رؤية موجزة لتاريخ الأفكار الدينية

السواح يرى أن حكمة البشرية موجودة في أديانها وليست في الفلسفة

فراس السواح - غلاف الكتاب
فراس السواح - غلاف الكتاب
TT

رؤية موجزة لتاريخ الأفكار الدينية

فراس السواح - غلاف الكتاب
فراس السواح - غلاف الكتاب

في كتابه الجديد الذي يحمل الرقم 23 والصادر عن دار التكوين للنشر والتوزيع بدمشق، يحاول الباحث فراس السواح الإجابة عن أسئلة طالما وُجهت له في مقابلات صحافية وإذاعية وتلفزيونية. ومن هذه الأسئلة لماذا اختار الكتابة في موضوع الميثولوجيا والدين، ومنها أيضًا لماذا لا يجد المتابع رأيًا حاسمًا للسواح في المسألة الدينية، وغير ذلك من الأسئلة. في تقديمه لكتابه الجديد يقول السواح موضحًا المضمون والغاية مما يقدمه فيه قائلاً: «بعد تسلسل العمل عن طريق السين والجيم أنجزت ما كنت أصبو إليه، وهو صياغة رؤية موجزة لتاريخ الأفكار الدينية في تفاعلها وعلائقها مع بعضها بعضًا عبر مسيرة الثقافة الإنسانية، هذا التاريخ يصب في تيار ما يُدعى بتاريخ الأفكار العام، وهو منظومة معرفية جديدة تتوحد فيها الأفكار الحكموية والأفكار الفلسفية والأفكار الدينية. فعلى الرغم من أن الدين يتميز عن الحكمة والفلسفة بنظامه الطقسي الذي يهدف إلى إقامة الصلة بين المقدس والدنيوي، فإنه في جانبه الاعتقادي لا يختلف عن الفلسفة من حيث تقديمه للأجوبة عن الأسئلة الكبرى للإنسانية، وكلتا المنظومتين عبارة عن تفكير منظم في شؤون الحياة والكون، ولذلك فإننا في دراستنا للأفكار الدينية عبر التاريخ إنما نقوم بدراسة الجانب الأهم من تاريخ الأفكار العام، وذلك لما للأفكار الدينية من تأثير على البشر لا يعادله تأثير الأفكار الفلسفية».
الكتاب الذي يقع في 245 صفحة من القطع العادي، يضم 10 فصول أو محاور كما أطلق عليها السواح، وهي: الدين والفلسفة - الدين والحضارة - الدين والأسطورة - الديانات التوحيدية - التناص بين الكتب المقدسة - إله الغنوصية - صيغ أخرى لمفهوم الله الوحدانية في التعددية - غروب الآلهة - في الجاينية والبوذية والتاوية.
ربما كان أسلوب السؤال والجواب في كل محاور الكتاب أقرب للقارئ وأكثر جاذبية وراحة لعقله الباحث عن الطمأنينة، ولكن لذلك قصة وحكاية كما يقول السواح، حيث فضّل هذا الأسلوب على السرد المتصل. فمن خلال تعرفه بإعلامي سوري في الصين (حيث يقيم السواح) وفي لقاءات لكليهما كان يسأله الإعلامي ليجيبه ويُدار نقاش فيما بعد، فتبلورت فكرة السين والجيم كنمط لمضمون الكتاب، حيث وضع المؤلف نفسه مكان القارئ.
في محور الدين والفلسفة وفي جواب على سؤال هل نجحت الأديان برأيه في تحقيق ما عجزت عنه الفلسفة، يرى السواح أن الفلسفة هي حكمة شخص بعينه، أما الدين فهو حكمة شعب. وبينما تبقى الفلسفة محصورة في الأكاديميات، ينجح الدين في التمكن من قلوب وعقول شعب بأكمله. «ولذلك أقول إننا إذا ما أردنا البحث عن حكمة البشرية، فإننا سنجدها في تاريخ أديانها لا في تاريخ فلسفاتها». طبعًا يبرر السواح في سؤال لاحق سبب رأيه هذا وكيف استنتج مثلاً أن الفلسفة هي حكمة شخص واحد وغير ذلك.
في محور الدين والأسطورة يحاول السواح الغوص عميقًا في تاريخ ومعنى الأسطورة، فيرى، من خلال نظرة فاحصة لتاريخ الدين وجغرافيته أن هناك بنية موحدة للدين في أي مكان أو زمان، وهذه البنية تتألف من عدد من المكونات الرئيسية وهي: المعتقدات، والطقس، والأسطورة. وهكذا يدخلنا السواح في تحليل عميق لهذه المكونات ليعطينا وبشكل مختصر الجواب عن قدسية الأسطورة ووظائف النص الأسطوري وكيف يستجيب كل من العلم والفلسفة والأسطورة وعلى طريقته لمطلب النظام، أي لمطلب أن يعيش الإنسان ضمن عالم مفهوم ومرتب، وأن يتغلب على حالة الفوضى الخارجية التي تتبدى للوعي في مواجهته مع الطبيعة، ومنها مثلاً الفلسفة التي تتيح نظامًا من المفاهيم التجريدية المترابطة يدّعي تفسير العالم والعلم بدوره ينتج نظامًا من المبادئ والقوانين التي يعتمد بعضها على بعض وتنتهي بترميز العالم في بنى رياضية وفي مقابل هرم نظام المفاهيم الفلسفية وهرم نظام القوانين الرياضية، فإن الأسطورة تعتمد من جانبها على خلق نظام قوامه الآلهة والقوى الماورائية التي يعتمد بعضها على بعض في هرمية للأسباب والنتائج.
في المحور الثامن من الكتاب والمعنون (إله الغنوصية) وبإجابات عن أسئلة كثيرة حول اهتمام السواح بالغنوصية، يجيب معرّفًا بها بأنها طريقة صوفية اشتد عودها خلال القرون الميلادية الأولى في مصر وسوريا، ومنها شعّت نحو أقطار بعيدة فوصلت إلى الصين شرقًا وإلى فرنسا غربًا، كما أنها تمازجت مع المسيحية واليهودية، ثم مع الإسلام منذ مطلع القرن الرابع الهجري.
ويوضح السواح في هذا المحور أن الصوفية ليست حكرًا على دين بعينه، ولكنها تيار يسري في أديان متباعدة ومتخالفة، مقدمًّا أمثلة على الصوفية في الهندوسية والثقافات اليونانية والرومانية والشرق أوسطية، وهي تقوم على فكرة جوهرية مفادها أن روح الإنسان هي قبس من روح خالقه، ولكن الإنسان جاهل بهذه الحقيقة.
أما مصطلح الغنوصية وهي كلمة يونانية (Gnosis)، ومنها جاءت تسمية Gnosticism أي الغنوصية، وتعني العرفان، وهي فعالية روحانية وتجربة باطنية تقود إلى معرفة الله في أعماق النفس، وعلى حد قول المتصوفين المسلمين: «من عرف نفسه عرف ربه»، وهم يتداولون حديثًا قدسيًا يقول: «ما وسعني سمائي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن». ويتابع السواح شارحًا موضحًا من خلال الأجوبة معتمدًا على شواهد وأفكار وأشعار للحلاج وأبو يزيد البسطامي ورسائل إخوان الصفا كأفكار صوفية.
أخيرًا فإن الكتاب الجديد للسواح سيلحقه إصدار كتبه جميعها في سلسلة الأعمال الكاملة، وهنا يشير السواح قائلاً: «عندما وُضعت أمامي على الطاولة في دار التكوين كومة مؤلفاتي الـ22 ومخطوط كتاب لم يطبع بعد، لنبحث في إجراءات إصدارها في طبعةٍ جديدة عن الدار تحت عنوان (الأعمال الكاملة)، كنت وأنا أتأملها كمن ينظر إلى حصاد العمر، أربعون عامًا تفصل بين كتابي الأول (مغامرة العقل الأولى) والكتاب الجديد (الله والكون والإنسان) ومشروع تكامل تدريجيًا دون خطةٍ مسبقة في ثلاث وعشرين مغامرة هي مشروعي المعرفي الخاص الذي أحببت أن أُشرك به قرائي».



«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين
TT

«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين

كان أحدهم قد أطلق العبارة التالية: كيركيغارد فيلسوف كبير على بلد صغير الحجم. بمعنى أنه أكبر من البلد الذي أنجبه. وبالفعل، فإن شهرته أكبر من الدنمارك، التي لا يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة، وبالطبع أكبر من اللغة الدنماركية المحدودة الانتشار جداً قياساً إلى لغات كبرى كالفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية، ناهيك بالعربية. ولكن مؤلفاته أصبحت مترجمة إلى شتى لغات العالم. وبالتالي، لم تعد محصورة داخل جدران لغته الأصلية الصغيرة. لقد أصبحت ملكاً للعالم أجمع. هنا تكمن عظمة الترجمة وفائدتها. لا حضارة عظيمة من دون ترجمة عظيمة. والحضارة العربية التنويرية قادمة لا ريب، على أكتاف الترجمة والإبداع الذاتي في آنٍ معاً.

سورين كيركيغارد (1813 - 1855) هو مؤسس الفلسفة الوجودية المعاصرة، قبل هيدغر وسارتر بزمن طويل. إنه الممثل الأكبر للتيار الوجودي المسيحي المؤمن، لا المادي الملحد. كان كيركيغارد أحد كبار فلاسفة الدين في المسيحية، إضافة إلى برغسون وبول ريكور، مثلما أن ابن رشد وطه حسين ومحمد أركون هم من كبار فلاسفة الدين في الإسلام.

سورين كيركيغارد

لكن ليس عن هذا سأتحدث الآن، وإنما عن قصة حب كبيرة، وربما أكبر قصة حبّ ظهرت في الغرب، ولكن لا أحد يتحدث عنها أو يسمع بها في العالم العربي. سوف أتحدث عن قصة كيركيغارد مع الآنسة ريجين أولسين. كيف حصلت الأمور؟ كيف اشتعلت شرارة الحب، تلك الشرارة الخالدة التي تخترق العصور والأزمان وتنعش الحضارات؟ بكل بساطة، كان مدعواً إلى حفلة اجتماعية عند أحد الأصدقاء، وصادف أنها كانت مدعوة أيضاً. كانت صغيرة بريئة في الخامسة عشرة فقط، وهو في الخامسة والعشرين. فوقع في حبها على الفور من أول نظرة، وبالضربة القاضية. إنه الحب الصاعق الماحق الذي لا يسمح لك بأن تتنفس. ويبدو أنه كان شعوراً متبادلاً. وبعد 3 سنوات من اللقاءات والمراسلات المتبادلة، طلب يدها رسمياً فوافقت العائلة.

ولكنه صبيحة اليوم التالي استفاق على أمر عظيم. استفاق، مشوشاً مبلبلاً مرعوباً. راح ينتف شعر رأسه ويقول: يا إلهي، ماذا فعلت بنفسي؟ ماذا فعلت؟ لقد شعر بأنه ارتكب خطيئة لا تغتفر. فهو لم يخلق للزواج والإنجاب وتأسيس عائلة ومسؤوليات. إنه مشغول بأشياء أخرى، وينخر فيه قلق وجودي رهيب يكاد يكتسحه من الداخل اكتساحاً... فكيف يمكن له أن يرتكب حماقة كهذه؟ هذه جريمة بحقّ الأطفال الذين سوف يولدون وبحقّها هي أيضاً. ولذلك، فسخ الخطوبة قائلاً لها: أرجوك، إني عاجز عن القيام بواجبات الزوجية. أرجوك اعذريني.

ثم أردف قائلاً بينه وبين نفسه: لا يحق لي وأنا في مثل هذه الحالة أن أخرب حياة خطيبتي المفعمة بحب الحياة والأمل والمحبة، التي لا تعاني من أي مشكلة شخصية أو عقدة نفسية أو تساؤلات وجودية حارقة. وإنما هي إنسانة طبيعية كبقية البشر. أما أنا فإنسان مريض في العمق، ومرضي من النوع المستفحل العضال الذي لا علاج له ولا شفاء منه. وبالتالي، فواجب الشرف والأمانة يقتضي مني أن أدوس على قلبي وأنفصل عنها وكأني أنفصل عن روحي.

لكن عندما سمع بأنها تزوجت من شخص آخر جنّ جنونه وتقطعت نياط قلبه وهاجت عليه الذكريات. بل هرب من الدنمارك كلها لكيلا يسمع بالتفاصيل والتحضيرات وليلة العرس. هذا أكبر من طاقته على التحمل. وأصبح كالمجنون الهائم على وجهه في البراري والقفار. كيف يمكن أن يتخيلها مع رجل آخر؟ هل انطبقت السماء على الأرض؟ مجنون ليلى ما تعذب مثلنا.

الشيء المؤثر في هذه القصة هو أن خطيبته التي عاشت بعده 50 سنة تقريباً طلبت أن تدفن إلى جواره، لا إلى جوار زوجها الشرعي! فاجأ الخبر كثيرين. وكانت بذلك تريد أن تقول ما معناه: إذا كان القدر قد فرقني عنه في هذه الحياة الدنيا، فإني سألتحق به حتماً في الحياة الأخرى، حياة الأبدية والخلود. وكانت تعتبر نفسها «زوجته» برغم كل ما حصل. وبالفعل، عندما كان الناس يتذكرونها كانوا يقولون: خطيبة كيركيغارد، لا زوجة فريدريك شليجيل. وقالت: إذا لم يكن زوجي هنا على هذه الأرض، فسوف يكون زوجي هناك في أعالي السماء. موعدنا: جنة الخلد! هل هناك حب أقوى من هذا الحب؟ حب أقوى من الموت، حب فيما وراء القبر، فيما وراء العمر... الحب والإيمان. أين هو انتصارك يا موت؟

قصة حب تجمع بين كيركيغارد، مؤسس الفلسفة الوجودية، وفتاة شابة جميلة تصغره بعشر سنوات، لكن الفلسفة تقف حجر عثرة بينهما، فينفصل عنها وتظل صورتها تطارده طيلة حياته

اللقاء الأخير

كيف يمكن أن نفهم موقف كيركيغارد من حبيبته إن لم نقل معبودته ريجين أولسين؟ للوهلة الأولى يبدو أنه لا يوجد أي تفسير منطقي له. فقد قطع معها في أوج العلاقة الغرامية، دون أي سبب واضح أو مقنع. ويبدو أنها حاولت أن تراه لآخر مرة قبيل سفرها مع زوجها إلى بلاد بعيدة. أن تراه في الشارع كما لو عن طريق الصدفة. وعندما اصطدمت به، قالت له: «ليباركك الله، وليكن كل شيء كما ترغب». وهذا يعني أنها استسلمت للأمر الواقع نهائياً، وأنه لا عودة بعد اليوم إلى ما كان. تراجع كيركيغارد خطوة إلى الوراء عندما رآها حتى لكأنه جفل. ثم حياها دون أن ينبس بكلمة واحدة. لم يستطع أن يرد. اختنق الكلام في صدره. لكأنه يقول بينه وبين نفسه: هل يحق لمن يقف على الخطوط الأمامية لجبهة الفكر، لجبهة النار المشتعلة، أن يتزوج؟ هل يحق لمن يشعر بأن حياته مهددة أن ينجب الأطفال؟ أطفاله هم مؤلفاته فقط. هل يحق لمن يصارع كوابيس الظلام أن يؤسس حياة عائلية طبيعية؟ ما انفك كيركيغارد يحاول تبرير موقفه، بعد أن شعر بفداحة ما فعل مع ريجين. لقد اعتقد أنه انفصل عنها، وانتهى الأمر، فإذا بها تلاحقه إلى أبد الآبدين. ما انفك يلوم نفسه ويتحسر ويتعذب. لكأنه عرف أن ما فعله جريمة لا تغتفر. نعم، لقد ارتكب جريمة قتل لحب بريء، حب فتاة غضة في أول الشباب. من يستطيع أن يقتل العاطفة في أولها، في بداية انطلاقتها، في عنفوانها؟ طيلة حياته كلها لم يقم كيركيغارد من تلك الضربة: ضربة الخيانة والغدر. وربما لم يصبح كاتباً وفيلسوفاً شهيراً إلا من أجل تبريرها. لقد لاحقه الإحساس القاتل بالخطيئة والذنب حتى آخر لحظة من حياته. إذا لم نأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار فإننا لن نفهم شيئاً من فلسفة كيركيغارد. لقد أصبحت قصته إحدى أشهر قصص الحب على مدار التاريخ، بالإضافة إلى قصة دانتي وبياتريس، وروميو وجولييت، وأبيلار وهيلويز. ويمكن أن نضيف: مجنون ليلي، وجميل بثينة، وكثير عزة، وعروة وعفراء، وذا الرمة ومي... إلخ. العرب هم الذين دشنوا هذا الحب العذري السماوي الملائكي قبل دانتي وشكسبير بزمن طويل. ولماذا تنسون عنتر وعبلة؟ بأي حق؟

ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ

مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم

بعد أن تجاوز فيلسوف الدنمارك تلك التجربة العاصفة، شعر وكأنه ولد من جديد، أصبح إنساناً جديداً. لقد انزاح عن كاهله عبء ثقيل: لا عائلة ولا أطفال ولا زواج بعد اليوم، وإنما معارك فكرية فقط. لقد طهره حب ريجين أولسين من الداخل. كشف له عن أعماقه الدفينة، وأوضح له هويته ومشروعه في الحياة. الحب الذي يفشل يحرقك من الداخل حرقاً ويطهرك تطهيراً. بهذا المعنى، فالحب الفاشل أفضل من الحب الناجح بألف مرة. اسألوا أكبر عاشق فاشل في العالم العربي. بعدها أصبح كيركيغارد ذلك الفيلسوف والكاتب الكبير الذي نعرفه. بالمعنى الأدبي للكلمة، وليس مفكراً فيلسوفاً فقط، بالمعنى النثري العويص الجاف. من ثم هناك تشابه كبير بينه وبين نيتشه مع الفارق، الأول مؤمن، والثاني ملحد. وأخيراً، لم ينفك كيركيغارد يحلل أعماقه النفسية على ضوء ذلك الحب الخالد الذي جمعه يوماً ما بفتاة في عزّ الشباب، تدعى ريجين أولسين. عبقريته تفتحت على أنقاض ذلك الحب الحارق أو المحروق. كان ينبغي أن تحصل الكارثة لكي يستشعر ذاته، ينجلي الأفق، يعرف من هو بالضبط. من كثرة ما أحبها تركها. لقد قطع معها لكي تظل - وهي العزيزة الغائبة - أشد حضوراً من كل حضور!