مصادر روسية تنفي الاتفاق حول مصير الأسد.. ومشاورات جنيف تنطلق الأربعاء

موسكو تدفع نحو شراكة مع الغرب.. والمحادثات تترافق مع بروز خلافات

مصادر روسية تنفي الاتفاق حول مصير الأسد.. ومشاورات جنيف تنطلق الأربعاء
TT

مصادر روسية تنفي الاتفاق حول مصير الأسد.. ومشاورات جنيف تنطلق الأربعاء

مصادر روسية تنفي الاتفاق حول مصير الأسد.. ومشاورات جنيف تنطلق الأربعاء

نفى مصدر واسع الاطلاع في العاصمة الروسية الأنباء حول توصل الولايات المتحدة وروسيا إلى أي اتفاق أو تفاهم، أو حتى «أطر للتعامل» حاليا مع قضية مصير رأس النظام السوري بشار الأسد، وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «غالبية القوى التي تجري محادثات مع روسيا في الشأن السوري تتناول دوما مصير الأسد، بين أطراف تؤكد تمسكها بضرورة رحيله، وترى أن بقاءه استمرار للأزمة، وأطراف أخرى تصر على بقائه وتراه ضامنا لاستقرار البلاد والمنطقة». وإذ أبدى المصدر استغرابه مما وصفه «هوسا لدى البعض في الإعلان عن تخلي موسكو عن الأسد»، فقد أكد أنه «وحسب متابعتنا، فإن المعلومات المتوفرة عن نتائج المحادثات التي تجري في موسكو حول الشأن السوري، فإن روسيا لم تغير موقفها بخصوص مصير الأسد، ولن تغيره»، موضحا أن هذا «لا يعني تمسك موسكو ببقاء الأسد على رأس السلطة، كما لا يعني كذلك أنها تدعو إلى رحيله»، وهي «تصر على ترحيل مصير السلطة والبنية المستقبلية للدولة إلى السوريين أنفسهم يقررون ذلك كله خلال المفاوضات».
وبشأن المحادثات المرتقبة في جنيف بين خبراء ودبلوماسيين روس وأميركيين، فقد أوضح المصدر أن «تلك المحادثات جارية في الواقع على مستوى الخبراء، وهي تبحث التفاصيل التقنية - التنفيذية للنقاط التي اتفق عليها لافروف وكيري خلال محادثاتهما في موسكو»، متوقعا «الإعلان عن تحقيق تقدم في هذا الشأن، وربما البدء بتنفيذ تلك الخطوات»، خلال اللقاءات التي ستجري يومي 26 - 27 يوليو (تموز) الحالي، بمشاركة غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي. ولفت المصدر في حديثه لـ«لشرق الأوسط» إلى أن محادثات كيري في موسكو «أثمرت عن تفاهم روسي - أميركي لإطلاق العمل المشترك في الجوانب الرئيسية المتفق على ضرورة بذل المزيد من الجهد المشترك فيها، مثل وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات»، فضلا عن «التنسيق في التصدي للجماعتين الإرهابيتين (داعش) و(جبهة النصرة)، على أن يتم تأجيل البحث في القضايا الخلافية إلى مرحلة لاحقة بعد أن ينجز كلا الطرفين واجباته في إطار الاتفاق الأخير».
في غضون ذلك تشير التصريحات الرسمية الروسية إلى بقاء نقاط خلافية في الاتفاق الأميركي - الروسي، بعضها يتعلق بحسم مصير رأس النظام السوري، والأخرى في إمكانية إطلاق تعاون بين الجانبين في التصدي للإرهاب في سوريا. في الشأن الأول قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات له، الأسبوع الماضي، إن الغرب يطالب موسكو بالاتفاق أولا على مسألة إبعاد الأسد عن السلطة؛ لإطلاق تعاون في التصدي للإرهاب في سوريا، موضحا أن «وزير الخارجية الأميركي جون كيري طرح هذا الأمر بهذا الشكل خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو»، كما أن الدول الغربية تصر على رحيل الأسد، وتبرر ذلك بالقول إن الغالبية من السوريين لا يؤيدون الأسد، «فنقول لهم حسنا، تعالوا نضع الأمور في نصابها في مجال الحرب على الإرهاب، وفي الوقت ذاته ننظم انتخابات حرة، وليقم أولئك الـ80 في المائة من السوريين بإزاحة الأسد عبر صناديق الاقتراع»، حسب قول لافروف الذي يبدو أنه يحاول تسويق فكرة أن «المطالبة برحيل الأسد بسبب المزاعم بفقدانه تأييد الأغلبية»، بينما تعود المطالبة برحيل الأسد في واقع الأمر إلى الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه.
أما في موضوع التعاون بين موسكو وواشنطن عسكريا واستخباراتيا للتصدي للإرهاب في سوريا، فقد حملت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، الولايات المتحدة مسؤولية عدم تحقيق تقدم في الشأن السوري، واختزلت الأزمة السورية بالتصدي للإرهاب فقط. وفي تعليق لها على رفض جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، تبادل المعلومات مع الجانب الروسي، وتحذيره من أن روسيا ستستغل هذا الأمر لصالحها في سوريا، قالت زاخاروفا: «لا يوجد تقدم في الشأن السوري؛ لأن بعض الأوساط في الولايات المتحدة لا تنوي توحيد الجهود في التصدي لـ(داعش) وأمثاله». ولم تكن زاخاروفا وحدها التي ألقت باللائمة على الولايات المتحدة، إذ فعلت الأمر ذاته وزارة الدفاع الروسية، التي يبدو أنها قررت تكثيف جهودها للدفع مجددا نحو فرض الشراكة مع الولايات المتحدة في سوريا. إذ حملت وزارة الدفاع الروسية الجانب الأميركي المسؤولية عن قصف قاذفات روسية لمواقع تابعة للمعارضة السورية في منطقة التنف على الحدود مع الأردن يوم 16 يونيو (حزيران)، ودعا إيغور كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، الدول الغربية إلى العمل المشترك في التصدي للإرهاب في سوريا، مشددا على أنه «في حال العمل المشترك فقط يمكن تفادي تكرار حوادث كهذه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.