تضارب في المواقف الروسية تجاه أحداث تركيا وتحذير من «إشارة مصيرية» لإردوغان

امرأة تركية تبكي فوق كفن قريب لها كان ضحية الانقلاب الذي جرى مساء الجمعة الماضي، خلال جنازة رسمية لـ7 ضحايا حضرها الرئيس التركي، أمس (أ.ف.ب)
امرأة تركية تبكي فوق كفن قريب لها كان ضحية الانقلاب الذي جرى مساء الجمعة الماضي، خلال جنازة رسمية لـ7 ضحايا حضرها الرئيس التركي، أمس (أ.ف.ب)
TT

تضارب في المواقف الروسية تجاه أحداث تركيا وتحذير من «إشارة مصيرية» لإردوغان

امرأة تركية تبكي فوق كفن قريب لها كان ضحية الانقلاب الذي جرى مساء الجمعة الماضي، خلال جنازة رسمية لـ7 ضحايا حضرها الرئيس التركي، أمس (أ.ف.ب)
امرأة تركية تبكي فوق كفن قريب لها كان ضحية الانقلاب الذي جرى مساء الجمعة الماضي، خلال جنازة رسمية لـ7 ضحايا حضرها الرئيس التركي، أمس (أ.ف.ب)

برز تضارب في المواقف الروسية من محاولة الانقلاب في تركيا، وإن اتفقت كلها على رفض أي عمل غير دستوري ومحاولات الاستيلاء على السلطة بالقوة، إلا أنها جاءت بنبرة مختلفة بين الكرملين، وممثلين عن البرلمان الروسي؛ إذ أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موقف بلاده المبدئي الرافض بحزم محاولة الانقلاب المسلح على السلطة الشرعية المنتخبة في تركيا. وخلال اتصال هاتفي أجراه مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أمس، شدد بوتين على أنه «لا يمكن أبدا القبول بأي ممارسات غير دستورية في حياة البلاد»، معربًا عن تعازيه للرئيس التركي في سقوط ضحايا من المدنيين ومن عناصر الأمن الذين تصدوا للمتآمرين، متمنيًا أن «تستعيد تركيا استقرارها بأسرع وقت»، وفق ما جاء في بيان صدر عن الكرملين حول اتصال هاتفي بين الرئيسين الروسي والتركي، بمبادرة من الأول.
وبعد أن أشار بوتين في حديثه مع إردوغان إلى أن أعداد السياح الروس الموجودين في تركيا قد ارتفعت بشكل ملحوظ بعد إلغاء حظر السفر والرحلات الجوية إلى تركيا، «أعرب عن أمله في أن تتمكن السلطات التركية، حتى في الظروف الراهنة المعقدة، من ضمان أمن السياح الروس»، فأكد له إردوغان أن «السلطات التركية ستتخذ كل الخطوات الضرورية في هذا المجال»، حسب بيان الكرملين، الذي ختم بالإشارة إلى أن الرئيسين تناولا كذلك موضوع اللقاء المرتقب بينهما، والذي تم الإعلان عنه فور بدء التطبيع بين البلدين، دون أن يتم حتى الآن تحديد موعد ومكان محددين لعقده.
وكانت روسيا قد أعلنت في وقت سابق عن توقيف مؤقت لرحلاتها الجوية إلى تركيا، كما دعت السياح الموجودين على الأراضي التركية إلى توخي الحذر والتزام الفنادق إلى حين اتضاح الأمور. وتشير بعض المصادر إلى أن أكثر من 5 آلاف سائح روسي كانوا موجودين في تركيا ليلة الانقلاب. رغم ذلك، فإن غالبية السياح الذين يستعدون للسفر من روسيا إلى المنتجعات التركية، فضلوا التريث وعدم إعادة البطاقات، بانتظار ما قد تنتهي إليه الأمور، وفق ما صرحت به أمس إيرينا تيورينا المتحدثة الصحافية باسم «الاتحاد الروسي للسياحة»، مؤكدة أنه «لم تظهر رغبة لدى أي من السياح الروس الموجودين في تركيا ساعات الانقلاب بأن يقطعوا إجازتهم للعودة إلى روسيا»، ويبدو لافتًا أيضًا حسب قولها أنه «لم يتقدم أي من المواطنين الروس الذين يستعدون للسفر إلى تركيا بطلبات لإلغاء بطاقاتهم»، معربة عن أملها في أن يتم استئناف النقل الجوي بصورة كاملة بين البلدين اليوم وحتى يوم غد الثلاثاء.
في هذه الأثناء، أعلنت السلطات الجوية في روسيا عن هبوط أول طائرة في مطار موسكو أمس، قادمة من تركيا بعد محاولة الانقلاب هناك.
من جانبها، أعلنت شركة الطيران الروسية «أيروفلوت» أمس عن إرسال طائرتين لكن من دون ركاب إلى تركيا بغية إعادة سياح روس من هناك، موضحة أن الرحلتين مخصصتان لإعادة الركاب الذين كان موعد عودتهم يومي 16 و17 من الشهر الحالي وتعذرت عودتهم بسبب توقف عمل المطار حينها.
وفي المواقف السياسية الأخرى من العاصمة الروسية بخصوص محاولة الانقلاب في تركيا، حمل أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية، المسؤولية عما جرى للرئيس رجب طيب إردوغان، معربا عن قناعته بأن «تركيا تمر بمرحلة معقدة للغاية بسبب سياسات إردوغان، إن كان في ما يخص علاقاته مع دول الجوار، أو سياساته المتناقضة في الشرق الأوسط، فضلا عن عودة الموضوع الكردي إلى الواجهة، وبالإضافة إلى هذا كله، هناك تصاعد الأعمال الإرهابية التي ينفذها (داعش) على الأراضي التركية». ويرى البرلماني الروسي أن سلطات إردوغان بعد فشل محاولة الانقلاب، ستتعزز، وأن «كل العسكريين غير الموالين له تم اعتقالهم أو إبعادهم من صفوف القوات المسلحة»، مؤكدًا أنه «لا حاجة لدى السلطات التركية لعملية تطهير في صفوف القوات المسلحة، لأن تلك العملية جرت من تلقاء ذاتها، عندما فرزت محاولة الانقلاب المعارضين، والضباط الموالين لإردوغان»، حسب قول أليكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما.
من جانبه، دعا فلاديمير كومويديف، رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لتعزيز الاتصالات مع الجيش الروسي «الذي وجد ما يكفي من الجرأة ليقف إلى جانب الشعب والسلطات الشرعية المنتخبة عامي 1991 و1993، عندما كانت روسيا مهددة بانقلابات عسكرية»، واصفًا محاولة الانقلاب بأنها «إشارة مصيرية للرئيس إردوغان»، الذي سيحتاج إلى «تعديلات جذرية على نهجه السياسي الشخصي ونهج الدولة، كي يبقى ممسكا بزمام السلطة في البلاد» وفق ما يرى فلاديمير كومويديف رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».