«حزب الله» يستعد لحملة عسكرية استكمالًا لخطة «القضم البطيء» بريف دمشق

هاجم وادي بردى لإقفال خط اتصال المعارضة مع القلمون الشرقي

سوريان يحملان طفلين في عملية اجلاء أثناء القصف الجوي على بلدة دوما أمس (أ.ف.ب)
سوريان يحملان طفلين في عملية اجلاء أثناء القصف الجوي على بلدة دوما أمس (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يستعد لحملة عسكرية استكمالًا لخطة «القضم البطيء» بريف دمشق

سوريان يحملان طفلين في عملية اجلاء أثناء القصف الجوي على بلدة دوما أمس (أ.ف.ب)
سوريان يحملان طفلين في عملية اجلاء أثناء القصف الجوي على بلدة دوما أمس (أ.ف.ب)

أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن قوات ما يُسمى «حزب الله»، دفعت بتعزيزات إلى المناطق السورية الحدودية مع شرق لبنان، تمهيدًا لشن هجمات جديدة على مناطق وادي بردى المتاخمة لبلدتي مضايا والزبداني المحاصرتين بريف دمشق الغربي، بموازاة تحرك عسكري في منطقة جرود عرسال وجرود القاع ورأس بعلبك الحدودية مع سوريا في شمال شرقي لبنان، وسط معلومات عن خطة لـ«قضم المناطق المحيطة بالعاصمة السورية»، و«السيطرة على جميع المناطق المحاذية للحدود مع لبنان».
وقالت المصادر إن الحزب وقوات النظام السوري، اتخذا قرارًا بـ«الحسم العسكري في المناطق المحاذية للحدود اللبنانية بهدف إيقاف الاستنزاف العسكري الناتج عن المناوشات المتقطعة»، مشيرة إلى أن القرار بالتصعيد «جاء بعد مهاجمة جبهة النصرة لحاجز الصفا في منطقة وادي بردى قبل شهر، وتنفيذ الجبهة حكم الإعدام في عشرة من أصل 12 أسيرًا من قوات النظام لديها، أسرتهم إثر الهجوم على حاجز الصفا».
واستهلت قوات الحزب عملياتها العسكرية، أول من أمس، في منطقة الهريرة الواقعة جنوب الزبداني، قرب الحدود مع شرق لبنان، حيث أحرزت تقدمًا في البلدة الاستراتيجية الواقعة في وادي بردى، والقريبة من أوتوستراد دمشق - بيروت الدولي. وقال عضو مجلس قيادة الثورة بريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» إن هذه البلدة الواقعة على سفح جبل وادي بردى «تمثل الممر الاستراتيجي للذخيرة والسلاح بين القلمون الغربي في الزبداني، والقلمون الشرقي، وتقع ضمن نطاق اتفاق مضايا - الزبداني وكفريا - الفوعة»، مشيرًا إلى أن الحزب «بدأ بالاستفزازات العسكرية حولها قبل شهر، حين بدأ بقضم مزارعها، قبل أن يصل إلى تخوم البلدة، وهو ما دفع جبهة النصرة لشن هجوم على حاجز الصفا الذي أسفر عن أسر 14 عسكريًا من قوات النظام وحلفائها».
وكانت جبهة النصرة اشترطت على ما يسمى «حزب الله» الانسحاب من محيط وادي بردى، أو بدء تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأسرى لدى الجبهة.
وقال الداراني إن الحزب «قام بردة فعل على إعدام 10 من الأسرى، أول من أمس، حيث شن هجومًا على هريرة، وتقدم في محيطها وحاصرها، قبل أن تهدأ الأمور صباح أمس، إثر تهديد المعارضة باقتحام كفريا والفوعة ردًا على هذا الخرق لاتفاق الهدنة بريف دمشق».
وإثر ذلك التصعيد، هاجمت قوات المعارضة نقطتين للنظام والحزب في الجبل الشرقي لمدينة الزبداني، وسيطرت على نقطة وسط قصف مدفعي عنيف استهدف مواقع الاشتباك، بحسب ما أفاد ناشطون.
غير أن التهديد بكسر اتفاقية وقف إطلاق النار المعروفة باسم اتفاق «الزبداني - مضايا وكفريا - الفوعة»، لا يبدو أنه سيمنع الحزب من مواصلة عمليته العسكرية. وقال مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب بتقدمه في الهريرة وفي وادي بردى «يكون قد أقفل آخر المنافذ الحيوية إلى الزبداني ومضايا بالكامل، ويسعى لتأمين خاصرة طريق دمشق - بيروت الدولي»، مشيرًا إلى أن القرار بتطويق مضايا بالكامل «يشير إلى رغبة باقتحامها، وكسر اتفاق الزبداني عبر الدخول إلى المدينة» المحاصرة منذ 10 أشهر. وأوضح أن الحزب «يعتقد أنه يمتلك قدرة عسكرية على اقتحام الزبداني، فيما يستطيع المحاصرون في كفريا والفوعة (وهما بلدتان شيعيتان في ريف إدلب بشمال سوريا يحاصرهما جيش الفتح) رد الهجمات عنهما».
وتصاعدت وتيرة القصف على الزبداني قبل يومين، بعد إعدام الأسرى. وعلى إثرها، تجددت الاشتباكات على أطراف قرية هريرة، إثر محاولة عناصر القوات النظامية وما يسمى «حزب الله» اللبناني اقتحامها مجددا، بتغطية بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، وذلك بعد يوم على بداية هجومهم عليها وانسحابهم ليلا. واستهدف الطيران الحربي النظامي، بعدة غارات، مدخل قرية أفرة والطرق التي تربط بين هريرة وقرى وادي بردى الأخرى، كما طالت أكثر من عشر غارات الجبل الشرقي لمدينة الزبداني وبرج بلودان اللذين يطلان على وادي بردى، بحسب ما أفاد ناشطون بريف دمشق.
وأشارت «شبكة شام» إلى أن الهجوم ترافق مع قيام المهاجمين باستخدام المدنيين دروعا بشرية لزجهم في الصفوف الأمامية، وذلك وسط قصف مدفعي وصاروخي عنيف من قبل ميليشيات الأسد والحزب، مما دفع الثوار للانسحاب من القرية بسبب استخدام المدنيين دروعا بشرية.
وقال المصدر اللبناني إن الهجوم على محيط الزبداني «يعتبر جزءًا من خطة وضعها الحزب للسيطرة على المناطق الحدودية مع لبنان، بدءًا من الزبداني بريف دمشق الغربي، وصولاً إلى جرود عرسال بريف دمشق الشمالي، وجرود رأس بعلبك والقاع المتصلة بريف حمص الجنوبي والشرقي»، مستندًا إلى «تحركات الحزب على خط ضرب (النصرة) في جرود نحلة وخربة يونين قرب جرود عرسال»، فيما «نفذ الطيران الروسي ضربات على تمركزات (داعش) في الجرود المتصلة بالحدود اللبنانية داخل الأراضي السورية».
وقال: «من المنطقي أن تؤثر جبهة الزبداني على جبهة عرسال، بهدف منع تبادل المقاتلين بين الجبهتين وتشكيل ضغط على الجبهات في وقت واحد من جهة، وتنفيذًا لسياسة القضم البطيء التي يتبعها الحزب في المنطقة الحدودية مع لبنان».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.