قد يسيطر شعور بالغضب العارم على سندرلاند بسبب «اقتناص» اتحاد الكرة لمدربه لسام ألاردايس، وقد يخشى النادي من التعرض لفترة اضطراب مع اقتراب انطلاق الموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز، ويخاف من موجة جديدة من غياب الاستقرار مع الاستعانة بالمدرب السابع في غضون خمس سنوات. ومع ذلك، قد يكون انضمام ديفيد مويز إلى النادي، وفي هذا التوقيت تحديدًا، هدية ثمينة تدعو للشعور بالامتنان حيال وقوع هذا التغيير غير المتوقع. من يدري، ربما وجد الجانبان أخيرا ضالتهما المنشودة في بعضهما البعض.
المعروف أن إيليس شورت نجح في ضمان خدمات مويز لمدة أربع سنوات مقبلة، الذي وصفه بأنه «هدفي الأول في منصب المدرب على مدار التعيينات الخمسة السابقة»، وليس من قبيل المبالغة القول إن الاضطرابات التي عصفت بالنادي خلال الفترات التي مر بها الفريق في ظل قيادة كل من الإيطالي باولو دي كانيو والأوروغواياني ﻏﻮﺱ ﺑﻮﻳﺖ والهولندي ديك أدفوكات، لم تكن لتحدث قط لو أن مالك نادي سندرلاند اهتدى لضالته من البداية. كان شورت قد سعى للاستعانة بمويز عندما قرر ديك أدفوكات التقاعد في مايو (أيار) 2015. وحينها رفض الانتقال للنادي لشعوره بأنه يحمل على كاهله دينًا تجاه جوكين أبيرباي، رئيس نادي ريال سوسيداد الذي بذل جهودًا مضنية لإقناعه بالبدء من جديد في إسبانيا بعد الشقاء الذي عاناه داخل مانشستر يونايتد.
وعاود رجل الأعمال الأميركي، شورت، الاتصال به في أكتوبر (تشرين الأول) عندما عرض أدفوكات تقديم استقالته، بعد تخليه عن فكرة التقاعد، لكن مويز رفض مجددًا، حيث بدا حريصًا على إصلاح أخطاء البداية المعيبة التي بدأ بها سوسيداد موسمه وتجنب وضع إخفاق جديد في سيرته الذاتية. وفي غضون أسبوعين، ومع لجوء شورت إلى ألاردايس طلبًا للنجاة من خطر الهبوط، تعرض مشواره التدريبي الممتد لـ17 عامًا لندبة جديدة بتعرضه لثاني طرد له في غضون 19 شهرًا من الأول.
جدير بالذكر أن الأسباب التي دعت سندرلاند للنضال من أجل ضم مويز في السابق تمثلت في شعوره بالواجب والرغبة في تعويض الإخفاق الذي مني به داخل مانشستر يونايتد، الأمر الذي ربما كان سيجلب النفع على النادي مستقبلا. والواضح أن كلا من النادي والمدرب بحاجة ماسة للاستقرار وإعادة التأكيد على مكانتهما وقدراتهما الحقيقية في إطار الدوري الإنجليزي الممتاز.
وقد هبطت أسهم المدرب البالغ 53 عامًا بشدة منذ ذلك اليوم في مايو 2013 عندما أعلن إيفرتون تخليه عن مدربه الذي أشرف على الفريق لمدة 11 عامًا، رغم أنه كان في طريقه إلى مانشستر يونايتد ومن دون تعويض. وتسببت أخطاء مدمرة داخل مانشستر يونايتد وسوسيداد في أن يخسر هذا الرجل الخلوق صاحب الضمير الحي أكبر طموحين له بحياته النجاح على أعلى مستوى كروي بإنجلترا مع التمتع بموارد لا حدود لها ثم تنمية مهاراته التدريبية بالخارج. ومن خلال قبوله فكرة أن الإخفاق الذي واجهه مانشستر يونايتد لا يمكن تحميل كامل المسؤولية عنه لافتقار المدير التنفيذي ليونايتد إد وودورد إلى الخبرة بسوق الانتقالات، سيصبح باستطاعة مويز البدء من جديد في سندرلاند.
ومثلما بدا مناسبًا تمامًا لإيفرتون خلال الجزء الأكبر من الفترة التي قضاها مويز مع إيفرتون، فإنه بدا في الوقت ذاته اختيارًا غريبًا من جانب مانشستر يونايتد وسير أليكس فيرغسون. ويأتي هذا بالنظر إلى أسلوب لعبه، الذي يعتبر أفضل مما اعتقده الكثيرون داخل إيفرتون، لكنه في الوقت ذاته يبدو شديد التحفظ مقارنة بأسلوب فيرغسون، وكذلك افتقار مشواره التدريبي إلى البطولات والشعور بعدم الارتياح الذي يلازمه في ظل الاهتمام الإعلامي المكثف، الأمر الذي تجلي قبل اختياره لتدريب مانشستر يونايتد. إلا أن هذا لا ينفي أن الاسكوتلندي مدرب جدير بالفعل بالمشاركة في الدوري الممتاز. في الواقع، من الكثير من الجوانب يبدو أنه يمثل بالضبط ما يحتاج إليه سندرلاند رغم أن توقيت تغيير المدرب يخلق مشكلات مع اقتراب انطلاق الموسم الجديد.
