كان الشيء الوحيد الذي يميز صخب الحدث هو غياب الاهتمام به. لم يكن هناك محاولة لجذب الاهتمام، أو تجميل الصورة أو جَلَبة مبالغ فيها حول عودة التركيز على المستوى المحلي. وكيف يمكن أن يكون هنالك مثل هذا الاهتمام وعار الهزيمة من آيسلندا لا يزال عالقًا بالذاكرة؟
بعد ما يقرب من شهر على خروج إنجلترا من يورو 2016، مع مشهد هاري كين وهو يهدر الكرات الثابتة، وارتباك جو هارت في المرمى، وفشل روني في دور صانع الألعاب، لم يكن مفاجئا أن يخيم الصمت على إعلان تعيين سام ألاردايس خلفا لروي هودجسون، فلم يكن هذا الإعلان مناسبة لإثارة المشاعر الوطنية أو التفاؤل الشديد إزاء مستقبل المنتخب الوطني.
ومع هذا، فإن جرعة باردة من الحقيقة هي ما تحتاج إليه إنجلترا، بعدما وصلت لأسوأ حالاتها. كانت الهزيمة من آيسلندا إخفاقًا زلزل الكرة الإنجليزية تمامًا، مخلفًا في أعقابه مزيجا من الشعور بالتضاؤل والذهول والغضب. ولم يحدث أن بدت خيالات العظمة من السخافة ما بلغته هذه الأيام. ألاردايس هو الرجل الذي تستدعيه الفرق في أوقات الحاجة ولم يكن هناك سبيل للتفكير بأن تدريب منتخب إنجلترا مهمة أكبر من قدراته، في ضوء الإخفاق الكبير في فرنسا، حيث أظهر المنتخب الإنجليزي ذلك النوع من الهدوء الذي تظهره قطة داخل حوض استحمام.
لم يسبق أن وصلت التوقعات إلى هذا الحضيض، مع اتهامات المشجعين الناقمين من افتقار الفريق للروح والرغبة، وهو ما سلط الضوء على غياب التواصل المتزايد بين اللاعبين والجمهور. ولا غرو أن ترتسم علامات الامتعاض على وجه مارتن غلين، الرئيس التنفيذي لاتحاد كرة القدم الإنجليزي، وهو يجلس إلى يمين ألاردايس. ومع هذا، ففي حين لا يمكن استبعاد الشكوك حول اختيار ألاردايس كليا، فعلى الأقل كان هناك إحساس بوجود مدرب لديه خطة عندما كان يوضح رؤيته. وصحيح أن الأحرف الأولى من اسمه كانت محاكة على أزرار قميصه، إلا أن هذا كله جزء من سحر الشخصية الذي يتمتع به ألاردايس.
إن المهمة الكبرى تستدعي الرجال الكبار ولم يمانع «سام الكبير» في إخبارنا عن سبب كونه اختيارا مناسبا. لقد انتظر الرجل طويلا من أجل هذه اللحظة، وعانى من إهانة تفضيل ستيف ماكلارين عليه قبل 10 سنوات. يتمتع ألاردايس بشخصية صاخبة، وقد تسببت هذه الشخصية في تنفير البعض منه، لكنها ساعدته على إخراج أفضل ما لدى لاعبيه على مستوى الأندية التي عمل بها. تحدث المدرب عن مهارته في إدارة الأفراد باعتبارها ميزة كبيرة، ونفى ما يقال إنه لن يتمكن من التعامل مع لاعبي المنتخب، مشيرًا إلى أنه سبق له، وأن درب لاعبين من أمثال نيكولاس أنيلكا وفيرناندو هييرو ويوري يوركاييف وجاي - جاي أوكاشا، ومايكل أوين وغاري سبيد.
كما رفض ألاردايس فكرة أن إنجلترا بلغت الحضيض، وكذلك وصفه برجل الإطفاء عندما سئل عما إذا كان تعيين مدرب لم يسبق له الفوز بأي لقب كبير أو التدريب في دوري الأبطال يمكن أن يكون عائقًا. رد بمستوى مذهل من الثقة: «اعتبر نفسي أكبر بكثير من هذا. لم أحصل قط كمدرب إنجليزي على فرصة للعمل في أندية الدوري الإنجليزي الممتاز الكبرى».
ولعل مشجعي نيوكاسيل يونايتد ووستهام يونايتد (الفريقين اللذين دربهما ألاردايس من قبل) سيتفاعلون مع هذا البيان بالتعبير عن استيائهم من أسلوب ألاردايس، وهو نقاش لا شك بأنه سيثار مع أول إشارة على تخلي إنجلترا عن أسلوبها التقليدي المتحرر من الحذر والمغلف بالجرأة والبطولة، الذي يجعلك تشعر بالغليان لأن صدامًا مع إسبانيا انتهى بالتعادل السلبي على ملعب ويمبلي.
ورغم أنه أكد على أنه يريد أن يكون لاعبوه قادرين على التأقلم والمرونة. لم يكن ألاردايس خائفا من أن يقول إنه مدرب براغماتي سيحدد طريقة لعبه بناء على المنافس وسيركز على النتائج. قد تتعارض هذه التصريحات مع رؤية دان أشورث، المدير الفني للاتحاد الإنجليزي، من أن المنتخب إنجليزي يلعب كرة جمالية وممتعة، وقادر على الاحتفاظ بالكرة لفترة طويلة في مباريات البطولات.
قد يكون بين الاثنين تحالف متوتر، ولكنه يمثل من جديد زواج مصالح بالنسبة إلى ألاردايس، رغم أنه رد على الأسئلة المنسقة حول ما ينظر إليه كأوجه قصور في أسلوبه التدريبي، بالإشارة إلى أنه أنقذ سندرلاند من الهبوط في الموسم الماضي عن طريق الاستعانة بجيرمين ديفو في الهجوم. ورغم ذلك رفض تلميحات بأنه يعتمد على الكرات الطويلة مبرزا العمل الذي قام به في سندرلاند الموسم الماضي عندما ساعده على النجاة من الهبوط. وقال ألاردايس: «ارتبط أسلوب اللعب هذا بي ولا يمكنني التخلص من ذلك»، وقال: «العام الماضي اعتمدت على (المهاجم) جيرمين ديفو وحيدا في الهجوم.. لذا فإن أسلوب اللعب الذي يربطه الناس بي لا يمكن حقا أن أوسم به»، وتابع: «كان الجميع يقولون إن جيرمين ديفو لا يمكنه اللعب في الهجوم بمفرده.. ولكن ماذا فعل.. لقد لعب في الهجوم بمفرده وسجل 15 هدفا في الدوري الإنجليزي الممتاز»، وأضاف: «مهما قال الناس.. هذا لا يمنعني من التجربة»، وقال إن السمة المميزة له قدرته على إدارة الموارد البشرية. وقال المدافع السابق: «لقد دربت بعض اللاعبين على أعلى مستوى عالمي. أعتقد أنني أتمتع بالخبرة لتحدي هذا الفريق ونفسي. أعتقد أن بإمكاني توفير أجواء جيدة».
وتابع «تدريب خمسة فرق في الدوري الإنجليزي الممتاز منحني خبرة كبيرة.. لا يوجد أحد في الدوري الإنجليزي الممتاز درب خمسة من فرقه»، وأضاف: «إدارة الموارد البشرية هي واحدة من أكبر مميزاتي.. أن أساعد اللاعبين على الاستمتاع، وأن يكونوا أفضل مما هم عليه. نجح هذا الأمر أينما ذهبت».
كان هذا الرد من ألاردايس موضحا لقدرته على تحمل النقد، وإن أخطأ بشأن طول ديفو (5 أقدام و7 بوصات، وليس 5 أقدام و10 بوصات). «هاتوا ما عندكم يا رجال»، هكذا تحدث ألاردايس، بنبرة تحمل مزيجا من الشك والتحدي. ويمكن أن يكون هذا التوجه القتالي هو الشيء المثالي بالنسبة إلى إنجلترا في وضعها الهش هذا.
عار السقوط في فرنسا ألزم الجميع الصمت على تعيين ألاردايس
الإحساس بالمرارة أنسى الغالبية أن قيادة منتخب إنجلترا مهمة أكبر من قدرات المدرب الجديد
عار السقوط في فرنسا ألزم الجميع الصمت على تعيين ألاردايس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة