سوق العقار السعودية تسجل انخفاضًا قياسيًا نتيجة انعكاسات «رسوم الأراضي»

عقاريون شددوا على أهمية ردم الفجوة بين قدرات المشترين والأسعار المعروضة

قطاع العقارات يمر بمرحلة غربلة حقيقية بانتظار انخفاض حقيقي انعكاسًا لقرار تطبيق رسوم الأراضي (تصوير: خالد الخميس)
قطاع العقارات يمر بمرحلة غربلة حقيقية بانتظار انخفاض حقيقي انعكاسًا لقرار تطبيق رسوم الأراضي (تصوير: خالد الخميس)
TT

سوق العقار السعودية تسجل انخفاضًا قياسيًا نتيجة انعكاسات «رسوم الأراضي»

قطاع العقارات يمر بمرحلة غربلة حقيقية بانتظار انخفاض حقيقي انعكاسًا لقرار تطبيق رسوم الأراضي (تصوير: خالد الخميس)
قطاع العقارات يمر بمرحلة غربلة حقيقية بانتظار انخفاض حقيقي انعكاسًا لقرار تطبيق رسوم الأراضي (تصوير: خالد الخميس)

سجّلت السوق العقارية السعودية أدنى متوسط عام لقيمة صفقات القطاع السكني خلال العام الحالي بنسبة 58.6 في المائة، مدعومًا بانخفاض قياسي بلغت نسبته 56.7 في المائة في إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية التي استقرت عند 1.9 مليار ريال فقط (نحو 506 ملايين دولار)، وهو أدنى مستوياتها الأسبوعية طوال عقد.
وعزا عقاريون هذا الانخفاض في الصفقات العقارية إلى أن السوق العقارية لا تزال تعاني من انخفاض الطلب، نتيجة تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء، وانتظار الراغبين في الشراء انخفاضًا حقيقيًا في أسعار العقارات.
وأشار حمد الدوسري، الذي يمتلك شركة «عملاق البناء» العقارية، إلى أن السوق العقارية لا تزال تؤدي أدوارًا بطيئة وضعيفة للنهوض بحجم المبيعات وتقليص هبوط الطلب على القطاع الذي يمر بمرحلة غربلة حقيقية بانتظار انخفاض حقيقي، انعكاسًا لقرار تطبيق الرسوم الذي سيكون الأكثر تأثيرًا على واقع السوق العقارية.
ولفت إلى أن قيمة الصفقات العقارية المنخفضة خلال هذه الفترة توضح حالة الجمود في السوق العقارية، مضيفًا أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو رضوخ التجار لواقع السوق وخفض الأسعار لمستويات يستطيع المشتري التملك بموجبها، لأن بقاء الحال على ما هو عليه لن يخدم أي طرف، فالمستثمر يحتاج إلى السيولة وتحريك الأموال، والمشتري يرغب في التملك والاستقرار، في ظل الضخ المتزايد من العقار خصوصًا لقطاع الأراضي.
وتابع الدوسري: «في ظل استمرار الضغط الحكومي عبر إقرار كثير من القرارات المؤثرة، وعلى رأسها فرض رسوم على الأراضي البيضاء، لن يستطيع العقاريون الاستمرار في موجة الصعود التي تحدث حاليًا، والدولة تستمر في استصدار القوانين والتشريعات والمشاريع لتحاصر بها غلاء الأسعار، من أجل إعادتها إلى حالتها الطبيعية أو على أقل الأحوال بقائها على وضعها الراهن». معتبرًا أن «حلول تقليص دفعة التملك بالآجل وطرح وحدات سكنية إضافية بأسعار مرتفعة لم ولن تكون مجدية، خصوصًا أن المشكلة تتمحور في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية وعجز المستهلكين عن الوصول إليها، في ظل الفجوة الكبيرة بين قيمة العرض وقدرات المشترين المحدودة بعيدًا عن قنوات التمويل».
وكانت السوق العقارية المحلية استهلت نشاطها للربع الثالث من العام الحالي، على انخفاض قياسي في إجمالي قيمة صفقاتها الأسبوعية بلغت نسبته 56.7 في المائة، لتستقر عند قيمة 1.9 مليار ريال فقط (نحو 506 مليون دولار)، الذي يعد من أدنى مستوياتها الأسبوعية المسجلة طوال عقد.
في المقابل، ارتفعت عروض بيع الأراضي والعقارات خلال الأسبوع نفسه بنسبة 2.0 في المائة، (ارتفاع عروض بيع الأراضي بنسبة 1.8 في المائة، وعروض بيع العقارات بنسبة 0.4 في المائة)، وتزامن هذا الارتفاع في كمية عروض بيع الأراضي والعقارات مع تراجع قياسي في أعداد العقارات المبيعة خلال الأسبوع الماضي، التي سجلت انخفاضًا قياسيًا وصلت نسبته إلى 29.1 في المائة.
إلى ذلك، أشار الخبير العقاري عبد الله المحيسن، إلى أن القطاع العقاري يواجه انخفاضًا في قيمة الصفقات والمبيعات منذ نحو عقد، بالتوازي مع الارتفاعات المتكررة لأسعار العقار أو حتى بقائها على حالها الراهن في مختلف القطاعات والأفرع العقارية، إلا أن العام الحالي شهد انخفاضًا ملحوظًا في الأسعار، مما يبث الاطمئنان بأن السوق في تراجع صحيح، بدليل الانخفاض في الشراء الذي سيلحقه نزول أكبر في القيمة طبقًا لنظرية العرض والطلب.
وأكد المحيسن أن الحكومة تسعى بشكل كبير وفعال للسيطرة على القطاع العقاري عبر تشريعات ومشاريع لتطويق السوق العقارية التي أصبحت تعيش وضعًا صعبًا رغم تزايد الطلب، معتبرًا أن سوق العقار تتجه تدريجيًا نحو التصحيح، وأن بدء دفع الرسوم سيكون الاختبار الحقيقي لنسبة الانخفاض.
ولاحظ من البيانات التي أظهرتها المؤشرات أن حركة الأراضي تعتبر المحرك الأساسي للسوق، نظرًا للاعتماد الكبير عليها في ظل وجود مساحات شاسعة من الأراضي غير المستغلة وتشكل محركًا قويًا للقطاع العقاري، بل إن السوق يعتمد عليها عند التحركات العقارية، لذا عندما تتم السيطرة على أسعار الأراضي عبر تطبيق الرسوم - وهو ما يحدث الآن - فإن السوق ستنحدر مع الوقت لا محالة.
وشدد المحيسن على أن السوق لا تعاني بتاتًا من نقص المعروض كما هو مشاع بقدر ما هو ارتفاع في أسعارها، وبالتالي فإن السيطرة على أسعار الأراضي تعني إحكام القبضة على قيمة القطاع العقاري بشكل كامل، وهو ما يتضح من الانخفاض الحاصل في الأسعار، وهو ما سيحدث خلال الفترة المقبلة التي ستكشف الوجه الحقيقي للسوق وقيمتها.
وبالنظر إلى حجم العروض الكبيرة من الأراضي والعقارات للبيع، ومقارنتها بأسعار السوق الراهنة (متوسط آخر 12 شهرًا)، فإن إجمالي قيمتها السوقية يقدر بـ4.6 تريليون ريال (نحو 1.23 تريليون دولار)، وهي العروض التي لا تقابلها سيولة محلية كافية لتنفيذ عمليات بيعها بتلك الأسعار حسبما تعكسه مؤشرات أداء السوق العقارية، مما يفاقم حالة الركود الشديدة التي تمر بها السوق منذ منتصف 2014، وتدخل عامها الثالث على التوالي بصورة أشد وطأة، رغم نسب الانخفاض السعرية للأصول العقارية باختلاف أنواعها خلال العام الأخير، فإنها مقارنة بنسب الارتفاع الكبيرة التي سجلتها خلال الفترة من 2006 إلى 2014 تكاد لا تذكر كل تلك الانخفاضات السعرية، فلا تزال متضخمة مقارنة ببقية العوامل والمعطيات الاقتصادية والمالية الراهنة.
وتطرق علي التميمي، الرئيس التنفيذي لشركة جبره العقارية، إلى أن إعلان الحكومة عن 100 ألف وحدة سكنية جاهزة للتسليم في وقت سابق يمثل منافسة قوية للقطاع التجاري الذي يجب أن يراجع مشاريعه واستراتيجيته، والعمل على بناء وحدات سكنية بأسعار منخفضة تمامًا كما تفعل الحكومة، مع احتساب فوائد بسيطة، لافتًا إلى أن دخول الحكومة في مثل هذه المشاريع هي ورقة ضغط كبيرة على القطاع الخاص، لبلورة الأسعار من جديد وتخفيض القيمة والتعامل التجاري بأسعار معقولة لضمان انتعاش السوق وعودتها لقوتها المعهودة.
وزاد التميمي بأن السوق العقارية المحلية لا تحتاج إلى مزيد من التقلص في الحركة أكثر مما هي عليه في هذه الفترة، خصوصًا أنها تسير نحو الجمود إذا استمر الحال على ما هو عليه، إذ توجد فجوة كبيرة بين أسعار العرض وقدرات المشترين، الأمر الذي تسبب في ركود حاد في القطاع.
وذكر التميمي أن السوق تفرز من وقت لآخر كميات لا بأس بها من العروض، دون أن تجد لها طلبًا يتلاءم معها في السعر أو نوعية الإقبال، الذي يصطدم بأسعار مرتفعة لا يستطيع توفيرها، مشيرًا إلى أن انخفاض الأسعار تدريجيًا هو السيناريو الأقرب للحصول وأن الحديث عن أي تقلص مفاجئ هو أمر مستحيل.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».