المعروف أن إيفرتون واجه خطر الهبوط أكثر من مرة - الأمر الذي يشابه كثيرا ما مرّ به سندرلاند - قبل أن ينتقل إليه ليحل محل الاسكوتلندي والتر سميث عام 2002. وكان قراره الأول طرد بول غاسكوين من غرفة تبديل الملابس ليثبت أمام جميع أعضاء الفريق أن مدربهم الجديد الشاب لن يذعن أمام الأسماء الكبرى. وقد نجح بالفعل في تحويل الفريق لعنصر مشارك باستمرار في البطولات الأوروبية رغم أنه كان يعمل بالاعتماد على واحدة من أصغر ميزانيات استقدام لاعبين على مستوى الدوري الممتاز بأكمله. وعلى مدار الأعوام الـ11 لداخل النادي، بلغ إجمالي متوسط إنفاق إيفرتون بالنسبة للشخص في الموسم الواحد 803 ألف جنيه إسترليني فقط. ومع هذا، احتل النادي الترتيب السادس والسابع والسابع والثامن والخامس والخامس والسادس خلال السنوات السبع الأخيرة من إشراف مويز على الفريق.
الآن، سيتعين على مويز تكرار هذه النوعية من النجاحات على وجه التحديد مع سندرلاند، بالنظر إلى التقارير التي تشير إلى أن ألاردايس لم يكن راضيًا عن اضطراره للاعتماد على ميزانية استقدام لاعبين جدد تقل بنسبة 50 في المائة عما يراه مناسبًا. يذكر أن النادي لم يضم إليه حتى الآن لاعبين جددًا هذا الصيف، ومن غير المحتمل أن يؤدي تفعيل بند الإفراج البالغة قيمته 5 ملايين جنيه إسترليني في عقد ميكاه ريتشاردز مع أستون فيلا إلى بث الطمأنينة في سندرلاند.
الملاحظ أن ثمة اختلافًا جوهريًا بين إنجازات مويز مع إيفرتون وإخفاقاته مع مانشستر يونايتد وريال سوسيداد يكمن في أنه تمتع بوقت كاف لتحديد وتنمية مهارات لاعبيه داخل إيفرتون، بينما لم يحظ بالأمر ذاته داخل مانشستر يونايتد أو ريال سوسيداد. ويمكن الاستعانة بمدافعي إيفرتون تيم كاهيل وفيل جاجيلكا وليتون باينز وشيموس كولمان والمدافع السابق لإيفرتون والحالي لأستون فيلا جوليون ليسكوت كدليل على قدرات مويز على تحويل لاعب ما إلى لاعب دولي. واللافت أن الدعم والثقة اللذين حظي بهما من جانب رئيس إيفرتون بيل كنرايت غابا عن مشواره بمجال التدريب منذ مايو 2013، وسيتعين على شورت إمداده بكليهما خلال الشهور المقبلة. الواضح أن مالك نادي سندرلاند يطمح إلى المستقبل طويل الأجل عبر استعانته بمويز، وقد صرح بأن «التزام ديفيد معنا بعقد لمدة أربع سنوات يعد مؤشرًا واضحًا على ما يعتقد أن باستطاعته تحقيقه معنا».
من ناحية أخرى، فإنه رغم كل الغضب والقلق الذي أثاره رحيل ألاردايس، فإن الحقيقة تظل أنه لم يكن متبقيًا في فترة تعاقده مع سندرلاند سوى 12 شهرًا فحسب، وحتى لو استمر مع النادي كانت سحب الشكوك ستخيم على الفريق طيلة الموسم. ورغم أن المؤشرات القائمة بخصوص سندرلاند على المدى القصير لا توحي بالتفاؤل، خصوصًا في ظل عدم إضافة عناصر جديدة إلى الفريق الذي نجا بصعوبة من الهبوط، علاوة على الاضطراب الذي ضرب منصب المدرب، فإن سندرلاند نجح حقيقة الأمر في أن استبدال مدرب كفء في بناء خطوط دفاع قوية والاعتماد على آخر يملك المهارة ذاتها. وعليه، فإن قد لا يحتاج إلى إعادة بناء الأسس الدفاعية للفريق.
من ناحيته، قال مويز: «إنني أتطلع قدمًا نحو الاستمرار في العمل الجيد الذي حققه سام».
وبذلك يتضح أنه من الكثير من الجوانب يبدو أن مويز قد عاد إلى النقطة التي بدأ منها مشواره في الدوري الممتاز عام 2002، حاملاً على عنقه مهمة استعادة الاستقرار والأمن والفخر لناد عريق. ومع أن تجربته مع مانشستر يونايتد قد تبقى ندبة مشوهة لمسيرته التدريبية، فمن يدري، ربما قدم اتحاد الكرة لتوه إلى سندرلاند هدية ثمينة؟!
ديفيد مويز وسندرلاند.. المدرب المناسب مع الفريق المناسب
المدير الفني والفريق بحاجة ماسة للاستقرار وإعادة التأكيد على مكانتهما في الدوري الإنجليزي
ديفيد مويز وسندرلاند.. المدرب المناسب مع الفريق المناسب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة