جمّدت قوات «سوريا الديمقراطية» كل خياراتها العسكرية لإطلاق هجوم واسع ضد تنظيم داعش في منبج بريف حلب الشرقي، رغم انقضاء مهلة الـ48 ساعة التي منحتها للتنظيم لمغادرة المدينة، وذلك على ضوء اتخاذ «داعش» أكثر من مائة ألف مدني موجودين في داخل المدينة، دروعًا بشرية.
وبينما كانت قوات «سوريا الديمقراطية» تتحضر لهجوم واسع، بعد انقضاء المهلة أمس السبت، جمّدت الخطة، ولجأت إلى الاستمرار في محاصرة المدينة، بهدف إجبار التنظيم على إطلاق سراح المدنيين الذي خرجت منهم أمس نحو 40 عائلة، بحسب ما قالت مصادر في «قوات سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط».
وقال الناطق باسم «جيش الثوار» الذي يشارك ضمن تشكيل «قوات سوريا الديمقراطية» أحمد العمر إن «احتجاز المدنيين واتخاذهم دروعًا بشريًا، منعنا من القيام بحملة عسكرية واسعة بعد انتهاء المهلة»، مؤكدًا لـ«الشرق الأوسط» أن خيار الهجوم العسكري «لم يتخذ حتى الآن بعد انقضاء المهلة لأن هدفنا حماية المدنيين وليس أذيتهم»، مشيرًا إلى أن الاستمرار بحصار المدينة «هو الخيار الذي فُعّل حتى الآن»، مشددًا على أن «قرار تحرير المدينة اتخذ، لكن وجود المدنيين فيها قد يزيد الوقت الذي نحتاجه لتحريرها».
وقال العمر إن «داعش» يتخذ من مائة ألف مدني دروعًا بشرية «يتشكلون من سكان منبج، والعائلات النازحة إليها، إضافة إلى عائلات مقاتلي التنظيم الموجودين في داخل المدينة»، مؤكدًا «إننا عهدنا إليهم الأمان في حال خروجهم، واستطاعت بعض العائلات الخروج خلال اليومين الماضيين، لكن التنظيم يمنع كثيرين من مغادرة المدينة».
ويعيق المدنيون العمليات العسكرية في داخل المدينة، نظرًا لأن القوات التي تنوي مهاجمتها، مدعومة بالطائرات الحربية التابعة للتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، وتشن غارات جوية أمام وخلف القوات المهاجمة لإسنادها أمام تقدمها.
ولم تفلح المهلة التي منحها قوات سوريا الديمقراطية للتنظيم، بإقناعه بإخراج مقاتليه من المدينة. وقال مصدر قيادي في المجلس العسكري لمنبج وريفها المرتبط بقوات سوريا الديمقراطية لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «انتهت ظهر اليوم مهلة 48 ساعة ولن تكون هناك فرصة لمسلحي (داعش)» مضيفا: «سنكثف هجماتنا على ما تبقى من مواقعهم داخل المدينة» في الساعات المقبلة.
وحددت قوات سوريا الديمقراطية ظهر الخميس مهلة 48 ساعة لـ«خروج عناصر (داعش) المحاصرين داخل المدينة بأسلحتهم الفردية إلى جهة يتم اختيارها»، حفاظا «على أرواح المدنيين داخل المدينة» الواقعة في ريف حلب الشمالي في شمال سوريا.
وأوضح المصدر ذاته أن تنظيم «داعش لم يلتزم بالمهلة ولم تنقض 24 ساعة على بدء تطبيقها حتى هاجم مواقع قواتنا في حي الحزاونة» داخل المدينة، معتبرا أن ذلك كان «بمثابة رد على عدم قبول المبادرة التي لم يصدر أي رد منهم عليها».
وتحاول قوات سوريا الديمقراطية منذ 31 مايو (أيار) السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة على خط الإمداد الرئيسي للتنظيم الجهادي بين محافظة الرقة، أبرز معاقله في سوريا، والحدود التركية.
وتمكنت هذه القوات التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، من دخول منبج، لكنها تواجه مقاومة تحول دون طرد المتشددين الذين يستخدمون التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة.
واندلعت مواجهات عنيفة بين الطرفين السبت في أحياء عدة في منبج، أبرزها في محيط المربع الأمني، حيث يتحصن تنظيم داعش في وسط المدينة، وفق ما أكد مصدر ميداني في قوات سوريا الديمقراطية داخل منبج.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت بمعارك عنيفة داخل المدينة، خصوصا في الأحياء الغربية، بعد اشتباكات متقطعة ليلا على محاور عدة تزامنت مع ضربات للتحالف الدولي بقيادة أميركية.
وذكرت القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط (سنتكوم) في نشرتها اليومية أن التحالف الدولي شن الجمعة تسع ضربات قرب منبج.
ويأتي تحديد قوات سوريا الديمقراطية مهلة 48 ساعة لخروج مقاتلي التنظيم بعد تأكيد المرصد السوري مقتل 56 مدنيا بينهم أطفال الثلاثاء في غارات للتحالف الدولي على بلدة التوخار قرب منبج، ما أثار غضب «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» وتنديدا من منظمات دولية حقوقية.
وأعلن المتحدث العسكري باسم التحالف الدولي الكولونيل كريس غارفر الجمعة أن المرحلة الأولى من التحقيق حول هذه الحادثة ستنتهي «بعد عشرة أيام» كحد أقصى، على أن يحدد المسؤولون العسكريون في التحالف عندها البدء بتحقيق أكثر عمقا أو أن يعلنوا رفضهم المزاعم.
واتهم غارفر تنظيم داعش بأنه «استخدم مدنيين دروعا بشرية (..) في محاولة لجعل (مقاتلي) قوات سوريا الديمقراطية يطلقون النار عليهم».
ورجح غارفر أن تكون قوات سوريا الديمقراطية قد استعادت السيطرة «على ما يقارب نصف المدينة» التي لا يزال فيها «ألفان من المدنيين على الأقل».
لكن المتحدث الأميركي «لم يؤكد» المهلة التي حددتها قوات سوريا الديمقراطية للمقاتلين.
مائة ألف مدني في منبج يعيقون تقدم «قوات سوريا الديمقراطية»
ألزموا القوات المهاجمة بتجميد هجوم عسكري واسع واللجوء لمحاصرة المدينة
مائة ألف مدني في منبج يعيقون تقدم «قوات سوريا الديمقراطية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة