حركة الصابرين الشيعية على أبواب الانهيار في ظل تزايد رفض وجودها

أمينها العام في طريقه إلى مغادرة قطاع غزة

حركة الصابرين الشيعية على أبواب الانهيار في ظل تزايد رفض وجودها
TT

حركة الصابرين الشيعية على أبواب الانهيار في ظل تزايد رفض وجودها

حركة الصابرين الشيعية على أبواب الانهيار في ظل تزايد رفض وجودها

تبدو حركة الصابرين «الشيعية» التي أسستها قيادات منشقة عن حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، في طريقها إلى الانهيار، أو مواجهة خيارات غير متوقعة، بعد خمس سنوات على تأسيسها، وتشكيل مجموعات مسلحة تابعة لها، وجمعيات، وهيئات خيرية، وتلقيها دعما غير محدود من النظام الإيراني.
وقد عانت الحركة من ضغوط كبيرة، على المستوى الرسمي، من قبل حركة حماس وأجهزتها الأمنية، كانت تشهد ارتفاعا وانخفاضا من حين لآخر. وبموازاة ذلك، تعرضت لضغط شعبي أيضا، خاصة أن المجتمع الفلسطيني مجتمع سني محافظ يرفض أي دخيل جديد على عاداته وتقاليده. وبدا هذا واضحا، في تعامل المجتمع الغزي مع نشاطات هذا التنظيم ذي القاعدة الجماهيرية المحدودة، على الرغم من محاولاته استخدام أموال إيرانية كثيرة لجذب الشباب وكسب تعاطف الناس.
ولعل أحد العوامل التي أثرت على قدرة عمل الحركة في قطاع غزة، كان انتشار الجماعات السلفية الجهادية التي يوالي بعضها تنظيم داعش، وما شكلته من تهديد خطير لـ«الصابرين»، باستهدافها عددا من قياداتهم، حين فجرت عبوات ناسفة أمام منازلهم، وجرى إفشال محاولات أخرى مماثلة. وكانت عناصر تابعة لتلك الجماعات السلفية الجهادية، قد أقدمت على طعن أمين عام حركة الصابرين، هشام سالم، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خلال إجرائه مقابلة تلفزيونية شرق حي الشجاعية، أثناء اندلاع مواجهات بين عشرات الشبان وقوات الاحتلال، مما أدى إلى إصابة أمين عام الحركة بجروح نجا منها بصعوبة،.
وفي فبراير (شباط) الماضي، فجر مجهولون، يعتقد أنهم من الجماعات الجهادية، منزل عائلة، هشام سالم، في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، مما تسبب بإحداث أضرار دون وقوع أي إصابات.
وكشفت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام سالم في نهاية شهر رمضان الماضي، بإرسال عائلته المكونة من زوجته و7 من أبنائه وبناته إلى العاصمة الإيرانية «طهران»، للاستقرار هناك.
وتشير المصادر، إلى أن سالم لم ينجح في مرافقة عائلته إلى خارج قطاع غزة، لظروف لها علاقة بالإجراءات المصرية على معبر رفح، وكذلك لظروف تتعلق بعمل حركة الصابرين نفسها التي يتزعمها. ويجرى تبادل أحاديث عن محاولات يقوم بها لإيجاد حلول للحركة، قبل أن يغادر قطاع غزة في وقت لاحق للالتحاق بعائلته في طهران والاستقرار فيها. ويبدو أن سالم فكر طويلا في هذه المسألة، إذ إن خوفه هو وبعض المقربين منه وأفراد من عائلته على حياته، جعله يتخذ قرارا صعبا في هذا الاتجاه.
وتقول المصادر، إن سالم يفكر في إدارة التنظيم من طهران، في حال تمكن من الخروج والالتحاق بعائلته هناك، أو أن يجد حلولا مع حركة الجهاد الإسلامي تنهي الخلاف بينهما، وتتيح له فرصة دمج عناصره مع الحركة مجددا، كما كانوا سابقا قبيل الانشقاق عنها. وهذا ما قد يجري بحثه في الفترة المقبلة، بين قيادات من حركة الجهاد موجودة في غزة، وتستعد للسفر إلى الخارج للقاء أمينها العام رمضان شلح، لبحث قضايا داخلية تتعلق بالحركة وكذلك الملف المتعلق بحركة الصابرين.
ورأت المصادر، أنه سيكون لمغادرة سالم، بعد عائلته، قطاع غزة، أثر كبير في تفكك تنظيمه، خاصة أنه يعرف أنه غير قادر على تحمل التهديدات من الجهاديين والضغوطات من حماس وغيرها. وتشير المصادر نفسها، إلى أن سالم بات يتلقى، في الآونة الأخيرة، تهديدات بالقتل من جهات عدة يعتقد أنها سلفية جهادية، ما دفعه إلى التقليل من تحركاته، وعدم الظهور العلني إلا في حالات محدودة.
ولا يعرف كيف سيتعامل سالم مع الضغوط التي تواجه تنظيمه خاصة أنه أبلغ قيادات مقربة منه، بضرورة أن يجد عناصره حلولا لأمورهم الشخصية في ظل الوضع الحالي. كما لا يعرف كيف سيتعامل مع كميات السلاح والسيارات المتوفرة لدى تنظيمه، في حال تفكك بشكل كامل، أو انصهاره في حركة الجهاد الإسلامي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.