مساعد الرئيس السوداني: حريصون على استقرار جنوب السودان.. ولن نقبل بوجود جيشين في بلادنا مرة أخرى

إبراهيم محمود قال لـ«الشرق الأوسط» إن للمعارضة أسبابًا غير معلنة لرفض توقيع خريطة الطريق

مساعد الرئيس السوداني: حريصون على استقرار جنوب السودان.. ولن نقبل بوجود جيشين في بلادنا مرة أخرى
TT

مساعد الرئيس السوداني: حريصون على استقرار جنوب السودان.. ولن نقبل بوجود جيشين في بلادنا مرة أخرى

مساعد الرئيس السوداني: حريصون على استقرار جنوب السودان.. ولن نقبل بوجود جيشين في بلادنا مرة أخرى

أبدى مساعد الرئيس عمر البشير ونائبه في الحزب إبراهيم محمود استعداد حكومته وحزبه لدفع استحقاقات السلام كاملة، بيد أنه ندد بشدة بموقف الأحزاب والحركات المعارضة من توقيع خريطة الطريق، التي اقترحتها الآلية الأفريقية المعنية بالسلام في السودان، رغم أن حكومته قدمت لها التوضيحات التي طلبتها، مشيرًا إلى أنه تلقى وعودًا غربية وبريطانية لممارسة الضغوط اللازمة على المعارضة لتوقيع خريطة الطريق في اجتماع باريس الذي يجري الآن.
وقال محمود في مقابلته مع «الشرق الأوسط» إن من يرفض الحلول السلمية للصراعات والنزاعات بعد توفير المستلزمات كافة، ويصر على أخذ الحقوق بالبندقية، أصبح في نظر كل العالم إرهابيًا، متهمًا قوى نداء السودان بأنها تخبئ أسبابًا غير معلنة لرفض توقيع خريطة الطريق للحوار الوطني السوداني، مشددا على رفض أي محاولات لإبقاء جيوش الحركات المسلحة ووجود جيشين في بلد واحد بعد اكتمال الحوار الوطني.
ووصف محمود اتهامات زعيم الإسلاميين الراحل د. حسن الترابي للنائب الأول السابق للرئيس علي عثمان محمد طه، ومساعده نافع علي نافع بالضلوع في محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا بأنها «بلا قيمة»، وجدد التأكيد على أن حكومته تسعى لاستقرار جنوب السودان، لأن مصالحة لن تتحقق بزعزعة أمن واستقرار الدولة الجارة. كما سخر محمود من مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بعبوره للأجواء السودانية في جولته الأفريقية الأخيرة، ووصفه بأنه «كلام جرائد»، وقطع في ذات الوقت بوقوف السودان من حيث المبدأ مع حق الشعب الفلسطيني، وأن موقف حكومته من إسرائيل لا يقوم على العنصرية، بل يستند على المطالبة بالحقوق.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
* يعقد في باريس اجتماع بين قوى نداء السودان ودوائر فرنسية وأميركية برعاية الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، ما رأيكم فيه؟ وهل توافقون عمّا قد يخرج عنه؟
- القضية أصبحت واضحة ولا تحتاج لكثير عناء واجتماعات، فباريس شهدت هذا العام ثلاثة اجتماعات. والحديث الآن عن خريطة طريق ولم يصل بعد مرحلة توقيع اتفاق سلام. ولو أن الفرنسيين أو غيرهم رأوا أن تجميعهم للتوقيع معًا فهذا مفيد ولا مانع لدينا، لأنه آن أوان وضع حل لمعاناة المواطنين في المنطقتين واستقرار السودان، ولا يوجد سبب لهذه المفاوضات والاجتماعات الكثيرة.
خريطة الطريق تتحدث عن شيئين: «حل أي نزاع أو خلاف بالطرق السلمية، ومناقشة أي موضوع ذي صفة قومية في حوار وطني بين أصحاب المصلحة». وتنص أول فقرة عاملة في خريطة الطريق على وقف العدائيات ووقف إطلاق نار دائم بمجرد توقيعها، وقد تم الذهاب للحوار الوطني لمناقشة القضايا القومية. وهذا يجد تأييدًا من غالبية القوى السياسية بالداخل والمجتمع السوداني، ومن المؤسسات الإقليمية وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي ومجلس الأمن.
* زار مبعوث الرئيس الأميركي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث السودان بعد قطيعة، ما هي الرسالة التي أوصلها للخرطوم؟
- جاء المبعوث الأميركي لأخذ وجهة نظرنا في السلام والاستقرار وخريطة الطريق، وللوقوف على المواقف النهائية للحكومة. وكان موقفنا واضحا جدًا «خريطة الطريق ليست اتفاقًا، وحددت فيها الأشياء بصورة قاطعة لا تقبل المساومات أو الملاحق، ولدينا حوار وطني واحد وليس حوارات، ومع ذلك لا نمانع في توسيع المشاركة في الحوار لتشمل كل القوى السياسية». وسينفذ العمل الحقيقي في المرحلة القادمة في المؤتمر العام للحوار الوطني الذي تمثل فيه كل القوى السياسية الراغبة لاتخاذ القرارات، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة إعداد الدستور الدائم. ونحن على استعداد لمناقشة كيفية مشاركة القوى السياسية الراغبة في الحوار الوطني، وقطعًا لن ننتظر للأبد ونرهن مصالح الشعب لأي قوى مهما كانت. الحوار مفتوح ويقوم على مبادئ الديمقراطية والأغلبية هي التي تحدد وجهة النظر العامة. فإذا ارتضته أغلبية أهل السودان فهذا موقف ديمقراطي، والذي لا يرغب له الحرية في اتخاذ الوسائل كافة لإيصال وجهة نظره للمجتمع السوداني، وستتاح الفرصة للكل لممارسة حقوقه السياسية.
* أطلقتم لاءات قوية ضد أي تعديل لخريطة الطريق الأفريقية في الآونة الأخيرة، لكن مواقفكم أصبحت أكثر مرونة، ماذا حدث؟
- لم نطلق (لاءات) لأننا لا نتحدث عن اتفاق بل عن طريق، وحل الخلاف والصراع بالطرق السلمية، لقد قلنا إن القضايا القومية تناقش من خلال الحوار الوطني والاجتماعي الذي يشارك فيه أهل السودان، فقال هؤلاء الناس في الفترة السابقة إنهم يريدون إيضاحات تنحصر في التزامنا بخريطة الطريق والاعتراف بمخرجات اجتماعهم مع لجنة (7+7)، وقد وقعنا الخريطة وملتزمون بها، وقلنا لهم إننا معترفون بما قد يخرج عن اجتماعهم مع لجنة (7+7). ثم طلبوا تأكيد الحكومة بأن يكون الحوار شاملاً، فقلنا نحن في الأصل نسعى لحوار شامل ولهذا دعوناهم. وبعد أن أرسلنا هذه التوضيحات جاءونا بملحق وبأشياء أخرى. في تقديري هم ليس لهم استعداد الآن للسير في الطريق الواضح للسلام وللحوار الوطني، رغم أنه طريق اقتنعنا به وكل المجتمع الدولي.
* هم يطالبون بمؤتمر تحضيري واتخاذ إجراءات إثبات حسن النوايا؟
- لا يسمى هذا مؤتمرًا، بل مجرد اجتماع وقلنا على استعداد لحضوره، وهو مكتوب في خريطة الطريق. كلامهم الأول لم يكن عن اجتماع، بل عن التزام الحكومة بتنفيذ مخرجات الاجتماع، فقلنا لهم سننفذها. ونحن نرى أن هؤلاء الناس عندهم أسباب غير معلنة.
* أحد مطالب المعارضة إلحاق بقية القوى بالاجتماع التحضيري والحوار، لماذا ترفضون؟
- نحن غير رافضين، وهم اجتمعوا مع د. غازي صلاح الدين ومجموعته، ومجموعة مصطفى محمود، واتصالاتنا مستمرة مع الإمام الصادق المهدي لكن..
* هم يتحدثون عن تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض..
- نحن نتحدث عمن اجتمعوا في أديس أبابا واتفقوا على رؤى خريطة الطريق، دعونا نجلس مع من جلسوا لخريطة الطريق أولاً ثم ندعو الآخرين، لكن هل هم على استعداد للجلوس؟ فنداء السودان أصدر بيانًا رفضت فيه تسعة من أحزابه في الخرطوم خريطة الطريق، ونحن لن نجبرهم على المشاركة. أما إذا كان لديهم رغبة فليس لنا مانع.
* إذا كان الطرف الرافض مؤثرًا فأرى أن بذل الجهد معه وإقناعه مهم..
- نحن انتظرنا أربعة أشهر منذ توقيع خريطة الطريق، فإذا أقنعوهم فلا مانع لدينا.
* هذا ذلك نتاج لخلافات شكلية أكثر من كونها فعلية؟
- هم طلبوا توضيحات فوضحنا لهم، وجاءني السفير البريطاني وقال لي إن توضيحاتكم كافية، ونحن ذاهبون إليهم في باريس يوم 16 يوليو (تموز) وسيوقعون اجتماع باريس الجاري الآن. لكنهم تخلوا عن التوضيحات وانتقلوا لأشياء أخرى.
* هل أنتم على استعداد لتقديم التنازلات الفعلية اللازمة من أجل الحوار والوصول لسلام؟
- هناك أشياء مبدئية لن نتنازل عنها، فمن حيث المبدأ لا يمكن أن نتحدث عن جيش وطني، ونقبل في ذات الوقت ببقاء جيوشهم. ولا يمكن قبول جيشين في دولة واحدة للمرة الثانية. فوجود جيشين جلب لنا المشاكل الجارية الآن. فإذا كنت تريد أخذ المكاسب السياسية وتحتفظ بجيشك داخل الدولة فهذا لا يسمى تنازلاً. جربنا هذا، فمني أركو مناوي (رئيس حركة تحرير السودان الدارفورية) كان مشاركًا وجيشه موجود، ظل لسنتين ثم عاد لجيشه. نحن لا نوافق ولا المجتمع الدولي على وجود جيشين في الدولة، هي أشياء لا تقبل التنازل، ولن نقبل وجود حزب سياسي عنده جيش فيما تمارس الأحزاب الأخرى السياسة من دون جيش.
* هل التجربة السياسية السودانية شهدت مثل هذا الوضع؟
- كانت نتيجة هذه التجربة أننا رجعنا لمربع الحرب مرة أخرى – الفرقة التاسعة والعاشرة ومع مني أركو– فهل سيقبل الشعب العودة للحرب مرة أخرى بعد توقيع الاتفاق؟ فعبد العزيز الحلو (نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان) وبمجرد سقوطه في الانتخابات ذهب إلى جيشه، فإما أن يأتي بالقوة ويقهر الشعب السوداني أو يرجع لجيشه فيحارب.
* يتكلمون عن إعادة هيكلة الجيش وليس حله؟
- ليس لديهم منطق في هذا، فالقوات المسلحة تضم كل السودان، وبطبيعة الحال أهل الشرق الجزيرة الشمال لا يريدون أن يصبحوا جنودًا، فأي هيكلة يريدون؟
* هم يرون أن القوى المقاتلة من المناطق المهمشة والقيادات من المناطق التي تقف وراء التهميش!
- في هذه الحكومة كان رئيس وزير الدفاع ورئيس الأركان والنواب كلهم من دارفور، الفريق عباس عربي، إبراهيم سليمان، آدم حامد موسى. وكل هيئة الأركان في فترة من الفترات كانت من دارفور، هذه قيادات تدخل الكلية الحربية ضمن ترتيبات معينة، وهذا كلام لا يسوده أي منطق.
* وماذا إذا أصرت المعارضة على قضية اتخاذ قرارات لإبداء حسن النوايا وبناء الثقة بإتاحة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين وغيرها؟
- قدمت لهم في أغسطس (آب) 2014 خريطة الطريق للحوار، وكانوا موافقين عليها، فإذا كنت موافقًا على خريطة الطريق فماذا تريد باجتماع تحضيري. تحدثت خريطة عن مواضيع الحوار وآلياته ووافقوا عليها. طلبوا وقف إطلاق النار فأوقف، وكذا إطلاق سراح المعتقلين وأطلق سراح معتقليهم، وقدمت لهم ضمانات المشاركة. البعض حضر جلسة الحوار الافتتاحية «جماعة منصور أرباب وأبو القاسم إمام- منشقون عن حركة العدل والمساواة السودانية الدارفورية – ثم رجعوا الآن لقواتهم».
* لكن جماعة منصور أرباب رجعت بموقف..
- أنا لا أتكلم عن أسباب، بل إنهم طلبوا وقف إطلاق النار فتم، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فتم، وطلبوا ضمانات للناس فجاء بعضهم من الحركات المتمردة وحضروا الجلسة ورجعوا ولم يقبض عليهم أحد. هذه هي النقاط التي طالبوا بها عندما التقاهم غازي صلاح الدين العتباني، رئيس حركة الإصلاح الآن المنشقة من المؤتمر الوطني، وأحمد سعد عمر وزير رئاسة الوزراء عن الحزب الاتحادي الديمقراطي.
* كيف يؤثر التوتر الجاري في دولة جنوب السودان الآن على المفاوضات السودانية؟
- الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال جزء لا يتجزأ من الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب، الفرقتان التاسعة والعاشرة لهما ارتباط عضوي في مرتباتها وترتيباتها به. وهذا وضع مؤثر على السودان، لكني أرى أنه محفز على المضي قدمًا في الشمال، بل حتى المشاكل في الجنوب أرى أنها يجب أن تكون محفزًا لقطاع الشمال للمضي نحو السلام والاستقرار.
أنا على قناعة تامة بأنه لا يمكنك تحقيق أهدافك السياسية بالبندقية، فالحركة الشعبية التي بدأت عام 1983 لا بد أن تكون قد وصلت لقناعة بأن أهدافها السياسية لا يمكن تحقيقها بقوة السلاح، سيما بعد تجربتها الفاشلة في جنوب السودان.
* هم يردون عليكم الاتهام بدعم وإيواء المعارضة ومجموعة رياك مشار، بل إن المتمرد بيتر قديت نفسه يقولون: إنه موجود في الخرطوم؟
- ليس بيتر قديت، بل هناك أكثر من 500 ألف مواطن من جنوب السودان في السودان. الدعم المعروف هو الدعم الذي تقدمه حكومة الجنوب للحركات المتمردة. السودان يسعى لاستقرار جنوب السودان لأن من مصلحتنا استقراره، فنحن دولة راشدة ولا نعتقد أن مصالحنا ستتحقق بزعزعة الأمن والاستقرار في جنوب السودان، بل بالعكس فمصالحنا الاستراتيجية مرتبطة بالجنوب، ونعتقد أن مصالحنا الاقتصادية والسياسية والأمنية مربوطة باستقراره أيضًا.
* هل ترون أن البلاد تعيش أزمة اقتصادية وسياسية وأمنية تستدعي تسريع الوصول لمصالحة وطنية وتحقيق السلام؟
- لا توجد دولة في العالم ليست عندها معارضة، ونادرة بين الدول الأفريقية التي ليست لها معارضة مسلحة، لكننا نسعى لتوحيد غالبية القوى السياسية السودانية لأن هذه هي الديمقراطية. أما إذا كانوا مجموعة لا تريد السلام فسنتعامل معها بالإطار القانوني والنظامي. لقد أصبح كل العالم يعتبر الذي لا يرضى بعد توفير كل الفرص له للمشاركة وممارسة العمل السياسي ويخرج بالسلاح إرهابيًا. الذي يجري في السودان مصالحة عامة ودعوة لحوار عام ولاتفاق على مصالح استراتيجية للدولة السودانية، ومن يرفض بعد ذلك ستتخذ ضده الإجراءات القانونية ويوضع في خانة الذي يسعى لزعزعة أمن واستقرار السودان، ولا توجد دولة تسترضي «تحنس» معارضتها كما يفعل السودان.
* اقترب يوم 6 أغسطس المزمع تقديم توصيات الحوار الوطني للجمعية العمومية، فإذا أقرت التوصيات حكومة انتقالية، فهل تقبلونها؟
- هو اجتماع للجمعية العمومية التي فوضت لجنة (7+7) واللجنة التنسيقية العليا، والجمعية العمومية هي التي تحدد متى يقوم المؤتمر العام للحوار الوطني، وترتب وتمهد لقيامه، وهو الذي يملك الحق في تحديد القضايا الأساسية، ويدرس التوصيات المقدمة من اللجان دون أن يكون ملزمًا بها. ثم سيجيز وثيقة وطنية تستخلص فيها القضايا الكبرى «نظام الحكم رئاسي أم برلماني، الإدارة فيدرالية أم مركزية، الاقتصاد حر أم مختلط»، لتكون أساسًا للدستور القادم، وفي حالة اتفاقنا على نظام رئاسي يفصل الدستور كيفية اختيار رئيس الجمهورية وسلطاته، وعندما نأتي للدستور ستناقش تفاصيل أكثر، وفي القوانين فستناقش تفاصيل التفاصيل.
* زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه عبر الأجواء السودانية في زيارته الأفريقية الأخيرة، ونقلت الأمر صحف سودانية، هل سمح له بعبور الأجواء السودانية؟
- ليست لدي معلومات عن عبوره للأجواء السودانية، وهذا كلام جرائد. عداؤنا مع إسرائيل ليس عنصرية، لكنه وقوف مع حقوق شعب فلسطين وهذا موقف كثير من الدول. ليس في ديننا ولا عقيدتنا وقيمنا عداء لليهود، مشكلتنا معهم الآن اغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني.
* البعض يقول إن مصالح السودان تضررت من الموقف؟
- موقفنا ليس مناوئًا لشخص أو دولة، نحن مع الحق وهو موقف معظم الدول. لماذا أتى لأفريقيا؟ لأنها ضد ما يحدث للفلسطينيين. هذا موقف مبدئي وليس موقفنا وحدنا، حتى الدول الأوروبية وداخل الشعب الأميركي هناك قطاعات كبيرة تؤيده.
* موقف السودان أكثر تشددًا حتى من دول المواجهة مثلاً؟
- كيف يقاس هذا التشدد، هل ذهبنا وحاربنا إسرائيل؟
* هي ضربت السودان؟
- أميركا ضربت السودان أيضًا، واتضح أن تقديراتها كانت خاطئة، ضربت مصنع الشفاء للأدوية باعتباره ينتج أسلحة كيماوية، وفي النهاية قالوا لا ينتجها، الاتهامات تأتي هكذا..
* لكنكم تتفاوضون مع أميركا، لماذا لا تتفاوضون مع إسرائيل باعتبار مواقفهما واحدة؟
- أميركا وإسرائيل ليسا واحدًا، فهي لا تحتل أرض شعب، ونحن نتكلم عن حقوق شعب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.