غاب منذ 26 عاما، وكلماته الصادقة لم تغب، الأسير و«الشهيد» فايق عبد الجليل غاب جسدا وبقيت روحه ومفرداته العذبة ترافقنا بين الحين والآخر، فايق هو معادلة غريبة، أسر من قبل نظام صدام حسين منذ 1990 واستشهد في أراضي العراق، ولكن بشعره لا يزال معنا يعطينا أملا في كل شيء، في الحب والفن، ضحى بنفسه ورفض الخروج من الكويت حبا في الوطن.
مجددا ظهر عمل غنائي جديد يفاجئ الجمهور والوسط الفني، كلمات فايق عبد الجليل وألحان الموسيقار طلال، ويبدو أن الموسيقار طلال يرفض تماما أن يخرج قطار الأغنية الخليجية خصوصا «السعودية» عن مساره الصحيح، وفي كل لحظة نقول إن حال الأغنية تغير والجمهور بات يبحث عن الأغنية السريعة التي لا تحوي مضمونا، يعود لنا «طلال» ليؤكد أن الجمهور ذواق للفن ويبحث عن العمل والمضمون الفني من خلال تقديمه أعمال «مكبلهة»، والذكاء هنا هو اختيار اسم «راشد الماجد» ليؤديها بصوته حتى يسمعها الجيل القديم والجيل الجديد، وهذا ما حصل، حيث حققت أغنية «الليل والناس الضيوف» نجاحا جماهيريا كبيرا منذ تقديمها الأسبوع الماضي، خصوصا من الجيل الجديد، الذي تعرف من خلال هذا العمل على شاعر كبير بحجم فايق عبد الجليل.
وفي السياق نفسه، القصيدة كتبت تحديدا في 16 - 11 - 1978 في نهاية السبعينات الميلادية، وكانت من ضمن أوراق فايق حتى منتصف الثمانينات الميلادية سمع الملحن طلال، الذي يقدم مجموعة من ألحانه الغنائية، مطلع القصيدة من فايق عبد الجليل ولكن لم يلحنها وأخذ منها قصائد أخرى لحنها وخرجت إلى الجمهور. وفي العام الماضي هاتف الملحن طلال نجل فايق عبد الجليل «فارس»، وقال: «هناك نص قديم كتبه والدك أتذكر أنه يحتوي على كلمات فيه الليل والناس والضيوف، رد فارس سأبحث عنه، ووجدها فارس بين أوراق والده القديمة. («الشرق الأوسط» تنشر بصفة ذاتية صورا من القصيدة بخط يد فايق عبد الجليل). وفي بداية العام الحالي تم تلحين العمل الذي خرج للجمهور أخيرا، ولا يزال يحقق نجاحا مختلفا. فارس فايق عبد الجليل قال لـ«الشرق الأوسط» بعد طرح العمل: «الملحن طلال أثبت من خلال هذا العمل أن الحس وحده لا يكفي فكانت الخبرة والحس الفني يلعبان دورا كبيرا عن طلال لتقديم تلك الجملة اللحنية الفريدة التي انسجمت مع كلمات العمل، وأكد فارس أن الملحن طلال كان له دور كبير في تقديم والدي للساحة الفنية السعودية».
وطلال منذ الثمانينات اجتمع مع فايق عبد الجليل في عدة أعمال غنائية شهيرة حققت اهتماما كبيرا من الجمهور الخليجي والعربي آنذاك، ولا تزال كثير من تلك الأعمال تردد حتى الآن ومنها أغنية «بنلتقي» وأغنية «العين ما تعلى على الحاجب» للفنان علي عبد الكريم وأغنية «زلزليني» للراحل طلال مداح وأغنية «فينا واحد بيلعب» لطلال مداح وأغنية «أنا آسف» للفنان عبد الكريم عبد القادر وأغنيتا «نعم تقدر» و«أتحداك» للفنانة رباب. وأيضا قدم مع محمد عبده «بعلن عليها الحب» و«الله معاك». ويبحث الملحن طلال حاليا في تقديم القصيدة العربية والتوجه إلى العمل الفني من خلال أعماله الأخيرة التي يلحنها للشاعر فايق عبد الجليل والشاعر نزار قباني.
وكان «الشهيد» الكويتي فايق عبد الجليل يتعرض لكثير من التساؤلات في الثمانينات من الصحافة الكويتية عن سبب خروج أكثر أعماله من «حناجر سعودية»، حيث جاء رده بليغا وواضحا، حيث قال في إحدى تصريحاته: «أنا أؤمن بأن الوطن واحد وأن الأغنية واحدة وأن الحناجر مهما اختلفت لهجاتها تلتقي دائما عند بوابة العروبة أو تلتقي عند بوابة الحب، أنا لم أمارس (التهريب) بين حدود دوله عربية وأخرى ولكنني أحاول أن أبث روح الوحدة من خلال أغنية تسافر إلى كل الجهات من دون تأشيرة سفر ومن دون أوراق رسمية». في حين سئل عن سبب ارتباط شعره بمجموعة معينة من مطربين وملحنين، فأجاب: «لم علي أن أكتب على بيتي الشعري والدعوة عامة... بيتي الشعري صغير جدا لا يتحمل أكثر من أصابع اليد الواحدة... بيتي الشعري لا يتمتع بالكهرباء لكنه يتمتع بضوء المبدعين، فعندما يدخل المبدعون إلى بيتي الشعري يبدأ النور ويكتب على جدران غرفتي كلمات الربيع والخريف وتبدأ الفصول الأربعة تتموج بين دفتر روحي ودفتر أوراقي».
نجل فايق عبد الجليل: طلال جمع في لحن «الليل والناس الضيوف» حسه وخبرته
«الشهيد» الكويتي كتبها في عام 1978 وتم تلحينها بداية العام الحالي
نجل فايق عبد الجليل: طلال جمع في لحن «الليل والناس الضيوف» حسه وخبرته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة