كشفت رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة تيريزا ماي، التي شبهت بمارغريت ثاتشر على أنها امرأة «صعبة وحديدية»، عن جانب صارم من شخصيتها خلال النقاش البرلماني على تجديد ترسانة بريطانيا من الغواصات النووية. إذ حثت ماي المشرعين البريطانيين على دعم تجديد نظام ترايدنت للصواريخ النووية المحملة على غواصات لردع «تهديدات خطيرة».
ولأول مرة يجيب مسؤول بريطاني بهذه الصراحة خلال جلسة للبرلمان عن نيته بأنه مستعد للضغط على الزناد من أجل إطلاق الصواريخ الحاملة للأسلحة النووية، والتي قد تقتل مئات الآلاف من الناس. وخلال جلسة الاثنين أجابت ماي بنعم عندما سألها زعيم الحزب الوطني الاسكوتلندي في البرلمان، حول استعدادها لإطلاق أسلحة نووية فتاكة وقتل مئات الآلاف للدفاع عن بريطانيا. زعيم المجموعة الاسكوتلندية كرر السؤال لها عدة مرات. وقالت ماي للبرلمان، الذي دعم سياستها الدفاعية بأغلبية كبيرة في أول جلسة لها بعد توليها منصبها الجديد في نهاية الأسبوع الماضي: «لا يمكننا أن نتخلى عن حذرنا الأساسي بسبب مثالية ليست في محلها، ستكون هذه مقامرة متهورة». وتابعت «هناك خطر مستمر من مزيد من انتشار الأسلحة النووية.. علينا أن نكون على استعداد لردع التهديدات لحياتنا».
وحذرت ماي أعضاء الحزب الوطني الاسكوتلندي الـ58 من أنه بتصويتهم ضد ترايدنت، فإنهم «سيصوتون ضد فرص عمل لاسكوتلندا». وتُحمل الصواريخ على أربع غواصات ترتكز في اسكوتلندا. ولكن في بيان سياسي قال الحزب الوطني الاسكوتلندي أن الأسلحة النووية «لا أخلاقية، وغير فعالة ومكلفة».
ومع الإشارة إلى التكلفة الأولية التقديرية التي تبلغ 35 مليار جنيه إسترليني (41 مليار دولار) لاستبدال أربع غواصات على مدى السنوات الـ35 المقبلة، قالت ماي أن استمرار حيازة الأسلحة النووية يعد أمرًا حاسمًا للحفاظ على الوضع العسكري العالمي لبريطانيا. وأضافت: «التخلي عن الردع لدينا لن يؤدي إلى تقويض أمننا فقط ولكن أيضًا أمن حلفائنا في حلف الناتو».
ودعمت نقابة «جي إم بي»، وهي واحدة من أكبر النقابات العمالية في بريطانيا، الدعوة إلى تجديد ترايدنت «لإعطاء الاستقرار والأمن للعمال والصناعة». ويدعم أكبر أحزاب المعارضة، حزب العمال، تجديد ترايدنت لكن زعيم الحزب جيرمي كوربين يريد أن تتخلى بريطانيا عن أسلحتها النووية، وقد منح المشرعين الحرية في التصويت. وقال كوربين للبرلمان: «لا أعتقد أن التهديد بالقتل الجماعي هو وسيلة جيدة للتعامل مع العلاقات الدولية». ودعم الكثير من نواب حزب العمال ماي في التصويت، ولكن امتنع جزء كبير منهم عن التصويت ضده. وقبل المناقشة البرلمانية، قال وزير الدفاع مايكل فالون إنه لا بد أن تحتفظ بريطانيا بالأسلحة النووية لكي «تردع أي نوع من العداء، سواء من جانب دولة أو جماعة إرهابية».
وقال فالون لبرنامج «توداي» بمحطة «راديو فور» التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «لا يمكننا أن نضمن هوية التهديدات التي سوف تواجه بريطانيا في أربعينات وخمسينات هذا القرن»، مضيفًا أن عدم تجديد نظام ترايدنت «مغامرة ببساطة لا يمكننا تحملها». وأضاف الوزير: «نحتاج لضمان أن يكون (المهاجمون المحتملون) دائمًا غير متأكدين بشأن كيفية ردنا المحتمل وما إذا كان من المحتمل أن نثأر».
وصوت البرلمان البريطاني على تجديد الغواصات، التي تتخذ من المياه الاسكوتلندية قاعدة لها. وبمناسبة أول خطاب لها أمام البرلمان دافعت ماي عن تجديد البرنامج النووي الذي وصفته بأنه «الضمانة الأكيدة» لأمن البلاد. وبعد نقاشات ليلة الاثنين تم التصويت دون عقبات، لأن للمحافظين الأكثرية في البرلمان، وقسم من العماليين يؤيد ذلك، رغم مواقف زعيم الحزب جيريمي كوربن السلمية.
وبعد نقاشات دامت ست ساعات، تمت المصادقة على القرار بموافقة 472 نائبا في مقابل 117. وأيد أكثر من 70 في المائة من نواب حزب العمال (138 نائبا) على قرار حكومة المحافظين. ويعارض كوربن تجديد البرنامج النووي لكنه قرر أن يترك نوابه يصوتون بحرية. وبريطانيا بين الدول الثلاث الأعضاء في حلف شمال الأطلسي التي تملك السلاح النووي مع فرنسا والولايات المتحدة.
ولن يساهم التصويت بالتالي في تهدئة الأزمة التي تعصف بحزب العمال منذ تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويوجد مقر أسطول البلاد النووي المتهالك في فاسلان غرب اسكوتلندا، وسيتم استبداله بغواصات «ساكسيسور» يبدأ تشغيلها مطلع عام 2030.
وإحدى الغواصات الأربع البريطانية في مهمة في مكان ما في العالم، وغواصتان في ميناء تستعدان للإبحار، والرابعة في الصيانة. وفي فبراير (شباط) تظاهر عشرات الآلاف في لندن احتجاجًا على تجديد برنامج ترايدنت تلبية لدعوة حركات معارضة للنووي. وأمس الأول الاثنين أكدت الحملة المؤيدة لنزع السلاح النووي أن برنامج ترايدنت في الواقع سيكلف 205 مليارات جنيه.
ومن جانب آخر عبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقائه مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في لندن أمس الثلاثاء عن دهشته من قدرة بريطانيا على تغيير قادتها بهذه السرعة. وبعد أن توقف للسماح للمصورين بالتقاط صور له أمام باب مقر الحكومة البريطانية بلندن استدار ليرتطم رأسه بالباب قبل أن يدلف إلى الداخل. وقال كيري إنه «مندهش» من سرعة انتقال ماي إلى مقر إقامة رئيس الوزراء البريطاني يوم الأربعاء الماضي بعد خروج رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون مباشرة. وقال كيري لماي: «حدث الأمر بسرعة كبيرة.. إن ترتيب الانتقال هنا مختلف تمامًا عما يحدث في الولايات المتحدة».
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «نووية» وليست {حديدية}
في أول جلسة لها.. البرلمان يصادق على تجديد غواصات بريطانيا النووية
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «نووية» وليست {حديدية}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة