برز تضارب في المواقف الروسية من محاولة الانقلاب في تركيا، وإن اتفقت كلها على رفض أي عمل غير دستوري ومحاولات الاستيلاء على السلطة بالقوة، إلا أنها جاءت بنبرة مختلفة بين الكرملين، وممثلين عن البرلمان الروسي؛ إذ أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موقف بلاده المبدئي الرافض بحزم محاولة الانقلاب المسلح على السلطة الشرعية المنتخبة في تركيا. وخلال اتصال هاتفي أجراه مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أمس، شدد بوتين على أنه «لا يمكن أبدا القبول بأي ممارسات غير دستورية في حياة البلاد»، معربًا عن تعازيه للرئيس التركي في سقوط ضحايا من المدنيين ومن عناصر الأمن الذين تصدوا للمتآمرين، متمنيًا أن «تستعيد تركيا استقرارها بأسرع وقت»، وفق ما جاء في بيان صدر عن الكرملين حول اتصال هاتفي بين الرئيسين الروسي والتركي، بمبادرة من الأول.
وبعد أن أشار بوتين في حديثه مع إردوغان إلى أن أعداد السياح الروس الموجودين في تركيا قد ارتفعت بشكل ملحوظ بعد إلغاء حظر السفر والرحلات الجوية إلى تركيا، «أعرب عن أمله في أن تتمكن السلطات التركية، حتى في الظروف الراهنة المعقدة، من ضمان أمن السياح الروس»، فأكد له إردوغان أن «السلطات التركية ستتخذ كل الخطوات الضرورية في هذا المجال»، حسب بيان الكرملين، الذي ختم بالإشارة إلى أن الرئيسين تناولا كذلك موضوع اللقاء المرتقب بينهما، والذي تم الإعلان عنه فور بدء التطبيع بين البلدين، دون أن يتم حتى الآن تحديد موعد ومكان محددين لعقده.
وكانت روسيا قد أعلنت في وقت سابق عن توقيف مؤقت لرحلاتها الجوية إلى تركيا، كما دعت السياح الموجودين على الأراضي التركية إلى توخي الحذر والتزام الفنادق إلى حين اتضاح الأمور. وتشير بعض المصادر إلى أن أكثر من 5 آلاف سائح روسي كانوا موجودين في تركيا ليلة الانقلاب. رغم ذلك، فإن غالبية السياح الذين يستعدون للسفر من روسيا إلى المنتجعات التركية، فضلوا التريث وعدم إعادة البطاقات، بانتظار ما قد تنتهي إليه الأمور، وفق ما صرحت به أمس إيرينا تيورينا المتحدثة الصحافية باسم «الاتحاد الروسي للسياحة»، مؤكدة أنه «لم تظهر رغبة لدى أي من السياح الروس الموجودين في تركيا ساعات الانقلاب بأن يقطعوا إجازتهم للعودة إلى روسيا»، ويبدو لافتًا أيضًا حسب قولها أنه «لم يتقدم أي من المواطنين الروس الذين يستعدون للسفر إلى تركيا بطلبات لإلغاء بطاقاتهم»، معربة عن أملها في أن يتم استئناف النقل الجوي بصورة كاملة بين البلدين اليوم وحتى يوم غد الثلاثاء.
في هذه الأثناء، أعلنت السلطات الجوية في روسيا عن هبوط أول طائرة في مطار موسكو أمس، قادمة من تركيا بعد محاولة الانقلاب هناك.
من جانبها، أعلنت شركة الطيران الروسية «أيروفلوت» أمس عن إرسال طائرتين لكن من دون ركاب إلى تركيا بغية إعادة سياح روس من هناك، موضحة أن الرحلتين مخصصتان لإعادة الركاب الذين كان موعد عودتهم يومي 16 و17 من الشهر الحالي وتعذرت عودتهم بسبب توقف عمل المطار حينها.
وفي المواقف السياسية الأخرى من العاصمة الروسية بخصوص محاولة الانقلاب في تركيا، حمل أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية، المسؤولية عما جرى للرئيس رجب طيب إردوغان، معربا عن قناعته بأن «تركيا تمر بمرحلة معقدة للغاية بسبب سياسات إردوغان، إن كان في ما يخص علاقاته مع دول الجوار، أو سياساته المتناقضة في الشرق الأوسط، فضلا عن عودة الموضوع الكردي إلى الواجهة، وبالإضافة إلى هذا كله، هناك تصاعد الأعمال الإرهابية التي ينفذها (داعش) على الأراضي التركية». ويرى البرلماني الروسي أن سلطات إردوغان بعد فشل محاولة الانقلاب، ستتعزز، وأن «كل العسكريين غير الموالين له تم اعتقالهم أو إبعادهم من صفوف القوات المسلحة»، مؤكدًا أنه «لا حاجة لدى السلطات التركية لعملية تطهير في صفوف القوات المسلحة، لأن تلك العملية جرت من تلقاء ذاتها، عندما فرزت محاولة الانقلاب المعارضين، والضباط الموالين لإردوغان»، حسب قول أليكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما.
من جانبه، دعا فلاديمير كومويديف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لتعزيز الاتصالات مع الجيش الروسي «الذي وجد ما يكفي من الجرأة ليقف إلى جانب الشعب والسلطات الشرعية المنتخبة عامي 1991 و1993، عندما كانت روسيا مهددة بانقلابات عسكرية»، واصفًا محاولة الانقلاب بأنها «إشارة مصيرية للرئيس إردوغان»، الذي سيحتاج إلى «تعديلات جذرية على نهجه السياسي الشخصي ونهج الدولة، كي يبقى ممسكا بزمام السلطة في البلاد» وفق ما يرى فلاديمير كومويديف رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي.
تضارب في المواقف الروسية تجاه أحداث تركيا وتحذير من «إشارة مصيرية» لإردوغان
تضارب في المواقف الروسية تجاه أحداث تركيا وتحذير من «إشارة مصيرية» لإردوغان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة