بمجرد إسناده دور رئيس الجمهورية إلى امرأة يكون المخرج رونالد إيميريش قد أعلن تأييده للمرشحة هيلاري كلينتون. ففيلم يأتي في مثل هذه الأيام الحاسمة في الانتخابات الأميركية ليسند رئاسة الجمهورية في نص حكايته الخيالية إلى امرأة هو خط مواز لطموح هيلاري كلينتون نفسها.
الفيلم هو «يوم الاستقلال: انبعاث» والرئيسة اسمها لانفورد وتقوم بها سيلا وورد والدور لم يكن ليعكس ما يعكسه من تأييد لولا أن المخرج وضع صورة الرئيسة في إطار إيجابي، فلانفورد قوية وتلجأ إلى القرارات الصحيحة.
هذه ليست المرّة الأولى التي يتنبأ فيها فيلم روائي بالكامل بوصول امرأة إلى سدة البيت الأبيض فمن العام 1953 إلى اليوم هناك ثمانية أفلام أخرى لعبت المرأة فيها هذا الدور. هناك إرنستين بارييه (لعبت غالبًا حلقات تلفزيونية) في «المشروع مون بايز» وهو فيلم خيالي - علمي للأولاد ليس له مكان في التاريخ.
بعد 11 سنة قامت بولي برغن بالدور في فيلم كوميدي يحمل عنوان «قبلات إلى رئيسي» (1964). بمراجعة تلك الأفلام نجدها جميعًا غير معروفة باستثناء «مافيا» (1998) الذي قامت بدور الرئيسة فيه كرستينا أبلغيت ولاحقًا «فريق العدالة: آلهات ووحوش» الذي قامت بيني جونسون جيرولد بتمثيل الدور المحفور سابقًا على صفحات مجلة الكوميكس.
* أول رئيس على الشاشة
لكن العادة الكاسحة بالطبع هي أن يأتي رئيس الجمهورية رجلاً وليس أنثى وفي ذلك محاكاة للواقع فلم يصل إلى البيت الأبيض أنثى من قبل، بل تأخر وصول رئيس غير أبيض البشرة والعنصر حتى مطلع هذا القرن عندما تولى باراك أوباما الرئاسة كأول رئيس أفرو - أميركي في التاريخ.
إنها محاكاة للواقع فعلاً لكنها تبقى خيالية. كما الحال عندما سجل الممثل وولتر هيوستون (والد المخرج الراحل جون هيوستون) أول ظهور لأي ممثل في دور رئيس جمهورية وذلك في فيلم أخلاقي النبرة عنوانه «غبريال فوق البيت الأبيض» سنة 1933.
أيامها وحتى الستينات كان من النادر أن تجد فيلمًا روائيًا فيه دور لرئيس الجمهورية. لكن لاحقًا ما ازدادت الحاجة لاستعارة البيت الأبيض ومن فيه للظهور في الأفلام عوض الاكتفاء بالحديث عنها شفهيًا. فمن العبارات المتكررة في الأفلام السابقة، وجلها خيال علمي أو حربية، عبارة «اتصل بي السيد الرئيس وأخبرني»، و«سأحيل الأمر إلى الرئيس مباشرة».
البديل هو أن يظهر الرئيس نفسه ليقول ما كان يتردد على ألسنة سواه. في الخمسينات هناك فيلم خيالي واحد ظهر فيه رئيس جمهورية خيالي وهو «حرب الساتالايت» سنة 1958 (قام به روي غوردن). لكن العدد ارتفع إلى ثمانية في الستينات ثم تضاعف مع مرور السنوات والعقود حتى وصل إلى 29 فيلمًا في السنوات الخمس الأخيرة وحدها.
هذا في نطاق الأفلام الخيالية وحدها، لا تلك التسجيلية ولا تلك الروائية التي تتحدث عن حياة رئيس بالاستناد إلى وقائع حقيقية أو مذكرات شخصية أو غير شخصية.
هذه لها تاريخ أبعد بكثير. فهناك فيلم قصير (من نحو ثلاث دقائق) يصوّر الرئيس ويليام مكينغلي (الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة) وهو خارج من داره سنة 1899. أخرج ذلك الفيلم وصوّره ج. و. بيتزر الذي نشط منذ ذلك التاريخ وحتى العام 1934 منجزًا ثروة من الأفلام بلغ عددها 1258 فيلمًا. لا يهم أن معظمها كان قصيرًا ووقع في السنوات العشرين الأولى من اختراع السينما.
جورج واشنطن تم تقديمه في 16 فيلمًا روائيًا تحدّثت عنه على نحو يتراوح بين الالتزام بالحقيقة وتلوينها بقدر أكبر من الخيال. من بين من مثل الدور من المشهورين جف دانيالز في «العبور» (2000). في هذا الفيلم التلفزيوني الإنتاج متابعة للمرحلة التي قاد فيها جورج واشنطن قواته لتحرير أميركا من الوجود البريطاني.
لكن الرئيس الأميركي الأكثر ظهورًا على الشاشة هو أبراهام لينكولن فهناك ما لا يقل عن 30 فيلمًا حوته في أدوارها. وولتر هيوستون لعب الدور في فيلم «إبراهام لينكولن» لديفيد وورك غريفيث سنة 1930. هنري فوندا لعب دوره في «مستر لينكولن الشاب» (1939) وفي سنوات أقرب شاهدنا دانيال داي لويس في الدور عندما اختاره ستيفن سبيلبرغ لبطولة «لينكولن» سنة 2012 وهو أشهر ممثلي الزمن الحالي ممن قاموا بذلك الدور.
* شرف سري
فرانكلين روزفلت انعكست شخصية عشر مرات في الفيلم آخرها عندما قام الكوميدي بل موراي بدوره «في هايد بارك على الهدسون» (2012) وكان سبق لجون فويت أن لعب الدور سنة 2001 في «بيرل هاربور». ومن الأكثر شيوعًا الأفلام التي دارت حول الرئيس جون ف. كندي أو شملته من بين الشخصيات الحقيقية أو الخيالية الأخرى، كما الحال في «13 يومًا» عندما قام بروس غرينوود بتمثيله سنة 2000.
معظم من ورد في السينما من رؤساء جمهورية الولايات المتحدة (40 رئيسًا حتى الآن) ظهر في صور إيجابية بمن فيهم رونالد ريغان، الرئيس الذي وصل إلى البيت الأبيض عن طريق هوليوود، الذي ظهرت شخصيته في تسعة أفلام معظمها إيجابي. لكن الصورة السلبية لم تغب عن الظهور وذلك تبعًا لما تركه كل رئيس من إرث. جورج دبليو بوش كان مادة كوميدية في فيلمين هما «المسدس العاري: رائحة الخوف» و«طلقات ساخنة: 2» وموضع نقد مبطن حين مثله جيمس كرومويل في فيلم أوليفر ستون «W».
لكن الأكثر عرضة للانتقاد كان الرئيس ريتشارد نيكسون الذي بثت هوليوود صوبه كرها مستمدًا من كرهها (والأميركيين عمومًا لمرحلته الرئاسية. أساسًا هو الرئيس الأميركي الوحيد في التاريخ الأميركي الذي استقال قبل أن تنتهي فترته الرئاسية، وحدث ذلك تبعًا لفضيحة ووترغيت التي تناولتها السينما مرارًا. أفضل فيلم كان أقلها مشاهدة وهو «شرف سري» الذي حققه روبرت ألتمن سنة 1984 علما بأن «كل رجال الرئيس» (إخراج آلان ج باكولا، 1976) تحدّث عن فضيحة ووترغيت لكنه قدّم رتشارد نيكسون من خلال لقطات وثائقية وليس من خلال ممثل قام بدوره.
في «شرف سري» شاهدنا الممثل فيليب باكر هول يؤدي الفيلم وحده مانحًا الشاشة حضورًا فريدًا له وللرئيس الذي يؤديه.
كل هذا من دون أن نحسب الأفلام التسجيلية التي نسجت توجهاتها السياسية تبعًا لمواقفها المتعددة. فجل الأفلام التي تحدثت عن حروب الولايات المتحدة الخارجية (فيتنام، العراق، إلخ..) وفرت الكثير من المشاهد الوثائقية للرؤساء المتعاقبين من جون وروبرت كندي إلى ليندون جونسون، ونيكسون وبوش الأكبر والأصغر وصولاً إلى باراك أوباما.
7:57 دقيقة
صور إيجابية وسلبية وكوميدية لرؤساء أميركا
https://aawsat.com/home/article/694931/%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%B1%D8%A4%D8%B3%D8%A7%D8%A1-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D8%A7
صور إيجابية وسلبية وكوميدية لرؤساء أميركا
السينما في معركة الرئاسة
- لوس أنجليس: محمد رُضا
- لوس أنجليس: محمد رُضا
صور إيجابية وسلبية وكوميدية لرؤساء أميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة