في منطقة روان على روح جاك هامل كاهن كنيسة سان أتيان دو روفريه الذي ذبحته «داعش» أول من أمس (رويترز)

أحرز التحقيق الذي تقوم به الأجهزة الأمنية بمذبحة كنيسة سان أتيان دو روفريه تقدما ملحوظا بعد أن نجحت في تحديد هوية الإرهابي الثاني، الذي شارك عادل كرميش في احتجاز رهائن الكنسية، وقتل كاهنا (الأب جاك هامل). وفيما تتواصل الحملة السياسية العنيفة التي يقودها اليمين ضد الحكومة الاشتراكية، طالب نائب رئيس حزب «الجمهوريون»، الذي يقوده الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالاستقالة، بينما كانت المطالبة السابقة تقتصر على برنار كازنوف وحده.
في الفيديو الذي بثته وكالة «أعماق» التابعة لتنظيم داعش المتضمن «مبايعة» زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، يَظهر شابان متشابهان جالسان جنبا إلى جنب وممسكان بأيدي بعضهما البعض، وفيما الأول الجالس إلى يسار الصورة يقرأ صيغة المبايعة يكتفي الثاني بهز الرأس، وحتى مساء أول من أمس، لم تكن الأجهزة الأمنية قد توصلت إلى التعرف على هوية الجالس إلى يمين الصورة، بينما رفيقه هو عادل كرميش المولود في منطقة النورماندي، الذي كان يقيم على بعد ألفي متر فقط من الكنيسة، أما هوية الشخص الثاني فقد جهدت الأجهزة الأمنية طويلا قبل أن تكتشفها، والمرجح أن عبد الملك نبيل بوتي جان قد قصد أن تكشف في نهاية المطاف هويته، والدليل على ذلك أنه ترك بطاقة هويته في منزل كرميش؛ حيث عثرت عليها الأجهزة المعنية بالتحقيق في المذبحة في اليوم الذي حصلت فيه المذبحة. وفيما تم التعرف سريعا على هوية عادل كرميش؛ بسبب السوارة الإلكترونية التي كان يرتديها، فإن هذه الأجهزة لم تتأكد من هوية عبد الملك بوتي جان بشكل قاطع، إلا بعد مقارنة حمضه النووي مع الحمض النووي لوالدته التي كان يقيم معها في مدينة أكس ليه بأن الواقعة في منطقة الوج واتلي تبعد 700 كلم عن مدينة سان أتيان دو روفريه.
كثير من نقاط التشابه تجمع بين الإرهابيين، فكلاهما مولود في فرنسا، وكلاهما في التاسعة عشرة من عمره، وكلاهما أعلن الولاء لـ«داعش» وحاول الالتحاق بصفوفه في سوريا عبر تركيا التي سافرا إليها من سويسرا، وبفضل التعاون الأمني بين تركيا والأجهزة الأمنية الأوروبية وبينها الأمن الفرنسي أحبطت محاولاتهما، كرميش ألقي القبض عليه المرة الأولى في شهر مارس (آذار) لدى عودته أول مرة من تركيا، وفرض عليه نظام الرقابة القضائية، لكنه عاد وسافر مجددا إلى تركيا بعد شهرين فقط، رغم منعه من السفر. ومجددا، أوقفته القوى الأمنية التركية وأعادته إلى فرنسا؛ حيث أوقف ووجهت له تهمة المشاركة في تجمعات ذات علاقة بمشروع إرهابي، وأودع السجن، حيث مكث عشرة أشهر، ولم يخرج منه إلا في شهر مارس (آذار) الماضي بقرار من القاضي الخاص بتطبيق الأحكام مقابل إلزامه بحمل السوارة الإلكترونية، والذهاب إلى مقر الشرطة مرة في الأسبوع بانتظار محاكمته.
وبحسب قرار الإخلاء، سمح له بالخروج أربع ساعات في اليوم، وهذه النقطة بالذات هي التي يرتكز إليها منتقدو الحكومة الذين يتساءلون عن الأسباب التي جعلت القاضي المعني يأمر بخروج عادل كرميش من السجن والسماح له بترك منزله؛ الأمر الذي مكنه من ارتكاب مذبحة الكنيسة، خصوصا أن الكثيرين في مدينة سان أتيان سمعوه «مبشرا» بفكر «داعش» والجهاد، بل الحديث عن رغبته في «مهاجمة كنيسة»، وكانوا يصفونه بأنه «قنبلة موقوتة» يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
حتى الآن، لم يتوصل التحقيق إلى التعرف إلى زمان ومكان لقاء كرميش وبوتيجان وإلى الجهة التي أتاحت التواصل بينهما؛ حيث إنهما كانا يعيشان في مكانين متباعدين جغرافيا، وصعوبة كشف هوية بوتيجان الذي أعطي اسم زوج والدته الثاني الذي يستدل من اسمه أنه فرنسي الأصل، أن الشاب الإرهابي لم يكن معروفا من الشرطة لا بخصوص أعمال جنائية، ولا على علاقة بفكر جهادي أو تنظيم إرهابي. والمعروف عنه أنه سافر إلى تركيا في العاشر من يونيو (حزيران) الماضي برفقة رجل فرنسي الجنسية عمره عشرون عاما ألقي القبض عليه صباح الأربعاء الماضي، أي بعد يومين من مقتلة الكنيسة، وما زال قيد التوقيف وهو كمثل عادل كرميش موجود على لائحة بيانات «S» أي الأشخاص الذين يمثلون خطرا أمنيا من نوع ما. وقد عمدت تركيا إلى ترحيله إلى سويسرا التي سلمته لفرنسا ومنها إلى التوقيف، لكن عبد الملك بوتيجان نجح في الإفلات من أيدي الأمن التركي بعدته ثاني يوم وصوله إلى تركيا، وبهذا استطاع اجتياز الحواجز الأمنية من غير صعوبة. ولكن تركيا أرسلت بعد في 29 يونيو (حزيران) إشارة إلى الأجهزة الفرنسية التي عمدت إلى إضافة اسم بوتيجان على لوائحها. بيد أن ملفه لم يكن كاملا إذ كانت تحتاج إلى تفاصيل «فنية» «فئة الدم، الحمض النووي»، لكن المفاجأة جاءت يوم الجمعة الماضي عندما وصل إلى الأمن الفرنسي تحذير من «جهاز صديق» ينبه إلى وقوع عمل إرهابي على الأراضي الفرنسية مرفق بصورة من غير اسم أو عنوان. وعمد الجهاز المختص إلى توزيع الصورة على كل المراكز «مطارات، مرافئ، مقرات شرطة، شرطة السير ...» لوضع اليد عليه لدى أول فرصة، لكن بعد 72 ساعة فقط، حصلت عملية الكنيسة ولم يتمكن الأمن من تعيين الإرهابي الثاني «عبد الملك بوتيجان»، إلا بعد 48 ساعة من البحث والتدقيق.
ويوم الأربعاء، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على ثلاثة أشخاص من محيط بوتيجان، وكانوا ما زالوا حتى مساء أمس رهن التحقيق الذي يسعى إلى رسم صورة كاملة عن هذا الشخص الإرهابي وجلاء المسار الذي قاده للمشاركة في عملية إرهابية ما زالت تداعياتها تهز الأوساط الأمنية والسياسية والدينية الفرنسية، فضلا عن ردود فعل الخارج بدءا بالبابا فرنسيس.
منذ عملية نيس ليلة 14 يوليو (تموز)، تجد السلطات الفرنسية نفسها في موقع دفاعي إزاء حملات اليمين الكلاسيكي والمتطرف. ويريد الجانبان، وفق صيغ متقاربة، أن تعمد الحكومة إلى «احتجاز» الأشخاص الموجودين على لائحة البيانات تحت الحرف «S» باعتبار أن ذلك أنجع وسيلة لمنعهم من ارتكاب أعمال إرهابية. وترد الحكومة أن إجراء من هذا النوع يخالف أحكام الدستور والقوانين المرعية الإجراء؛ لأن أي احتجاز يحتاج إلى قرار قضائي وليس أمرا إداريا رغم أن فرنسا تعيش في ظل حالة الطوارئ منذ 9 أشهر. كذلك تدافع الحكومة عن التدابير الأمنية التي اتخذتها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وعن القوانين التي استصدرتها «وهي ثلاثة» التي تعطي القوى الأمنية صلاحيات واسعة للغاية، وهي ترى بالتالي ألا حاجة إلى تشريعات جديدة. بالمقابل، فإن ما تريده السلطات هو إطلاق الحرس الوطني، وهو ما أعلنه الرئيس الفرنسي في بيان صدر أمس عن قصر الإليزيه لمساعدة القوى الأمنية، إضافة إلى قرار تكثيف المشاركة في الحرب على «داعش» و«النصرة» في سوريا والعراق من خلال إعادة إرسال حاملة الطائرات شارل ديغول إلى المنطقة وتجهيز القوات العراقية بمدافع من الجيل الجديد من طراز «قيصر».
يقول بيان الإليزيه إن هولاند قرر إنشاء الحرس الوطني باللجوء إلى «استخدام الاحتياطي العملاني المتوافر» في الوقت الحاضر، وتريد الحكومة الاستفادة من القدامى الذين خدموا في جهازي الشرطة والدرك، وكذلك من احتياطي القوات الفرنسية المسلحة، والهدف التوصل إلى تعبئة 15 رجلا من قدامى الشرطة والدرك و28 ألفا من احتياطي القوات المسلحة، وذلك كله من أجل تخفيف الضغط عن الأجهزة الأمنية الساهرة على أمن البلاد بموجب الخطة الأمنية المطبقة في أعلى درجاتها، لكن إنشاء هذه القوة الاحتياطية سيحتاج إلى عدة أسابيع «إلى الخريف المقبل» حتى تكون جاهزة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.