في تلاحق سريع للأحداث، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن مجلس الوزراء اتخذ قرارًا بمواصلة عملية صياغة دستور جديد للبلاد، كانت توقفت قبل إتمامها، مرجعًا الأمر إلى «وجود توافق حول إعداد دستور جديد بمشاركة جميع الأحزاب».
وقال يلدريم في مؤتمر صحافي مساء الاثنين، عقب اجتماع الحكومة برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان في أنقرة: «هناك إمكانية لإجراء بعض التعديلات الدستورية الصغيرة بالتوافق مع الأحزاب الأخرى، ما زالت النتائج سلبية، وخصوصًا الناتجة عن انسداد النظام الحالي للبلاد (النظام البرلماني) على المدى القصير».
وأعلن يلدريم عقب تسلمه رئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئاسة الحكومة التركية في مايو (أيار) الماضي، أن تغيير الدستور وإقرار النظام الرئاسي بديلاً عن النظام البرلماني في مقدمة أولويات حكومته.
ويسعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى وضع دستور جديد للبلاد يلغي دستور 1981، الذي وضع عقب انقلاب عسكري، ويغير النظام البرلماني إلى رئاسي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات موسعة، بعكس الدستور الحالي الذي يعطي الحكومة صلاحيات أوسع من الرئيس.
وعما دار خلال اللقاء الذي عقده إردوغان معه بوصفه رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى جانب رئيسي الحزبين المعارضين، «الشعب الجمهوري» كمال كيليتشدار أوغلو، و«الحركة القومية» دولت بهشلي، بالمجمع الرئاسي في أنقرة قال يلدريم: «لاحظنا وجود توافق حول إعداد دستور جديد بمشاركة جميع الأحزاب، واتخذنا قرارًا بمواصلة عملية صياغته التي توقفت قبل إتمامها».
وفي مارس (آذار) الماضي، أعلن رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد وتقديم مشروعها للتصويت في البرلمان في وقت لاحق.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى قادة أحزاب «العدالة والتنمية» بن علي يلدريم، و«الشعب الجمهوري» كمال كيليتشادر أوغلو، و«الحركة القومية» دولت بهشلي بالقصر الجمهوري في أنقرة، لنحو 3 ساعات، فيما لم يتلقَ رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش، الذي دائمًا ما يصفه الرئيس إردوغان بأنه «إرهابي»، دعوة لحضور الاجتماع، غير أن يلدريم لفت إلى أنه يمكن لحزب الشعوب الديمقراطي أن يكون طرفًا في المناقشات حول الدستور الجديد.
من جانبه، قال نعمان كورتولموش نائب رئيس الوزراء التركي، إن الدستور الحالي «دستور عسكري غير ديمقراطي».
وعلى صعيد هيكلة الجيش، قال يلدريم إن الحكومة التركية «قررت إلحاق القيادة العامة للدرك وقيادة خفر السواحل بوزارة الداخلية بشكل كامل»، مشيرًا إلى أن مرسومًا سيصدر بهذا الخصوص.
ولفت إلى أن الحكومة قررت أيضًا بناء نصب تذكاري في كل من مدينة إسطنبول والعاصمة أنقرة، تخليدًا للشهداء الذي سقطوا خلال تصديهم لمحاولة الانقلاب الفاشلة، التي شهدتها البلاد منتصف يوليو (تموز) الحالي، وتغيير اسم جسر البوسفور بإسطنبول، الذي كان الهدف الأول للانقلابيين إلى جسر شهداء 15 يوليو.
كان حزب العدالة والتنمية الحاكم قد طرح استفتاء على المواطنين الأتراك حول تغيير اسم جسر البوسفور، وتقدم بـ3 أسماء: جسر «شهداء 15 يوليو»، وجسر «الأمة»، وجسر «الإرادة الوطنية»، واختار المواطنون الاسم الأول.
من جانبه، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية (الحاكم) في تركيا ياسين أقطاي، إن «محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا لم تكن تهدف إسقاط تركيا وحدها، بل إسقاط نهضة العالم الإسلامي».
وأضاف أقطاي في كلمة خلال افتتاح معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي مساء أول من أمس، أن «الذي قام بهذه المحاولة البائسة يدّعي أنه من علماء المسلمين (في إشارة إلى فتح الله غولن)، وهو في الحقيقة من جهلائهم وظلامييهم، ولو نجح الانقلاب لكانت إسطنبول وتركيا كلها في الظلام، لكن الشعب قاوم بصدوره العارية ضد الدبابات والرصاص».
واعتبر أن «الانقلابيين كانت لديهم الرغبة في إسقاط هذه النهضة، وأن يسقطوا معها هذا الأمل، لكن بفضل الشعب التركي العظيم وقائده رجب طيب إردوغان، عادت الأمور إلى نصابها».
وتابع أقطاي: «تركيا ستكون البلد الآمن، ليس للأتراك فقط، بل للأمة كلها، وستبقى ملجأ للمظلومين، وكما تعلمون نحن نستضيف ضيوف الرحمن، وهم 3 ملايين سوري، ولا نريد تسميتهم باللاجئين، ولا نفرق بيننا وبينهم، وهذا من دواعي سرورنا، ونحن لا نمنُّ على من نستضيفهم بشيء».
في السياق، شبهت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، حركة الخدمة التي تسميها الحكومة التركية «منظمة فتح الله غولن» بتنظيم داعش الإرهابي، من خلال معتقداتها التبشيرية التي تؤمن بأنها تستطيع السيطرة على العالم، مبينةً أن تلك المنظمة لها وجود في 100 نقطة ودولة حول العالم، إضافة إلى تركيا، وتعمل منذ عام 1964، بقيادة غولن.
جاء ذلك في رسالة وجهتها اللجنة إلى المجتمع الدولي، وأكدت فيها أن «تركيا واجهت مساء 15 يوليو الحالي محاولة انقلاب من قبل أقلية داخل الجيش، تابعة لمنظمة فتح الله غولن (الكيان الموازي) المتغلغلة داخل الدولة والجيش بشكل غير شرعي».
ونوهت بأن المنظمة (الكيان الموازي) تمتلك 700 مدرسة داخل تركيا، و2000 أخرى منتشرة في جميع أنحاء العالم، وتعمل على استغلال تلك الموارد البشرية لتجنيدها داخل الدولة بشكل غير شرعي.
وزعمت اللجنة بأن الطلاب المستهدفين من قبل المنظمة يتلقون تربية آيديولوجية دينية في سن مبكرة، ويعمدون بعدها إلى التغلغل في مؤسسات الدولة بصفة مدرسين وعناصر استخبارات وقضاة ومدعين عامين وشرطة وجيش، مستعينين بتسريب غير شرعي لأسئلة امتحانات تجريها تلك المؤسسات، وذلك لضمان نجاحهم.
وأشارت اللجنة إلى أن المنظمة تمتلك قوة ولوبيًا كبيرين من خلال العلاقات التي تمتلكها في جميع المجالات، وخصوصًا الإعلام والأعمال السياسية في جميع الدول التي تنشط بها، لافتةً إلى أن قوة الموارد البشرية والبنية التنظيمية ساهمت في انتشارها، فضلاً عن رأسمال متداول يبلغ 25 مليار دولار أميركي. وتابعت اللجنة أن المنظمة تمارس أنشطة تنصت غير مشروع وأخرى استخباراتية في الدول الموجودة فيها، لتستغل بعدها المعلومات التي تجمعها في عمليات تهديد عندما تشعر بالخطر. وقالت اللجنة إن «المنظمة شاركت في كثير من العمليات الإرهابية والمسلحة، بهدف التخلص من منافسيها، فضلاً عن تنصتها بشكل غير مشروع على جميع أفراد الدولة التركية، بما فيها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وسياسيون وأكاديميون وصحافيون ورجال أعمال».
تركيا إلى الدستور الجديد بعد الطوارئ
جسر البوسفور أصبح من الماضي.. وهيكلة الجيش مستمرة
تركيا إلى الدستور الجديد بعد الطوارئ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة