يحاول المنتخب البرازيلي الأولمبي التخلص من سيطرة شبح هزيمة المنتخب الأول 7/ 1 أمام نظيره الألماني في بطولة كأس العالم 2014، والتركيز في حصد الميدالية الذهبية الأولى له في الأولمبياد، وذلك خلال دورة ريو دي جانيرو 2016. وقال ظهير المنتخب البرازيلي دوغلاس سانتوس: «نعلم أن 7/ 1 نتيجة ستكون محلا للحديث لسنوات طويلة، ولكن لا يمكن أن نظل مرعوبين مما حدث في الماضي، علينا أن نفكر في أهدافنا الحالية، وهي الفوز بالميدالية الذهبية».
وتوافق اللاعب البرازيلي تياغو ميا مع مواطنه سانتوس معترفا بأن البرازيل ستظل تتعرض للوم دائما بسبب نتيجة 7/ 1 التاريخية. وتابع: «ولكن علينا أن نغير هذا، وما علينا فعله هو أن نقاتل من أجل أن تفوز البلاد بميداليتها الذهبية الأولى». ويقيم المنتخب البرازيلي معسكره حاليا في مركز تدريبات غرانجا كوماري التابع لاتحاد البرازيل لكرة القدم بمنطقة تيريسوبوليس الجبلية بولاية ريو دي جانيرو. وإدراكا منهم أن مدرب المنتخب البرازيلي الأول، أدينور ليوناردو باتشي «تيتي»، سيكون مهتما بمتابعة الأداء الفردي لكل منهم، اعترف اللاعبون بأنهم سيحاولون إظهار أفضل مستوياتهم أمام المدير الفني، بالإضافة إلى قتالهم من أجل حصد الميدالية الذهبية الأولى للبرازيل.
وبدأ تيتي، الذي تولى المسؤولية الفنية للمنتخب البرازيلي الأول في يونيو (حزيران) الماضي، خلفا للمدرب السابق كارلوس دونغا، التحضير لمنافسات تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة لبطولة كأس العالم 2018 في روسيا، التي تحتل البرازيل فيها المركز السادس، وهو ما يهدد تأهلها إلى المونديال المقبل. ومن جانبه، قال المدافع رودريغو كايو: «من المنطقي أن تيتي سيتابع عملنا هنا، ما سيحدث في المستقبل سيكون نتيجة لما نقدمه داخل الملعب ليس فقط في الأولمبياد ولكن في أنديتنا أيضا».
وتستهل البرازيل مشوارها في الدورة الأولمبية في الرابع من أغسطس (آب) المقبل أمام جنوب أفريقيا، حيث تقام هذه المباراة قبل يوم واحد من الافتتاح الرسمي للدورة الأولمبية «ريو 2016» في ملعب ماراكانا الأسطوري.
وقبل نحو أسبوعين من انطلاق الألعاب الأولمبية الأولى في أميركا الجنوبية بالبرازيل، التقطت مدينة ريو دي جانيرو المنظمة أنفاسها، لكن في مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في 80 عاما وارتفاع معدل الجريمة، وتغيب علامات الفرح عن وجوه البرازيليين. في الواقع، أصبحت الملاعب جاهزة، وتزين الألوان والأعلام الأولمبية «المدينة الساحرة» التي يقطنها 5.6 ملايين وتنحشر في مضيق بين المحيط وجبال رائعة مع كل هذا التباين الجذاب بين شوارع ميسورة تهدهد الشواطئ، وأخرى شعبية فقيرة ترتسم عليها علامات البؤس والحرمان. وتنتظر التجارة المحلية بدءًا من الفندق 5 نجوم مرورا بالمخزن الصغير الذي يبيع الأدوات الأولمبية «المصنوعة في الصين» بفارغ الصبر قدوم نحو 500 ألف سائح من أربع زوايا الأرض.
ويعرف البرازيليون بأنهم عشاق لكرة القدم، لكنهم أيضًا هواة للرياضة بمختلف أنواعها، ورغم الوضع الرمادي المعيش يوميا، ما من شك في أن الألعاب الأولمبية ستشكل فاصلا سعيدا من فواصل وحلقات حياتهم. ومن شأن الديكور المخصص لأكبر حدث رياضي على وجه هذه البسيطة (10500 رياضي في 42 لعبة رياضية) أن يحبس أنفاس مئات ملايين المشاهدين: فمن القوارب الشراعية إلى نجوم السرعة في المضمار سيتواجهون تحت «ذراعين مفتوحتين للمسيح».. لكن خليطًا من الأعمال الإجرامية في ارتفاع مستمر، وبطالة متصاعدة بقفزات، وفيروس زيكا وإفلاس ولاية ريو دي جانيرو وفضائح الفساد وأزمة سياسية تاريخية ستفضي على الأرجح إلى إقالة الرئيسة ديما روسيف بعد انتهاء الألعاب مباشرة، كل هذا مجتمعًا لا يمكن أن يدع الفرحة ترتسم على شفاه البرازيليين.
وتُختصر الألعاب بالنسبة إلى كثيرين في عملية إلهاء مكلفة جدا، وفيليبي (31 عاما)، المنقذ على شاطئ كوبيكابانا واحد من هؤلاء: «شفطت الألعاب الأولمبية المال الذي كان بالإمكان استخدامه في تحسين حياة الناس بدل أن نقيم تغييرات تجميلية جميلة للغرباء».
على بعد أمتار معدودة، وتحت شمس شتوية معتدلة حيث تصل الحرارة إلى 23 درجة مئوية، يقف عشرات العمال منتصبين كحبال مشدودة لإنهاء هيكل معدني هائل مؤقت لحرم لعبة الكرة الطائرة الشاطئية مرتفع وأشبه ببناء شاهق من عدة طوابق.
والمشكلات التي تمت مواجهتها في بناء هذا الصرح تلخص التحدي الكبير لتنظيم الألعاب في ريو دي جانيرو، هذه المدينة التي تتسم بالسحر والفوضى في آن معا. وكثيرًا ما تعطلت الأعمال بسبب الأحوال البيئية والمناخية، وأدت الأمواج العاتية إلى الإضرار بقاعدة هذا البناء مما استلزم إقامة جدار رملي بطول 300 متر لحمايته، وتعمل البلدوزرات باستمرار على تعزيزه.. وذات صباح، وجدت بالقرب منه جثة متفسخة لسيدة.
بالتأكيد، استطاعت ريو دي جانيرو إسكات المشككين في قدرتها على إنهاء الأعمال في المواعيد المحددة، وعموما ضمن الميزانيات الموضوعة لها، باستثناء مضمار منافسات الفروسية الذي تأخر قليلا بسبب إفلاس منفذه، ولم يكن بالإمكان إجراء أي اختبار حقيقي عليه. ويبقى خليج غوانابارا عبارة عن «بالوعة» تصب فيها المياه المبتذلة على الرغم من الوعود المخيبة للآمال بإزالة التلوث منه بنسبة 80 في المائة، وهذا يعرض المتنافسين في رياضة الشراع للجراثيم في حال السقوط في البحر أو حتى إهدار ميدالية بسبب الهروب من كيس بلاستيكي في الطريق.
وبعيد افتتاح مضمار بُني على الكورنيش البحري لإقامة سباقات الدراجات الهوائية ضمن الألعاب الأولمبية، انهار جزئيا بعد أن ضربته موجة عاتية فتسبب في وفاة اثنين من المارة بالمكان، في حين تشكلت بعض الحفر على طريق بحري آخر. وأخيرًا وفي أفضل الحالات، لن يفتتح خط جديد للمترو يعتبر استراتيجيا بالنسبة إلى الحركة خلال الألعاب قبل الأول من الشهر المقبل مع تخفيض السعة بسبب عدم إجراء اختبارات كافية عليه. وقال عمدة ريو دي جانيرو إدواردو باييس: «كل شيء يشغل بالي»، وأسر لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه «متعجل لأن يبدأ الأولمبياد، ومتعجل أيضًا لأن تنتهي»، واعدا بأن «يعبر عن سعادته على أنغام السامبا بعد الألعاب الأولمبية، وأن يأخذ إجازة دون أجر لمدة عام».
وتؤكد البلدية أنها عملت على تحويل المدينة خلال عدة عقود، على إن تكون الأطراف الأساسية مكانا للبنى التحتية الجديدة التي تشكل مدخلاً للنقل العام لنحو 63 في المائة من البرازيليين في 2017 مقابل 19 في المائة فقط عام 2009. وتضاعفت السعة الفندقية في مدينة ريو دي جانيرو، وافتتحت قاعة جديدة في المطار الدولي، وتم جزئيا إنعاش منطقة الميناء التي كانت مهجورة بشكل دائم. وهناك سبب آخر يدعو للقلق ويتمثل في أمن المتفرجين - السياح حيث ارتفعت عمليات الاغتيال إلى أكثر من 13 في اليوم الواحد منذ مطلع العام الحالي، أي بزيادة 14 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وحصلت ولاية ريو أخيرا على مساعدة مالية طارئة من ولاية برازيليا لدفع رواتب عناصر الشرطة، لكن العصابات المسلحة لمروجي المخدرات تنمو وتتمدد. والخشية في المقام الأول من العنف المتطرف أكثر من خطر الاغتيالات، وصحيح أنه لم يطل البرازيل حتى الآن، لكن متطرفًا فرنسيًا هدد في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعيد اعتداءات باريس قائلا: «البرازيل، أنت هدفنا المقبل».
يُضاف إلى ذلك أن معتقلا سابقا في غوانتانامو رحل إلى أوروغواي، دخل بشكل غير شرعي الأراضي البرازيلية دون أن يترك أثرًا.. وسيسهر على أمن الألعاب أكثر من 85 ألف شرطي وعسكري، أي أكثر مرتين من العدد الذي خصص لأولمبياد لندن 2012.
أولمبياد 2016.. ينتظره البرازيليون لتجفيف دموع مونديال 2014
ريو دي جانيرو.. مدينة السحر والفوضى تتزين للحدث العالمي بابتسامة وخوف وحذر
أولمبياد 2016.. ينتظره البرازيليون لتجفيف دموع مونديال 2014
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة