اتهامات لحركة غولن بالانقلاب تعيد طرح تصفية نفوذها في الدولة

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: لدينا أدلة على تورط «الخدمة».. وواثقون بالجيش

أتراك يتظاهرون خارج مبنى البرلمان في أنقرة أمس تأييدا للحكومة (رويترز)
أتراك يتظاهرون خارج مبنى البرلمان في أنقرة أمس تأييدا للحكومة (رويترز)
TT

اتهامات لحركة غولن بالانقلاب تعيد طرح تصفية نفوذها في الدولة

أتراك يتظاهرون خارج مبنى البرلمان في أنقرة أمس تأييدا للحكومة (رويترز)
أتراك يتظاهرون خارج مبنى البرلمان في أنقرة أمس تأييدا للحكومة (رويترز)

أعاد الانقلاب الفاشل في تركيا، تسليط الضوء على جماعة الداعية فتح الله غولن، المتهمة بتدبيره، بعد وصول الخلاف بين غولن والرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى نقطة «اللاعودة»، ما يؤشر بحملة جديدة تستهدف الجماعة مشابهة لما حصل مع ما يسميه مؤيدو إردوغان بأنه انقلاب فاشل جرى في ديسمبر (كانون الأول) 2013 عندما شن رجال شرطة حملة اعتقالات طاولت أبناء وزراء من حكومة إردوغان بتهم «فساد».
وإذا كانت حملة «التطهير» التي اعتمدتها حكومة إردوغان آنذاك شملت قضاة ورجال شرطة، فإن الحملة المرتقبة ستكون بالتأكيد داخل مؤسسة الجيش، لكنها ستحمل أيضا طابعا خارجيا مع تكرار الطلب التركي من واشنطن تسليمها غولن المقيم على أراضيها منذ خروجه من البلاد في العام 1999. كما ستزداد الحملة على مؤسسات حركة «خدمة» التي يديرها في الخارج، لإقفالها على غرار القرار الصومالي السريع بإقفالها.
ولا يعتقد أن نفي غولن تدبيره الانقلاب سوف يؤدي إلى تخفيف الضغط على جماعته التي تتعرض لحملة تصفية لنفوذها منذ اتهامها بتدبير «الانقلاب الأول» تحت غطاء محاربة الفساد، حيث فصل الكثير من منتسبيها من دوائر الشرطة والأمن والمؤسسات العامة، حيث يقال: إن نحو 50 ألف موظف رسمي فصلوا، أو تم تغيير مراكز خدمتهم خلال سنة واحدة.
ورغم أن أي اتهامات رسمية لم تصدر بعد، فإن التصريحات التي صدرت عن القادة الأتراك، وجهت الاتهام المباشر للجماعة التي تمتلك تنظيما جيدا وفعالا يسميه أنصار إردوغان بـ«الدولة العميقة» أو «الدولة داخل الدولة» في إشارة إلى نفوذها الواسع داخل المؤسسات الرسمية، وخصوصا الشرطة والقضاء. لكن الجيش الذي نجا مع عمليات التصفية الأولية، لن ينجو هذه المرة على الأرجح. وقال مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك ثقة تامة بالجيش وقيادته، معتبرة أن ولاء هؤلاء للشرعية المنتخبة كانت سببا رئيسيا في فشل الانقلاب. لكن المصدر أكد أن مراجعة شاملة سوف تجري لتنقية صفوفه من أنصار الدولة العميقة. وأكدت المصادر أن ثمة دلائل قوية تربط هذه الجماعة بالانقلابيين، مشيرة إلى وجود دلائل قوية على تورط هؤلاء. وأوضح المصدر أن الكثير من أركان الجماعة متورطون في التمهيد لهذا الانقلاب، وأن بعض هؤلاء أدينوا بوقت سابق من قبل القضاء بالترويج لها. وتناقل مؤيدو إردوغان أمس تغريدات قالوا: إنها تؤشر إلى معرفة أعضاء من الجماعة بالانقلاب، ومنها تغريدة لأحد أبرز قيادات الجماعة الأكاديمي إمرة أوسلو، الذي يعيش في الولايات المتحدة الأميركية واسمه مدرج على قائمة الإرهاب التابعة لحركة غولن، يقول فيها: «هؤلاء الذين يريدون دفع ثمن تذكرتي، رجاء اشتروها بين 22 يوليو (تموز) و12 أغسطس (آب)؟ تعرفون بريدي الإلكتروني…». وأيضا تغريدة أخرى لطونجاي أوبتشين نشرها في 14 الجاري وقال فيها: «سوف يدخلون عليهم في أسرة بيوتهم، ويعلقون مشانقهم في الفجر».
ويعيش غولن في منفى اختياري في بنسلفانيا منذ عام 1999 وكان حليفا مقربا لإردوغان في السنوات الأولى بعد تولي حزبه العدالة والتنمية السلطة في عام 2002. وهو يدير من الولايات المتحدة شبكة من المدارس والمنظمات غير الحكومية والشركات تحت اسم «خدمة».
وقد صورت الكثير من الصحف الغربية غولن كزعيم حركة اجتماعية إسلامية قومية غير معاد للغرب، ووجه المستقبل للإسلام الاجتماعي في الشرق الأوسط. لقيت حركة غولن ترحيبا غربيا تميزت به حركته عن باقي الحركات الإسلامية في المنطقة والعالم. فبينما كان مؤسس التيار الإسلامي نجم الدين أربكان يرى أميركا عدوا للعالم الإسلامي بسبب تحكم «الصهيونية العالمية» في صنع القرار فيها، فإن غولن يرى أن أميركا والغرب عموما قوى عالمية لا بد من التعاون معها. ويرى أربكان ضرورة الوحدة بين العالم الإسلامي.
ويرى رئيس معهد الفكر الاستراتيجي النائب التركي البروفسور ياسين أكتاي، أن التأييد الغربي سببه أن تلك المدارس والمؤسسات لا تؤثر سلبيا على النظام الأميركي العولمي، وبما أنهم لا يعملون أي شيء يضر المصالح الأميركية في تلك المدارس والمؤسسات فلم لا؟ كما أننا لا نعرف إذا كانت هناك علاقات سرية بين الجماعة وأميركا. ورغم أن أكتاي يرفض الخوض في «نظرية المؤامرة» التي تقول بأن غولن يعمل لصالح الولايات المتحدة، فإنه يطرح أسئلة كثيرة على هذا الصعيد، خصوصا أنهم يبتعدون ليس فقط عن الصدام مع إسرائيل بل يبتعدون كل البعد عن حتى الانتقاد لها أو التلميح بالانتقاد لإسرائيل لما تقوم به من أعمال إرهابية في المنطقة.
ويقول أكتاي: «لو نظرنا إلى فتح الله غولن سنرى بأنه يعتنق إسلاما خاصا على الطريقة التركية يكون أقرب إلى الإسلام القومي أكثر منه إلى إسلام الأمة، مثله مثل سعيد النورسي الذي اختار نهجا في الإسلام يختلف عن الإسلام العربي وإسلام أهل السنة. وهنا تظهر نقاط الاختلاف بينه وبين رجب طيب إردوغان الذي ينتمي فكرا وتطبيقا إلى مذهب أهل السنة وينظر إلى الإسلام من منظور الأمة جميعا بخلاف جماعة غولن التي تعتبر نفسها هي الممثلة للإسلام في تركيا وتلغي جميع الجماعات الأخرى، وهذا يمنعهم من تطوير أي فكر يشمل الأمة جميعا، ولهذا نرى بأنهم غير ممتنين لتقارب تركيا مع العالم العربي، كما أنهم أعلنوا جهارا عن امتعاضهم من تضامن تركيا مع حقوق الشعوب العربية وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، وأعلنوا عن رفضهم لإرسال تركيا سفينة مرمرة إلى غزة وانتقدوا سياسة حيال إسرائيل وأعلنوا أنه ليس من صالح تركيا أن تخوض صراعا مع إسرائيل»، معتبرا أن «مصالح الجماعة مرتبطة مباشرة مع إسرائيل ويعتبرون أنفسهم أقرب إلى إسرائيل من العرب، والسبب في أخذ الجماعة مثل هذه المواقف يأتي بتعليمات من فتح الله غولن نفسه، الذي يحثهم على عدم المساس بالمصالح الإسرائيلية أو الابتعاد عن انتقادها والدخول معها في صراع».
ويرد أكتاي السبب الحقيقي لخلاف غولن مع الحكومة إلى أن «الجماعة تريد أن تكون هي المتحكمة الأساسية، وبأن تكون السلطة الفعلية في البلاد، ولهذا تريد أن تقيم أو تنشئ دولة موازية (خفية) في تركيا على أنقاض الدولة الخفية القديمة التي جفف منابعها إردوغان، ولهذا كانوا يرغبون في الإطاحة بـ(رئيس الاستخبارات التركية) هاكان فيدان لتعيين رجل مقرب من الجماعة، لافتا إلى تقاطع بين الجماعة وإسرائيل التي كانت من أكثر الدول التي تنتقد فيدان... وهذا دليل آخر على نوع العلاقة بين الطرفين». وتوقع أكتاي أن يسحب إردوغان كل المرشحين المنتمين إلى الجماعة من لوائح الحزب، مشيرا إلى أن الاستقالات التي حصلت من الحزب قد ترتفع، لكنها لن تتجاوز 10 نواب.
وبدأت متاعب غولن مع السلطات التركية بدأت في 18 يونيو (حزيران) عام 1999 عندما تحدث في التلفزيون التركي، وقال كلاما اعتبره البعض انتقادا ضمنيا لمؤسسات الدولة التركية. وبعد ذلك بدأ المدعي العام للدولة تحقيقا في تصريحات غولن. وقد تدخل رئيس الوزراء التركي آنذاك بولند أجاويد ودعا الدولة إلى معالجة الأمر بهدوء. ودافع عن غولن وعن مؤسساته التعليمية قائلا إنها «تنشر الثقافة التركية حول العالم، وتعرف تركيا بالعالم. مدارسه تخضع لإشراف متواصل من السلطات». بعد ذلك اعتذر غولن علانية عن تصريحاته، إلا أن بعض العلمانيين ظلوا متشككين في أهدافه، ولاحقا وجهت إليه اتهامات بمحاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».