التقارب الروسي ـ التركي.. هل سيكون نهاية الحرب البادرة بين البلدين؟!

الانقلاب الفاشل أوجد فرصة لمزيد من التعاون على حساب علاقات أنقرة مع أوروبا وأميركا

إردوغان يدلي ببيان من قصره الجديد في أنقرة («الشرق الأوسط»)
إردوغان يدلي ببيان من قصره الجديد في أنقرة («الشرق الأوسط»)
TT

التقارب الروسي ـ التركي.. هل سيكون نهاية الحرب البادرة بين البلدين؟!

إردوغان يدلي ببيان من قصره الجديد في أنقرة («الشرق الأوسط»)
إردوغان يدلي ببيان من قصره الجديد في أنقرة («الشرق الأوسط»)

جاء تطبيع تركيا للعلاقات مع روسيا نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي خبرا سارا للأتراك. ففي أعقاب موجة الهجمات الإرهابية التي شنتها العصابات الكردية وتنظيم داعش، شهدت البلاد موجات نزوح عاتية للمهاجرين، مما تسبب في مشكلات اقتصادية تزامنت مع العقوبات الروسية ومزيد من الاحتكاك مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.. تسبب كل ذلك في أن يشعر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن بلاده لم تعد قادرة على تحمل تبعات الحرب الباردة مع موسكو.
وباعتذاره عن إقدام تركيا على إسقاط طائرة حربية روسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، مهد إردوغان الطريق لاستئناف العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني بين البلدين. بيد أن الاعتذار لن يضعف من النفوذ الروسي المتنامي في الفناء الخلفي لتركيا. الأهم من إسقاط الطائرة هو أن التحول الجغرافي السياسي، الذي أدى إلى زيادة النفوذ الروسي في منطقة البحر الأسود والقوقاز والشرق الأوسط بالكامل على حساب أنقرة، وضع نهاية للشراكة الروسية التركية الاستراتيجية القصيرة التي لم تظهر سوى في النصف الأول من القرن الحالي، بحسب تقرير نشرته «فورين أفيرز».
في السنوات المقبلة، سوف يستمر النفوذ الروسي في الجوار التركي في الحد من فرص الشراكة بين أنقرة وموسكو. ورغم أن محاولة الانقلاب الفاشلة ضد إردوغان أوجدت الفرصة لمزيد من التعاون الروسي التركي على المدى القصير على حساب علاقات أنقرة مع الولايات المتحدة وأوروبا، فقد تسبب ذلك في إضعاف تركيا وجعلها أكثر عرضة للضغط الروسي. وسوف تتسبب كل تلك التطورات في ازدياد فرص إقامة شراكة غير متكافئة على المدى البعيد بين البلدين.
وشهد العقد الأول من القرن الحالي شراكة قوية بين روسيا وتركيا وضعت حدا للمواجهات التي دامت لعدة قرون، حيث بدأت الطموحات الاستراتيجية للبلدين في التقارب، إذ يتطلع كل طرف إلى لعب دور أكبر في النظام العالمي، ويشعر كل منهما بضيق متزايد من رفض دول الغرب إفساح المجال لهما على الطاولة. وفي ظل الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الدولتان، بدأت أنقرة وموسكو تركزان على التعاون الاقتصادي، وعلى تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية بينهما. وبحلول عام 2015، أصبحت روسيا ثالث أكبر شريك تجاري لتركيا، ورابع أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي، والمورّد الأساسي للغاز الطبيعي، وأصبح السياح الروس مشهدا مألوفا في المنتجعات السياحية التركية.
وتسبب قرار روسيا في نوفمبر (تشرين ثاني) 2015 بفرض عقوبات على تركيا لإسقاطها طائرة حربية روسية في ضرر كبير للاقتصاد التركي. وركزت موسكو عقوباتها على الأعمدة الثلاثة للعلاقات الاقتصادية الثنائية وهي الزراعة، والتشييد، والسياحة. ومن بين الإجراءات التي اتخذتها روسيا كان حظر استيراد الأغذية من تركيا، وحظرت نشاط شركات الإنشاءات التركية في روسيا، وحظرت طيران الشارتر بين البلدين، ولغت اتفاقية الإعفاء من تأشيرة الدخول التي كانت موسكو وتركيا وقعتها عام 2010. وعلقت روسيا نشاط عملاق الغاز الروسي «غازبروم» بأن أوقفت خططه لتوصيل خط جديد عبر البحر الأسود إلى تركيا. كذلك علقت شركة «روساتوم»، مؤسسة نووية روسية مملوكة للدولة، العمل في مفاعل نووي كانت تشييده بمدينة أكيويا التركية. وطبقا لتقديرات البنك الدولي للإسكان والتعمير، سوف تتسبب العقوبات في تراجع الناتج المحلي الإجمالي بواقع 0.7 في المائة عام 2016 في حال استمرت حتى نهاية العام.
وكان للمواجهات مع روسيا أثرها السلبي على جهود أنقرة في التعامل مع الأزمة السورية، وتسبب الصراع في تحفيز روسيا على دعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وكذلك إيران وميليشيا ما يسمى «حزب الله» الشيعية ضد تركيا، وهي بدورها، مع عدد من دول الخليج العربي والدول الأوروبية، تساند كثيرا من الجماعات السنية المتمردة التي تسعى للإطاحة بالأسد. وفي الشهور التي تلت حادث إسقاط الطائرة، صعدت موسكو إجراءاتها ضد المصالح التركية في سوريا باستخدام قواتها الجوية لمهاجمة الجماعات المتمردة المدعومة من تركيا. في المقابل، فر كثير من السوريين من منازلهم وتوجهوا إلى تركيا، التي تستضيف الآن أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، بحسب «فورين أفيرز».
ومن شأن قيام إردوغان بنزع أحشاء جيشه أن يجعله غير قادر على مواجهة توسع النفوذ الروسي.
وفي الوقت نفسه، وفرت روسيا دعما إضافيا لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ومقره سوريا، مما تسبب في حالة من الذعر بين القادة الأتراك الذين يرون الحزب بوصفه امتدادا لحزب العمال الكردستاني، وهي الجماعة التي تخوض حربا انفصالية جنوب شرقي تركيا بعد أن ظهرت على السطح العام الماضي. سمحت روسيا لحزب الاتحاد الديمقراطي التركي الذي خلق أمرا واقعا في شمال سوريا أن يفتتح مكتبا للتمثيل في موسكو، وشن سلاح الطيران الروسي هجمات صاروخية مهدت الطريق أمام الأكراد السوريين للاستيلاء على مزيد من الأرض (زعمت أنقرة كذلك أن إمدادات الجيش الروسي لحزب الاتحاد الديمقراطي قد جرى تهريبها عبر الحدود السورية التركية، لينتهي بها المطاف بين يدي مقاتلي حزب العمال الكردي).
في السياق ذاته، لم تكن مفاجأة أن يهرول إردوغان لتطبيع العلاقات مع روسيا. وفي ضوء الزيادة المفاجئة في وتيرة هجمات «داعش» في تركيا، فقد بدا أن فشل استراتيجية تركيا في التعامل مع الحرب الأهلية السورية، وازدياد عزلة أنقرة الدولية، وتفاقم الصراع مع حزب العمال التركي، وارتفاع التكلفة الاقتصادية والاستراتيجية للانتقام الروسي، بدت كلها وكأنها أقنعت الحكومة التركية أنها لم يعد بوسعها تحمل عبء المواجهة مع موسكو. وبدا أسلوب اعتذار إردوغان وكأنه قصد تمهيد الطريق أمام تركيا للتراجع عن مطلبها الخاص بسرعة إسقاط نظام الأسد (الذي بدا غير وارد لبعض الوقت)، في مقابل وضع نهاية للعقوبات الروسية، وعودة الدعم الروسي لحزب الاتحاد الديمقراطي. وفي حال نجحت المناورة، ستتمكن أنقرة من التركيز على التحديات العاجلة المتمثلة في مواجهة حزب العمال الكردستاني و«داعش»، إذ يتطلب الأمر التعاون مع روسيا لمواجهة الأخير.
في الأسابيع القليلة الماضية، لغت روسيا الحظر الذي فرضته على رحلات الشارتر إلى المنتجعات التركية، وسمحت بإجراء مباحثات تهدف إلى استئناف العلاقات الاقتصادية الطبيعية بين البلدين. وفي أعقاب الهجوم الانتحاري الذي نفذه تنظيم داعش في مطار إسطنبول الدولي، اجتمع وزيرا خارجية روسيا وتركيا في مدينة سوشي الروسية، واتفقا على استئناف التعاون العسكري والجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب.

وداعًا لكل ما مضى
على الأرجح، لن يعوض التفاهم الروسي التركي الشراكة الاستراتيجية التي ميزت العلاقة بين أنقرة وموسكو قبيل الصراع السوري. وكانت أولى بذور تلك الشراكة قد وضعت في نهاية التسعينات من القرن الماضي، غير أنها لم تظهر قبل وصول إردوغان إلى منصبه الرئاسي عام 2003. ومنذ هذا التاريخ وحتى الآن، ونظرا للسمات المشتركة بين إردوغان وبوتين التي تتمثل في قوة نظاميهما الفاشستيين والكيمياء المشتركة بينهما، فقد واجه الاثنان منغصات في التعامل مع النظام العالمي الذي تهيمن عليه أوروبا التي سعت للاستحواذ على كلتا الدولتين داخل منظومتها. كذلك تشترك تركيا بقيادة إردوغان وروسيا بقيادة بوتين في بعض المصالح الاقتصادية مثل تصدير شحنات الغاز إلى أوروبا من خلال أنابيب النفط التي تمر بتركيا.
في الحقيقة، ما سهل الشراكة الروسية التركية هو انسحاب القوة العسكرية الروسية من الحدود التركية عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. فمن حرب القرم إلى الحرب البادرة، وكنتيجة لحال عدم الاستقرار التركي في مواجهة الجيش الروسي، وجدت تركيا نفسها مجبرة على ربط نفسها بدول أقوى في أوروبا وأميركا الشمالية - فرنسا والمملكة المتحدة في الخمسينات من القرن التاسع عشر، وألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى، وحلف شمال الأطلسي الذي تأسس في الخمسينات من القرن العشرين.



الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.