خرق تنظيم داعش الإجراءات الأمنية المشددة التي تتخذها القوات الكردية حول مقراتها المتواجدة في منطقة سكنية مكتظة في مدينة القامشلي في شمال شرقي سوريا، إذ فجّر، يوم أمس الأربعاء، أحد عناصره نفسه بشاحنة مفخخة، في هجوم هو الأضخم الذي تشهده المدينة منذ اندلاع الأزمة في سوريا عام 2011، مخلفا أكثر من 50 قتيلا و150 جريحا.
وتزامن التفجير مع تأكيد ناشطين أكراد اقتراب «قوات سوريا الديمقراطية» من وسط مدينة منبج شرق حلب، بعد سيطرتها على عدة مواقع جنوب المدينة التي لا تزال تشهد اشتباكات عنيفة وغارات كثيفة للتحالف الدولي. وتبنى «داعش»، في بيان، العملية التي قال إن أحد عناصره نفذها بعدما تمكن من الوصول بشاحنته المفخخة إلى وسط كتلة مبان للأكراد في الحي الغربي للمدينة، زاعما مقتل 100 شخص وإصابة عشرات، ومهددا بمزيد من العمليات «ردا على الجرائم التي ترتكبها طائرات التحالف في منبج».
وفيما توعد القائد العام لقوات الأسايش الكردية، جوان إبراهيم، في مقطع فيديو مصوّر، بالثأر لكل ضحايا التفجير، اتهم «داعش وأعوانه من نظام البعث» بتنفيذ العملية، متحدثا عن تقاطع مصالح الطرفين ضد «ثورة روجافا». ورجّح رئيس المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، أن تكون الشاحنة التي تم تفجيرها قد جرى تفخيخها في أحد الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام السوري في مدينة القامشلي، باعتبار أنه من المستحيل عبورها من الداخل السوري ووصولها إلى موقع التفجير وهي تحمل كل هذه المتفجرات، لافتا إلى أنّه يتم عادة إفراغ كل الشاحنات القادمة من خارج المقاطعة بشكل كامل من حمولاتها في منطقة مبروكة، لتتم إعادة تحميلها في شاحنات جديدة تحسبا لعمليات إرهابية. ويتقاسم الأكراد وقوات النظام السيطرة على مدينة القامشلي منذ عام 2012، حين انسحبت قوات النظام تدريجيا من المناطق ذات الغالبية الكردية، محتفظة بمقار حكومية وإدارية وبعض القوات، لا سيما في مدينتي الحسكة والقامشلي.
وإذ أكّد خليل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن التفجير الذي استهدف شارعا رئيسيا يؤدي إلى مدينة عامودا لا يحوي أي مقرات أمنية، بل بعض المباني السكنية ومطاعم ومحلات تجارية، أوضح أن في الشارع فقط حاجزين عاديين لقوات الأسايش، وعدد العناصر المتواجدين عليهما ضئيل. بالمقابل، قال سليمان يوسف الباحث السوري المقيم في القامشلي، إن المنطقة المستهدفة تحوي كثيرا من المراكز الأمنية والعسكرية والإدارية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ومركزا للأسايش وهيئة الدفاع والتجنيد والإدارة الذاتية، معتبرا أنّه «على الرغم من الحواجز الكثيرة والسواتر الترابية وإغلاق الشوارع، فإن هذا الاختراق الكبير حدث، وفي منطقة هي معقل حزب الاتحاد ودوائره الأمنية، ما يعني سقوط نظرية الأمن الذاتي .. فلا يوجد أمن ذاتي لأي مكون من دون توافق سياسي». ولم يستبعد يوسف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون الانفجار بفعل صاروخ جو - أرض، لافتا إلى أن «طائرة حربية مقاتلة مجهولة الهوية اخترقت أجواء القامشلي، وبعدها بلحظات حصل الانفجار في الحي الغربي بالمدينة، وهو حي يقع بمحاذاة الحدود التركية السورية»، مشيرا إلى أن «تبني (داعش) للعمل الإرهابي قد يكون بهدف تضليل الطيران الذي ضرب القامشلي».
وأعقب تفجير الشاحنة المفخخة دوي انفجار ثان، وتحدثت تقارير في مرحلة أولى عن تفجيرين، ثم تبين أنه ناجم عن انفجار خزان مازوت قريب يستخدم لإمداد المولدات الكهربائية التي تغطي القسم الغربي من المدينة، وفق ما أكدت وكالة «الصحافة الفرنسية» نقلا عن عناصر من قوات الأسايش الكردية في موقع التفجير، والمرصد السوري. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، إن «انفجار خزان المازوت ضاعف حجم الأضرار وعدد الضحايا»، لافتا إلى أن التفجير الانتحاري «هو الأضخم من ناحية الحجم والخسائر البشرية التي تسبب بها في المدينة منذ اندلاع النزاع» منتصف مارس (آذار) 2011.
وكان أحد التفجيرين قويا، لدرجة أنه حطم نوافذ المتاجر في بلدة نصيبين التركية على الجانب الآخر من الحدود. وقال شاهد عيان لوكالة «رويترز» إن شخصين أصيبا بجروح طفيفة في نصيبين.
وضاقت مستشفيات القامشلي بالعدد الكبير من القتلى والجرحى الذين نقلوا إليها. ووجّه محافظ الحسكة، وفق ما أورد التلفزيون السوري، نداء إلى أهالي المدينة «للتوجه إلى المشافي العامة والخاصة للتبرع بالدم للضحايا».
«داعش» يرد في القامشلي على تقدم الأكراد باتجاه وسط منبج
أحد عناصره فجّر نفسه بشاحنة مفخخة مخلفًا عشرات القتلى والجرحى
«داعش» يرد في القامشلي على تقدم الأكراد باتجاه وسط منبج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة