نفى مصدر واسع الاطلاع في العاصمة الروسية الأنباء حول توصل الولايات المتحدة وروسيا إلى أي اتفاق أو تفاهم، أو حتى «أطر للتعامل» حاليا مع قضية مصير رأس النظام السوري بشار الأسد، وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «غالبية القوى التي تجري محادثات مع روسيا في الشأن السوري تتناول دوما مصير الأسد، بين أطراف تؤكد تمسكها بضرورة رحيله، وترى أن بقاءه استمرار للأزمة، وأطراف أخرى تصر على بقائه وتراه ضامنا لاستقرار البلاد والمنطقة». وإذ أبدى المصدر استغرابه مما وصفه «هوسا لدى البعض في الإعلان عن تخلي موسكو عن الأسد»، فقد أكد أنه «وحسب متابعتنا، فإن المعلومات المتوفرة عن نتائج المحادثات التي تجري في موسكو حول الشأن السوري، فإن روسيا لم تغير موقفها بخصوص مصير الأسد، ولن تغيره»، موضحا أن هذا «لا يعني تمسك موسكو ببقاء الأسد على رأس السلطة، كما لا يعني كذلك أنها تدعو إلى رحيله»، وهي «تصر على ترحيل مصير السلطة والبنية المستقبلية للدولة إلى السوريين أنفسهم يقررون ذلك كله خلال المفاوضات».
وبشأن المحادثات المرتقبة في جنيف بين خبراء ودبلوماسيين روس وأميركيين، فقد أوضح المصدر أن «تلك المحادثات جارية في الواقع على مستوى الخبراء، وهي تبحث التفاصيل التقنية - التنفيذية للنقاط التي اتفق عليها لافروف وكيري خلال محادثاتهما في موسكو»، متوقعا «الإعلان عن تحقيق تقدم في هذا الشأن، وربما البدء بتنفيذ تلك الخطوات»، خلال اللقاءات التي ستجري يومي 26 - 27 يوليو (تموز) الحالي، بمشاركة غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي. ولفت المصدر في حديثه لـ«لشرق الأوسط» إلى أن محادثات كيري في موسكو «أثمرت عن تفاهم روسي - أميركي لإطلاق العمل المشترك في الجوانب الرئيسية المتفق على ضرورة بذل المزيد من الجهد المشترك فيها، مثل وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات»، فضلا عن «التنسيق في التصدي للجماعتين الإرهابيتين (داعش) و(جبهة النصرة)، على أن يتم تأجيل البحث في القضايا الخلافية إلى مرحلة لاحقة بعد أن ينجز كلا الطرفين واجباته في إطار الاتفاق الأخير».
في غضون ذلك تشير التصريحات الرسمية الروسية إلى بقاء نقاط خلافية في الاتفاق الأميركي - الروسي، بعضها يتعلق بحسم مصير رأس النظام السوري، والأخرى في إمكانية إطلاق تعاون بين الجانبين في التصدي للإرهاب في سوريا. في الشأن الأول قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات له، الأسبوع الماضي، إن الغرب يطالب موسكو بالاتفاق أولا على مسألة إبعاد الأسد عن السلطة؛ لإطلاق تعاون في التصدي للإرهاب في سوريا، موضحا أن «وزير الخارجية الأميركي جون كيري طرح هذا الأمر بهذا الشكل خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو»، كما أن الدول الغربية تصر على رحيل الأسد، وتبرر ذلك بالقول إن الغالبية من السوريين لا يؤيدون الأسد، «فنقول لهم حسنا، تعالوا نضع الأمور في نصابها في مجال الحرب على الإرهاب، وفي الوقت ذاته ننظم انتخابات حرة، وليقم أولئك الـ80 في المائة من السوريين بإزاحة الأسد عبر صناديق الاقتراع»، حسب قول لافروف الذي يبدو أنه يحاول تسويق فكرة أن «المطالبة برحيل الأسد بسبب المزاعم بفقدانه تأييد الأغلبية»، بينما تعود المطالبة برحيل الأسد في واقع الأمر إلى الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه.
أما في موضوع التعاون بين موسكو وواشنطن عسكريا واستخباراتيا للتصدي للإرهاب في سوريا، فقد حملت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، الولايات المتحدة مسؤولية عدم تحقيق تقدم في الشأن السوري، واختزلت الأزمة السورية بالتصدي للإرهاب فقط. وفي تعليق لها على رفض جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، تبادل المعلومات مع الجانب الروسي، وتحذيره من أن روسيا ستستغل هذا الأمر لصالحها في سوريا، قالت زاخاروفا: «لا يوجد تقدم في الشأن السوري؛ لأن بعض الأوساط في الولايات المتحدة لا تنوي توحيد الجهود في التصدي لـ(داعش) وأمثاله». ولم تكن زاخاروفا وحدها التي ألقت باللائمة على الولايات المتحدة، إذ فعلت الأمر ذاته وزارة الدفاع الروسية، التي يبدو أنها قررت تكثيف جهودها للدفع مجددا نحو فرض الشراكة مع الولايات المتحدة في سوريا. إذ حملت وزارة الدفاع الروسية الجانب الأميركي المسؤولية عن قصف قاذفات روسية لمواقع تابعة للمعارضة السورية في منطقة التنف على الحدود مع الأردن يوم 16 يونيو (حزيران)، ودعا إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، الدول الغربية إلى العمل المشترك في التصدي للإرهاب في سوريا، مشددا على أنه «في حال العمل المشترك فقط يمكن تفادي تكرار حوادث كهذه».
مصادر روسية تنفي الاتفاق حول مصير الأسد.. ومشاورات جنيف تنطلق الأربعاء
موسكو تدفع نحو شراكة مع الغرب.. والمحادثات تترافق مع بروز خلافات
مصادر روسية تنفي الاتفاق حول مصير الأسد.. ومشاورات جنيف تنطلق الأربعاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة