باستثناء النظام الداخلي المعمول به منذ سنوات، فإن البرلمان العراقي لا يزال يعمل دون قانون ينظم آليات عمله، حيث لا يزال يعتمد على قانون الجمعية الوطنية الذي أقر في عام 2004، قبيل إقرار الدستور العراقي (عام 2005) الذي ترتب عليه إجراء أول انتخابات برلمانية في أواخر عام 2005.
وبينما أرسلت رئاسة الجمهورية مشروع قانون خاص لمجلس النواب، كجزء من عملية الفصل بين السلطات، دخل مشروع قانون «الامتيازات»، الذي تمت قراءته قراءة أولى من قبل البرلمان، دائرة المزايدات والجدل السياسي بسبب ما تضمنه من امتيازات مالية لأعضاء البرلمان. وتمركزت دائرة الجدل أولا بين رئاسة الجمهورية والبرلمان لجهة ما أورده فيه المشروع من امتيازات. غير أن الناطق باسم رئاسة الجمهورية خالد شواني أعلن أن «هذا القانون تم تقديمه من قبل رئاسة مجلس النواب إلى رئاسة الجمهورية لتقديمه بصيغة نهائية»، حيث يمنع الدستور العراقي، بحسب قرار المحكمة الاتحادية، مجلس النواب من اقتراح قوانين من دون استشارة الحكومة، لا سيما إذا تضمنت التزامات مالية. وأكد شواني أن «مجلس النواب هو صاحب الاختصاص في تشريعه من عدمه، أو إجراء تعديل على فقراته»، مضيفا: «فقرات القانون لا تتضمن خرقًا للقانون أو الدستور العراقي».
وأكد النائب في البرلمان العراقي عن «تحالف القوى العراقية» محمد الحلبوسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأصل هو تشريع قانون للبرلمان لأننا بلا قانون حتى الآن، وهو أمر غير صحيح، حيث ما زلنا خاضعين ماليا لسلطة الحكومة، وهو ما يتنافى مع مبدأ الفصل بين السلطات». وأشار الحلبوسي إلى أن «اللغط الذي أثير حول القانون ليس في محله لأن مشروع القانون حين يقرأ قراءة أولى، فإنه يقرأ كما ورد دون تعديل، وبالتالي فإن الحديث عن الامتيازات الواردة فيه لا يعني إقرارها»، مؤكدا أن «هناك رغبة أكيدة لدى أعضاء البرلمان في إقرار القانون، كجزء من مبدأ الفصل بين السلطات، وأن لديهم الرغبة ذاتها في رفع أية فقرات تتعلق بامتيازات غير مقبولة».
وأوضح الحلبوسي أن «إقرار هذا القانون سوف يحرر البرلمان من هيمنة الحكومة ماليا، ويزيد من دوره الرقابي. وبالتالي، فإن التركيز على الامتيازات فقط هو محاولة لعرقلة إقرار هذا القانون».
وتتضمن مسودة القانون 32 مادة. وتنص بعض بنود القانون على منح رئيس البرلمان ونائبيه وأعضاء مجلس النواب امتيازات مادية ومعنوية مساوية لامتيازات رئيس مجلس الوزراء وأعضائه. وأشارت المادتان 10 و11 من القانون إلى أن رئيس البرلمان ونائبيه يتقاضون ما يتقاضاه رئيس مجلس الوزراء ونائباه من راتب ومخصصات.
كما سيتقاضى البرلماني ما يتقاضاه الوزير من راتب ومخصصات. وتمنح المادة 12 النائب وأفراد عائلته جواز سفر دبلوماسيًا، على أن يحتفظ به لمدة 8 سنوات بعد انتهاء الدورة التشريعية.كما يتضمن مشروع القانون منحة مالية غير قابلة للاسترداد لمرة واحدة، تعطى لرئيس البرلمان ونائبيه والنواب لتأمين المستلزمات الاجتماعية والأمنية.
ويمتلك الرئيس ونائباه صلاحية تحديد مقدار هذه المنحة، بحسب المادة 13 من المسودة المسربة. وتكفل المادة 17 من القانون علاج النائب داخل العراق، في حالة تعرضه لمرض أو إصابة خطيرتين في أثناء الخدمة، أو من جرائها، بناءً على قرار صادر عن لجنة طبية رسمية مختصة، أو خارجه إذا أوصت اللجنة بتعذر علاجه داخل العراق، وينظم ذلك بتعليمات يصدرها الرئيس بالتوافق مع نائبيه. وتؤكد المادة 18 على أن يكون لرئيس المجلس ونائبيه صلاحية رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص فيما يتعلق باستحداث تشكيلات المجلس. لكن الحلبوسي أشار إلى أن «الفقرات الخاصة بهذه الامتيازات سوف ترفع عند القراءة الثانية من قبل البرلمان».
يذكر أن مشروع القانون كان قد أعد خلال فترة الوفرة المالية التي كان يتمتع بها العراق، جراء ارتفاع أسعار البترول، وهو ما أصار حفيظة كثير من الكتل السياسية والبرلمانية التي رأت فيه خروجا على مبدأ الإصلاح. وفي تدوينه خاصة، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، قال زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم إن «القانون لا يرقى لآمال الشعب الذي يرغب في تطبيق الإصلاحات على كل مسؤولي الدولة، معربًا عن أسفه ورفضه بشكل قاطع تشريع أي قانون يكون التفافا على مسيرة الإصلاح، متعهدا باللجوء إلى السبل القانونية والدستورية للحيلولة دون تمريره».
وفي السياق نفسه، أكدت كتلة الدعوة في البرلمان العراقي رفضها للصيغة الحالية لمشروع القانون، وقالت في بيان لها إن «هذا القانون يمهد لخلق فجوة جديدة بين فئات المجتمع، ويعطي امتيازات خيالية للنواب»، بالإضافة إلى إنه مخالف لنداءات الإصلاح.
«امتيازات» نواب البرلمان تثير جدلاً في الشارع العراقي
نائب برلماني لـ«الشرق الأوسط»: ما زلنا تحت سلطة الحكومة ماليًا
«امتيازات» نواب البرلمان تثير جدلاً في الشارع العراقي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة