عام مر على العلاقات الكوبية الأميركية منذ التطبيع الدبلوماسي بينهما، الذي جاء بعد زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الجزيرة الكوبية منذ 12 شهرا، ولقائه وقتها مع نظيره الكوبي راؤول كاسترو، في هافانا.
ساعاتها، اهتمت وسائل الإعلام الغربية المحلية والأجنبية بهذه الزيارة، وتوقع كثير من المراقبين اختفاء المشكلات بين البلدين بشكل سريع، مما دفع إلى تدفق استثمارات أميركية طفيفة إلى هافانا، واستعادة رحلات الطيران فيما بينهما، ليس بالشكل الكامل ولكن على الأقل في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل ستستأنف الخطوط الجوية بشكل تام.
وفي خطاب بثه التلفزيون الكوبي، دعا راؤول كاسترو الكوبيين إلى دفن آخر مظاهر الحرب الباردة، ودافع عن الحريات في هذا البلد الشيوعي. ومنذ نهاية عام 2014، بدأ مسؤولون من البلدين مفاوضات تشمل عددا كبيرا من المجالات، شملت حقوق الإنسان والاتصالات ومكافحة الاتجار بالمخدرات وحماية البيئة وإدارة المجال البحري المشترك.
لكن يرى محللون أن التقدم ما زال قليلا، على الرغم من عقد نحو 100 اجتماع منذ 2015. ومن أبرز مظاهر التقدم استئناف المبادلات البريدية المباشرة، وعودة السائحين الأميركيين إلى الجزيرة، وإبرام اتفاق على استئناف الرحلات الجوية المنتظمة بين البلدين، على أن تبدأ فعليا في سبتمبر أو أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ويرى السفير الإنجليزي السابق لدى كوبا، بول هير، أن العلاقة الحالية بين كوبا والولايات المتحدة معقدة، خصوصا أنهم يريدون علاقات جيدة، ولكن من دون أن يعرف الجميع بهذه العلاقة، ودون تغير آيديولوجي بين الطرفين.
كذلك العلاقة تبدو غريبة، وذلك لأن الكونغرس الأميركي حتى الآن لم يرفع العقوبات عن كوبا بشكل كامل، تلك العقوبات التي فرضت منذ أكثر من 54 عاما، على الرغم من زيارة أوباما إلى هناك.
وفي خضم الإعلان عن التقارب، تدفق دبلوماسيون ومسؤولون ومستثمرون أميركيون إلى الجزيرة، حرصا منهم على ما يبدو على ألا يتخلفوا عن دخول هذه السوق التي انقطعت فترة طويلة عن العالم الغربي. لكن التجارة الثنائية ما زالت محدودة، وما زال الحظر الأميركي المفروض منذ 1962 يعرقل الاستثمار الأجنبي والمبادرات الضرورية للانفتاح الاقتصادي، الذي بدأه راؤول كاسترو في السنوات الأخيرة.
وقد رفع عدد من القيود التجارية المفروضة على الجزيرة، مثل (الاتصالات والتحويلات المالية والزراعية)، بمبادرة من البيت الأبيض، لكن الإلغاء الشامل للحظر لا يمكن أن يقرره إلا الكونغرس الذي لا تزال أكثريته الجمهورية تعارض التقارب مع هافانا.
وقد تمكنت مؤسسات مثل «نتفليكس» و«إير بي إن بي» من توسيع نشاطاتها في الجزيرة هذه السنة، عبر السماح فقط بالدفع ببطاقات اعتماد صادرة عن مصارف أجنبية. ودشنت شبكة «ستاروود» الفندقية، أواخر يونيو (حزيران) فندقا في هافانا، فبدأت بذلك عودة شركة أميركية متعددة الجنسيات إلى كوبا للمرة الأولى منذ ثورة كاسترو 1959.
والجانب الكوبي أيضًا لم يكن بنفس المرونة، فقد رفضت هافانا عمل المراكز والمؤسسات البحثية الخاصة بتعليم الديمقراطية، واتهمت هافانا هذه المؤسسات بالعمالة، وهددت بأن هذه المؤسسات تضر العلاقة بين البلدين، وأنها لن تسمح بها.
وما زال السائحون الأميركيون لا يستطيعون التوجه بصورة فردية إلى الجزيرة، لكن إدارة أوباما خففت القيود للرحلات من أجل أهداف تربوية وثقافية ورياضية أو دينية.
وقد توجه نحو 100 ألف أميركي إلى كوبا في الأشهر الأربعة الأولى من 2016، فضاعفوا بذلك مرتين عدد السائحين في الفترة نفسها من 2015.
وفي 29 مايو (أيار) 2015، سحبت الولايات المتحدة كوبا من لائحتها السوداء «للدول الداعمة للإرهاب»، ففتحت بذلك الطريق لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد شهرين، لكن التطبيع الشامل للعلاقات ما زال رهنا بالتوصل إلى إيجاد حل لعدد كبير من الخلافات المستمرة.
وقال مايكل شيفتر، رئيس مركز الحوار والتحليل الأميركي، إن كوبا تحتاج إلى الولايات المتحدة، أكثر من أي وقت مضى، وذلك لتعويضها عن فنزويلا، وفتح السوق السياحي الذي سيدر المال لتحريك الاقتصاد الكوبي، كما أن محللين يرون أن العلاقة بين البلدين تعتبر شابة، وستحتاج للوقت حتى تتطور.
فتور ملحوظ بعد مرور عام على تطبيع العلاقات بين كوبا وأميركا
مراقبون: رغم التقارب بين الطرفين فإن الحظر لم يرفع بشكل كامل من قبل الكونغرس الأميركي
فتور ملحوظ بعد مرور عام على تطبيع العلاقات بين كوبا وأميركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة