ضغوط تركية متواصلة على اليونان لتسليم العسكريين الفارين إليها

استمرار حبسهم في أثينا.. وبدء النظر في طلب لجوئهم الأربعاء المقبل

أحد الضباط الأتراك في طريقه إلى المحكمة اليونانية قبل صدور حكم بسجنه شهرين مع إيقاف التنفيذ أمس (أ.ف.ب)
أحد الضباط الأتراك في طريقه إلى المحكمة اليونانية قبل صدور حكم بسجنه شهرين مع إيقاف التنفيذ أمس (أ.ف.ب)
TT

ضغوط تركية متواصلة على اليونان لتسليم العسكريين الفارين إليها

أحد الضباط الأتراك في طريقه إلى المحكمة اليونانية قبل صدور حكم بسجنه شهرين مع إيقاف التنفيذ أمس (أ.ف.ب)
أحد الضباط الأتراك في طريقه إلى المحكمة اليونانية قبل صدور حكم بسجنه شهرين مع إيقاف التنفيذ أمس (أ.ف.ب)

أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن العسكريين الذين شاركوا في محاولة الانقلاب الفاشلة على حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان يوم الجمعة الماضي، وتمكنوا من الفرار إلى اليونان، وتقدموا بطلبات لجوء سياسي، أنهم «لا يشملهم اللجوء السياسي».
وطالب أوغلو السلطات اليونانية بالتعاون مع تركيا، والتصرف بشكل عادل و«إرسال الخونة إلى تركيا». على حد قوله، فيما تشهد أثينا وأنقره اتصالات مستمرة علي مستوى كبار المسؤولين للتوصل إلى حل بشأن الأتراك العسكريين الثمانية الذين حُكِم عليهم بالسجن لمدة شهرين مع إيقاف التنفيذ.
وكان قد وصف السفير التركي لدى أثينا كريم أوراس، سماح السلطات اليونانية للمروحية التركية التي استخدمها 8 من الانقلابيين، بالنزول إلى أراضيها، بـ«القرار الخاطئ»، وأنه كان ينبغي على اليونان عدم اتخاذ هذا القرار بهذا الشكل، وقال السفير التركي إن عدم إبعاد العسكريين من اليونان «لن يساعد» العلاقات الثنائية.
وأشار أوراس إلى أن طلب العسكريين «الخونة الثمانية» بالنزول إلى الأراضي اليونانية فور تجاوزهم الحدود التركية، أمر لا يتوافق مع المنطق، وقال في هذا الصدد: «طلب العسكريين (الخونة الثمانية) بالنزول إلى الأراضي اليونانية فور تجاوزهم الحدود التركية، أمر لا يتوافق مع المنطق، لأنهم كانوا على متن مروحية وليس طائرة حربية، فإذا احتاجت المروحية لهبوط عاجل، وحصل احتراق في محركها، فإنّ بإمكانها الهبوط في أي مكان وجودها، ولا تحتاج إلى مطار، على خلاف الطائرة الحربية التي تحتاج لمدرج». وأضاف أوراس: «كان يتوجب على المسؤولين اليونانيين أن يكونوا أكثر دقة في التعامل مع هذه المروحية، وكان بإمكانهم عدم السماح للمروحية بالهبوط، لأن ما حدث في تركيا كان معروفًا من قِبل الجميع، وكان ينبغي عليهم أن يتوقعوا وجود العسكريين الانقلابيين بداخلها».
وردًا على سؤال حول احتمال امتناع السلطات اليونانية عن تسليم «الخونة الانقلابيين» إلى تركيا، وانعكاسات ذلك على العلاقات بين البلدين، أفاد أوراس بأنه في حال حصول هذا الاحتمال، فإنّ هذه الخطوة لن تكون عاملاً مساعدًا في علاقات البلدين، وتسهم في هزّ الأرضية الصلبة لعلاقات الدولتين. وقد رفضت اليونان تصريحات السفير في رسالة إلى الخارجية التركية، مما جعله يعدلها بعد ذلك، وقال إن تسليم العسكريين الثمانية إلى تركيا سوف يكون شيئًا إيجابيًا في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وكانت قد قضت محكمة يونانية أول من أمس الخميس بالسجن شهرين مع إيقاف التنفيذ على العسكريين الثمانية الأتراك الذين فروا إلى أراضيها في أعقاب الانقلاب الفاشل. وقالت أثينا إنهم سيظلون قيد التوقيف للنظر في طلبات لجوئهم.
وقال محامٍ عسكري تركي إن الحكم الصادر من محكمة في ألكسندروبولي ضد العسكريين الأتراك مستقل عن طلب اللجوء، الذي سيناقش في جلسة استماع مقررة يوم الأربعاء المقبل 27 من الشهر الحالي. وحتى ذلك الحين، سيبقى الجنود في مقرات احتجاز الشرطة. وأضاف المحامي: «إنهم يخشون على حياتهم»، وقال الجنود إنهم لا يتحملون أي مسؤولية عن الانقلاب. من جانبها، قالت محامية تتولى الدفاع عن أربعة من الثمانية العسكريين الأتراك إنهم يخشون تعرضهم القتل إذا عادوا لبلدهم. وقالت المحامية فاسيليكي ليليا ماريناكي أمام إحدى المحاكم التي مثل أمامها العسكريون ملثمين يوم الخميس: «إنهم يعتقدون أنهم بصورة أو بأخرى سيفقدون حياتهم (في تركيا)»، وأضافت: «بغض النظر عن فرض عقوبة الإعدام أو عدم فرضها هم يعتقدون أنهم في نهاية المطاف سيفقدون حياتهم».
وأُدِين العسكريون بدخول اليونان بطريقة غير قانونية وصدرت بحقهم أحكام بالسجن لشهرين مع وقف التنفيذ، وتنظر حاليًا طلبات اللجوء التي قدموها وسيمثلون أمام سلطات الهجرة الأسبوع المقبل لإجراء مزيد من المقابلات.
وقال محامون وشهود عيان في المحكمة اليونانية إن الرجال الثمانية أفادوا بأنهم لم يكونوا على علم بحدوث انقلاب، وكانوا يطيعون أوامر قادتهم لنقل مصابين من الشوارع إلى سيارات إسعاف. وقرر الثمانية الفرار حين تعرضت طائرة هليكوبتر من نوع «بلاك هوك» كانوا يستقلونها لإطلاق نار من قبل الشرطة على الأرض. وفرضت السلطات اليونانية إجراءات أمنية مشددة في قاعة المحكمة، وعند دخول الموقوفين، سارع الشرطيون إلى إبعاد امرأة كانت تحمل علمًا تركيًا وتردد شعارات بالتركية. وكان العسكريون الأتراك يحاكمون بتهمة «الدخول بطريقة غير شرعية» إلى البلاد، وهو جرم يعاقب بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، وبعقوبة إدارية هي الطرد، وكذلك بتهمة عدم الإبلاغ بـ«مسار الرحلة»، وهي مخالفة لقانون المطارات تعاقب بالسجن مدة أقصاها ستة أشهر. غير أن المحكمة لم تأخذ بهذه التهمة معتبرة أن الطائرات المدنية وحدها ملزمة بالإبلاغ عن «مسار الرحلة».
وحين سألت رئيسة المحكمة الموقوف الأول وهو طيار عن الأسباب التي دفعتهم إلى الفرار (في حين ينفون أي مشاركة في محاولة الانقلاب)، قال إن «اعتقالات جماعية كانت تطال عسكريين دون تمييز، ليل الجمعة»، موضحًا أنهم شعروا بالخوف. وقال الموقوف الرابع وهو طيار أيضًا: «فكرنا في الذهاب إما إلى بلغاريا، أو إلى رومانيا، أو اليونان، وهي بلدان قريبة»، مضيفًا: «في نهاية الأمر اخترنا اليونان، حيث نشعر بمزيد من الأمان». وروى أحدهم أنه أثناء «عملية نقل المصابين الثانية، استهدف إطلاق نار المروحية، وقررنا أنا وزملائي الصعود في إحدى المروحيات التي كنا نقودها والهبوط في منطقة حرجية قرب إسطنبول والانتظار». وتابع: «بينما كنا ننظر في هواتفنا الجوالة إلى مشاهد (عن الأحداث) سمعنا طلقات نارية، وقررنا الفرار».
وتضع هذه القضية اليونان في موقف حرج، وتهدد بالتأثير على علاقاتها مع الدولة المجاورة، وهي علاقات لا تزال حساسة رغم التحسن الكبير التي طرأ عليها في السنوات الأخيرة على صعيد التعاون الاقتصادي.
وكانت اليونان من الدول الأولى التي أعربت عن «دعمها للحكومة المنتخبة ديمقراطيا» في تركيا، ليل الجمعة - السبت، في رد فعل سريع على محاولة الانقلاب. وعلى الأرض، فإن مسؤولاً في الجيش اليوناني أفاد بأن البحرية الحربية تلزم «تيقظا متزايدا» في بحر إيجة وعلى الحدود البحرية اليونانية - التركية، وأيضًا أمام جزيرة سيمي في بحر إيجة، قبالة تركيا، إثر ورود تقرير في الإعلام التركي يفيد بأن سفينتين من الأتراك الفارين حاولتا، الأربعاء الماضي، الوصول إلى مياه اليونان قبالة سواحل هذه الجزيرة.
من جهة أخرى، قال جاك ليو، وزير الخزانة الأميركي الذي كان يزور اليونان أول من أمس، إن الاضطرابات الحالية في تركيا ذات أهمية كبيرة لحل المشكلات المالية في اليونان المجاورة ويمكن أن تكون بمثابة مرساة للاستقرار الإقليمي.
واستخدم وزير الخزانة الأميركي تعبير «محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا» لدعم حجة الولايات المتحدة المستمرة منذ فترة طويلة في أن دائني اليونان يجب أن يدعموا إعادة هيكلة ديونها، كجزء من خطة أوسع لتحسين وضع اقتصادها المتدهور. ويأمل ليو، في أن تغير الاضطرابات الإقليمية الأخيرة مناخ المناقشات لتخفيف عبء الديون، مضيفًا أن ذلك هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله تلقائيًا، وأن هذا هو الوقت المناسب لتعزيز المستقبل المالي لليونان.
وأشار ليو إلى أنه حتى قبل محاولة انقلاب في تركيا يعد دور اليونان محوريًا نقطة عبور اللاجئين في أوروبا من سوريا والعراق وأماكن أخرى، وهو ما أدى إلى تجديد التركيز على الأهمية الجيوسياسية للبلاد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».