«حكماء المسلمين»: احتجاز رهائن وقتلهم داخل الكنائس ممارسات لا إنسانية

تحذيرات من التداعيات الاقتصادية لدعوة «القاعدة» إلى خطف الأجانب

«حكماء المسلمين»: احتجاز رهائن وقتلهم داخل الكنائس ممارسات لا إنسانية
TT

«حكماء المسلمين»: احتجاز رهائن وقتلهم داخل الكنائس ممارسات لا إنسانية

«حكماء المسلمين»: احتجاز رهائن وقتلهم داخل الكنائس ممارسات لا إنسانية

أكد مجلس حكماء المسلمين رفضه القاطع لاستهداف دور العبادة وقتل الأبرياء وترويع الآمنين، ردا على ذبح قص كاثوليكي خلال قداس بإحدى الكنائس شمالي فرنسا في هجوم بالسكاكين، مشددا على أن الممارسات اللاإنسانية التي تنفذها جماعات العنف والإرهاب تتنافى مع الشرائع السماوية والأعراف والتقاليد الإنسانية كافة.
بينما حذر تقرير مصري أمس، من انعكاسات سلبية على الاستثمارات الأجنبية في الدول العربية والإسلامية جراء دعوة زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري بمشروعية خطف الغربيين وإن كانوا مدنيين؛ وذلك في سبيل مبادلتهم بالمعتقلين المسلمين في دول الغرب.
ويرى مراقبون، أن الكثير من الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي كانت موالية لـ«القاعدة»، والتي تلقت تدريبات من عناصر «القاعدة» انفصلت عن التنظيم، وأعلنت مبايعتها لـ«داعش» منذ إعلان التنظيم عن نفسه في عام 2014؛ لذلك فـ«القاعدة» تحاول أن تعود للمشهد من جديد باستهداف الغربيين، مثلما يفعل «داعش».
ولفت المراقبون إلى أن «عملية ذبح القس في فرنسا، تشير أصابع الاتهام فيها إلى تورط تنظيم داعش الإرهابي في الحادث، مستخدما استراتيجية (الذئاب المنفردة) التي ينفذها تابعون للتنظيم دون أي اتصال مع قادة التنظيم، فضلا عن التأثير وضرب الدعوة التي أطلقتها «القاعدة» لخطف الأجانب في الغرب».
وكان الظواهري قد بث فيديو مصورا منسوبا له، ودعا مقاتليه إلى خطف الرعايا الأجانب في الدول كافة ورهنهم؛ وذلك لمبادلتهم بمعتقلين من صفوف التنظيم في دول أجنبية أخرى. وقال الظواهري في الفيديو الذي بثه التنظيم مؤخرا: «على كل مسلم في العالم أن يخطف الغربيين، حتى يحرر آخر أسيرا مسلما وأسيرة مسلمة في سجون المرتدين وأعداء الإسلام» – على حد زعمه.
ودعا مجلس حكماء المسلمين في بيان له أمس، إلى «ضرورة العمل على وضع استراتيجية واضحة لنشر السلام العالمي وترسيخ قيم السلم والتعايش المشترك في مواجهة التطرف والإرهاب»، معربا عن إدانته الشديدة لمحاولة احتجاز رهائن داخل كنيسة شمال فرنسا.
وتعيش فرنسا في حالة تأهب قصوى بعد سلسلة من الهجمات، آخرها الهجوم الإرهابي على كنيسة «سانت إتيان دو روفراي» بالقرب من مدينة روان شمال غربي فرنسا، الذي أسفر عن مقتل قس وإصابة آخرين إثر اقتحام للكنيسة واحتجاز للرهائن.
وجدد الأزهر رفضه القاطع لأشكال التعدي كافة على دور العبادة وإراقة الدماء البريئة واحتجاز الرهائن وترويع الآمنين، مؤكدا أن «شريعتنا الإسلامية الغراء؛ بل وكافة الأديان السماوية تنبذ مثل هذه الأعمال الإرهابية البغيضة، وتعدها نوعا من أنواع الفساد في الأرض، الذي يؤدي بصاحبه إلى الخزي في الدنيا وأشد العذاب في الآخرة». مطالبا بضرورة الاصطفاف والتكاتف لمواجهة الإرهاب ودعم السلام العالمي وتعزيز ثقافة السلم والتعايش المشترك، وبذل المزيد من الجهود المخلصة للحد من اتساع نطاق العنف واستباحة دماء الآمنين.
وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أن من نفذوا هذا الهجوم الوحشي قد تجردوا من كل معاني الإنسانية ومن كل القيم والمبادئ الإسلامية السمحة، التي تدعو للسلم وعصمة دماء الأبرياء دون تفرقة بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو العرق، مشددا على أن الإسلام يأمر باحترام دور العبادة والمقدسات الدينية لغير المسلمين.
وجدد الطيب دعوته بأن تتكاتف الجهود والمساعي لمواجهة «سرطان الإرهاب»، الذي بات يهدد العالم أجمع، ويحصد أرواح الأبرياء، ويهدد السلم العالمي، مؤكدا أن الأزهر حريص على استكمال مسيرته في محاربة الفكر المتطرف وتجديد الخطاب الديني، حتى يجتث الإرهاب من جذوره وتجفف منابعه.
في غضون ذلك، علق تقرير مصري على التسجيل الصوتي الأخير لزعيم تنظيم القاعدة الظواهري، الذي أكد فيه مشروعية خطف الغربيين وإن كانوا مدنيين، وذلك في سبيل مبادلتهم بالمعتقلين المسلمين في دول الغرب، قائلا: إن «المؤشرات تشير إلى أن تنظيم (القاعدة) يعاني نقصا حادا في عدد المقاتلين والمنضمين حديثا إلى التنظيم، وهو على ما يبدو الدافع وراء سعي التنظيم لاستعادة العناصر والمقاتلين خلف سجون النظم والحكومات المختلفة».
وأشار التقرير الذي أعدته دار الإفتاء المصرية إلى أنه من المتوقع أن يحدث هذا التسجيل وما حواه من دعوة لخطف الأجانب تأثيرا سلبيا في أوضاع السياحة داخل الدول العربية والإسلامية، خصوصا تلك التي تشهد مواجهات بين الحركات الإرهابية وقوى الأمن والجيش؛ نظرا لكون السياح من الدول الغربية هدفا لعناصر القاعدة، ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة حوادث خطف لمواطنين غربيين في بلدان عربية وإسلامية كما حدث أول من أمس في فرنسا.
وأوضحت دار الإفتاء أن الآثار السلبية لتلك الدعوة يمكن أن تمتد إلى الاستثمارات الأجنبية في البلدان العربية والإسلامية، حيث تحدث تلك الدعوات موجات حذر وانكماش من قبل المستثمرين الأجانب؛ حرصا على سلامتهم وأمنهم الشخصي، وخوفا من الوقوع في أيدي تلك الجماعات والتنظيمات التي تنتشر في عدد من بلدان العالم الإسلامي.
دعوة الظواهري الأخيرة بخطف الأجانب لم تكن الأولى، وسبق أن بث رسالة مصورة في يوليو (تموز) الماضي حذر فيها أميركا من «أوخم العواقب» إذا أقدمت على المساس بأي «أسير»، على حد تعبيره.
وأضاف تقرير دار الإفتاء، أن «تلك الدعوات والتصريحات من جانب قيادات التنظيمات التكفيرية ترسخ من الصورة الذهنية المشوهة عن الإسلام والمسلمين، وتؤكد للمواطن الغربي أن الخطر يكمن في التنظيمات التي تدين بالإسلام؛ وهو ما يؤدي إلى نفور الكثير من الأفراد والمجموعات من الإسلام والمسلمين، واعتبارهم مصدر تهديد وخطر دائم على أرواحهم؛ وهو ما يدفعهم إلى تبني مواقف عدائية ضد الإسلام والمسلمين وقضاياهم المختلفة».
ودعا التقرير الحكومات والنظم العربية والإسلامية إلى التعاون والتكاتف من أجل منع تلك التنظيمات من الوصول إلى مآربها، وتحقيق أهدافها وطرد العناصر الأجنبية من تلك البلدان، وما يستتبعها من هرب للسياحة والاستثمار الأجنبي، وهو ما يؤثر بالسلب في الأوضاع المعيشية للمواطن العربي والمسلم في مجتمعه، كما أنه يزيد من الهوة بين المجتمعات الغربية بين المعنى الصحيح للإسلام والتعاليم الوسطية القويمة، ويزيد من الخلط بين الإسلام بصفته شريعة، وبين التنظيمات التكفيرية والمتطرفة التي ترفع الشعارات الدينية كفاية للعمليات الإرهابية والإجرامية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».